ديبلوماسية المياه تواكب المسار التفاوضي… هل تحقق السلام؟

يأتي إعلان رئيس الحكومة نواف سلام في كلمته أمام اجتماع مبادرة “السلام الأزرق” للمياه أول من أمس عن تقدّم في مسار الديبلوماسية المائية في وقت يخوض فيه لبنان مساراً تفاوضياً في السياسة والأمن لتأمين استقراره وتحصين حدوده البرية والبحرية، بعد اتفاقيتي ترسيم مع كلّ من إسرائيل قبل أعوام بدأت إسرائيل تطرح إعادة النظر فيها، وقبرص قبل أسابيع.
وإن كان موقف سلام يشكل، كما وصفه خبراء، خطوة مهمّة في جهود بيروت لتعزيز التعاون الإقليمي حول قضايا المياه والمصادر البحرية، يأتي هذا الكلام في وقت يتداخل فيه ملف الطاقة مع السياسة والأمن، ما حدا برئيس الحكومة إلى التأكيد أن لبنان يولي أولوية استراتيجية لمسار الديبلوماسية المائية، مع إبراز دوره كإحدى الدول العربية التي صادقت على اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمياه، سعياً إلى تحويل الأزمة إلى فرصة للتعاون المستدام وحماية الحقوق المرتبطة بالمياه والطاقة والبيئة.
ويرى الخبراء أن التقدّم الذي أشار إليه سلام، يأتي في سياق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص التي وُقعت أخيراً بحضور كبار المسؤولين في البلدين، ووُصفت بأنها فتحت باباً مهمّاً لاستكشاف الموارد البحرية المشتركة وتعزيز التعاون في مجال الطاقة والبحوث العلمية، وهي تمثل إنجازاً استراتيجياً للبنان وقبرص، إذ تنهي عقوداً من المفاوضات وتضع أسساً قانونية واضحة للتنقيب المشترك عن الغاز والطاقة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، بعد تأخير وعقبات أخرت هذا المسار لسنوات، علماً بأن التوقيع أثار انزعاجاً واضحاً لدى تركيا التي أعربت صراحة عن رفضها للاتفاقية واعتبرتها غير مقبولة، تحت ذريعة أنها تنتهك حقوق القبارصة الأتراك في الجزيرة وتشكّل تجاهلاً لمطالبهم المشروعة في الموارد البحرية، بالرغم من أن الاتفاقية وُقعت بين دولتين معترف بهما دولياً.
الانزعاج التركي يعكس سياقاً إقليمياً أوسع لصراع النفوذ في شرق المتوسّط، حيث ترى أنقرة أن تطورات مثل هذا الاتفاق يمكن أن تعزّز محاور تطمح تركيا لتهميشها، خاصةً في ملفات الغاز والطاقة والتعاون البحري. في المقابل، يرى لبنان وقبرص أن التنسيق الثنائي سيمكنهما من تعزيز الأمن الطاقي والاستثماري وتجاوز عقبات تاريخية طويلة، بينما تبقى الديبلوماسية المائية أداة قائمة على الحوار القانوني والمنفعة المشتركة، قادرة على تحويل الموارد المشتركة من سبب للخلاف إلى أساس للتعاون الإقليمي والتنمية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في خضمّ التحوّلات التي يشهدها لبنان والمنطقة، والنزاع الحاصل على تقاسم الثروة المائية في المتوسط، هل يمكن لهذا الشريان الحيوي أن يصبح وسيطاً للسلام؟
يجيب عضو المجلس التنفيذي لسياسات السلام الأزرق في الشرق الأوسط فادي قمير، بالقول إنّ من الأهمية “النظر إلى المياه كخيار مشترك للبشرية، لا كسلعة أوسلاح”، مشيراً إلى أن “الجواب عن هذا السؤال يكمن في أهمية التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه وتطبيقها، ولا سيما تلك الصادرة في عامي 1992 و1997، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول التي تشترك في الموارد المائية العابرة للحدود، من خلال إنشاء أو تعزيز كيانات إدارة شاملة وشفافة، ووضع خطط عمل مشتركة لإدارة المياه بشكل متكامل ومستدام، مع مراعاة احتياجات الجميع وتأثيرات تغيّر المناخ. تعزيز الحوار والثقة وحلّ النزاعات المتعلقة بالمياه سلمياً، وبمساعدة طرف ثالث محايد إذا لزم الأمر”.
ديبلوماسية المياه تواكب المسار التفاوضي… هل تحقق السلام؟

يأتي إعلان رئيس الحكومة نواف سلام في كلمته أمام اجتماع مبادرة “السلام الأزرق” للمياه أول من أمس عن تقدّم في مسار الديبلوماسية المائية في وقت يخوض فيه لبنان مساراً تفاوضياً في السياسة والأمن لتأمين استقراره وتحصين حدوده البرية والبحرية، بعد اتفاقيتي ترسيم مع كلّ من إسرائيل قبل أعوام بدأت إسرائيل تطرح إعادة النظر فيها، وقبرص قبل أسابيع.
وإن كان موقف سلام يشكل، كما وصفه خبراء، خطوة مهمّة في جهود بيروت لتعزيز التعاون الإقليمي حول قضايا المياه والمصادر البحرية، يأتي هذا الكلام في وقت يتداخل فيه ملف الطاقة مع السياسة والأمن، ما حدا برئيس الحكومة إلى التأكيد أن لبنان يولي أولوية استراتيجية لمسار الديبلوماسية المائية، مع إبراز دوره كإحدى الدول العربية التي صادقت على اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمياه، سعياً إلى تحويل الأزمة إلى فرصة للتعاون المستدام وحماية الحقوق المرتبطة بالمياه والطاقة والبيئة.
ويرى الخبراء أن التقدّم الذي أشار إليه سلام، يأتي في سياق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص التي وُقعت أخيراً بحضور كبار المسؤولين في البلدين، ووُصفت بأنها فتحت باباً مهمّاً لاستكشاف الموارد البحرية المشتركة وتعزيز التعاون في مجال الطاقة والبحوث العلمية، وهي تمثل إنجازاً استراتيجياً للبنان وقبرص، إذ تنهي عقوداً من المفاوضات وتضع أسساً قانونية واضحة للتنقيب المشترك عن الغاز والطاقة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، بعد تأخير وعقبات أخرت هذا المسار لسنوات، علماً بأن التوقيع أثار انزعاجاً واضحاً لدى تركيا التي أعربت صراحة عن رفضها للاتفاقية واعتبرتها غير مقبولة، تحت ذريعة أنها تنتهك حقوق القبارصة الأتراك في الجزيرة وتشكّل تجاهلاً لمطالبهم المشروعة في الموارد البحرية، بالرغم من أن الاتفاقية وُقعت بين دولتين معترف بهما دولياً.
الانزعاج التركي يعكس سياقاً إقليمياً أوسع لصراع النفوذ في شرق المتوسّط، حيث ترى أنقرة أن تطورات مثل هذا الاتفاق يمكن أن تعزّز محاور تطمح تركيا لتهميشها، خاصةً في ملفات الغاز والطاقة والتعاون البحري. في المقابل، يرى لبنان وقبرص أن التنسيق الثنائي سيمكنهما من تعزيز الأمن الطاقي والاستثماري وتجاوز عقبات تاريخية طويلة، بينما تبقى الديبلوماسية المائية أداة قائمة على الحوار القانوني والمنفعة المشتركة، قادرة على تحويل الموارد المشتركة من سبب للخلاف إلى أساس للتعاون الإقليمي والتنمية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في خضمّ التحوّلات التي يشهدها لبنان والمنطقة، والنزاع الحاصل على تقاسم الثروة المائية في المتوسط، هل يمكن لهذا الشريان الحيوي أن يصبح وسيطاً للسلام؟
يجيب عضو المجلس التنفيذي لسياسات السلام الأزرق في الشرق الأوسط فادي قمير، بالقول إنّ من الأهمية “النظر إلى المياه كخيار مشترك للبشرية، لا كسلعة أوسلاح”، مشيراً إلى أن “الجواب عن هذا السؤال يكمن في أهمية التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه وتطبيقها، ولا سيما تلك الصادرة في عامي 1992 و1997، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول التي تشترك في الموارد المائية العابرة للحدود، من خلال إنشاء أو تعزيز كيانات إدارة شاملة وشفافة، ووضع خطط عمل مشتركة لإدارة المياه بشكل متكامل ومستدام، مع مراعاة احتياجات الجميع وتأثيرات تغيّر المناخ. تعزيز الحوار والثقة وحلّ النزاعات المتعلقة بالمياه سلمياً، وبمساعدة طرف ثالث محايد إذا لزم الأمر”.















