هل تشارك القوة الجوية في المواجهة المقبلة؟… لا تمويل أميركي “للتعايش” بين الجيش والحزب

الكاتب: امل شموني | المصدر: نداء الوطن
22 كانون الأول 2025

تكثف الولايات المتحدة مطالبها بنزع سلاح “حزب الله”، موضحةً أن مستقبل علاقات لبنان مع واشنطن مرهون بالالتزام بمواعيد تجريد “الحزب” من أسلحته. فخلال الأسبوع الماضي، صعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجتها من خلال تصريحات رئاسية قوية، إضافة إلى مواقف بارزة لوزير الخارجية ماركو روبيو، وإشارات صريحة من الكونغرس. وكانت الرسالة الأساسية: ستُحاسب الحكومة اللبنانية إذا تعثر التقدّم في نزع السلاح.

ويتعامل المسؤولون الأميركيون الآن مع المواعيد المحددة لنزع سلاح “حزب الله” كمبدأ أساسي في سياسة واشنطن تجاه لبنان، بدلًا من كونه مجرد هدف بعيد قد يتحقق. ويشير الإجماع الناشئ في دوائر الإدارة والكونغرس إلى أن عدم الالتزام بهذه المواعيد سيؤدي إلى مرحلة جديدة من الضغط، بما في ذلك الجيش اللبناني والضمانات الدولية التي ساهمت حتى الآن في منع حرب أوسع نطاقًا مع إسرائيل.

ويصف مسؤولون أميركيون بأن نزع السلاح غير الشرعي وبسط سيادة الدولة “غير قابلين للتفاوض”، وأنه أصبحا الآن “جزءًا لا يتجزأ من كل مكالمة هاتفية أميركية مع بيروت وكل اجتماع مع الإسرائيليين والفرنسيين”. ويقول دبلوماسي سابق إنه من الواضح أن عصر التظاهر بإمكانية وجود دولة لبنانية ذات سيادة وجيش متعايش مع “حزب الله” في الوقت نفسه قد انتهى؛ وسوف تتوقف الإدارة عن تمويل هذه الخرافة (fiction)”.

ففي خطابه بمناسبة عيد “الحانوكا” الأسبوع الماضي، أدرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبنان بشكل مباشر في سياق أوسع يتعلق بمواجهة الميليشيات المدعومة من إيران ومنع هجوم مفاجئ آخر على غرار هجوم 7 تشرين الأول ضد إسرائيل. وصوّر في حديثه أمام جمهور مؤيد لإسرائيل، نزع سلاح “حزب الله” على أنه اختبار لعزيمة المجتمع الغربي، متعهدًا بأن الولايات المتحدة “لن تسمح لجيش إرهابي آخر بالجلوس على حدود إسرائيل وبناء الصواريخ والأنفاق بينما يتجاهل العالم ذلك”.

وردد ترامب آراء مستشاريه للأمن القومي من خلال ربط الإنذار الموجه إلى لبنان بالدروس المستفادة من صعود حماس في غزة، قائلاً: “درس السنوات العشرين الماضية بسيط للغاية: عندما يقول الإرهابيون إنهم يتسلحون للحرب، صدقوهم، وقوموا بتفكيكهم قبل أن يضربوا”. وقد علّق مصدر في البيت الأبيض بأن خطاب ترامب بمناسبة عيد “الحانوكا” كان مُصممًا بعناية لترسيخ مبدأ نزع سلاح “حزب الله” في لبنان، وطمأنة إسرائيل إلى أن “المهلة الزمنية حقيقية” بالنسبة لبيروت.

كذلك، استغل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مؤتمره الصحافي المطوّل لتوضيح المزيد من التفاصيل العملية لهذا الموقف، حيث حدد مزيجًا أكثر صرامة من المساعدات المشروطة والإشراف متعدد الأطراف بهدف إخضاع أسلحة “حزب الله” لسيطرة الدولة اللبنانية. وصوّر روبيو نزع سلاح “الحزب” كهدف أميركي أساسي، على قدم المساواة مع الدفاع عن إسرائيل من إطلاق الصواريخ وكبح شبكة إيران الإقليمية، مؤكدًا أن “الدعم الأميركي للمؤسسات اللبنانية سيرتبط من الآن فصاعدًا بإحراز تقدّم ملموس في تفكيك الأجنحة المسلحة للجماعات المدعومة من إيران، بدءًا من حزب الله”.

كما اعتمد روبيو بشكل كبير على “آلية الميكانيزم 2.0” الأميركية الفرنسية الخاصة بإسرائيل ولبنان، معتبرًا إياها الأداة الرئيسية للتحقق مما إذا كانت بيروت تنفذ التزاماتها على أرض الواقع. وأشار إلى أن واشنطن تتوقع الآن من الجيش اللبناني إكمال المرحلة الأولى من مهمة نزع السلاح جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية عام 2025، محذرًا من أنه “إذا لم نتمكن من التصديق على إجراءات موثوقة من قبل القوات المسلحة اللبنانية، فسيتعين علينا إعادة تقييم طبيعة ونطاق دعمنا”.

في الكونغرس والبنتاغون، كرّس قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، الذي تم إقراره مؤخرًا، بعض هذه “التهديدات” من خلال ربط المساعدات المستقبلية للجيش اللبناني بشكل أكثر وضوحًا باستعداد القوات المسلحة اللبنانية وقدرتها على العمل ضد “حزب الله”. ويُلزم القانون البنتاغون والقيادة المركزية الأميركية بوضع معايير لقياس تقدّم الجيش اللبناني في نزع سلاح “الحزب”، وتحديد خيارات لتعليق المساعدات إذا اعتُبر الجيش “غير راغب في العمل” ضد “الحزب”.

ويقول مسؤولون في وزارة الحرب وموظفون في الكونغرس إن شرط تقديم التقارير هذا مُصمم لسد الفجوة بين الخطاب العام والواقع وهو ما سيؤمن مقاييس تنظيمية واضحة متسقة مع النتائج المرتبطة بالأهداف الاستراتيجية. وكما يقول أحد كبار المساعدين التشريعيين: “لسنوات، كنا نعتبر الجيش اللبناني شريكًا في مكافحة “حزب الله”، بينما كنا نُصمم برامج تتجنب أي مواجهة معه؛ هذا القانون يُجبر البيروقراطية الأميركية على الاعتراف بما إذا كان الجيش اللبناني منخرطًا فعليًا في هذا الأمر أم لا”.

وعلى خط متوازٍ، دفع السيناتور ليندسي غراهام، المعروف بمواقفه المتشددة ضد “الحزب”، النقاش إلى مستوى جديد الأسبوع الماضي بتصريحات صريحة غير معتادة حول التخطيط المشترك لحالات الطوارئ لنزع أسلحة “الحزب” الثقيلة بالقوة إذا لم يمتثل طواعيةً لأوامر الحكومة اللبنانية.

وقال غراهام إنه سيقترح علنًا وبصراحة خطة عسكرية للتدخل ومصادرة أسلحة “حزب الله” إذا لم ينزع سلاحه، كما طلبت منه الحكومة اللبنانية، في موعد محدد خلال العام المقبل. وأضاف “أعتقد أن من مصلحتنا الأمنية القومية مساعدة إسرائيل والجيش اللبناني على تفكيك “حزب الله”. لقد تلطخت أيديهم بدماء أميركيين أكثر من “حماس”. لا أتحدث عن قوات برية، بل أتحدث عن استخدام القوة الجوية الأميركية كما فعلنا مع إيران”.

لم يتبنَ مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية تصريحات غراهام العلنية بشأن عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والجيش اللبناني، لكنهم لم يدينوها أيضًا، بل اعتبروها بمثابة رسالة مفيدة موجهة إلى كل من “حزب الله” والسياسيين اللبنانيين.

لكن خلف الكواليس، أشارت مصادر أميركية إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين والفرنسيين والسعوديين أمضوا الأسبوع الماضي في محاولة لمنع مسار نزع السلاح من الانهيار تحت وطأة “نفاد صبر إسرائيل وتردد لبنان”. فقد هدفت الجولة الأخيرة من محادثات “الميكانيزم” بالإضافة إلى التخطيط لعقد مؤتمر للمانحين لدعم الجيش اللبناني، إلى تزويد بيروت بالموارد والغطاء السياسي اللازمين للضغط على “الحزب” بشكل أكبر، مع إظهار إسرائيل أن هناك بديلًا جادًا تقوده الدولة للحرب الشاملة.

مع ذلك، يقول مسؤول أميركي سابق إن النخب اللبنانية لا تزال منقسمة حول مدى وسرعة التقدم في هذا المسار، وما إذا كان “نزع السلاح” يعني نزع السلاح الكامل لـ “حزب الله” على المستوى الوطني، أم التركيز بشكل محدود على الحدود. يقول مصدر مسؤول في الخزانة الأميركية لـ “نداء الوطن” إن واشنطن لم تعد مستعدة لقبول الصيغة القديمة المتمثلة في احتواء “حزب الله” في الجنوب مع التسامح مع بنيته التحتية شبه العسكرية في أماكن أخرى، وهي مُصرّة على أن التفويض المطلق للجيش اللبناني هو في نزع سلاح “الحزب” في جميع أنحاء لبنان.

من هنا بالنسبة إلى الحكومة اللبنانية، فإن الإشارات الصادرة من واشنطن هذا الأسبوع تُضيّق هامش المناورة في عام 2026. إذ يشير مزيج الخطاب المتشدد العلني لترامب، وشروط روبيو، وحديث غراهام عن القوة الجوية الأميركية، ولغة قانون تفويض الدفاع الوطني الجديد، إلى أن الصبر على التوازن القديم – أموال غربية لدولة ضعيفة تتعايش مع ميليشيا قوية – قد نفد تقريبًا.

ويلخص دبلوماسي أميركي سابق الوضع قائلًا: “قَبِل لبنان من خلال موافقة كبار مسؤوليه (بري وميقاتي) ومسؤولين من “حزب الله” نزع سلاح “الحزب”؛ الآن عليهم أن يثبتوا أنهم جادون، وإلا فلا يتفاجأوا إذا تحركت إسرائيل وجهات أخرى لإنجاز ذلك”. في الوقت الحالي، يحاول الرئيس جوزاف عون التوفيق بين تجنب الصراع الأهلي وإقناع واشنطن بأن وعود بيروت بشأن “حزب الله” حقيقية – لكن رسائل هذا الأسبوع من العاصمة الأميركية تُوضح أن صبر واشنطن، والوقت المتاح، ينفدان.

هل تشارك القوة الجوية في المواجهة المقبلة؟… لا تمويل أميركي “للتعايش” بين الجيش والحزب

الكاتب: امل شموني | المصدر: نداء الوطن
22 كانون الأول 2025

تكثف الولايات المتحدة مطالبها بنزع سلاح “حزب الله”، موضحةً أن مستقبل علاقات لبنان مع واشنطن مرهون بالالتزام بمواعيد تجريد “الحزب” من أسلحته. فخلال الأسبوع الماضي، صعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجتها من خلال تصريحات رئاسية قوية، إضافة إلى مواقف بارزة لوزير الخارجية ماركو روبيو، وإشارات صريحة من الكونغرس. وكانت الرسالة الأساسية: ستُحاسب الحكومة اللبنانية إذا تعثر التقدّم في نزع السلاح.

ويتعامل المسؤولون الأميركيون الآن مع المواعيد المحددة لنزع سلاح “حزب الله” كمبدأ أساسي في سياسة واشنطن تجاه لبنان، بدلًا من كونه مجرد هدف بعيد قد يتحقق. ويشير الإجماع الناشئ في دوائر الإدارة والكونغرس إلى أن عدم الالتزام بهذه المواعيد سيؤدي إلى مرحلة جديدة من الضغط، بما في ذلك الجيش اللبناني والضمانات الدولية التي ساهمت حتى الآن في منع حرب أوسع نطاقًا مع إسرائيل.

ويصف مسؤولون أميركيون بأن نزع السلاح غير الشرعي وبسط سيادة الدولة “غير قابلين للتفاوض”، وأنه أصبحا الآن “جزءًا لا يتجزأ من كل مكالمة هاتفية أميركية مع بيروت وكل اجتماع مع الإسرائيليين والفرنسيين”. ويقول دبلوماسي سابق إنه من الواضح أن عصر التظاهر بإمكانية وجود دولة لبنانية ذات سيادة وجيش متعايش مع “حزب الله” في الوقت نفسه قد انتهى؛ وسوف تتوقف الإدارة عن تمويل هذه الخرافة (fiction)”.

ففي خطابه بمناسبة عيد “الحانوكا” الأسبوع الماضي، أدرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبنان بشكل مباشر في سياق أوسع يتعلق بمواجهة الميليشيات المدعومة من إيران ومنع هجوم مفاجئ آخر على غرار هجوم 7 تشرين الأول ضد إسرائيل. وصوّر في حديثه أمام جمهور مؤيد لإسرائيل، نزع سلاح “حزب الله” على أنه اختبار لعزيمة المجتمع الغربي، متعهدًا بأن الولايات المتحدة “لن تسمح لجيش إرهابي آخر بالجلوس على حدود إسرائيل وبناء الصواريخ والأنفاق بينما يتجاهل العالم ذلك”.

وردد ترامب آراء مستشاريه للأمن القومي من خلال ربط الإنذار الموجه إلى لبنان بالدروس المستفادة من صعود حماس في غزة، قائلاً: “درس السنوات العشرين الماضية بسيط للغاية: عندما يقول الإرهابيون إنهم يتسلحون للحرب، صدقوهم، وقوموا بتفكيكهم قبل أن يضربوا”. وقد علّق مصدر في البيت الأبيض بأن خطاب ترامب بمناسبة عيد “الحانوكا” كان مُصممًا بعناية لترسيخ مبدأ نزع سلاح “حزب الله” في لبنان، وطمأنة إسرائيل إلى أن “المهلة الزمنية حقيقية” بالنسبة لبيروت.

كذلك، استغل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مؤتمره الصحافي المطوّل لتوضيح المزيد من التفاصيل العملية لهذا الموقف، حيث حدد مزيجًا أكثر صرامة من المساعدات المشروطة والإشراف متعدد الأطراف بهدف إخضاع أسلحة “حزب الله” لسيطرة الدولة اللبنانية. وصوّر روبيو نزع سلاح “الحزب” كهدف أميركي أساسي، على قدم المساواة مع الدفاع عن إسرائيل من إطلاق الصواريخ وكبح شبكة إيران الإقليمية، مؤكدًا أن “الدعم الأميركي للمؤسسات اللبنانية سيرتبط من الآن فصاعدًا بإحراز تقدّم ملموس في تفكيك الأجنحة المسلحة للجماعات المدعومة من إيران، بدءًا من حزب الله”.

كما اعتمد روبيو بشكل كبير على “آلية الميكانيزم 2.0” الأميركية الفرنسية الخاصة بإسرائيل ولبنان، معتبرًا إياها الأداة الرئيسية للتحقق مما إذا كانت بيروت تنفذ التزاماتها على أرض الواقع. وأشار إلى أن واشنطن تتوقع الآن من الجيش اللبناني إكمال المرحلة الأولى من مهمة نزع السلاح جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية عام 2025، محذرًا من أنه “إذا لم نتمكن من التصديق على إجراءات موثوقة من قبل القوات المسلحة اللبنانية، فسيتعين علينا إعادة تقييم طبيعة ونطاق دعمنا”.

في الكونغرس والبنتاغون، كرّس قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، الذي تم إقراره مؤخرًا، بعض هذه “التهديدات” من خلال ربط المساعدات المستقبلية للجيش اللبناني بشكل أكثر وضوحًا باستعداد القوات المسلحة اللبنانية وقدرتها على العمل ضد “حزب الله”. ويُلزم القانون البنتاغون والقيادة المركزية الأميركية بوضع معايير لقياس تقدّم الجيش اللبناني في نزع سلاح “الحزب”، وتحديد خيارات لتعليق المساعدات إذا اعتُبر الجيش “غير راغب في العمل” ضد “الحزب”.

ويقول مسؤولون في وزارة الحرب وموظفون في الكونغرس إن شرط تقديم التقارير هذا مُصمم لسد الفجوة بين الخطاب العام والواقع وهو ما سيؤمن مقاييس تنظيمية واضحة متسقة مع النتائج المرتبطة بالأهداف الاستراتيجية. وكما يقول أحد كبار المساعدين التشريعيين: “لسنوات، كنا نعتبر الجيش اللبناني شريكًا في مكافحة “حزب الله”، بينما كنا نُصمم برامج تتجنب أي مواجهة معه؛ هذا القانون يُجبر البيروقراطية الأميركية على الاعتراف بما إذا كان الجيش اللبناني منخرطًا فعليًا في هذا الأمر أم لا”.

وعلى خط متوازٍ، دفع السيناتور ليندسي غراهام، المعروف بمواقفه المتشددة ضد “الحزب”، النقاش إلى مستوى جديد الأسبوع الماضي بتصريحات صريحة غير معتادة حول التخطيط المشترك لحالات الطوارئ لنزع أسلحة “الحزب” الثقيلة بالقوة إذا لم يمتثل طواعيةً لأوامر الحكومة اللبنانية.

وقال غراهام إنه سيقترح علنًا وبصراحة خطة عسكرية للتدخل ومصادرة أسلحة “حزب الله” إذا لم ينزع سلاحه، كما طلبت منه الحكومة اللبنانية، في موعد محدد خلال العام المقبل. وأضاف “أعتقد أن من مصلحتنا الأمنية القومية مساعدة إسرائيل والجيش اللبناني على تفكيك “حزب الله”. لقد تلطخت أيديهم بدماء أميركيين أكثر من “حماس”. لا أتحدث عن قوات برية، بل أتحدث عن استخدام القوة الجوية الأميركية كما فعلنا مع إيران”.

لم يتبنَ مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية تصريحات غراهام العلنية بشأن عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والجيش اللبناني، لكنهم لم يدينوها أيضًا، بل اعتبروها بمثابة رسالة مفيدة موجهة إلى كل من “حزب الله” والسياسيين اللبنانيين.

لكن خلف الكواليس، أشارت مصادر أميركية إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين والفرنسيين والسعوديين أمضوا الأسبوع الماضي في محاولة لمنع مسار نزع السلاح من الانهيار تحت وطأة “نفاد صبر إسرائيل وتردد لبنان”. فقد هدفت الجولة الأخيرة من محادثات “الميكانيزم” بالإضافة إلى التخطيط لعقد مؤتمر للمانحين لدعم الجيش اللبناني، إلى تزويد بيروت بالموارد والغطاء السياسي اللازمين للضغط على “الحزب” بشكل أكبر، مع إظهار إسرائيل أن هناك بديلًا جادًا تقوده الدولة للحرب الشاملة.

مع ذلك، يقول مسؤول أميركي سابق إن النخب اللبنانية لا تزال منقسمة حول مدى وسرعة التقدم في هذا المسار، وما إذا كان “نزع السلاح” يعني نزع السلاح الكامل لـ “حزب الله” على المستوى الوطني، أم التركيز بشكل محدود على الحدود. يقول مصدر مسؤول في الخزانة الأميركية لـ “نداء الوطن” إن واشنطن لم تعد مستعدة لقبول الصيغة القديمة المتمثلة في احتواء “حزب الله” في الجنوب مع التسامح مع بنيته التحتية شبه العسكرية في أماكن أخرى، وهي مُصرّة على أن التفويض المطلق للجيش اللبناني هو في نزع سلاح “الحزب” في جميع أنحاء لبنان.

من هنا بالنسبة إلى الحكومة اللبنانية، فإن الإشارات الصادرة من واشنطن هذا الأسبوع تُضيّق هامش المناورة في عام 2026. إذ يشير مزيج الخطاب المتشدد العلني لترامب، وشروط روبيو، وحديث غراهام عن القوة الجوية الأميركية، ولغة قانون تفويض الدفاع الوطني الجديد، إلى أن الصبر على التوازن القديم – أموال غربية لدولة ضعيفة تتعايش مع ميليشيا قوية – قد نفد تقريبًا.

ويلخص دبلوماسي أميركي سابق الوضع قائلًا: “قَبِل لبنان من خلال موافقة كبار مسؤوليه (بري وميقاتي) ومسؤولين من “حزب الله” نزع سلاح “الحزب”؛ الآن عليهم أن يثبتوا أنهم جادون، وإلا فلا يتفاجأوا إذا تحركت إسرائيل وجهات أخرى لإنجاز ذلك”. في الوقت الحالي، يحاول الرئيس جوزاف عون التوفيق بين تجنب الصراع الأهلي وإقناع واشنطن بأن وعود بيروت بشأن “حزب الله” حقيقية – لكن رسائل هذا الأسبوع من العاصمة الأميركية تُوضح أن صبر واشنطن، والوقت المتاح، ينفدان.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار