خطة أميركية متكاملة لإدارة منطقة جنوب الليطاني

بحسب ما يقوله أكثر من سياسي مخضرم فإن لبنان يعيش اليوم أخطر وأدّق مرحلة مفصلية على رغم ما عاناه، ولا يزال، من أزمات ومشاكل لا تعد ولا تُحصى منذ سنوات، وبالأخصّ في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية قبل ما يقارب السنة تقريبًا. وهذه الخطورة تكمن في ما يتلقاه لبنان من تهديدات إسرائيلية يومية كشف تفاصيلها ومضمونها
وزير الخارجية يوسف الرجي، والتي لم تعد سرًّا من أسرار الالهة، وذلك استنادًا إلى السوابق الإسرائيلية في سلسلة مترابطة من الاعتداءات، وبالأخص منذ توقيع اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، والتي يمكن وصفها وفق ما يقوله بعض الخبراء العسكريين بأنها نوع من أنواع الحروب، وإن لم تكن مفتوحة وشاملة.
سلسلة محطات اساسية تنتظر لبنان ما بين 19 كانون الاول موعد الاجتماع الدوري للجنة “الميكانيزم”، و5 كانون الثاني، موعد تقديم التقرير الشهري للجيش، وما بينهما اجتماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء اسرائيل نتنياهو في 29 من الشهر الجاري، ومؤتمر دعم الجيش.
وبحسب اوساط رسمية معنية، يبقى موعد 5 كانون الثاني اساسيًا ومفصليًا لأنه يشكّل تاريخ انتهاء المرحلة الاولى التي اعطيت للجيش لإنجاز سحب السلاح في جنوب الليطاني وتقديم تقريره في هذا الشأن الى لجنة “الميكانيزم”، والانتقال الى مرحلة شمال الليطاني. وعلى ضوء نتائج الاجتماع في 5 كانون الثاني سترسم ملامح المرحلة المقبلة.
وعشية هذا الحراك المفتوح حول لبنان، تحدّثت معلومات عن نشاط ديبلوماسي تقوده واشنطن، يرتكز إلى مبادرة متكاملة تُطرح على لبنان تحت عنوان “إدارة منطقة جنوب الليطاني ما بعد تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار”.
وتتمحور المبادرة، بحسب ما تسرّب من معطيات، حول إنشاء ما يشبه الحزام الأمني تحت مسمّى “المنطقة الاقتصادية”، مع تقديم ضمانات أميركية مكتوبة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتوفير دعم عسكري فعلي للجيش، وتفعيل مفاعيل الوساطة العربية، وتعهّد واشنطن بتأمين الأموال اللازمة لإعادة الإعمار فور سريان الاتفاق المزمع التوصّل إليه، مع تداول معلومات عن رصد ميزانية ضخمة تتجاوز 15 مليار دولار، بتمويل من دولتين عربيتين.
وبالتوازي، تُستأنف أعمال التنقيب عن النفط والغاز مباشرة بعد موافقة لبنان على هذا الاتفاق، الذي تحاول واشنطن تسويقه لبنانيًا واسرائيليًا وعربيًا وأوروبيًا، على أن يلتزم كل من لبنان وإسرائيل باتفاقية الهدنة لعام 1949، كبديل عن أي تطبيع مباشر في المرحلة الأولى.
إلا أنّه، وعلى رغم الضغوط المتصاعدة والتهويل بخيار الحرب، يبقى الموقف اللبناني، نقلًا عن مراجع رسمية، واضحًا وثابتًا، وهو رفض البحث في أي صيغة، ومن ضمنها “المنطقة الاقتصادية”، قبل وقف العدوان، والانسحاب الإسرائيلي من كل شبر محتل، وإعادة الأسرى.
وبالتوازي يدرس الاتحاد الأوروبي بلورة خارطة طريق لتعزيز دور قوى الأمن الداخلي اللبناني عبر حزمة دعم تتضمن التدريب وبناء القدرات، في مسعى يهدف إلى تخفيف الأعباء اليومية عن الجيش وتمكينه من التركيز على مهامه الدفاعية الأساسية وملف تطبيق ترتيبات وقف النار وما يرتبط بها من نقاش بالنسبة إلى سلاح “حزب الله”.
وبحسب الوثيقة الصادرة عن جهاز العمل الخارجي الأوروبي والموزّعة على الدول الأعضاء، فإن المقاربة المقترحة لا تسعى إلى استبدال قوات الـ “يونيفيل” بقوة أخرى، بل إلى دعم مؤسسات الدولة اللبنانية بالتوازي مع اقتراب نهاية ولاية هذه القوة وبدء مسار الانسحاب المنظّم بعدها.
وتشير المعطيات إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرس أن تتركّز مساعدته على الشرطة والدرك ضمن قوى الأمن الداخلي، مع احتمالات توفير معدات محددة إلى جانب التدريب والدعم التقني، بما يضمن تعزيز الانتشار الأمني في المدن والمناطق الريفية. كما تتضمن الخيارات المطروحة تعزيز أمن الحدود البرية مع سوريا ومساعدة لبنان في إدارة التحديات المرتبطة بالتهريب والتسلل عبر تلك الجبهة.
وفي هذا السياق، يُتوقّع عقد اجتماع رفيع المستوى بين مسؤولين أوروبيين ولبنانيين في بروكسل في وقت قريب لمناقشة التفاصيل ومسارات التمويل والتنفيذ، على أن يلي ذلك قيام بعثة استطلاعية بزيارة لبنان مطلع العام 2026 لتقييم الاحتياجات الفعلية لقوى الأمن الداخلي ووضع تصور عملي لبرامج المساندة.
ويأتي التحرك الأوروبي في ظل بيئة أمنية شديدة الحساسية بعد الهدنة الهشّة بين لبنان وإسرائيل، مع استمرار الضربات الإسرائيلية التي تقول إنها تستهدف منع إعادة تسليح “حزب الله”.
وتتقاطع هذه المقاربة مع حراك فرنسي موازٍ يقوده الموفد الرئاسي جان-إيف لودريان، الذي طرح في بيروت خارطة طريق تهدف إلى وضع آليات تقييم مستقل لملف نزع “سلاح حزب الله” وتقدير مستوى الالتزام بالترتيبات المطلوبة ضمن إطار وقف النار.
ويقرأ مراقبون أن التركيز على قوى الأمن الداخلي يعكس توجهاً أوروبياً لإعادة توازن توزيع الأدوار الأمنية داخل الدولة اللبنانية كنقل جزء من المهام الداخلية اليومية بصورة تدريجية إلى قوى الأمن، بما يمنح الجيش هامشاً أوسع للتركيز على متطلبات الدفاع والانتشار في الجنوب والالتزامات المتصلة بالقرار 1701 وترتيبات ما بعد حقبة الـ “يونيفيل”.
خطة أميركية متكاملة لإدارة منطقة جنوب الليطاني

بحسب ما يقوله أكثر من سياسي مخضرم فإن لبنان يعيش اليوم أخطر وأدّق مرحلة مفصلية على رغم ما عاناه، ولا يزال، من أزمات ومشاكل لا تعد ولا تُحصى منذ سنوات، وبالأخصّ في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية قبل ما يقارب السنة تقريبًا. وهذه الخطورة تكمن في ما يتلقاه لبنان من تهديدات إسرائيلية يومية كشف تفاصيلها ومضمونها
وزير الخارجية يوسف الرجي، والتي لم تعد سرًّا من أسرار الالهة، وذلك استنادًا إلى السوابق الإسرائيلية في سلسلة مترابطة من الاعتداءات، وبالأخص منذ توقيع اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، والتي يمكن وصفها وفق ما يقوله بعض الخبراء العسكريين بأنها نوع من أنواع الحروب، وإن لم تكن مفتوحة وشاملة.
سلسلة محطات اساسية تنتظر لبنان ما بين 19 كانون الاول موعد الاجتماع الدوري للجنة “الميكانيزم”، و5 كانون الثاني، موعد تقديم التقرير الشهري للجيش، وما بينهما اجتماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء اسرائيل نتنياهو في 29 من الشهر الجاري، ومؤتمر دعم الجيش.
وبحسب اوساط رسمية معنية، يبقى موعد 5 كانون الثاني اساسيًا ومفصليًا لأنه يشكّل تاريخ انتهاء المرحلة الاولى التي اعطيت للجيش لإنجاز سحب السلاح في جنوب الليطاني وتقديم تقريره في هذا الشأن الى لجنة “الميكانيزم”، والانتقال الى مرحلة شمال الليطاني. وعلى ضوء نتائج الاجتماع في 5 كانون الثاني سترسم ملامح المرحلة المقبلة.
وعشية هذا الحراك المفتوح حول لبنان، تحدّثت معلومات عن نشاط ديبلوماسي تقوده واشنطن، يرتكز إلى مبادرة متكاملة تُطرح على لبنان تحت عنوان “إدارة منطقة جنوب الليطاني ما بعد تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار”.
وتتمحور المبادرة، بحسب ما تسرّب من معطيات، حول إنشاء ما يشبه الحزام الأمني تحت مسمّى “المنطقة الاقتصادية”، مع تقديم ضمانات أميركية مكتوبة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتوفير دعم عسكري فعلي للجيش، وتفعيل مفاعيل الوساطة العربية، وتعهّد واشنطن بتأمين الأموال اللازمة لإعادة الإعمار فور سريان الاتفاق المزمع التوصّل إليه، مع تداول معلومات عن رصد ميزانية ضخمة تتجاوز 15 مليار دولار، بتمويل من دولتين عربيتين.
وبالتوازي، تُستأنف أعمال التنقيب عن النفط والغاز مباشرة بعد موافقة لبنان على هذا الاتفاق، الذي تحاول واشنطن تسويقه لبنانيًا واسرائيليًا وعربيًا وأوروبيًا، على أن يلتزم كل من لبنان وإسرائيل باتفاقية الهدنة لعام 1949، كبديل عن أي تطبيع مباشر في المرحلة الأولى.
إلا أنّه، وعلى رغم الضغوط المتصاعدة والتهويل بخيار الحرب، يبقى الموقف اللبناني، نقلًا عن مراجع رسمية، واضحًا وثابتًا، وهو رفض البحث في أي صيغة، ومن ضمنها “المنطقة الاقتصادية”، قبل وقف العدوان، والانسحاب الإسرائيلي من كل شبر محتل، وإعادة الأسرى.
وبالتوازي يدرس الاتحاد الأوروبي بلورة خارطة طريق لتعزيز دور قوى الأمن الداخلي اللبناني عبر حزمة دعم تتضمن التدريب وبناء القدرات، في مسعى يهدف إلى تخفيف الأعباء اليومية عن الجيش وتمكينه من التركيز على مهامه الدفاعية الأساسية وملف تطبيق ترتيبات وقف النار وما يرتبط بها من نقاش بالنسبة إلى سلاح “حزب الله”.
وبحسب الوثيقة الصادرة عن جهاز العمل الخارجي الأوروبي والموزّعة على الدول الأعضاء، فإن المقاربة المقترحة لا تسعى إلى استبدال قوات الـ “يونيفيل” بقوة أخرى، بل إلى دعم مؤسسات الدولة اللبنانية بالتوازي مع اقتراب نهاية ولاية هذه القوة وبدء مسار الانسحاب المنظّم بعدها.
وتشير المعطيات إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرس أن تتركّز مساعدته على الشرطة والدرك ضمن قوى الأمن الداخلي، مع احتمالات توفير معدات محددة إلى جانب التدريب والدعم التقني، بما يضمن تعزيز الانتشار الأمني في المدن والمناطق الريفية. كما تتضمن الخيارات المطروحة تعزيز أمن الحدود البرية مع سوريا ومساعدة لبنان في إدارة التحديات المرتبطة بالتهريب والتسلل عبر تلك الجبهة.
وفي هذا السياق، يُتوقّع عقد اجتماع رفيع المستوى بين مسؤولين أوروبيين ولبنانيين في بروكسل في وقت قريب لمناقشة التفاصيل ومسارات التمويل والتنفيذ، على أن يلي ذلك قيام بعثة استطلاعية بزيارة لبنان مطلع العام 2026 لتقييم الاحتياجات الفعلية لقوى الأمن الداخلي ووضع تصور عملي لبرامج المساندة.
ويأتي التحرك الأوروبي في ظل بيئة أمنية شديدة الحساسية بعد الهدنة الهشّة بين لبنان وإسرائيل، مع استمرار الضربات الإسرائيلية التي تقول إنها تستهدف منع إعادة تسليح “حزب الله”.
وتتقاطع هذه المقاربة مع حراك فرنسي موازٍ يقوده الموفد الرئاسي جان-إيف لودريان، الذي طرح في بيروت خارطة طريق تهدف إلى وضع آليات تقييم مستقل لملف نزع “سلاح حزب الله” وتقدير مستوى الالتزام بالترتيبات المطلوبة ضمن إطار وقف النار.
ويقرأ مراقبون أن التركيز على قوى الأمن الداخلي يعكس توجهاً أوروبياً لإعادة توازن توزيع الأدوار الأمنية داخل الدولة اللبنانية كنقل جزء من المهام الداخلية اليومية بصورة تدريجية إلى قوى الأمن، بما يمنح الجيش هامشاً أوسع للتركيز على متطلبات الدفاع والانتشار في الجنوب والالتزامات المتصلة بالقرار 1701 وترتيبات ما بعد حقبة الـ “يونيفيل”.














