التفاف مشبوه على قرارات الحكومة والمجتمع الدولي… 90 مليون دولار “تهرّب” من احتياطي الموازنة

الكاتب: باتريسيا جلاد | المصدر: نداء الوطن
15 كانون الأول 2025

“تهريبة” جديدة حصلت في لجنة المال والموازنة في الجلسة الأخيرة التي التأمت الأسبوع الماضي، بطلها “الثنائي الشيعي” الذي نجح بحضور وزير المال، في الضغط على اللجنة لتحويل 90 مليون دولار من احتياطي الموازنة إلى مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، لدفع جزء من مستحقات إعادة الإعمار، خلافًا لقرار الحكومة بإنشاء صندوق خاص لإعادة الإعمار، الذي يجب أن يكون بإشراف دولي وبتمويل خارجي.

يرجّح أن يكون قرار “تخريجة” نقل أموال إلى مجلس الجنوب اتّخذ بعد اعلان رئيس مجلس النواب في أكثر من مناسبة، أن مشروع قانون موازنة 2026 لن يمرّ من دون إدراج بند يتضمّن مبلغًا لإعادة الإعمار، الأمر الذي حظي بالرفض، كون مجلس النواب هو الذي يقرّ قانون الموزانة وليس رئيس مجلس النواب منفردًا. هذا الواقع طرح جملة من التساؤلات حول جواز ذلك من الناحية القانونية ومن الناحية التنفيذية.

ما هو احتياطي الموازنة؟ 

احتياطي الموازنة كما يعرّفه قانون المحاسبة العمومية، هو مبلغ يُرصد ضمن النفقات العامة في الموازنة، ويُستخدم لتغطية النفقات الطارئة أو غير المحسوبة التي قد تطرأ خلال السنة المالية. فلا يمكن تقديرها مسبقًا عند إعداد الموازنة، وبالتالي لا يمكن تحديد هذا المبلغ مسبقً واختيار النواب كيفية توزيعه. هذا الأمر أكّده نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني لـ “نداء الوطن” إذ قال “ليس لمجلس النواب أن يختار كيف يوزع احتياطي الموازنة قبل صدور قانون الموازنة، خاصة أن الأرقام عندما توزع لا تناقش عادة في الهيئة العامة، فكل ما يحصل إعادة توزيعه في لجنة المال ليصبح شبه نهائي”.

ومن المعروف، أن نقل أجزاء من احتياطي الموازنة إلى أبواب النفقات يتمّ بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية.

وبذلك إن ما حصل برأي حاصباني يعتبر بمثابة:

أولًا- التفاف على قرار الحكومة ودورها واختصاره بموافقة من وزير المال خلال الجلسة.

-ثانيًا- التفاف أيضًا على مقاربة إعادة الإعمار، لأن الدولة مسؤولة عن بناء البنى التحتية الأساسية وتعويض المتضررين من الحروب وليس إعادة إعمار كاملة للممتلكات”.

وقف التمويل الدولي للبنان

المجتمع الدولي، كما يقول حاصباني، “أوقف التمويل للبنان وخصوصًا التمويل الذي كان مقررًا من البنك الدولي بسبب عدم استكمال السلطات اللبنانية الخطوات التي تثبّت الاستقرار قبل الاستثمار، فتمت هذه التهريبة لتحصل خارج الرقابة الدولية وعبر صندوق الجنوب، وهو التفاف على الشروط الدولية لإعادة الإعمار”.

وعدا عن ذلك يطرح السؤال التالي: كيف ستحصل إعادة الإعمار طالما لم يتمّ الالتزام بحصرية السلاح بيد الدولة ولم توقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان، مع إصرار “حزب الله” على عدم إمكانية تسليمه السلاح؟

أموال دافعي الضرائب 

إن مبلغ الـ 90 مليون دولار الذي “هرّب” من الاحتياطي، يشير حاصباني، “هو من أموال دافعي الضرائب اللبنانيين والذي كان من الممكن رصده لتمويل الجيش اللبناني الذي يحتاج إلى الدعم لتأمين الاستقرار في الجنوب. فالأموال التي نقلت من الاحتياطي لإعادة الإعمار، ستذهب إلى مقاولين غير قادرين أصلًا على القيام بأعمالهم في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، وقبل حصر السلاح بيد الدولة، فتهدر الأموال ولا يستفيد منها أهل الجنوب.

إن التهريبة قد تكون اعتمدت، تفاديًا لتحميل الحكومة هذه المسؤولية تجاه صندوق النقد والمجتمع الدولي الذي لا يقبل هذا النوع من الإنفاق من دون استكمال شروط الإصلاحات، كما أن في ذلك ضررًا على القطاع العام في ما يتعلق بتحسين ظروف العمل وبالتالي أدائهم وإنتاجيتهم فضلًا طبعًا عن اللبنانيين”.

إذًا ⁠مع صعوبة صرف هذه الأموال بفعالية تحت الظروف القائمة، واحتمال كبير لهدرها عبر مقاولين قد يرتبطون بجهات مسيطرة ميدانيًاا على العمل في المنطقة، يبدو الأمر بالنسبة إلى حاصباني “مناورة شعبية من “الثنائي” ومصدر حركة مالية تسرّب أموال الدولة إلى جهات مرتبطة بالمقاولين في غياب الرقابة، ساهم في تمريرها وزير المال وبعض النواب الذين يسعون للحصول على أصوات “الثنائي” في مناطقهم كون أصواتهم ليست حاصلاً من طوائفهم”.

التفاف مشبوه على قرارات الحكومة والمجتمع الدولي… 90 مليون دولار “تهرّب” من احتياطي الموازنة

الكاتب: باتريسيا جلاد | المصدر: نداء الوطن
15 كانون الأول 2025

“تهريبة” جديدة حصلت في لجنة المال والموازنة في الجلسة الأخيرة التي التأمت الأسبوع الماضي، بطلها “الثنائي الشيعي” الذي نجح بحضور وزير المال، في الضغط على اللجنة لتحويل 90 مليون دولار من احتياطي الموازنة إلى مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، لدفع جزء من مستحقات إعادة الإعمار، خلافًا لقرار الحكومة بإنشاء صندوق خاص لإعادة الإعمار، الذي يجب أن يكون بإشراف دولي وبتمويل خارجي.

يرجّح أن يكون قرار “تخريجة” نقل أموال إلى مجلس الجنوب اتّخذ بعد اعلان رئيس مجلس النواب في أكثر من مناسبة، أن مشروع قانون موازنة 2026 لن يمرّ من دون إدراج بند يتضمّن مبلغًا لإعادة الإعمار، الأمر الذي حظي بالرفض، كون مجلس النواب هو الذي يقرّ قانون الموزانة وليس رئيس مجلس النواب منفردًا. هذا الواقع طرح جملة من التساؤلات حول جواز ذلك من الناحية القانونية ومن الناحية التنفيذية.

ما هو احتياطي الموازنة؟ 

احتياطي الموازنة كما يعرّفه قانون المحاسبة العمومية، هو مبلغ يُرصد ضمن النفقات العامة في الموازنة، ويُستخدم لتغطية النفقات الطارئة أو غير المحسوبة التي قد تطرأ خلال السنة المالية. فلا يمكن تقديرها مسبقًا عند إعداد الموازنة، وبالتالي لا يمكن تحديد هذا المبلغ مسبقً واختيار النواب كيفية توزيعه. هذا الأمر أكّده نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني لـ “نداء الوطن” إذ قال “ليس لمجلس النواب أن يختار كيف يوزع احتياطي الموازنة قبل صدور قانون الموازنة، خاصة أن الأرقام عندما توزع لا تناقش عادة في الهيئة العامة، فكل ما يحصل إعادة توزيعه في لجنة المال ليصبح شبه نهائي”.

ومن المعروف، أن نقل أجزاء من احتياطي الموازنة إلى أبواب النفقات يتمّ بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية.

وبذلك إن ما حصل برأي حاصباني يعتبر بمثابة:

أولًا- التفاف على قرار الحكومة ودورها واختصاره بموافقة من وزير المال خلال الجلسة.

-ثانيًا- التفاف أيضًا على مقاربة إعادة الإعمار، لأن الدولة مسؤولة عن بناء البنى التحتية الأساسية وتعويض المتضررين من الحروب وليس إعادة إعمار كاملة للممتلكات”.

وقف التمويل الدولي للبنان

المجتمع الدولي، كما يقول حاصباني، “أوقف التمويل للبنان وخصوصًا التمويل الذي كان مقررًا من البنك الدولي بسبب عدم استكمال السلطات اللبنانية الخطوات التي تثبّت الاستقرار قبل الاستثمار، فتمت هذه التهريبة لتحصل خارج الرقابة الدولية وعبر صندوق الجنوب، وهو التفاف على الشروط الدولية لإعادة الإعمار”.

وعدا عن ذلك يطرح السؤال التالي: كيف ستحصل إعادة الإعمار طالما لم يتمّ الالتزام بحصرية السلاح بيد الدولة ولم توقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان، مع إصرار “حزب الله” على عدم إمكانية تسليمه السلاح؟

أموال دافعي الضرائب 

إن مبلغ الـ 90 مليون دولار الذي “هرّب” من الاحتياطي، يشير حاصباني، “هو من أموال دافعي الضرائب اللبنانيين والذي كان من الممكن رصده لتمويل الجيش اللبناني الذي يحتاج إلى الدعم لتأمين الاستقرار في الجنوب. فالأموال التي نقلت من الاحتياطي لإعادة الإعمار، ستذهب إلى مقاولين غير قادرين أصلًا على القيام بأعمالهم في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، وقبل حصر السلاح بيد الدولة، فتهدر الأموال ولا يستفيد منها أهل الجنوب.

إن التهريبة قد تكون اعتمدت، تفاديًا لتحميل الحكومة هذه المسؤولية تجاه صندوق النقد والمجتمع الدولي الذي لا يقبل هذا النوع من الإنفاق من دون استكمال شروط الإصلاحات، كما أن في ذلك ضررًا على القطاع العام في ما يتعلق بتحسين ظروف العمل وبالتالي أدائهم وإنتاجيتهم فضلًا طبعًا عن اللبنانيين”.

إذًا ⁠مع صعوبة صرف هذه الأموال بفعالية تحت الظروف القائمة، واحتمال كبير لهدرها عبر مقاولين قد يرتبطون بجهات مسيطرة ميدانيًاا على العمل في المنطقة، يبدو الأمر بالنسبة إلى حاصباني “مناورة شعبية من “الثنائي” ومصدر حركة مالية تسرّب أموال الدولة إلى جهات مرتبطة بالمقاولين في غياب الرقابة، ساهم في تمريرها وزير المال وبعض النواب الذين يسعون للحصول على أصوات “الثنائي” في مناطقهم كون أصواتهم ليست حاصلاً من طوائفهم”.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار