حين تتحوّل الأسطورة إلى بديل عن الدولة!

التهمة جاهزة: كلّ من يُطالب بتنفيذ التعهدات، وباستعادة قرار الدولة، وبحصر السلاح بيدها، إنّما “يكرّر خطاب إسرائيل”. هنا، تختفي الأسئلة الجوهرية: مَن الذي قرّر الحرب؟ مَن الذي وقّع وَقْفَها؟ ومَن الذي يرفض تحمّل مسؤولية ما فعل؟
ليست المشكلة في العدو، ولا في ميزان القوى، ولا حتى في الخسارة. المشكلة في الإصرار على إنكار كلّ ما سبق. في تحويل الوهم إلى عقيدة، والدعاية إلى سياسة عامة، والكارثة إلى “إنجاز إلهي” قابل لإعادة التدوير بعد كل حرب.
منذ سنوات، يقوم الخطاب نفسه على قاعدة واحدة: الصوت أعلى من الواقع. تهديدات بلا سقف، ووعود بتغيير وجه المنطقة، وصواريخ تُوزَّع في الخطب أكثر مما تُستخدم في الميدان. ثم، عند لحظة الاختبار، ينقلب المشهد: وقف أعمال عدائية، وساطة دولية، وتعهدات رسمية بتسليم السلاح. لا توقيعًا افتراضيًا هنا، بل أسماء واضحة: الدولة اللبنانية، برئيس مجلسها، بحكومتها، وبوزراء الحزب أنفسهم.
ومع ذلك، يُطلّ علينا الخطاب ذاته، كأنّ شيئًا لم يكن. إسرائيل “مرعوبة”، وقوات “جاهزة للعبور”، والعمل “صار سريًّا”. السؤال البديهي: أي سريّة هذه، في تنظيم تُغتال قياداته واحدة تلو الأخرى؟ أي توازن ردع، في مواجهةٍ تُدار من غرفة عمليات يعرفها الخصم أكثر من أصحابها؟
الأخطر ليس الهزيمة، بل طريقة التعامل معها. حين يصبح الفشل “نصرًا”، والخسارة “إنجازًا”، والموت “ربحًا في الحالتين”. أي منطق استراتيجي هذا؟ وأي عقل عسكري يمكن أن يبني قراراته على معادلةٍ تقول إن النتيجة واحدة، سواء بقي البلد واقفًا أو سقط فوق رؤوس أهله؟
ثم تأتي التهمة الجاهزة: كلّ من يُطالب بتنفيذ التعهدات، وباستعادة قرار الدولة، وبحصر السلاح بيدها، إنما “يكرر خطاب إسرائيل”. هنا، تختفي الأسئلة الجوهرية: مَن الذي قرر الحرب؟ مَن الذي وقّع وَقْفَها؟ ومَن الذي يرفض تحمّل مسؤولية ما فعل؟
المأساة أنّ هذا الخطاب لا يكتفي بتبرير الماضي، بل يصرّ على صناعة مستقبل مماثل له. كأنّ المطلوب من اللبنانيين التعايش الدائم مع حافة الهاوية، وكأنّ الدولة تفصيل زائد يمكن تجاوزه متى تعارض مع “قدسية السلاح”. هنا بالضبط يكمن الخطر: حين يُستبدل العقل بالغريزة، والسياسة بالعقيدة، والناس بمشروع لا يعترف بالخسارة ولا يتحمّل مسؤولية النتائج.
المسألة، في جوهرها، ليست سلاحًا فقط، بل وعيًا. وعيٌ يفرّق بين المقاومة وبناء الدولة، بين الردع والانتحار السياسي، بين حماية الناس واستخدامهم دروعًا في معركة بلا أفق. من دون هذا الوعي، لا نكون أمام خطر حربٍ جديدةٍ فحسب، بل أمام تكرارٍ منهجيٍّ لكارثةٍ لم نتعلّم منها شيئًا بعد.
حين تتحوّل الأسطورة إلى بديل عن الدولة!

التهمة جاهزة: كلّ من يُطالب بتنفيذ التعهدات، وباستعادة قرار الدولة، وبحصر السلاح بيدها، إنّما “يكرّر خطاب إسرائيل”. هنا، تختفي الأسئلة الجوهرية: مَن الذي قرّر الحرب؟ مَن الذي وقّع وَقْفَها؟ ومَن الذي يرفض تحمّل مسؤولية ما فعل؟
ليست المشكلة في العدو، ولا في ميزان القوى، ولا حتى في الخسارة. المشكلة في الإصرار على إنكار كلّ ما سبق. في تحويل الوهم إلى عقيدة، والدعاية إلى سياسة عامة، والكارثة إلى “إنجاز إلهي” قابل لإعادة التدوير بعد كل حرب.
منذ سنوات، يقوم الخطاب نفسه على قاعدة واحدة: الصوت أعلى من الواقع. تهديدات بلا سقف، ووعود بتغيير وجه المنطقة، وصواريخ تُوزَّع في الخطب أكثر مما تُستخدم في الميدان. ثم، عند لحظة الاختبار، ينقلب المشهد: وقف أعمال عدائية، وساطة دولية، وتعهدات رسمية بتسليم السلاح. لا توقيعًا افتراضيًا هنا، بل أسماء واضحة: الدولة اللبنانية، برئيس مجلسها، بحكومتها، وبوزراء الحزب أنفسهم.
ومع ذلك، يُطلّ علينا الخطاب ذاته، كأنّ شيئًا لم يكن. إسرائيل “مرعوبة”، وقوات “جاهزة للعبور”، والعمل “صار سريًّا”. السؤال البديهي: أي سريّة هذه، في تنظيم تُغتال قياداته واحدة تلو الأخرى؟ أي توازن ردع، في مواجهةٍ تُدار من غرفة عمليات يعرفها الخصم أكثر من أصحابها؟
الأخطر ليس الهزيمة، بل طريقة التعامل معها. حين يصبح الفشل “نصرًا”، والخسارة “إنجازًا”، والموت “ربحًا في الحالتين”. أي منطق استراتيجي هذا؟ وأي عقل عسكري يمكن أن يبني قراراته على معادلةٍ تقول إن النتيجة واحدة، سواء بقي البلد واقفًا أو سقط فوق رؤوس أهله؟
ثم تأتي التهمة الجاهزة: كلّ من يُطالب بتنفيذ التعهدات، وباستعادة قرار الدولة، وبحصر السلاح بيدها، إنما “يكرر خطاب إسرائيل”. هنا، تختفي الأسئلة الجوهرية: مَن الذي قرر الحرب؟ مَن الذي وقّع وَقْفَها؟ ومَن الذي يرفض تحمّل مسؤولية ما فعل؟
المأساة أنّ هذا الخطاب لا يكتفي بتبرير الماضي، بل يصرّ على صناعة مستقبل مماثل له. كأنّ المطلوب من اللبنانيين التعايش الدائم مع حافة الهاوية، وكأنّ الدولة تفصيل زائد يمكن تجاوزه متى تعارض مع “قدسية السلاح”. هنا بالضبط يكمن الخطر: حين يُستبدل العقل بالغريزة، والسياسة بالعقيدة، والناس بمشروع لا يعترف بالخسارة ولا يتحمّل مسؤولية النتائج.
المسألة، في جوهرها، ليست سلاحًا فقط، بل وعيًا. وعيٌ يفرّق بين المقاومة وبناء الدولة، بين الردع والانتحار السياسي، بين حماية الناس واستخدامهم دروعًا في معركة بلا أفق. من دون هذا الوعي، لا نكون أمام خطر حربٍ جديدةٍ فحسب، بل أمام تكرارٍ منهجيٍّ لكارثةٍ لم نتعلّم منها شيئًا بعد.















