معادلة واشنطن: دعم الجيش على مراحل مرتبطة بنزع السلاح…”مؤتمر باريس”… زيارة هيكل مفصلية

تنشط المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على خط لبنان هذا الأسبوع. فهي تتوجه إلى باريس في 18 كانون الأول للمشاركة في اللقاء التمهيدي المتعلق بمؤتمر تسليح الجيش اللبناني المرتقب (لا تاريخ محدد). وفي اليوم التالي، تصل إلى الناقورة لحضور اجتماع “الميكانيزم”.
لقاء باريس سيجمع بين الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وأورتاغوس، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان. وهو بحسب مصادر دبلوماسية، سيُخصَص للاستفسار من قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول تفاصيل تنفيذ خطته لنزع سلاح “حزب الله”. وسيمثل شرح هيكل الفيصل بين حصول المؤتمر من عدمه. وتشير أوساط في الخارجية الأميركية إلى أن تسليح الجيش اللبناني يتحوّل إلى نقطة “فاصلة وساخنة” لاستكمال الخطة “الطموحة” لنزع سلاح “حزب الله” التي يطالب بها المجتمع الدولي. إذ رغم السياسات الدولية والإقليمية المتشددة تجاه لبنان، تأمل واشنطن مع باريس والرياض في تحويل الجيش اللبناني إلى الأداة الرئيسية لتنفيذ عملية تفكيك ترسانات الميليشيات على كامل لبنان وبالتالي بسط سيادة غير متنازع عليها.
في هذا الإطار، قال عضو الكونغرس الأميركي دارين لحود لـ “نداء الوطن” إن “أولويات واشنطن في عام 2026 هي مواصلة دعم مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية والجيش لإنجاز مهمة تراها واشنطن بالغة الأهمية وهي نزع سلاح “حزب الله”. وأكد لحود أن الكونغرس سيشدد على استخدام الدعم العسكري الأميركي المعزز- من مساعدة وتدريب ومعدات – لمكافحة “حزب الله” ونزع سلاحه بالكامل في جميع أنحاء لبنان”، مشددًا على أن واشنطن ستواصل “مراقبة وتقييم التقدم المحرز في هذا العمل”.
من هنا عندما تتنقل أورتاغوس لإجراء محادثات حول دعم لبنان، فهي بحسب وصف مسؤول أميركي سابق للمشهد “تسير على حافة الهاوية بين إصلاح ودعم الجيش اللبناني وتفكيك ميليشيا “حزب الله”. فهل تتمثل هذه الحافة في لقاء باريس المرتقب؟ ويصوّر دبلوماسيون أميركيون هذه التحركات على أنها تطوّر قسري. فيما يشدد مصدر عسكري أميركي مطلع على التخطيط المشترك بين الوكالات الأميركية على أن الأمر “لا يتعلق بنزع سلاح “حزب الله” بين عشية وضحاها، بل بتحويل القوات المسلحة اللبنانية من جهة مسؤولة عن الهدنة إلى مؤسسة دولة قادرة على إنفاذها فعليًا”.
وأشار دبلوماسي أميركي سابق إلى أن أورتاغوس تتعامل مع موضوع دعم الجيش اللبناني على أنه “استثمار أميركي مباشر: أي رأس مال مقابل مراحل مُوَثَقة”. وأضاف أن المهمة صعبة، لأن إقناع السعودية بالعودة إلى تقديم المساعدات العسكرية للبنان، مع ضمان أن ينظر الكونغرس والبنتاغون إلى الجيش اللبناني كشريك وليس عبئًا مرتبطًا بنزع سلاح “حزب الله” أمر شاق. من هنا يعمد الجميع إلى آلية جديدة، هي صيغة تمويل متدرجة تربط الدعم العتادي بتقدم ملموس يحرزه الجيش اللبناني في إطار مصادرة الأسلحة وبسط سلطة الدولة.
وتعكس معايير بنية الجيش من التجهيز، والتمكين، والإنفاذ، قناعةً راسخةً في واشنطن بأن السبيل الوحيد لتقليص نفوذ “حزب الله” هو من خلال الجيش اللبناني، لا من خلال الالتفاف عليه. من هنا، تعتبر مصادر دبلوماسية أن التفاصيل التي سيقدمها هيكل في لقاء باريس ستكون مفصلية. إذ بحسب مصادر عسكرية أميركية، فإن مؤتمر الجيش المرتقب (تشديد على كلمة مرتقب) قد يكون بمثابة أول حدث رئيسي مصمم خصيصًا لتسليح الجيش اللبناني لمهمة عسكرية – سياسية: نزع ترسانة “حزب الله” وتحييدها. من هنا، تستمر الولايات المتحدة، بصفتها مهندسة السياسات والضامنة، بربط المساعدات العسكرية بخطة عملياتية واضحة. وعلى عكس اجتماعات دعم لبنان السابقة التي ركزت بشكل كبير على النداءات الإنسانية، قال مصدر عسكري إن النقاش حول دعم الجيش “يتحول من إطعام الجنود إلى تسليحهم وتدريبهم”.
وفي جلسات مغلقة، يتحدث مسؤولون عسكريون أميركيون بصراحة عن المخاطر غير المسبوقة، خصوصًا وأن “حزب الله” لن يسلّم أسلحته طواعيةً بسبب التمييع السياسي”…”لكن إذا تمكن الجيش اللبناني من ترسيخ سيطرته في الجنوب، لا سيما تواجده في قرى كانت محظورة عليه سابقًا، والإبلاغ عن عمليات ضبط موثقة، فسيكون ذلك بمثابة تحوّل جذري”.
يُضفي الجدول الزمني لنزع سلاح “حزب الله”، وتوسيع نطاق سيطرة الجيش مع انتهاء ولاية “اليونيفيل” أهميةً ملحةً على لبنان. وينظر خبراء أميركيون إلى بدائل عسكرية أخرى إذ بدون موارد جديدة، تصبح سلطة الجيش اللبناني مهددة بالتراجع وبالتالي خسارة بيروت لنفوذها على سيادتها.
وفيما تتولى أورتاغوس مسؤولية حشد الدعم السياسي لرؤية واشنطن تجاه لبنان خلف نظام مشروط موحد، يساعدها في ذلك على جبهة بيروت السفير الأميركي ميشال عيسى الذي أصبح الوجه “الإعلامي” لسياسة واشنطن المُعادة صياغتها تجاه لبنان. إذ حوّل هذا “المستشار السياسي” للرئيس ترامب، الذي يتقن اللغة اللبنانية ويُعرف باجتماعاته المطوّلة مع الشخصيات اللبنانية المؤثرة، السفارة إلى مركز تنسيق للمسار السياسي والأمني الجديد. وقال مصدر قريب من الخارجية الأميركية إن السفير عيسى “يتمتع بالمصداقية التي تنبع من الإنصات الجيد، وهو يسعى لبناء شراكة قادرة على الصمود أمام تقلبات الأوضاع السياسية،
“He thinks operationally, not symbolically”.
تطور آلية “الميكانيزم”
في غضون ذلك، تتطور آلية “الميكانيزم” بين إسرائيل ولبنان لتتجاوز القضايا الأمنية وتشمل مناقشات سياسية وتعاونًا اقتصاديًا محتملًا عبر الحدود. فقد اتفقت اللجنة على توسيع نطاق ولايتها، مع التحضير لعقد جلسة ثانية في 19 كانون الأول 2025. ويشترط لبنان على أن تنحصر المحادثات حول أربع نقاط هي وقف الاعمال العدائية، موضوع الأسرى، الانسحاب من النقاط الخمس، وتصحيح النقاط المتنازع عليها، تشترط إسرائيل نزع السلاح كاملًا كشرط مسبق لأي خطوات مستقبلية. وتعكس هذه التطورات دبلوماسية مكثفة وتنسيقًا عسكريًا بهدف استقرار الحدود بين إسرائيل ولبنان وتعزيز آفاق السلام. ولفتت مصادر أميركية إلى أن “الميكانيزم 2.0” يمثل نهجًا متطورًا بهدف حل القضايا الحساسة وتوسيع نطاق العمل لمنع تجدد الحرب، والسعي لبناء الثقة من خلال تعزيز آليات التحقق، وربط الحوافز الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية باحتكار الدولة اللبنانية للسلاح.
ما يُميّز آلية الدعم الدولي المستقبلي للبنان هو شروطه السياسية، المصممة بعناية كمعايير عملانية. “خطنا الأحمر”، بحسب مصدر في البنتاغون، والذي قال: “هو ألّا يُسهّل أي دولار من هذا الدعم إعادة تدوير “حزب الله” عسكريًا”، مضيفًا أن واشنطن تتوقع تحولات تدريجية تتراكم لتشكل منهجًا لا رجعة فيه من فرض الدولة لسلطتها.
معادلة واشنطن: دعم الجيش على مراحل مرتبطة بنزع السلاح…”مؤتمر باريس”… زيارة هيكل مفصلية

تنشط المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على خط لبنان هذا الأسبوع. فهي تتوجه إلى باريس في 18 كانون الأول للمشاركة في اللقاء التمهيدي المتعلق بمؤتمر تسليح الجيش اللبناني المرتقب (لا تاريخ محدد). وفي اليوم التالي، تصل إلى الناقورة لحضور اجتماع “الميكانيزم”.
لقاء باريس سيجمع بين الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وأورتاغوس، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان. وهو بحسب مصادر دبلوماسية، سيُخصَص للاستفسار من قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول تفاصيل تنفيذ خطته لنزع سلاح “حزب الله”. وسيمثل شرح هيكل الفيصل بين حصول المؤتمر من عدمه. وتشير أوساط في الخارجية الأميركية إلى أن تسليح الجيش اللبناني يتحوّل إلى نقطة “فاصلة وساخنة” لاستكمال الخطة “الطموحة” لنزع سلاح “حزب الله” التي يطالب بها المجتمع الدولي. إذ رغم السياسات الدولية والإقليمية المتشددة تجاه لبنان، تأمل واشنطن مع باريس والرياض في تحويل الجيش اللبناني إلى الأداة الرئيسية لتنفيذ عملية تفكيك ترسانات الميليشيات على كامل لبنان وبالتالي بسط سيادة غير متنازع عليها.
في هذا الإطار، قال عضو الكونغرس الأميركي دارين لحود لـ “نداء الوطن” إن “أولويات واشنطن في عام 2026 هي مواصلة دعم مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية والجيش لإنجاز مهمة تراها واشنطن بالغة الأهمية وهي نزع سلاح “حزب الله”. وأكد لحود أن الكونغرس سيشدد على استخدام الدعم العسكري الأميركي المعزز- من مساعدة وتدريب ومعدات – لمكافحة “حزب الله” ونزع سلاحه بالكامل في جميع أنحاء لبنان”، مشددًا على أن واشنطن ستواصل “مراقبة وتقييم التقدم المحرز في هذا العمل”.
من هنا عندما تتنقل أورتاغوس لإجراء محادثات حول دعم لبنان، فهي بحسب وصف مسؤول أميركي سابق للمشهد “تسير على حافة الهاوية بين إصلاح ودعم الجيش اللبناني وتفكيك ميليشيا “حزب الله”. فهل تتمثل هذه الحافة في لقاء باريس المرتقب؟ ويصوّر دبلوماسيون أميركيون هذه التحركات على أنها تطوّر قسري. فيما يشدد مصدر عسكري أميركي مطلع على التخطيط المشترك بين الوكالات الأميركية على أن الأمر “لا يتعلق بنزع سلاح “حزب الله” بين عشية وضحاها، بل بتحويل القوات المسلحة اللبنانية من جهة مسؤولة عن الهدنة إلى مؤسسة دولة قادرة على إنفاذها فعليًا”.
وأشار دبلوماسي أميركي سابق إلى أن أورتاغوس تتعامل مع موضوع دعم الجيش اللبناني على أنه “استثمار أميركي مباشر: أي رأس مال مقابل مراحل مُوَثَقة”. وأضاف أن المهمة صعبة، لأن إقناع السعودية بالعودة إلى تقديم المساعدات العسكرية للبنان، مع ضمان أن ينظر الكونغرس والبنتاغون إلى الجيش اللبناني كشريك وليس عبئًا مرتبطًا بنزع سلاح “حزب الله” أمر شاق. من هنا يعمد الجميع إلى آلية جديدة، هي صيغة تمويل متدرجة تربط الدعم العتادي بتقدم ملموس يحرزه الجيش اللبناني في إطار مصادرة الأسلحة وبسط سلطة الدولة.
وتعكس معايير بنية الجيش من التجهيز، والتمكين، والإنفاذ، قناعةً راسخةً في واشنطن بأن السبيل الوحيد لتقليص نفوذ “حزب الله” هو من خلال الجيش اللبناني، لا من خلال الالتفاف عليه. من هنا، تعتبر مصادر دبلوماسية أن التفاصيل التي سيقدمها هيكل في لقاء باريس ستكون مفصلية. إذ بحسب مصادر عسكرية أميركية، فإن مؤتمر الجيش المرتقب (تشديد على كلمة مرتقب) قد يكون بمثابة أول حدث رئيسي مصمم خصيصًا لتسليح الجيش اللبناني لمهمة عسكرية – سياسية: نزع ترسانة “حزب الله” وتحييدها. من هنا، تستمر الولايات المتحدة، بصفتها مهندسة السياسات والضامنة، بربط المساعدات العسكرية بخطة عملياتية واضحة. وعلى عكس اجتماعات دعم لبنان السابقة التي ركزت بشكل كبير على النداءات الإنسانية، قال مصدر عسكري إن النقاش حول دعم الجيش “يتحول من إطعام الجنود إلى تسليحهم وتدريبهم”.
وفي جلسات مغلقة، يتحدث مسؤولون عسكريون أميركيون بصراحة عن المخاطر غير المسبوقة، خصوصًا وأن “حزب الله” لن يسلّم أسلحته طواعيةً بسبب التمييع السياسي”…”لكن إذا تمكن الجيش اللبناني من ترسيخ سيطرته في الجنوب، لا سيما تواجده في قرى كانت محظورة عليه سابقًا، والإبلاغ عن عمليات ضبط موثقة، فسيكون ذلك بمثابة تحوّل جذري”.
يُضفي الجدول الزمني لنزع سلاح “حزب الله”، وتوسيع نطاق سيطرة الجيش مع انتهاء ولاية “اليونيفيل” أهميةً ملحةً على لبنان. وينظر خبراء أميركيون إلى بدائل عسكرية أخرى إذ بدون موارد جديدة، تصبح سلطة الجيش اللبناني مهددة بالتراجع وبالتالي خسارة بيروت لنفوذها على سيادتها.
وفيما تتولى أورتاغوس مسؤولية حشد الدعم السياسي لرؤية واشنطن تجاه لبنان خلف نظام مشروط موحد، يساعدها في ذلك على جبهة بيروت السفير الأميركي ميشال عيسى الذي أصبح الوجه “الإعلامي” لسياسة واشنطن المُعادة صياغتها تجاه لبنان. إذ حوّل هذا “المستشار السياسي” للرئيس ترامب، الذي يتقن اللغة اللبنانية ويُعرف باجتماعاته المطوّلة مع الشخصيات اللبنانية المؤثرة، السفارة إلى مركز تنسيق للمسار السياسي والأمني الجديد. وقال مصدر قريب من الخارجية الأميركية إن السفير عيسى “يتمتع بالمصداقية التي تنبع من الإنصات الجيد، وهو يسعى لبناء شراكة قادرة على الصمود أمام تقلبات الأوضاع السياسية،
“He thinks operationally, not symbolically”.
تطور آلية “الميكانيزم”
في غضون ذلك، تتطور آلية “الميكانيزم” بين إسرائيل ولبنان لتتجاوز القضايا الأمنية وتشمل مناقشات سياسية وتعاونًا اقتصاديًا محتملًا عبر الحدود. فقد اتفقت اللجنة على توسيع نطاق ولايتها، مع التحضير لعقد جلسة ثانية في 19 كانون الأول 2025. ويشترط لبنان على أن تنحصر المحادثات حول أربع نقاط هي وقف الاعمال العدائية، موضوع الأسرى، الانسحاب من النقاط الخمس، وتصحيح النقاط المتنازع عليها، تشترط إسرائيل نزع السلاح كاملًا كشرط مسبق لأي خطوات مستقبلية. وتعكس هذه التطورات دبلوماسية مكثفة وتنسيقًا عسكريًا بهدف استقرار الحدود بين إسرائيل ولبنان وتعزيز آفاق السلام. ولفتت مصادر أميركية إلى أن “الميكانيزم 2.0” يمثل نهجًا متطورًا بهدف حل القضايا الحساسة وتوسيع نطاق العمل لمنع تجدد الحرب، والسعي لبناء الثقة من خلال تعزيز آليات التحقق، وربط الحوافز الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية باحتكار الدولة اللبنانية للسلاح.
ما يُميّز آلية الدعم الدولي المستقبلي للبنان هو شروطه السياسية، المصممة بعناية كمعايير عملانية. “خطنا الأحمر”، بحسب مصدر في البنتاغون، والذي قال: “هو ألّا يُسهّل أي دولار من هذا الدعم إعادة تدوير “حزب الله” عسكريًا”، مضيفًا أن واشنطن تتوقع تحولات تدريجية تتراكم لتشكل منهجًا لا رجعة فيه من فرض الدولة لسلطتها.












