في حال اندلاع الحرب.. ما السيناريوهات التي تنتظر اللبنانيين؟

في بلد يعيش على إيقاع التوتر الإقليمي والتقلب الداخلي، تُصبح الأشهر الستة المقبلة مساحة اختبار أكثر منها مساحة توقع. حتى آذار 2026، تُرسم ثلاثة مسارات محتملة للبنان انطلاقًا من واقع يتضمن مأزقًا مستمرًا في ملف نزع السلاح وبيئة أمنية هشة، وتدهورًا اقتصاديًا متصاعدًا مع شلل في الحوكمة، وتوترات عابرة للحدود مع قابلية عالية للاهتزاز، أو انفجار داخلي يُعقد الوصول الإنساني. هذه ليست مجرد توقعات نظرية، بل هي مسارات تم طرحها في اجتماع تنسيقي حديث للجهات الإنسانية في لبنان، كجزء من التحضير لخطة الاستجابة للعام المقبل. فما هي السيناريوهات التي تنتظر هذا البلد الذي لا يزال يقبع تحت شبح الحرب المتجددة؟
3 سيناريوهات ترسم صورة المرحلة المقبلة
الصورة الأولى تقوم على استمرار الوضع القائم لفترة أطول. سياسيًا وأمنيًا لا تغييرات كبيرة، والمسار المتعثر يبقى على حاله، بينما تتعمق الأزمة الاقتصادية في ظل غياب إصلاحات ومساعدات خارجية كافية. على الأرض يترجم ذلك باحتياجات مرتفعة مستمرة، مع تقدير احتمال نزوح يصل إلى نحو 250 ألف شخص، وبوصول إنساني يبقى محدود التعقيد لكنه قابل للإدارة نسبيًا، وسط توترات محلية وتنافس على الموارد واستمرار ضغط الوافدين من سوريا على الخدمات، فالمشهد يؤكّد أنّ عودة السوريين كانت جزئية، إذ إنّ الأغلب غادر مع عائلاته وعاد من دونها، حيث يتم تحويل الاموال من لبنان إلى دمشق.
الصورة الثانية هي سيناريو التصعيد الخارجي، وهي الأكثر حدة على مستوى النزوح والبنية التحتية والوصول. هنا تتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية لتطال الجنوب ومواقع استراتيجية على نطاق وطني، مع تدمير واسع ونزوح وانهيار في بعض شبكات البنية التحتية. وتظهر في هذا المسار عوامل تفجيرية مرتبطة بديناميات إقليمية مثل تداعيات مسار غزة أو تصعيد إسرائيل وإيران أو حوادث على الحدود، بما يفتح الباب أمام مواجهة كبيرة تتجاوز قدرة الاحتواء. إنسانيًا، سيرتفع سقف النزوح المحتمل إلى حدود 900 ألف شخص مع ضغط هائل على المراكز والخدمات، وأضرار واسعة على شبكات الصحة والمياه والكهرباء، وتقييد شديد للحركة قد يصل إلى حد الحاجة لممرات إنسانية، مع ارتفاع مخاطر الحماية وتسييس المساعدة وشح الموارد.
الصورة الثالثة تتصل بتصعيد داخلي، حيث يُدفع العنف من الداخل عبر صدمات سياسية أو توترات طائفية كبرى، مع تراجع سيطرة الدولة وعودة قوى محلية مسلحة وحوكمة مناطقية، واحتمال تفتت جغرافي على خطوط الانقسام. في هذا المسار، النزوح كبير لكنه يأخذ شكل تمركز على حدود الانقسامات، مع زيادة العنف ضد المدنيين والنازحين،وتحوّل المساعدات إلى هدف للاستغلال أو التحويل، إضافة إلى انهيار اقتصادي أوسع ونقص حاد في الأساسيات، واحتمال تدخل جهات إقليمية مما يزيد عدم الاستقرار.
بين هذه الصور، الملاحظة المفصلية أن المشهد متقلب وأن السيناريو الأول قد يبدو الأقرب على المدى القصير لكنه غير قابل للاستدامة، وأن الجمود الطويل يرفع احتمال الانزلاق إلى السيناريوهين الثاني أو الثالث أو الانتقال السريع بينهما. كما أن التصعيد الخارجي والتصعيد الداخلي قد يتداخلان، إذ يمكن للأول أن يفتح الباب للثاني وبالعكس، مع مستوى ثقة منخفض في دقة التوقعات وإمكانية تذبذب مفاجئ بين التصعيد والهدوء المؤقت أو الاضطراب الداخلي.
لهذا تُبنى الجهوزية كخطة تشغيل لا كعنوان. ضمن اعتبارات الاستعداد للسيناريوهين الأكثر خطورة، يبرز توسيع التموضع المسبق للمساعدات خارج المراكز التقليدية لتسهيل عمليات عبر خطوط تماس محتملة، وتعديل استراتيجيات الإيواء والاستجابة وفق أنماط نزوح متحركة، وتوسيع التنسيق مع الجيش واليونيفيل والسلطات المعنية وجهات محلية قد يتبدل وزنها إذا ضعفت بنى الدولة، وإعادة تفعيل وتوسيع نظام الإبلاغ الإنساني عن التحركات في الجنوب والشمال، والتفاوض على الوصول لتقييمات احتياجات مستقلة مع دمج البيانات المتاحة من الشركاء، وتعزيز تقاسم الموارد لضمان استمرارية التشغيل في ظروف عالية المخاطر.
في الخلفية، يظهر عنصر الوقت كعامل حاسم. توجد مخزونات طوارئ قادرة على دعم ما يصل إلى مليون شخص، لكن هناك فجوة تمويلية حرجة تُقدّر كلفة سدها لفترة أسبوعين إلى أربعة أسابيع بنحو 64 مليون دولار بما يشمل المساعدة النقدية، على أن تُناقش مع المانحين لضمان التموضع المسبق للمواد الأساسية. وعلى خط الإمداد، يجري تحديث لوائح الموردين وتمرين محاكاة لتحديد الاختناقات، بما في ذلك ازدحام المرافئ وسبل تسريع التخليص الجمركي للشحنات الإنسانية. وفي ملف الإيواء، جرى تجميع لوائح مواقع الإيواء الجماعي السابقة، مع التأكيد أن مسؤولية اعتماد لوائح المراكز في الطوارئ تبقى على عاتق الدولة. أما التقييمات السريعة فيجري تكييف أدواتها مع تحدٍ ثابت يتمثل في صعوبة قياس احتياجات من هم خارج مراكز الإيواء.
وفي ختام الصورة العامة، تكتسب الملاحظات الإقليمية معنى إضافيًا لأنها تُحوّل السيناريو من خريطة وطنية إلى قلق محلي ملموس. في بيروت وجبل لبنان، تبرز فجوات ترتبط بنقص مخزون الطوارئ وبقدرات بعض الشركاء، وبالحاجة إلى تبسيط هيكل التنسيق وقنوات التواصل، ومراجعة مفهوم المناطق الآمنة وتأكيد مراكز الإيواء الجماعي من أجل تخطيط واقعي، وتحسين جمع البيانات والوصول إلى معلومات دقيقة ومحدثة، مع تحدي الوصول إلى الفئات والمناطق الأكثر هشاشة. وعلى مستوى العمل مع السلطات المحلية، يجري الانخراط في نقاشات حول الجهوزية والتخطيط لاجتماعات متابعة وتحديث معلومات المخزون والقدرة والتمويل. وفي المقابل، تُطلب من المستوى الوطني خطوات عملية تتعلق بتجميع لوائح الاتصال وتحديثها لجميع هيئات التنسيق ونقاط الطوارئ، وتقديم إرشادات واضحة حول بروتوكولات الوصول، ورسم خريطة شاملة لقدرات الشركاء عبر المناطق، وتوضيح كيفية عمل آليات التنسيق الوطنية أثناء الطوارئ، إضافة إلى دعم في الحصول على توجيهات تتصل بخيارات الإيواء لغير اللبنانيين.
في حال اندلاع الحرب.. ما السيناريوهات التي تنتظر اللبنانيين؟

في بلد يعيش على إيقاع التوتر الإقليمي والتقلب الداخلي، تُصبح الأشهر الستة المقبلة مساحة اختبار أكثر منها مساحة توقع. حتى آذار 2026، تُرسم ثلاثة مسارات محتملة للبنان انطلاقًا من واقع يتضمن مأزقًا مستمرًا في ملف نزع السلاح وبيئة أمنية هشة، وتدهورًا اقتصاديًا متصاعدًا مع شلل في الحوكمة، وتوترات عابرة للحدود مع قابلية عالية للاهتزاز، أو انفجار داخلي يُعقد الوصول الإنساني. هذه ليست مجرد توقعات نظرية، بل هي مسارات تم طرحها في اجتماع تنسيقي حديث للجهات الإنسانية في لبنان، كجزء من التحضير لخطة الاستجابة للعام المقبل. فما هي السيناريوهات التي تنتظر هذا البلد الذي لا يزال يقبع تحت شبح الحرب المتجددة؟
3 سيناريوهات ترسم صورة المرحلة المقبلة
الصورة الأولى تقوم على استمرار الوضع القائم لفترة أطول. سياسيًا وأمنيًا لا تغييرات كبيرة، والمسار المتعثر يبقى على حاله، بينما تتعمق الأزمة الاقتصادية في ظل غياب إصلاحات ومساعدات خارجية كافية. على الأرض يترجم ذلك باحتياجات مرتفعة مستمرة، مع تقدير احتمال نزوح يصل إلى نحو 250 ألف شخص، وبوصول إنساني يبقى محدود التعقيد لكنه قابل للإدارة نسبيًا، وسط توترات محلية وتنافس على الموارد واستمرار ضغط الوافدين من سوريا على الخدمات، فالمشهد يؤكّد أنّ عودة السوريين كانت جزئية، إذ إنّ الأغلب غادر مع عائلاته وعاد من دونها، حيث يتم تحويل الاموال من لبنان إلى دمشق.
الصورة الثانية هي سيناريو التصعيد الخارجي، وهي الأكثر حدة على مستوى النزوح والبنية التحتية والوصول. هنا تتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية لتطال الجنوب ومواقع استراتيجية على نطاق وطني، مع تدمير واسع ونزوح وانهيار في بعض شبكات البنية التحتية. وتظهر في هذا المسار عوامل تفجيرية مرتبطة بديناميات إقليمية مثل تداعيات مسار غزة أو تصعيد إسرائيل وإيران أو حوادث على الحدود، بما يفتح الباب أمام مواجهة كبيرة تتجاوز قدرة الاحتواء. إنسانيًا، سيرتفع سقف النزوح المحتمل إلى حدود 900 ألف شخص مع ضغط هائل على المراكز والخدمات، وأضرار واسعة على شبكات الصحة والمياه والكهرباء، وتقييد شديد للحركة قد يصل إلى حد الحاجة لممرات إنسانية، مع ارتفاع مخاطر الحماية وتسييس المساعدة وشح الموارد.
الصورة الثالثة تتصل بتصعيد داخلي، حيث يُدفع العنف من الداخل عبر صدمات سياسية أو توترات طائفية كبرى، مع تراجع سيطرة الدولة وعودة قوى محلية مسلحة وحوكمة مناطقية، واحتمال تفتت جغرافي على خطوط الانقسام. في هذا المسار، النزوح كبير لكنه يأخذ شكل تمركز على حدود الانقسامات، مع زيادة العنف ضد المدنيين والنازحين،وتحوّل المساعدات إلى هدف للاستغلال أو التحويل، إضافة إلى انهيار اقتصادي أوسع ونقص حاد في الأساسيات، واحتمال تدخل جهات إقليمية مما يزيد عدم الاستقرار.
بين هذه الصور، الملاحظة المفصلية أن المشهد متقلب وأن السيناريو الأول قد يبدو الأقرب على المدى القصير لكنه غير قابل للاستدامة، وأن الجمود الطويل يرفع احتمال الانزلاق إلى السيناريوهين الثاني أو الثالث أو الانتقال السريع بينهما. كما أن التصعيد الخارجي والتصعيد الداخلي قد يتداخلان، إذ يمكن للأول أن يفتح الباب للثاني وبالعكس، مع مستوى ثقة منخفض في دقة التوقعات وإمكانية تذبذب مفاجئ بين التصعيد والهدوء المؤقت أو الاضطراب الداخلي.
لهذا تُبنى الجهوزية كخطة تشغيل لا كعنوان. ضمن اعتبارات الاستعداد للسيناريوهين الأكثر خطورة، يبرز توسيع التموضع المسبق للمساعدات خارج المراكز التقليدية لتسهيل عمليات عبر خطوط تماس محتملة، وتعديل استراتيجيات الإيواء والاستجابة وفق أنماط نزوح متحركة، وتوسيع التنسيق مع الجيش واليونيفيل والسلطات المعنية وجهات محلية قد يتبدل وزنها إذا ضعفت بنى الدولة، وإعادة تفعيل وتوسيع نظام الإبلاغ الإنساني عن التحركات في الجنوب والشمال، والتفاوض على الوصول لتقييمات احتياجات مستقلة مع دمج البيانات المتاحة من الشركاء، وتعزيز تقاسم الموارد لضمان استمرارية التشغيل في ظروف عالية المخاطر.
في الخلفية، يظهر عنصر الوقت كعامل حاسم. توجد مخزونات طوارئ قادرة على دعم ما يصل إلى مليون شخص، لكن هناك فجوة تمويلية حرجة تُقدّر كلفة سدها لفترة أسبوعين إلى أربعة أسابيع بنحو 64 مليون دولار بما يشمل المساعدة النقدية، على أن تُناقش مع المانحين لضمان التموضع المسبق للمواد الأساسية. وعلى خط الإمداد، يجري تحديث لوائح الموردين وتمرين محاكاة لتحديد الاختناقات، بما في ذلك ازدحام المرافئ وسبل تسريع التخليص الجمركي للشحنات الإنسانية. وفي ملف الإيواء، جرى تجميع لوائح مواقع الإيواء الجماعي السابقة، مع التأكيد أن مسؤولية اعتماد لوائح المراكز في الطوارئ تبقى على عاتق الدولة. أما التقييمات السريعة فيجري تكييف أدواتها مع تحدٍ ثابت يتمثل في صعوبة قياس احتياجات من هم خارج مراكز الإيواء.
وفي ختام الصورة العامة، تكتسب الملاحظات الإقليمية معنى إضافيًا لأنها تُحوّل السيناريو من خريطة وطنية إلى قلق محلي ملموس. في بيروت وجبل لبنان، تبرز فجوات ترتبط بنقص مخزون الطوارئ وبقدرات بعض الشركاء، وبالحاجة إلى تبسيط هيكل التنسيق وقنوات التواصل، ومراجعة مفهوم المناطق الآمنة وتأكيد مراكز الإيواء الجماعي من أجل تخطيط واقعي، وتحسين جمع البيانات والوصول إلى معلومات دقيقة ومحدثة، مع تحدي الوصول إلى الفئات والمناطق الأكثر هشاشة. وعلى مستوى العمل مع السلطات المحلية، يجري الانخراط في نقاشات حول الجهوزية والتخطيط لاجتماعات متابعة وتحديث معلومات المخزون والقدرة والتمويل. وفي المقابل، تُطلب من المستوى الوطني خطوات عملية تتعلق بتجميع لوائح الاتصال وتحديثها لجميع هيئات التنسيق ونقاط الطوارئ، وتقديم إرشادات واضحة حول بروتوكولات الوصول، ورسم خريطة شاملة لقدرات الشركاء عبر المناطق، وتوضيح كيفية عمل آليات التنسيق الوطنية أثناء الطوارئ، إضافة إلى دعم في الحصول على توجيهات تتصل بخيارات الإيواء لغير اللبنانيين.











