بين تغطية بري المفاوضات واعتراض قاسم… تباين لا يتطور إلى حدود الافتراق

بري68
الكاتب: ابراهيم بيرم | المصدر: النهار
18 كانون الأول 2025

بين تصعيد “حزب الله” خطابه في مواجهة خيار التفاوض مع إسرائيل، والذي كانت ذروته في الإطلالة الأخيرة للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وتغطية رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلية لهذا التفاوض، كان لا بد من طرح السؤال: هل هذا الاختلاف بين قطبي “الثنائي الشيعي” على قضية بمستوى حساسية التفاوض مع الإسرائيلي، عبارة عن تبادل أدوار منسق، أو أن الأمر بداية افتراق كان ينتظره كثر ويراهنون على حصوله يوما ما؟

بين هذا وذاك أبواب الاجتهاد مفتوحة، ولا يمكن أي راصد أن يفصل في الأمر ما دام الطرفان يعتصمان بالصمت والغموض، مما يعني السماح بإطلاق حبل عنان التكهنات على غاربه.
الحال أن الحزب فوّض إلى الرئيس بري إدارة عملية التفاوض منذ زمن بعيد، وتحديدا منذ ما قبل توقف مواجهات حرب إسناد غزة بنحو شهرين ونصف شهر، وكان ذلك بأمر من الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصراالله قبل أيام قليلة من اغتياله.
القيادة الحالية للحزب ما زالت على التزامها هذا التوجه، ولم تبد ما يوحي بتراجعها عنه، بل إن الشيخ قاسم تعمد أن يجدد تكرارا هذا التفويض، على أن يكون الأمر في حدود ترسيخ اتفاق وقف النار.
لكن رياح التطورات سارت عكس ما تمناه الحزب، إذ فُرض أمر واقع في معادلة الداخل لم يكن لمصلحته، فيما رفضت إسرائيل التزام مندرجات اتفاق وقف النار وفرضت واقعا ميدانيا لمصلحتها تماما، أفضى إلى السيطرة بالنار على كل الحافة الأمامية بعد تدمير معظم بلداتها وتهجير غالبية سكانها.
ليس خافيا أن الحزب بكر في إبداء الاعتراض على مسار التفاوض باعتبار أنه سيؤدي إلى إطاحة القرار 1701، لكن المفارقة في جنوح بري نحو خيار التفاوض، منطلقا من أمرين: صلاحية التفويض المعطى له من الحزب لم تنته، والدخول في التفاوض لن يفضي إلى اتفاقات صلح وتطبيع، ما دام الأمر يتمّ في إطار لجنة “الميكانيزم”.
ومع ذلك بدا بري في وضع المرتبك عندما علم بحجم رد الحزب على تسمية السفير سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني، فسربت أوساطه ما ينفي علمه المسبق بالأمر، وأشفع ذلك بالتشديد في أكثر من إطلالة له على أن المشاركة في التفاوض لن تتعدى حدود المهمة الأصلية لهذه اللجنة، أي ضمان انسحاب إسرائيل ووقف عدوانها اليومي.
لكن هذا التبرير لم يمنع الشيخ قاسم في إطلالته الأخيرة من إطلاق موقف تصعيدي مبني على تجديد الامتناع عن تسليم السلاح، وأن المفاوضات مرفوضة.

 

إلى هذا الحد كان يمكن أن يعدّ الأمر تبادل أدوار، إلى أن طُرحت سرا مسألة تطعيم الوفد اللبناني المفاوض بديبلوماسيين إضافيين أحدهما شيعي يسميه بري شخصيا، وذلك من أجل شرعنة شيعية ووطنية أكبر للمفاوضات.
لا يمكن والحال هذه إخفاء التباين بين الطرفين الشيعيين. وإذا كان واضحا أن الطرفين رغم ذلك لن يظهرا تباينهما ويحولاه إلى خلاف معلن، فإن السؤال هو: هل الجانب الإيراني الذي استقبل موفد بري أخيرا على علم مسبق بهذا التطور، وقد أعطاه كلمته ليمضي بري في عبور هذا الممر الإجباري؟ أو أن زيارة وزير الخارجية الإيراني المقررة لبيروت لها علاقة بـ”ضبط التباين” بين الطرفين وفرملة اندفاعة بري على غرار زيارة سابقة لهذا الوزير للعاصمة اللبنانية قبل أشهر؟

بين تغطية بري المفاوضات واعتراض قاسم… تباين لا يتطور إلى حدود الافتراق

بري68
الكاتب: ابراهيم بيرم | المصدر: النهار
18 كانون الأول 2025

بين تصعيد “حزب الله” خطابه في مواجهة خيار التفاوض مع إسرائيل، والذي كانت ذروته في الإطلالة الأخيرة للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وتغطية رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلية لهذا التفاوض، كان لا بد من طرح السؤال: هل هذا الاختلاف بين قطبي “الثنائي الشيعي” على قضية بمستوى حساسية التفاوض مع الإسرائيلي، عبارة عن تبادل أدوار منسق، أو أن الأمر بداية افتراق كان ينتظره كثر ويراهنون على حصوله يوما ما؟

بين هذا وذاك أبواب الاجتهاد مفتوحة، ولا يمكن أي راصد أن يفصل في الأمر ما دام الطرفان يعتصمان بالصمت والغموض، مما يعني السماح بإطلاق حبل عنان التكهنات على غاربه.
الحال أن الحزب فوّض إلى الرئيس بري إدارة عملية التفاوض منذ زمن بعيد، وتحديدا منذ ما قبل توقف مواجهات حرب إسناد غزة بنحو شهرين ونصف شهر، وكان ذلك بأمر من الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصراالله قبل أيام قليلة من اغتياله.
القيادة الحالية للحزب ما زالت على التزامها هذا التوجه، ولم تبد ما يوحي بتراجعها عنه، بل إن الشيخ قاسم تعمد أن يجدد تكرارا هذا التفويض، على أن يكون الأمر في حدود ترسيخ اتفاق وقف النار.
لكن رياح التطورات سارت عكس ما تمناه الحزب، إذ فُرض أمر واقع في معادلة الداخل لم يكن لمصلحته، فيما رفضت إسرائيل التزام مندرجات اتفاق وقف النار وفرضت واقعا ميدانيا لمصلحتها تماما، أفضى إلى السيطرة بالنار على كل الحافة الأمامية بعد تدمير معظم بلداتها وتهجير غالبية سكانها.
ليس خافيا أن الحزب بكر في إبداء الاعتراض على مسار التفاوض باعتبار أنه سيؤدي إلى إطاحة القرار 1701، لكن المفارقة في جنوح بري نحو خيار التفاوض، منطلقا من أمرين: صلاحية التفويض المعطى له من الحزب لم تنته، والدخول في التفاوض لن يفضي إلى اتفاقات صلح وتطبيع، ما دام الأمر يتمّ في إطار لجنة “الميكانيزم”.
ومع ذلك بدا بري في وضع المرتبك عندما علم بحجم رد الحزب على تسمية السفير سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني، فسربت أوساطه ما ينفي علمه المسبق بالأمر، وأشفع ذلك بالتشديد في أكثر من إطلالة له على أن المشاركة في التفاوض لن تتعدى حدود المهمة الأصلية لهذه اللجنة، أي ضمان انسحاب إسرائيل ووقف عدوانها اليومي.
لكن هذا التبرير لم يمنع الشيخ قاسم في إطلالته الأخيرة من إطلاق موقف تصعيدي مبني على تجديد الامتناع عن تسليم السلاح، وأن المفاوضات مرفوضة.

 

إلى هذا الحد كان يمكن أن يعدّ الأمر تبادل أدوار، إلى أن طُرحت سرا مسألة تطعيم الوفد اللبناني المفاوض بديبلوماسيين إضافيين أحدهما شيعي يسميه بري شخصيا، وذلك من أجل شرعنة شيعية ووطنية أكبر للمفاوضات.
لا يمكن والحال هذه إخفاء التباين بين الطرفين الشيعيين. وإذا كان واضحا أن الطرفين رغم ذلك لن يظهرا تباينهما ويحولاه إلى خلاف معلن، فإن السؤال هو: هل الجانب الإيراني الذي استقبل موفد بري أخيرا على علم مسبق بهذا التطور، وقد أعطاه كلمته ليمضي بري في عبور هذا الممر الإجباري؟ أو أن زيارة وزير الخارجية الإيراني المقررة لبيروت لها علاقة بـ”ضبط التباين” بين الطرفين وفرملة اندفاعة بري على غرار زيارة سابقة لهذا الوزير للعاصمة اللبنانية قبل أشهر؟

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار