خاص – السفير عيسى يفهم على اللبنانيين!

السفير ميشال عيسى
الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
13 كانون الأول 2025

صحيح أنّ توم برّاك لبناني ومن زحلة، ولكنّه مختلف عن السفير ميشال عيسى اللبناني أيضاً من بسوس. الأوّل قال عن الصحافيين إنّ تصرّفهم “حيواني”، ويطلق في كلّ يوم تصريحات عن ضمّ لبنان إلى سوريا، وعن بلاد الشام، وغير ذلك من مواقف غريبة ومتناقضة. أمّا الثاني الذي أصبح سفيراً للولايات المتّحدة في بلده الأمّ، فقال إنّ “مهمته في لبنان ليست مجرّد وظيفة مهنية، بل رحلة شخصية خاصّة، لأنه ولد في بيروت، ويكنّ لها ارتباطاً خاصاً”.

عيسى يبتسم للصحافيين، ويجيب عن أسئلتهم بودّ، وإن كان مُقِلّاً في كلامه، ويعرف كيف يقدّم الجواب الدبلوماسي.

بدأ مهمّته في لبنان من بلدته بسوس في قضاء عاليه، حيث زار قبر والديه، كما يفعل دائماً عند العودة إلى لبنان، ثمّ حضر القدّاس في كنيسة البلدة، والتقى الأهل والأصدقاء.

ربّما تمكّنه هذه الصفات من التواصل مع الشرائح اللبنانية بسلاسة. فهو يتحدّث العربية بطلاقة، ويتقن الفرنسية، لكونه انتقل من بيروت إلى فرنسا لإكمال دراسته الجامعية، قبل أن ينطلق إلى عالم الأعمال والمال في الولايات المتّحدة.

ولكن دماثته هذه لا تعني أنّه غير متشدّد في مواقفه التي تعكس مواقف الإدارة الأميركية من نزع السلاح واستعادة الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية. ولا تعني أيضاً أنّه لا “يتفهّم” ما تقوم به إسرائيل، بل هو يعطيها “الحقّ في الدفاع عن نفسها، والقيام بما هو ضروري لحماية مواطنيها”.

في الواقع، يلعب السفير عيسى دوراً بارزاً اليوم في إدارة الملفّ اللبناني، ليس كمجرّد سفير لبلاده، بل لكونه مكلّفاً عملياً العمل لتسهيل الوصول إلى حلّ للوضع، سواء مع إسرائيل لتجنيب لبنان المزيد من الضربات، أو من خلال الضغط والمساعدة من أجل حلّ مسألة سلاح “حزب الله”.

وتقول مصادر إنّ السفير عيسى يعمل حاليّاً على خطوط عدّة في الملفّ اللبناني، هي تطوير المفاوضات مع إسرائيل بهدف التوصّل إلى اتّفاق، إقناع الرئيس نبيه برّي بأن يعمل مع “الحزب” لتليين مواقفه، نقل صورة واقعية ومباشرة عن الواقع اللبناني والإدارة الأميركية، تحسين العلاقة مع قائد الجيش وإعادة جدولة زيارته لواشنطن.

وتشير المصادر إلى الدور الذي لعبه السفير عيسى في تشجيع تعيين المدني السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم، بهدف دعم التوجّه الأميركي الحالي الداعي إلى تجنّب الحرب وسلوك طريق المفاوضات، في محاولة متجدّدة، علّها تنجح، قبل أن تُطلَق يد إسرائيل العسكرية. ولكن هذه المفاوضات لا تعني “توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية”، كما صرّح عيسى.

وينتظر أن ينعقد الاجتماع الثاني للميكانيزم بعد تعيين سيمون كرم في 19 كانون الأوّل الجاري، لمعرفة مدى التقدّم الممكن. ولكن، لا يبدو أنّ  لدى الجانب اللبناني استراتيجية واضحة للتفاوض، خصوصاً أن ليس هناك توافق مع “الحزب” على حدود المفاوضات، التي يربطها لبنان بثوابت الانسحاب الإسرائيلي، وانتشار الجيش، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني.

لذلك، يسعى السفير الأميركي إلى إقناع برّي، الذي أبدى مرونة في الأساس تجاه تعيين مدني في اللجنة، بأن يعمل على خطّ “الحزب” لجعله يبتعد عن إيران ويسلّم سلاحه للجيش اللبناني. وثمّة من قرأ في الزيارتين المتتاليتين اللتين قام بهما عيسى لعين التينة بأنّهما في إطار “طرحٍ ما” يجري بحثه.

ولأنّ السفير الأميركي يفهم على اللبنانيين، فهو يريد نقل وجهة النظر اللبنانية والواقع اللبناني كما هو إلى الإدارة الأميركية. كما أنّه يعمل لإيصال وجهة النظر الأميركية إلى لبنان، وتحديداً إلى الثنائي الشيعي، عبر برّي. وهي أن لا عودة إلى الوراء، وعلى الجميع السير في القافلة، سواء بالدبلوماسية أو بالقوّة.

وكما قال السفير الأميركي بنفسه، فهو يقوم بمساعٍ لإعادة تحديد موعد جديد لقائد الجيش العماد رودولف هيكل لزيارة واشنطن، من أجل إيصال رؤية الجيش المباشرة إلى الجانب الأميركي، وعرض حاجاته والصعوبات التي تواجهه في مهمّته المتعلّقة بحصر السلاح.

ويبدو أن مبادرة لبنان إلى تعيين ممثّل مدني في لجنة الميكانيزم قد أعطى نتائج إيجابية. إذ سيُعقد في 18 الجاري في باريس اجتماع تحضيري لمؤتمر دعم الجيش، يحضره العماد هيكل، إلى جانب الموفدة الأميركية مورغان أروتاغوس، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئاسة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجاندر. أمّا موعد انعقاد المؤتمر فليس واضحاً بعد، وهو سيكون مرتبطاً بمدى تقدّم الجيش في مهمّته، والذي سيُعرض في التقرير الشهري الذي سيقدّم إلى مجلس الوزراء.

في أيّ حال، هناك محطّة مهمّة في واشنطن في 29 كانون الأول، حيث سيستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وخلال هذا اللقاء ستتّخذ قرارات متعلّقة بالمنطقة، ومنها لبنان، لناحية إعطائه المزيد من الوقت أو قيام إسرائيل بالعملية الإسرائيلية التي تحضّر لها.

خاص – السفير عيسى يفهم على اللبنانيين!

السفير ميشال عيسى
الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
13 كانون الأول 2025

صحيح أنّ توم برّاك لبناني ومن زحلة، ولكنّه مختلف عن السفير ميشال عيسى اللبناني أيضاً من بسوس. الأوّل قال عن الصحافيين إنّ تصرّفهم “حيواني”، ويطلق في كلّ يوم تصريحات عن ضمّ لبنان إلى سوريا، وعن بلاد الشام، وغير ذلك من مواقف غريبة ومتناقضة. أمّا الثاني الذي أصبح سفيراً للولايات المتّحدة في بلده الأمّ، فقال إنّ “مهمته في لبنان ليست مجرّد وظيفة مهنية، بل رحلة شخصية خاصّة، لأنه ولد في بيروت، ويكنّ لها ارتباطاً خاصاً”.

عيسى يبتسم للصحافيين، ويجيب عن أسئلتهم بودّ، وإن كان مُقِلّاً في كلامه، ويعرف كيف يقدّم الجواب الدبلوماسي.

بدأ مهمّته في لبنان من بلدته بسوس في قضاء عاليه، حيث زار قبر والديه، كما يفعل دائماً عند العودة إلى لبنان، ثمّ حضر القدّاس في كنيسة البلدة، والتقى الأهل والأصدقاء.

ربّما تمكّنه هذه الصفات من التواصل مع الشرائح اللبنانية بسلاسة. فهو يتحدّث العربية بطلاقة، ويتقن الفرنسية، لكونه انتقل من بيروت إلى فرنسا لإكمال دراسته الجامعية، قبل أن ينطلق إلى عالم الأعمال والمال في الولايات المتّحدة.

ولكن دماثته هذه لا تعني أنّه غير متشدّد في مواقفه التي تعكس مواقف الإدارة الأميركية من نزع السلاح واستعادة الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية. ولا تعني أيضاً أنّه لا “يتفهّم” ما تقوم به إسرائيل، بل هو يعطيها “الحقّ في الدفاع عن نفسها، والقيام بما هو ضروري لحماية مواطنيها”.

في الواقع، يلعب السفير عيسى دوراً بارزاً اليوم في إدارة الملفّ اللبناني، ليس كمجرّد سفير لبلاده، بل لكونه مكلّفاً عملياً العمل لتسهيل الوصول إلى حلّ للوضع، سواء مع إسرائيل لتجنيب لبنان المزيد من الضربات، أو من خلال الضغط والمساعدة من أجل حلّ مسألة سلاح “حزب الله”.

وتقول مصادر إنّ السفير عيسى يعمل حاليّاً على خطوط عدّة في الملفّ اللبناني، هي تطوير المفاوضات مع إسرائيل بهدف التوصّل إلى اتّفاق، إقناع الرئيس نبيه برّي بأن يعمل مع “الحزب” لتليين مواقفه، نقل صورة واقعية ومباشرة عن الواقع اللبناني والإدارة الأميركية، تحسين العلاقة مع قائد الجيش وإعادة جدولة زيارته لواشنطن.

وتشير المصادر إلى الدور الذي لعبه السفير عيسى في تشجيع تعيين المدني السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم، بهدف دعم التوجّه الأميركي الحالي الداعي إلى تجنّب الحرب وسلوك طريق المفاوضات، في محاولة متجدّدة، علّها تنجح، قبل أن تُطلَق يد إسرائيل العسكرية. ولكن هذه المفاوضات لا تعني “توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية”، كما صرّح عيسى.

وينتظر أن ينعقد الاجتماع الثاني للميكانيزم بعد تعيين سيمون كرم في 19 كانون الأوّل الجاري، لمعرفة مدى التقدّم الممكن. ولكن، لا يبدو أنّ  لدى الجانب اللبناني استراتيجية واضحة للتفاوض، خصوصاً أن ليس هناك توافق مع “الحزب” على حدود المفاوضات، التي يربطها لبنان بثوابت الانسحاب الإسرائيلي، وانتشار الجيش، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني.

لذلك، يسعى السفير الأميركي إلى إقناع برّي، الذي أبدى مرونة في الأساس تجاه تعيين مدني في اللجنة، بأن يعمل على خطّ “الحزب” لجعله يبتعد عن إيران ويسلّم سلاحه للجيش اللبناني. وثمّة من قرأ في الزيارتين المتتاليتين اللتين قام بهما عيسى لعين التينة بأنّهما في إطار “طرحٍ ما” يجري بحثه.

ولأنّ السفير الأميركي يفهم على اللبنانيين، فهو يريد نقل وجهة النظر اللبنانية والواقع اللبناني كما هو إلى الإدارة الأميركية. كما أنّه يعمل لإيصال وجهة النظر الأميركية إلى لبنان، وتحديداً إلى الثنائي الشيعي، عبر برّي. وهي أن لا عودة إلى الوراء، وعلى الجميع السير في القافلة، سواء بالدبلوماسية أو بالقوّة.

وكما قال السفير الأميركي بنفسه، فهو يقوم بمساعٍ لإعادة تحديد موعد جديد لقائد الجيش العماد رودولف هيكل لزيارة واشنطن، من أجل إيصال رؤية الجيش المباشرة إلى الجانب الأميركي، وعرض حاجاته والصعوبات التي تواجهه في مهمّته المتعلّقة بحصر السلاح.

ويبدو أن مبادرة لبنان إلى تعيين ممثّل مدني في لجنة الميكانيزم قد أعطى نتائج إيجابية. إذ سيُعقد في 18 الجاري في باريس اجتماع تحضيري لمؤتمر دعم الجيش، يحضره العماد هيكل، إلى جانب الموفدة الأميركية مورغان أروتاغوس، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئاسة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجاندر. أمّا موعد انعقاد المؤتمر فليس واضحاً بعد، وهو سيكون مرتبطاً بمدى تقدّم الجيش في مهمّته، والذي سيُعرض في التقرير الشهري الذي سيقدّم إلى مجلس الوزراء.

في أيّ حال، هناك محطّة مهمّة في واشنطن في 29 كانون الأول، حيث سيستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وخلال هذا اللقاء ستتّخذ قرارات متعلّقة بالمنطقة، ومنها لبنان، لناحية إعطائه المزيد من الوقت أو قيام إسرائيل بالعملية الإسرائيلية التي تحضّر لها.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار