جوزاف عون بين الإنجازات والمعجزات!

يُشعرُك قصرُ بعبدا بالفخامة. ليس بقاطنه فقط بل بتاريخه أيضًا وبكبار جلسوا على كرسيّ الرئاسة الأولى وتركوا بعضًا من فخامتهم على لبنان الجميل! وإذا سلّمنا جدلًا بأن ليس كلّ من وصل إلى القصر أضاف سطرًا مشرّفًا على التاريخ فإن بعض الرؤساء تركوا مجدًا ومنهم من لم يطأوا عتبته فاستُشهد البشير رئيسًا رفض تقسيم لبنان واستُشهد رينيه معوّض رئيسًا رفض تسليم لبنان.
قبل اتفاق الطائف كان رؤساء الجمهورية أشبه بالملوك يأمرون فتستجيب الدولة بأركانها ومؤسساتها، وهذا ما جعل الرئيس الراحل كميل شمعون ملكًا في جمهورية، أمّا بعد اتفاق الطائف، فخفت وهج الرئاسة ولم يصل إلى بعبدا إلا ضعفاء. حتى أقوى الضعفاء لم يكن رئيسًا على كبر أحلام اللبنانيين. وإذا كان الرئيس الراحل الياس الهراوي وديعة سورية واضحة وهو لم يترك بصمة على مستوى السياسة المحلية والخارجية، فإن خلفه الرئيس العماد إميل لحود كان وديعة سورية وإيرانية أيضًا وضامن حماية سلاح “حزب اللّه” ومضطهد السياديين من دون خجل.
بعد لحود وبعد الفراغ المميت على مستوى الرئاسة الأولى، لم يكن وصول العماد ميشال سليمان علامة فارقة فبقي الرئيس المكبّل وغير القادر على الإنجاز. بعد سليمان وبعد فراغ جديد على مستوى الرئاسة الأولى، أتى الرئيس العماد ميشال عون مكبّلًا بصهر حاكم بأمره وباتفاق مع “حزب الله” وضعه تحت مرمى الانتقادات فخسر تأييد المسيحيين وضرب صورة الرئاسة الأولى خارجيًا. أربعة رؤساء لم يحكموا ولم يحدثوا تغييرًا إيجابيًا في السياسة اللبنانية إلى أن أتى الرئيس جوزاف عون حاملًا مشروعًا وطنيًا اختصره بخطاب القسم. بعد سنة على وصوله، استطاع جوزاف عون تحقيق خمسة إنجازات كانت مستحيلة في عهد أسلافه.
فمن كان ليتصوّر قرار 5 آب التاريخي من الحكومة اللبنانية بضرورة نزع سلاح “حزب اللّه”؟ ومن كان يتصوّر أن يرفض الرئيس إعادة استقبال الطائرات الإيرانية بعدما مُنعت من دخول مطار بيروت يوم كان عون قائدًا للجيش وأن يرفض استقبال الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني احتجاجًا على تدخل إيران بالشؤون اللبنانية؟
ومن كان يتصوّر أن يقضيَ الرئيس على إرهاب تجار المخدرات فيصدر أوامره باعتقال نوح زعيتر وبضرب كل تجار المخدرات لتغيير صورة لبنان في العالم بمؤازرة ودعم الجيش اللبناني الذي دفع ويدفع دمًا في مواجهة آفة المخدرات؟
ومن كان يتصوّر أن يقف رئيس الجمهورية اللبنانية أمام قداسة البابا لاوون الرابع عشر ومن القصر الجمهوري وعلى مسمع العالم بأسره ويقول: “كلنا أبناء ابراهيم” في إشارة واضحة إلى جهوزية لبنان للاتفاقات الإبراهيمية على وقع رسالة السلام التي أتى البابا لاوون ليحملها إلينا؟ ومن كان ليتصوّر أن يعيّن الرئيس السفير سيمون كرم مدنيًا على رأس الوفد اللبناني المفاوض مع إسرائيل؟
في سنة واحدة فعل عون ما يمكن أن ينجزه رئيس آخر في عهد كامل هذا إذا كان هذا الرئيس سياديًا. في سنة واحدة استطاع عون أن يُعيد الأمل بلبنان لا حرب فيه ويعيد الأمل أيضًا بتوقيع اتفاق سلام كان مستحيلًا قبل سنة فقط. هذه النقاط الخمس ليست الإنجاز الوحيد لكنها الأبرز وهي كفيلة بأن تضعني وتضع كثيرين في موقع الداعم لعهد يبشر بمستقبل أفضل ويُعطي اللبنانيين أملًا بأن هذا الوطن لن يبقى رهينة بيد دول من هنا وأحزاب من هناك. فإذا استطاع عون أن ينجز في كل سنة خمس نقاط بهذه الأهمية فسينتهي العهد بإعادة لبنان إلى سابق عهده. ولكن في لبنان من لا يريدون أن يروا أو يسمعوا فهم اعتادوا على رفض كل شيء حتى ولو كان لمصلحتهم.
منتقدو الرئيس جوزاف عون يريدونه إلهًا لا رئيسًا ويطالبونه بأن يصنع العجائب لا الإنجازات وهو غير قادر على فعل المعجزات على الرغم من زيارته ضريح القديس شربل في عنايا دوريًّا وطلب شفاعته ودعمه. منتقدو عون من الفريق السيادي يريدونه أن يُدخل الجيش اللبناني في حرب مع “حزب الله” ويريدونه أن يقاطع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويريدونه أن يطرد السفير الإيراني من لبنان، ومنتقدوه من فريق الثامن من آذار يريدونه أن يرفض نزع سلاح “الحزب” ويريدونه أن ينتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ويريدونه أن يرفض المفاوضات مع إسرائيل ويريدونه أن يعادي الرئيس السوري أحمد الشرع.
الفريقان المتنازعان في لبنان يصفقون للرئيس على القطعة وينتقدونه على القطع! يوم اتخذ قرار سحب السلاح صفق له السياديون ورجمه “حزب الله” ويوم أمر الجيش اللبناني بالتصدّي للاحتلال الإسرائيلي رجمه السياديون وصفق له “حزب الله”! كلّ يريده رئيسًا لحزبه وليس رئيسًا للبنان وهو يعرف أنه لن يرضي الجميع وهمّه فقط أن يُرضي ضميره.
منتقدو الرئيس لا تعجبهم السيدة الأولى نعمت عون فهي أنيقة دائمًا مثقفة جريئة حاضرة في كل الميادين التي يجب أن تحضر فيها. لم ينتقد أحد السيدة الأولى لأنها عاثت فسادًا أو لأنها أهدرت مالًا عامًا أو لأنها تلكّأت في تنفيذ ما تعهّدت به. منتقدو الرئيس لا يحكمون على عهده فالعهد لا زال في انطلاقته لكنهم يخافون على استمرار العهد بتحقيق إنجازات فهم اعتادوا على ضرب الرؤساء لكنهم كانوا يضربون رؤساء غير محصّنين أما جوزاف عون فهو نموذج جديد! هو رئيس لا يساوم ولا يملك حزبًا ولن يؤسس واحدًا ولا يريد كتلة نيابية ولن يمدّد يومًا أو يجدّد عهدًا. جوزاف عون سيرحل كما أتى لا دماء لبنانية على كفيه ولا فساد على مسيرته ومن الآن حتى نهاية العهد لن يساوم على السيادة ولا على حقوق لبنان.
جوزاف عون بين الإنجازات والمعجزات!

يُشعرُك قصرُ بعبدا بالفخامة. ليس بقاطنه فقط بل بتاريخه أيضًا وبكبار جلسوا على كرسيّ الرئاسة الأولى وتركوا بعضًا من فخامتهم على لبنان الجميل! وإذا سلّمنا جدلًا بأن ليس كلّ من وصل إلى القصر أضاف سطرًا مشرّفًا على التاريخ فإن بعض الرؤساء تركوا مجدًا ومنهم من لم يطأوا عتبته فاستُشهد البشير رئيسًا رفض تقسيم لبنان واستُشهد رينيه معوّض رئيسًا رفض تسليم لبنان.
قبل اتفاق الطائف كان رؤساء الجمهورية أشبه بالملوك يأمرون فتستجيب الدولة بأركانها ومؤسساتها، وهذا ما جعل الرئيس الراحل كميل شمعون ملكًا في جمهورية، أمّا بعد اتفاق الطائف، فخفت وهج الرئاسة ولم يصل إلى بعبدا إلا ضعفاء. حتى أقوى الضعفاء لم يكن رئيسًا على كبر أحلام اللبنانيين. وإذا كان الرئيس الراحل الياس الهراوي وديعة سورية واضحة وهو لم يترك بصمة على مستوى السياسة المحلية والخارجية، فإن خلفه الرئيس العماد إميل لحود كان وديعة سورية وإيرانية أيضًا وضامن حماية سلاح “حزب اللّه” ومضطهد السياديين من دون خجل.
بعد لحود وبعد الفراغ المميت على مستوى الرئاسة الأولى، لم يكن وصول العماد ميشال سليمان علامة فارقة فبقي الرئيس المكبّل وغير القادر على الإنجاز. بعد سليمان وبعد فراغ جديد على مستوى الرئاسة الأولى، أتى الرئيس العماد ميشال عون مكبّلًا بصهر حاكم بأمره وباتفاق مع “حزب الله” وضعه تحت مرمى الانتقادات فخسر تأييد المسيحيين وضرب صورة الرئاسة الأولى خارجيًا. أربعة رؤساء لم يحكموا ولم يحدثوا تغييرًا إيجابيًا في السياسة اللبنانية إلى أن أتى الرئيس جوزاف عون حاملًا مشروعًا وطنيًا اختصره بخطاب القسم. بعد سنة على وصوله، استطاع جوزاف عون تحقيق خمسة إنجازات كانت مستحيلة في عهد أسلافه.
فمن كان ليتصوّر قرار 5 آب التاريخي من الحكومة اللبنانية بضرورة نزع سلاح “حزب اللّه”؟ ومن كان يتصوّر أن يرفض الرئيس إعادة استقبال الطائرات الإيرانية بعدما مُنعت من دخول مطار بيروت يوم كان عون قائدًا للجيش وأن يرفض استقبال الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني احتجاجًا على تدخل إيران بالشؤون اللبنانية؟
ومن كان يتصوّر أن يقضيَ الرئيس على إرهاب تجار المخدرات فيصدر أوامره باعتقال نوح زعيتر وبضرب كل تجار المخدرات لتغيير صورة لبنان في العالم بمؤازرة ودعم الجيش اللبناني الذي دفع ويدفع دمًا في مواجهة آفة المخدرات؟
ومن كان يتصوّر أن يقف رئيس الجمهورية اللبنانية أمام قداسة البابا لاوون الرابع عشر ومن القصر الجمهوري وعلى مسمع العالم بأسره ويقول: “كلنا أبناء ابراهيم” في إشارة واضحة إلى جهوزية لبنان للاتفاقات الإبراهيمية على وقع رسالة السلام التي أتى البابا لاوون ليحملها إلينا؟ ومن كان ليتصوّر أن يعيّن الرئيس السفير سيمون كرم مدنيًا على رأس الوفد اللبناني المفاوض مع إسرائيل؟
في سنة واحدة فعل عون ما يمكن أن ينجزه رئيس آخر في عهد كامل هذا إذا كان هذا الرئيس سياديًا. في سنة واحدة استطاع عون أن يُعيد الأمل بلبنان لا حرب فيه ويعيد الأمل أيضًا بتوقيع اتفاق سلام كان مستحيلًا قبل سنة فقط. هذه النقاط الخمس ليست الإنجاز الوحيد لكنها الأبرز وهي كفيلة بأن تضعني وتضع كثيرين في موقع الداعم لعهد يبشر بمستقبل أفضل ويُعطي اللبنانيين أملًا بأن هذا الوطن لن يبقى رهينة بيد دول من هنا وأحزاب من هناك. فإذا استطاع عون أن ينجز في كل سنة خمس نقاط بهذه الأهمية فسينتهي العهد بإعادة لبنان إلى سابق عهده. ولكن في لبنان من لا يريدون أن يروا أو يسمعوا فهم اعتادوا على رفض كل شيء حتى ولو كان لمصلحتهم.
منتقدو الرئيس جوزاف عون يريدونه إلهًا لا رئيسًا ويطالبونه بأن يصنع العجائب لا الإنجازات وهو غير قادر على فعل المعجزات على الرغم من زيارته ضريح القديس شربل في عنايا دوريًّا وطلب شفاعته ودعمه. منتقدو عون من الفريق السيادي يريدونه أن يُدخل الجيش اللبناني في حرب مع “حزب الله” ويريدونه أن يقاطع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويريدونه أن يطرد السفير الإيراني من لبنان، ومنتقدوه من فريق الثامن من آذار يريدونه أن يرفض نزع سلاح “الحزب” ويريدونه أن ينتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ويريدونه أن يرفض المفاوضات مع إسرائيل ويريدونه أن يعادي الرئيس السوري أحمد الشرع.
الفريقان المتنازعان في لبنان يصفقون للرئيس على القطعة وينتقدونه على القطع! يوم اتخذ قرار سحب السلاح صفق له السياديون ورجمه “حزب الله” ويوم أمر الجيش اللبناني بالتصدّي للاحتلال الإسرائيلي رجمه السياديون وصفق له “حزب الله”! كلّ يريده رئيسًا لحزبه وليس رئيسًا للبنان وهو يعرف أنه لن يرضي الجميع وهمّه فقط أن يُرضي ضميره.
منتقدو الرئيس لا تعجبهم السيدة الأولى نعمت عون فهي أنيقة دائمًا مثقفة جريئة حاضرة في كل الميادين التي يجب أن تحضر فيها. لم ينتقد أحد السيدة الأولى لأنها عاثت فسادًا أو لأنها أهدرت مالًا عامًا أو لأنها تلكّأت في تنفيذ ما تعهّدت به. منتقدو الرئيس لا يحكمون على عهده فالعهد لا زال في انطلاقته لكنهم يخافون على استمرار العهد بتحقيق إنجازات فهم اعتادوا على ضرب الرؤساء لكنهم كانوا يضربون رؤساء غير محصّنين أما جوزاف عون فهو نموذج جديد! هو رئيس لا يساوم ولا يملك حزبًا ولن يؤسس واحدًا ولا يريد كتلة نيابية ولن يمدّد يومًا أو يجدّد عهدًا. جوزاف عون سيرحل كما أتى لا دماء لبنانية على كفيه ولا فساد على مسيرته ومن الآن حتى نهاية العهد لن يساوم على السيادة ولا على حقوق لبنان.














