توجيهات عون لكرم: التزام الثوابت ولا تغيير لطبيعة الميكانيزم

الكاتب: ندى أندراوس | المصدر: المدن
18 كانون الأول 2025

كرّس إجتماع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالسفير سيمون كرم الإطار النهائي للموقف اللبناني عشية إجتماع الميكانيزم المقرّر في 19 كانون الأول الجاري، واضعاً سقوفه التفاوضية بوضوح. في اللقاء، حدّد رئيس الجمهورية توجيهات دقيقة للتحرّك اللبناني، مؤكداً أن الاجتماع المقبل يتقدّم على سابقه من حيث الجدية والعمل، في ظل إنتقال الميكانيزم إلى مرحلة أكثر فاعلية بعد إدخال الشقّ المدني، ومشدداً على مقاربة تقوم على تثبيت الحقوق السيادية ورفض أيّ مسارات سياسية موازية، وإدارة الاستحقاق الدبلوماسي بعقل بارد، في مواجهة تصعيد إسرائيلي متواصل، وشهية مفتوحة على الضغط والمناورة.

 

خريطة المطالب اللبنانية
في هذا السياق، وفي معلومات خاصة للمدن، سيتقدّم السفير سيمون كرم إلى طاولة البحث بأربعة مطالب أساسية تشكّل مجتمعة سقف التحرك اللبناني، حتى وإن لم يُنفّذ بعضها دفعة واحدة، إنما ضمن الهامش الذي منحه رئيس الجمهورية للمفاوض اللبناني.
وقد كشفت مصادر مطلعة للمدن طبيعة هذه المطالب.
المطلب الأول يتمثّل في إعلان إسرائيل الرسمي والصريح وقف الأعمال العدائية والاعتداءات والاغتيالات، والتزامها الواضح بوقف الأعمال العسكرية الحربية، وهو أمر لم يحصل حتى اليوم، على رغم إعلان إتفاق وقف الأعمال العدائية العام الماضي.
أما المطلب الثاني، فيتعلق بإعادة الأسرى اللبنانيين، بدءاً من أولئك الذين أُسروا بعد إتفاق وقف الأعمال العدائية، وغالبيتهم من المدنيين، الذين كانوا يتوجهون إلى قراهم وبلداتهم لتفقد منازلهم وأراضيهم.
وفي المطلب الثالث، سيطالب لبنان بإعلان إسرائيلي عن إنسحاب متدرّج، إن لم يكن إنسحاباً كاملاً، من التلال الخمس والأراضي المحيطة التي لا تزال تحتلها إسرائيل، علماً بأن الموقف اللبناني المبدئي يفضّل الانسحاب دفعة واحدة.
أما المطلب الرابع، فيتصل بفتح ملف تصحيح الخط الأزرق، على خلفية الخروقات والتعديات الإسرائيلية المتكررة عليه منذ حرب تموز 2006، إضافة إلى التحفظات اللبنانية القائمة منذ ترسيمه في العام 2000 عقب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.

 

تمثيل مدني محصور
في المقابل، تؤكد المصادر أن لبنان لن يُبدي أيّ تجاوب مع المسائل أو الطروحات السياسية التي تسعى إسرائيل إلى إدخالها وترسيخها في العلاقة مع لبنان، وهو موقف جرى تثبيته بوضوح في الاجتماع الذي عقد بين الرئيس عون والسفير كرم. وعليه، فإن سقف المطالب المطروحة يندرج حصراً ضمن إطار الميكانيزم في شقّه المدني، مع ترقّب رسمي لما سيحمله الجانب الإسرائيلي إلى الاجتماع، وما إذا كان سيقارب المطالب اللبنانية بجدّية أم سيستمر في سياسة المماطلة والتصعيد.
وتشدد المصادر على أن تمثيل لبنان المدني في الميكانيزم محصور بالسفير سيمون كرم دون سواه، وعلى أي مستوى كان. إذ حسم رئيس الجمهورية هذا الخيار نهائياً، مع إستبعاد توسيع المشاركة المدنية أو ضم أعضاء آخرين، وعدم وجود أي نية لتغيير طبيعة عمل الميكانيزم أو أهدافه في المرحلة الراهنة.

 

باريس والجيش في الواجهة
بالتوازي، يواكب رئيس الجمهورية بدقة إجتماع باريس، الذي دعي إليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل اليوم، بضيافة فرنسية وحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان. وكان الرئيس عون قد إلتقى العماد هيكل يوم الثلاثاء، وطلب منه ثلاثة أمور محددة:
أولاً، شرح ما يجري على صعيد خطة حصر السلاح وتنفيذها جنوب الليطاني، وما تحقق حتى الآن في هذا الإطار، إضافة إلى ما يتعرض له الجيش اللبناني من مضايقات إسرائيلية على الأرض.
ثانياً، عرض حاجات الجيش بالتفصيل، ولا سيما لجهة الشاحنات والآليات والعتاد والذخائر والأسلحة، في ظل إدراك مشترك بأن الجيش لن يُمنح أسلحة ثقيلة، مع التركيز على ما يحتاجه لتنفيذ مهامه في حفظ الامن والاستقرار والمراقبة وضبط الحدود من الجنوب إلى الشمال، في ظل تحديات شائكة براً، بحراً، وجواً.
وثالثا، ستكون علاقة الجيش بقوات اليونيفيل ووضعه الميداني في الجنوب حاضرَيْن في مناقشات باريس، مدعومين بما وثّقته تقارير الجيش الشهرية المتعلقة بتنفيذ خطة حصر السلاح.
وفي معلومات المدن ستبقى قنوات التواصل مفتوحة مع رئيس الجمهورية خلال مشاركة قائد الجيش في المؤتمر والمباحثات التي سيعقدها هناك. وربما سيكون هناك تواصل بين قائد الجيش ووزير الدفاع ميشال منسى ورئيس الحكومة نواف سلام، في حال كانت هناك حاجة لاتخاذ أي إجراءات أو قرارات عملية.

 

دبلوماسية لبنان في مواجهة تصعيد نتنياهو
وفق القراءة الرسمية، بات الموقف اللبناني واضحاً، ولا يحتاج إلى مزيد من الشروحات. فلبنان، كما تؤكد المصادر المطلعة على موقف رئيس الجمهورية، يقوم بما عليه إلى أقصى الحدود، من تنظيم جولات السفراء في الجنوب، إلى عرض الوقائع الميدانية كاملة، وصولاً إلى المشاركة المدنية في الميكانيزم، في خطوة هدفت إلى التأكيد أن الجيش اللبناني يؤدي واجباته كاملة. “ويأتي ذلك رداً على محاولات سابقة سعت إلى الترويج، همساً لدى الأميركيين والإسرائيليين، أن الجيش لا يقوم بمهامه أو أنه متواطئ مع حزب الله”، وهي إدعاءات تعمل الرئاسة والجيش والسلطات المعنية على دحضها بالوقائع والتقارير الموثّقة، تأكيداً على أن لبنان وجيشه يلتزمان بما هو مطلوب منهما من دون حسابات خفية أو التزامات موازية.
يأتي هذا الحراك المتكامل، الممتد من باريس إلى الناقورة، مروراً بحركة الموفدين والاتصالات الرئاسية، في توقيت سياسي بالغ الدقة، مع ترقّب قمة ترامب نتنياهو في الولايات المتحدة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، في ظل شهية مفتوحة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمزيد من التصعيد ضد لبنان.
وعليه، يُنتظر أن يحدد إجتماع الميكانيزم يوم الجمعة ملامح المرحلة التالية، وأن تتضح على أساسه إتجاهات الرياح الأميركية: هل تميل نحو كبح جماح نتنياهو وشهيته للحرب والتصعيد الأخطر والأقسى ضد لبنان، أم نحو التهدئة والتزام إسرائيل بما سيطرحه السفير سيمون كرم من مطالب أربعة، تبقى حتى الآن السقف النهائي لأي تفاوض مع إسرائيل، برعاية أميركية  أممية.

توجيهات عون لكرم: التزام الثوابت ولا تغيير لطبيعة الميكانيزم

الكاتب: ندى أندراوس | المصدر: المدن
18 كانون الأول 2025

كرّس إجتماع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالسفير سيمون كرم الإطار النهائي للموقف اللبناني عشية إجتماع الميكانيزم المقرّر في 19 كانون الأول الجاري، واضعاً سقوفه التفاوضية بوضوح. في اللقاء، حدّد رئيس الجمهورية توجيهات دقيقة للتحرّك اللبناني، مؤكداً أن الاجتماع المقبل يتقدّم على سابقه من حيث الجدية والعمل، في ظل إنتقال الميكانيزم إلى مرحلة أكثر فاعلية بعد إدخال الشقّ المدني، ومشدداً على مقاربة تقوم على تثبيت الحقوق السيادية ورفض أيّ مسارات سياسية موازية، وإدارة الاستحقاق الدبلوماسي بعقل بارد، في مواجهة تصعيد إسرائيلي متواصل، وشهية مفتوحة على الضغط والمناورة.

 

خريطة المطالب اللبنانية
في هذا السياق، وفي معلومات خاصة للمدن، سيتقدّم السفير سيمون كرم إلى طاولة البحث بأربعة مطالب أساسية تشكّل مجتمعة سقف التحرك اللبناني، حتى وإن لم يُنفّذ بعضها دفعة واحدة، إنما ضمن الهامش الذي منحه رئيس الجمهورية للمفاوض اللبناني.
وقد كشفت مصادر مطلعة للمدن طبيعة هذه المطالب.
المطلب الأول يتمثّل في إعلان إسرائيل الرسمي والصريح وقف الأعمال العدائية والاعتداءات والاغتيالات، والتزامها الواضح بوقف الأعمال العسكرية الحربية، وهو أمر لم يحصل حتى اليوم، على رغم إعلان إتفاق وقف الأعمال العدائية العام الماضي.
أما المطلب الثاني، فيتعلق بإعادة الأسرى اللبنانيين، بدءاً من أولئك الذين أُسروا بعد إتفاق وقف الأعمال العدائية، وغالبيتهم من المدنيين، الذين كانوا يتوجهون إلى قراهم وبلداتهم لتفقد منازلهم وأراضيهم.
وفي المطلب الثالث، سيطالب لبنان بإعلان إسرائيلي عن إنسحاب متدرّج، إن لم يكن إنسحاباً كاملاً، من التلال الخمس والأراضي المحيطة التي لا تزال تحتلها إسرائيل، علماً بأن الموقف اللبناني المبدئي يفضّل الانسحاب دفعة واحدة.
أما المطلب الرابع، فيتصل بفتح ملف تصحيح الخط الأزرق، على خلفية الخروقات والتعديات الإسرائيلية المتكررة عليه منذ حرب تموز 2006، إضافة إلى التحفظات اللبنانية القائمة منذ ترسيمه في العام 2000 عقب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.

 

تمثيل مدني محصور
في المقابل، تؤكد المصادر أن لبنان لن يُبدي أيّ تجاوب مع المسائل أو الطروحات السياسية التي تسعى إسرائيل إلى إدخالها وترسيخها في العلاقة مع لبنان، وهو موقف جرى تثبيته بوضوح في الاجتماع الذي عقد بين الرئيس عون والسفير كرم. وعليه، فإن سقف المطالب المطروحة يندرج حصراً ضمن إطار الميكانيزم في شقّه المدني، مع ترقّب رسمي لما سيحمله الجانب الإسرائيلي إلى الاجتماع، وما إذا كان سيقارب المطالب اللبنانية بجدّية أم سيستمر في سياسة المماطلة والتصعيد.
وتشدد المصادر على أن تمثيل لبنان المدني في الميكانيزم محصور بالسفير سيمون كرم دون سواه، وعلى أي مستوى كان. إذ حسم رئيس الجمهورية هذا الخيار نهائياً، مع إستبعاد توسيع المشاركة المدنية أو ضم أعضاء آخرين، وعدم وجود أي نية لتغيير طبيعة عمل الميكانيزم أو أهدافه في المرحلة الراهنة.

 

باريس والجيش في الواجهة
بالتوازي، يواكب رئيس الجمهورية بدقة إجتماع باريس، الذي دعي إليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل اليوم، بضيافة فرنسية وحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان. وكان الرئيس عون قد إلتقى العماد هيكل يوم الثلاثاء، وطلب منه ثلاثة أمور محددة:
أولاً، شرح ما يجري على صعيد خطة حصر السلاح وتنفيذها جنوب الليطاني، وما تحقق حتى الآن في هذا الإطار، إضافة إلى ما يتعرض له الجيش اللبناني من مضايقات إسرائيلية على الأرض.
ثانياً، عرض حاجات الجيش بالتفصيل، ولا سيما لجهة الشاحنات والآليات والعتاد والذخائر والأسلحة، في ظل إدراك مشترك بأن الجيش لن يُمنح أسلحة ثقيلة، مع التركيز على ما يحتاجه لتنفيذ مهامه في حفظ الامن والاستقرار والمراقبة وضبط الحدود من الجنوب إلى الشمال، في ظل تحديات شائكة براً، بحراً، وجواً.
وثالثا، ستكون علاقة الجيش بقوات اليونيفيل ووضعه الميداني في الجنوب حاضرَيْن في مناقشات باريس، مدعومين بما وثّقته تقارير الجيش الشهرية المتعلقة بتنفيذ خطة حصر السلاح.
وفي معلومات المدن ستبقى قنوات التواصل مفتوحة مع رئيس الجمهورية خلال مشاركة قائد الجيش في المؤتمر والمباحثات التي سيعقدها هناك. وربما سيكون هناك تواصل بين قائد الجيش ووزير الدفاع ميشال منسى ورئيس الحكومة نواف سلام، في حال كانت هناك حاجة لاتخاذ أي إجراءات أو قرارات عملية.

 

دبلوماسية لبنان في مواجهة تصعيد نتنياهو
وفق القراءة الرسمية، بات الموقف اللبناني واضحاً، ولا يحتاج إلى مزيد من الشروحات. فلبنان، كما تؤكد المصادر المطلعة على موقف رئيس الجمهورية، يقوم بما عليه إلى أقصى الحدود، من تنظيم جولات السفراء في الجنوب، إلى عرض الوقائع الميدانية كاملة، وصولاً إلى المشاركة المدنية في الميكانيزم، في خطوة هدفت إلى التأكيد أن الجيش اللبناني يؤدي واجباته كاملة. “ويأتي ذلك رداً على محاولات سابقة سعت إلى الترويج، همساً لدى الأميركيين والإسرائيليين، أن الجيش لا يقوم بمهامه أو أنه متواطئ مع حزب الله”، وهي إدعاءات تعمل الرئاسة والجيش والسلطات المعنية على دحضها بالوقائع والتقارير الموثّقة، تأكيداً على أن لبنان وجيشه يلتزمان بما هو مطلوب منهما من دون حسابات خفية أو التزامات موازية.
يأتي هذا الحراك المتكامل، الممتد من باريس إلى الناقورة، مروراً بحركة الموفدين والاتصالات الرئاسية، في توقيت سياسي بالغ الدقة، مع ترقّب قمة ترامب نتنياهو في الولايات المتحدة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، في ظل شهية مفتوحة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمزيد من التصعيد ضد لبنان.
وعليه، يُنتظر أن يحدد إجتماع الميكانيزم يوم الجمعة ملامح المرحلة التالية، وأن تتضح على أساسه إتجاهات الرياح الأميركية: هل تميل نحو كبح جماح نتنياهو وشهيته للحرب والتصعيد الأخطر والأقسى ضد لبنان، أم نحو التهدئة والتزام إسرائيل بما سيطرحه السفير سيمون كرم من مطالب أربعة، تبقى حتى الآن السقف النهائي لأي تفاوض مع إسرائيل، برعاية أميركية  أممية.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار