تشريع على قياس برّي… الشياطين تكمن في “النصاب”

“أسهل على الجمل أن يدخل خرم الإبرة”، من أن تمرّ الاستحقاقات السياسية والسيادية، بسلاسة دستورية طبيعية. فـ “الممانعة” بثناءيها، مستنفرة دائمًا لمقاومة ما يفترض أن يكون بديهيًا: حق الدولة بحصر السلاح، وحق المغتربين في انتخابات النواب الـ 128، أسوة بغيرهم من المواطنين المقيمين.
ورغم كل التحوّلات التي أصابت لبنان والمنطقة، لا تزال الـ “بِرّي – لوجيا” حاضرة بقوة. أي أيديولوجية برّي القائمة على تطويع النظام الداخلي للمجلس النيابي وجعل المؤسسة التشريعية أداة تخدم مصالحه، واضعًا بذلك الانتشار اللبناني في حركة محرومة الاقتراع.
وبالتوازي مع انطلاق المؤتمر التحضيري لدعم الجيش اللبناني في باريس، وعشية اجتماع “الميكانيزم”، خطفت الجلسة التشريعية اليوم الأضواء، مع تحوّل ساحة النجمة إلى محور المواجهة السياسية، خصوصًا بعد الصوت الصارخ لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي شدّد على أن “كلّ نائب يحضر جلسة الغد (اليوم)، يكون، عن قصد أو عن غير قصد، قد أعطى الرئيس برّي شيكًا على بياض لممارساته في المجلس”، مضيفًا: “الساكت عن الخطأ شيطان أخرس”.
وفيما استقامت جبهة عدم الساكتين عن “شيطنات” برّي التشريعية حتى الساعات الماضية، على كتل “الجمهورية القوية”، “الكتائب”، “تجدّد” و”تحالف التغيير”، بقي موقف تكتل “الاعتدال الوطني” موضع ترقب، قبل أن يعلن مساء أمس قراره بـ “إعطاء فرصة جديدة للتسوية، من خلال حضور الجلسة التشريعية لإقرار القوانين المعيشية”، مطالبًا برّي بـ “إدراج مشروع قانون الحكومة لتعديل قانون الانتخاب على جدول أعمال أول جلسة تشريعية، وبعدها لكل حادث حديث”. وتجدر الإشارة إلى أن “نداء الوطن” أوردت في عددها أمس، أن برّي “يستخدم ورقة مطار القليعات لابتزاز “الاعتدال الوطني” من خلال تجميد بنود مرتبطة بالمطار، سبق أن أُقرّت في جلسات سابقة، ملوّحًا بعدم الإفراج عنها ما لم يشارك نواب التكتل في الجلسات التشريعية لتأمين النصاب.
أوساط بعبدا – السراي تُشجّع
وعلمت “نداء الوطن” أن عددًا من النواب تلقوا تشجيعًا على المشاركة في الجلسة التشريعية بعدما استمزجوا رأي أوساط بعبدا والسراي الحكومي. وكشفت مصادر مطّلعة عن وجود تفاهم غير معلن بين رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة نوّاف سلام، لتأمين الظروف الملائمة لانعقاد الجلسة وتأمين النصاب، تحت ذريعة “عدم عرقلة التشريع”، في حين، يجاهر عون برفضه تعطيل العمل التشريعي، معتبرًا أنه أدّى ما عليه من خلال توقيع المرسوم المحال من الحكومة، وأن المسؤولية باتت اليوم في ملعب المجلس النيابي.
هل تؤجّل الانتخابات؟
بين اكتمال النصاب وعدمه، أطلق نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من قصر بعبدا أمس سلسلة مواقف لافتة، أشار فيها إلى أن “السماح للمغتربين بالتصويت لـ 128 نائبًا يستوجب إعادة فتح مهلة التسجيل، ما يعني تأجيلًا تقنيًا للانتخابات حتى آب، نظرًا للمهل القانونية والإدارية التي يحتاجها وزير الداخلية لتنفيذ التعديلات المطلوبة”. وقد قرأ مراقبون هذا التصريح كإشارة واضحة إلى تمهيد الطريق أمام تسوية سياسية تُرجئ الحسم تحت ضغط تصاعد التوترات الميدانية، وبانتظار ما ستحمله مرحلة ما بعد انتهاء مهلة السنة لنزع سلاح “حزب الله”.
لكن أوساطًا مطلعة على أجواء عواصم القرار الدولية حذرت من أن أي تأجيل للاستحقاق الانتخابي سيُضعف مصداقية الدولة اللبنانية، ويثير شكوكًا جدية حول التزامها بالإصلاحات المطلوبة، ما قد يُعرقل فرص حصولها على دعم عربي ودولي، لا سيما في ما يخصّ تأمين المساعدات للجيش اللبناني، مع انطلاق اللقاء التحضيري اليوم في باريس. وفي هذا السياق، أفادت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية لـ “نداء الوطن” أن الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان سيشارك في المؤتمر، وسط ترجيحات غير محسومة بحضور نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي أيضًا. كذلك، يُحتمل أن يشارك السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى. أما في ما يخصّ المؤتمر المقبل في السعودية، فتشير المعلومات إلى أن تحديد موعده لا يزال غير محسوم.
أولويات لبنان على طاولة “الميكانيزم”
في هذا السياق، يدخل لبنان اجتماع “الميكانيزم” المقرر غدًا الجمعة بقدر عالٍ من التحضير السياسي والدبلوماسي، فيما يُنظر إليه على أنه أول اجتماع جدي يمكن أن يرسم الإطار الفعلي لمسار النقاشات المقبلة وطبيعتها، بعدما اتسمت الجلسة السابقة بطابع تمهيدي أو تعارفي أكثر مما هو تفاوضي. وتكثفت الاستعدادات اللبنانية في الساعات الماضية عبر رئيس الوفد اللبناني السفير سيمون كرم، انطلاقًا من مقاربة مدروسة تقوم على إدارة تفاوضية هادئة ومتدرجة، بعيدًا من منطق حرق المراحل أو وضع كامل الأوراق على الطاولة دفعة واحدة.
وشكّل الاجتماع الذي عُقد أمس بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والسفير كرم محطة أساسية في بلورة آلية التعاطي مع جلسة الغد، حيث جرى التوافق على مقاربة تفاوضية تتيح للبنان هامشًا أوسع للمناورة، وتحافظ على العناصر الإيجابية التي يمتلكها، مع التشديد على ضرورة قراءة مسار النقاش خطوة بخطوة، وربط أي تقدم بتحقيق أهداف واضحة ومحددة. وتقوم هذه المقاربة على مبدأ التدرج، بما يمنع استباق النتائج أو القفز فوق الأولويات الوطنية.
وفق المعطيات المتوفرة، يدخل لبنان الاجتماع حاملًا أربعة أهداف أساسية، مرتبة ضمن سلّم أولويات واضح: أولًا، وقف الأعمال العدائية وعمليات القتل باعتبارها شرطًا إلزاميًا لفتح أي نقاش جدي، ثم معالجة ملف الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم، يليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، تمهيدًا لاستكمال ترسيم الحدود البرية. ويُنظر إلى هذا التدرّج على أنه الإطار العملي الوحيد القادر على تحقيق نتائج قابلة للتنفيذ، بعيدًا من الطروحات الشعاراتية أو غير الواقعية.
وفي موازاة ذلك، يولي الجانب اللبناني اهتمامًا خاصًا لطبيعة الطرح الإسرائيلي المنتظر على طاولة الاجتماع، من حيث مضمونه وسقوفه السياسية والأمنية، إذ يُعتبر أي تقدّم مشروطًا بجدية هذا الطرح واستعداده لملاقاة المطالب اللبنانية، وخصوصًا في ما يتعلق بوقف الاعتداءات المتكررة. وزُوّد السفير كرم بلائحة مفصلة أعدّها الجيش اللبناني، توثق بدقة الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، لا سيما بين الجلسة السابقة وتاريخ الاجتماع المرتقب، تمهيدًا لاستخدامها في حال أُثير النقاش حول هذا الملف.
في هذا السياق الميداني والتنسيقي، عثر الجيش اللبناني أمس على نفق في بلدة تولين الجنوبية وذلك بناء على طلب من “الميكانيزيم”، على خلفية ادعاءات إسرائيلية بوجود نفق في المنطقة.
تفاؤل أميركي بدفع المفاوضات
وتفيد المعطيات الدبلوماسية بأن المناخ الأميركي المحيط بالاجتماع يتسم بإيجابية مشجعة، مع تأكيدات أن واشنطن ستدفع باتجاه حوار جدّي ومثمر، بعيدًا من المراوحة أو الاكتفاء بتبادل المواقف الشكلية، وهو ما يعلّق عليه الجانب اللبناني آمالاً لدفع المفاوضات نحو مسار عملي وفعّال. وفي ردّ على ما تم تداوله في بعض الأوساط، تنفي مصادر مطلعة ما يُشاع عن نية تطعيم الوفد اللبناني بعضوين شيعي وسني، مؤكدة أن الوفد الحالي يتمتع بتفويض وصلاحيات كاملة تمكّنه من إدارة النقاش باسم الدولة اللبنانية، ووفقًا للأطر الرسمية والمؤسسات الدستورية.
لا مبادرة مصرية
وعلى خطّ الحراك الدبلوماسي، علمت “نداء الوطن” أن زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى بيروت لا تحمل في طياتها أي مبادرة سياسية مباشرة أو مقترحات حلول، بل تهدف أساسًا إلى الاستماع واستطلاع المواقف. فمدبولي، الذي يصل عشية انعقاد الاجتماع الثاني لـ “الميكانيزم”، سيُجري سلسلة لقاءات يطّلع من خلالها على واقع الأزمة اللبنانية، وينقل الأجواء إلى القيادة المصرية، التي ستُقيّم لاحقًا ما إذا كانت ستتدخل بطرح مبادرة أو تترك الأمور لمسارها الحالي. وتتضمّن الزيارة أيضًا جانبًا اقتصاديًا، حيث يسعى مدبولي إلى تفعيل العلاقات بين لبنان ومصر، خصوصًا في ما يتعلّق بسوق العمل المصري في لبنان، إضافة إلى بحث إمكانية تفعيل الاتفاقات التجارية والاقتصادية الثنائية.
قضائيًّا، توجّه المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار أمس، إلى بلغاريا حيث سيستجوب اليوم إيغور غريتشوشكين، رجل الأعمال الروسي – القبرصي، المشغل لسفينة “روسوس” التي نقلت نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت.
تشريع على قياس برّي… الشياطين تكمن في “النصاب”

“أسهل على الجمل أن يدخل خرم الإبرة”، من أن تمرّ الاستحقاقات السياسية والسيادية، بسلاسة دستورية طبيعية. فـ “الممانعة” بثناءيها، مستنفرة دائمًا لمقاومة ما يفترض أن يكون بديهيًا: حق الدولة بحصر السلاح، وحق المغتربين في انتخابات النواب الـ 128، أسوة بغيرهم من المواطنين المقيمين.
ورغم كل التحوّلات التي أصابت لبنان والمنطقة، لا تزال الـ “بِرّي – لوجيا” حاضرة بقوة. أي أيديولوجية برّي القائمة على تطويع النظام الداخلي للمجلس النيابي وجعل المؤسسة التشريعية أداة تخدم مصالحه، واضعًا بذلك الانتشار اللبناني في حركة محرومة الاقتراع.
وبالتوازي مع انطلاق المؤتمر التحضيري لدعم الجيش اللبناني في باريس، وعشية اجتماع “الميكانيزم”، خطفت الجلسة التشريعية اليوم الأضواء، مع تحوّل ساحة النجمة إلى محور المواجهة السياسية، خصوصًا بعد الصوت الصارخ لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي شدّد على أن “كلّ نائب يحضر جلسة الغد (اليوم)، يكون، عن قصد أو عن غير قصد، قد أعطى الرئيس برّي شيكًا على بياض لممارساته في المجلس”، مضيفًا: “الساكت عن الخطأ شيطان أخرس”.
وفيما استقامت جبهة عدم الساكتين عن “شيطنات” برّي التشريعية حتى الساعات الماضية، على كتل “الجمهورية القوية”، “الكتائب”، “تجدّد” و”تحالف التغيير”، بقي موقف تكتل “الاعتدال الوطني” موضع ترقب، قبل أن يعلن مساء أمس قراره بـ “إعطاء فرصة جديدة للتسوية، من خلال حضور الجلسة التشريعية لإقرار القوانين المعيشية”، مطالبًا برّي بـ “إدراج مشروع قانون الحكومة لتعديل قانون الانتخاب على جدول أعمال أول جلسة تشريعية، وبعدها لكل حادث حديث”. وتجدر الإشارة إلى أن “نداء الوطن” أوردت في عددها أمس، أن برّي “يستخدم ورقة مطار القليعات لابتزاز “الاعتدال الوطني” من خلال تجميد بنود مرتبطة بالمطار، سبق أن أُقرّت في جلسات سابقة، ملوّحًا بعدم الإفراج عنها ما لم يشارك نواب التكتل في الجلسات التشريعية لتأمين النصاب.
أوساط بعبدا – السراي تُشجّع
وعلمت “نداء الوطن” أن عددًا من النواب تلقوا تشجيعًا على المشاركة في الجلسة التشريعية بعدما استمزجوا رأي أوساط بعبدا والسراي الحكومي. وكشفت مصادر مطّلعة عن وجود تفاهم غير معلن بين رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة نوّاف سلام، لتأمين الظروف الملائمة لانعقاد الجلسة وتأمين النصاب، تحت ذريعة “عدم عرقلة التشريع”، في حين، يجاهر عون برفضه تعطيل العمل التشريعي، معتبرًا أنه أدّى ما عليه من خلال توقيع المرسوم المحال من الحكومة، وأن المسؤولية باتت اليوم في ملعب المجلس النيابي.
هل تؤجّل الانتخابات؟
بين اكتمال النصاب وعدمه، أطلق نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من قصر بعبدا أمس سلسلة مواقف لافتة، أشار فيها إلى أن “السماح للمغتربين بالتصويت لـ 128 نائبًا يستوجب إعادة فتح مهلة التسجيل، ما يعني تأجيلًا تقنيًا للانتخابات حتى آب، نظرًا للمهل القانونية والإدارية التي يحتاجها وزير الداخلية لتنفيذ التعديلات المطلوبة”. وقد قرأ مراقبون هذا التصريح كإشارة واضحة إلى تمهيد الطريق أمام تسوية سياسية تُرجئ الحسم تحت ضغط تصاعد التوترات الميدانية، وبانتظار ما ستحمله مرحلة ما بعد انتهاء مهلة السنة لنزع سلاح “حزب الله”.
لكن أوساطًا مطلعة على أجواء عواصم القرار الدولية حذرت من أن أي تأجيل للاستحقاق الانتخابي سيُضعف مصداقية الدولة اللبنانية، ويثير شكوكًا جدية حول التزامها بالإصلاحات المطلوبة، ما قد يُعرقل فرص حصولها على دعم عربي ودولي، لا سيما في ما يخصّ تأمين المساعدات للجيش اللبناني، مع انطلاق اللقاء التحضيري اليوم في باريس. وفي هذا السياق، أفادت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية لـ “نداء الوطن” أن الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان سيشارك في المؤتمر، وسط ترجيحات غير محسومة بحضور نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي أيضًا. كذلك، يُحتمل أن يشارك السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى. أما في ما يخصّ المؤتمر المقبل في السعودية، فتشير المعلومات إلى أن تحديد موعده لا يزال غير محسوم.
أولويات لبنان على طاولة “الميكانيزم”
في هذا السياق، يدخل لبنان اجتماع “الميكانيزم” المقرر غدًا الجمعة بقدر عالٍ من التحضير السياسي والدبلوماسي، فيما يُنظر إليه على أنه أول اجتماع جدي يمكن أن يرسم الإطار الفعلي لمسار النقاشات المقبلة وطبيعتها، بعدما اتسمت الجلسة السابقة بطابع تمهيدي أو تعارفي أكثر مما هو تفاوضي. وتكثفت الاستعدادات اللبنانية في الساعات الماضية عبر رئيس الوفد اللبناني السفير سيمون كرم، انطلاقًا من مقاربة مدروسة تقوم على إدارة تفاوضية هادئة ومتدرجة، بعيدًا من منطق حرق المراحل أو وضع كامل الأوراق على الطاولة دفعة واحدة.
وشكّل الاجتماع الذي عُقد أمس بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والسفير كرم محطة أساسية في بلورة آلية التعاطي مع جلسة الغد، حيث جرى التوافق على مقاربة تفاوضية تتيح للبنان هامشًا أوسع للمناورة، وتحافظ على العناصر الإيجابية التي يمتلكها، مع التشديد على ضرورة قراءة مسار النقاش خطوة بخطوة، وربط أي تقدم بتحقيق أهداف واضحة ومحددة. وتقوم هذه المقاربة على مبدأ التدرج، بما يمنع استباق النتائج أو القفز فوق الأولويات الوطنية.
وفق المعطيات المتوفرة، يدخل لبنان الاجتماع حاملًا أربعة أهداف أساسية، مرتبة ضمن سلّم أولويات واضح: أولًا، وقف الأعمال العدائية وعمليات القتل باعتبارها شرطًا إلزاميًا لفتح أي نقاش جدي، ثم معالجة ملف الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم، يليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، تمهيدًا لاستكمال ترسيم الحدود البرية. ويُنظر إلى هذا التدرّج على أنه الإطار العملي الوحيد القادر على تحقيق نتائج قابلة للتنفيذ، بعيدًا من الطروحات الشعاراتية أو غير الواقعية.
وفي موازاة ذلك، يولي الجانب اللبناني اهتمامًا خاصًا لطبيعة الطرح الإسرائيلي المنتظر على طاولة الاجتماع، من حيث مضمونه وسقوفه السياسية والأمنية، إذ يُعتبر أي تقدّم مشروطًا بجدية هذا الطرح واستعداده لملاقاة المطالب اللبنانية، وخصوصًا في ما يتعلق بوقف الاعتداءات المتكررة. وزُوّد السفير كرم بلائحة مفصلة أعدّها الجيش اللبناني، توثق بدقة الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، لا سيما بين الجلسة السابقة وتاريخ الاجتماع المرتقب، تمهيدًا لاستخدامها في حال أُثير النقاش حول هذا الملف.
في هذا السياق الميداني والتنسيقي، عثر الجيش اللبناني أمس على نفق في بلدة تولين الجنوبية وذلك بناء على طلب من “الميكانيزيم”، على خلفية ادعاءات إسرائيلية بوجود نفق في المنطقة.
تفاؤل أميركي بدفع المفاوضات
وتفيد المعطيات الدبلوماسية بأن المناخ الأميركي المحيط بالاجتماع يتسم بإيجابية مشجعة، مع تأكيدات أن واشنطن ستدفع باتجاه حوار جدّي ومثمر، بعيدًا من المراوحة أو الاكتفاء بتبادل المواقف الشكلية، وهو ما يعلّق عليه الجانب اللبناني آمالاً لدفع المفاوضات نحو مسار عملي وفعّال. وفي ردّ على ما تم تداوله في بعض الأوساط، تنفي مصادر مطلعة ما يُشاع عن نية تطعيم الوفد اللبناني بعضوين شيعي وسني، مؤكدة أن الوفد الحالي يتمتع بتفويض وصلاحيات كاملة تمكّنه من إدارة النقاش باسم الدولة اللبنانية، ووفقًا للأطر الرسمية والمؤسسات الدستورية.
لا مبادرة مصرية
وعلى خطّ الحراك الدبلوماسي، علمت “نداء الوطن” أن زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى بيروت لا تحمل في طياتها أي مبادرة سياسية مباشرة أو مقترحات حلول، بل تهدف أساسًا إلى الاستماع واستطلاع المواقف. فمدبولي، الذي يصل عشية انعقاد الاجتماع الثاني لـ “الميكانيزم”، سيُجري سلسلة لقاءات يطّلع من خلالها على واقع الأزمة اللبنانية، وينقل الأجواء إلى القيادة المصرية، التي ستُقيّم لاحقًا ما إذا كانت ستتدخل بطرح مبادرة أو تترك الأمور لمسارها الحالي. وتتضمّن الزيارة أيضًا جانبًا اقتصاديًا، حيث يسعى مدبولي إلى تفعيل العلاقات بين لبنان ومصر، خصوصًا في ما يتعلّق بسوق العمل المصري في لبنان، إضافة إلى بحث إمكانية تفعيل الاتفاقات التجارية والاقتصادية الثنائية.
قضائيًّا، توجّه المحقق العدلي في ملف تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار أمس، إلى بلغاريا حيث سيستجوب اليوم إيغور غريتشوشكين، رجل الأعمال الروسي – القبرصي، المشغل لسفينة “روسوس” التي نقلت نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت.













