دمشق قلقة ومستاءة: ضباط الأسد في لبنان وروسيا يدبّرون مؤامرة

على خطوط متعرجة، تسير العلاقات السورية اللبنانية. يغلبها الكثير من الريبة، الشك، والحسابات المضمرة. لا توحي الأجواء بانتهاز الجانبين الفرصة التاريخية المتاحة لإقامة علاقات جدية وجيدة. ينظر لبنان إلى سوريا بقلق. بينما هي تنظر إليه كمساحة تتقاطع فيها حسابات غالبية معارضي دمشق في هذه المرحلة. هناك محاولات وضغوط عربية ودولية مكثفة لأجل ترتيب العلاقات ونقلها إلى مستوىً جديد مبني على المؤسسات وعلى إنتاج الثقة، لكنها تبدو متعثرة، وسط محاولات أخرى لإبقاء حالة الشرخ أو التشكيك أو الخوف المتبادل. على الرغم من ذلك كله، تتواصل الاتصالات والزيارات بين البلدين من قبل المسؤولين لكن من دون تحقيق نتائج فعلية.
دمشق تطالب لبنان بالتعاون
بمعزل عن التفاصيل التقنية أو الإجرائية للاتفاقات التي يمكن للبلدين إبرامها، فإن المشكلات العالقة بينهما كبيرة جداً، إن كان في ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، أو في ملف الضباط السوريين المحسوبين على نظام بشار الأسد، وتبدي السلطة الجديدة في دمشق الخوف منهم ومن أي تحركات قد يقدمون عليها. في المقابل، فإن لبنان يطالب دمشق بالكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين والتعاون في سبيل كشف مصير الكثير من المتهمين بارتكاب جرائم في لبنان، سبق للمسؤولين السوريين الجدد أن أبلغوا المسؤولين اللبنانيين بعدم توفر معلومات لديهم عن هؤلاء المتهمين، لأن الداتا الكاملة بحوزة ضباط نظام الأسد الذين غادروا سوريا يوم سقوط النظام.
آلاف الضباط
آلية التفاوض اللبناني مع سوريا، تعتبرها دمشق محاولة لتعقيد مسار تطوير العلاقة، وهي تربط تطوير هذه العلاقات بتحقيق انفراج في ملف الموقوفين، وهذا ما سيفتح الباب أمام تطوير العلاقات الديبلوماسية والبحث في مشاريع استثمارية واقتصادية مشتركة. تلك الآلية اللبنانية، دفعت سوريا إلى تمرير رسائل عديدة تشير إلى اعتراضها على إقامة آلاف الضباط السوريين المحسوبين على نظام الأسد وأبرزهم من قوات النخبة في الفرقة الرابعة، على الأراضي اللبنانية، وبعضهم يقيمون ضمن مجمعات أو مخيمات، وسط اتهامات سورية بأنهم تلقوا تدريبات عسكرية وبالإمكان تحركهم في أي لحظة ضد السلطة السورية الجديدة.
لقاءات المعارضين في بيروت
يبقى الخوف السوري قائماً، من تحول لبنان إلى ساحة هدفها ضرب سوريا أو المساهمة في إضعاف “مركزية” السلطة في دمشق، في ظل تنامي المطالبات لدى مجموعات سورية بتوسيع اللامركزية المالية والإدارية، أو باعتماد “الفيدرالية” أو الأقاليم الذاتية. وما تراقبه دمشق، هو معلومات كثيرة تحدثت عن لقاءات وتحركات أجريت في لبنان بين قوات سوريا الديمقراطية، وضباط من النظام السابق وهم من منطقة الساحل السوري، إضافة إلى شخصيات درزية معارضة لأحمد الشرع ومؤيدة لمبدأ “إقامة منطقة حكم ذاتي في السويداء”. كما أن هذه المجموعات عقدت لقاءات مع جهات ديبلوماسية غربية وأوروبية بالتحديد.
لوائح بالأسماء
في سياق هذه العلاقة المعقدة، والخوف المتبادل، برزت زيارات مسؤولين أمنيين سوريين إلى بيروت، عملوا على تسليم المسؤولين اللبنانيين لوائح بأسماء الضباط المحسوبين على الأسد والذين يقيمون في لبنان، وتتضمن اللوائح تحذيراً من إمكانية استخدام هؤلاء الضباط الأراضي اللبنانية لتشكيل أي خطر يهدد استقرار سوريا أو التحضير لأي تحركات قد تتزامن مع تحركات في الداخل السوري، وقد تكون تحركات متزامنة بين الساحل، شمال شرق سوريا والسويداء لأجل إضعاف سلطة دمشق وإبعاد سيطرتها على هذه المساحات الواسعة، أو الوصول إلى درجة إسقاط أحمد الشرع.
تسليمهم أو ترحيلهم
عملياً، تطالب دمشق بضرورة ضبط “وجود” الضباط السوريين المحسوبين على الأسد في لبنان وضبط حركتهم بشكل كامل، ولكن لاحقاً فقد تتجه إلى مطالبة السلطات اللبنانية بتسليمهم إليها، علماً أن ذلك سيواجه بصعوبة كبيرة لأنه أولاً يحتاج إلى قرار سياسي كبير من غير المعروف إمكانية توفره، وثانياً يحتاج إلى التعامل بحزم على المستوى الأمني والعسكري وهذا يمكنه أن يدخل لبنان بمشكلة كبرى. وبحال لم يتمكن لبنان من تسليم هؤلاء أو أبرز الضباط ولا سيما الذين لعبوا في السابق دوراً أساسياً خلال الأحداث في سوريا ومن الممكن أن يكون لديهم تأثير على تنظيم المجموعات حالياً، فإن دمشق ستطالب بترحيلهم من لبنان وهو أمر سيكون صعباً على الدولة اللبنانية، عندها ستدخل العلاقات اللبنانية السورية في منحىً خطير يزيد المخاوف والالتباس.
الطمأنة التركية
هذه الوقائع تدفع سوريا إلى الخوف من أي تطور قد يطرأ عليها انطلاقاً من الحدود اللبنانية، وهي ستبحث عن كل الظروف الممكنة لإزالة هذا الخطر. ولكن على خط مواز، تنشط جهات عديدة في سبيل منع حصول أي توتر وإزالة كل المخاطر، والوصول إلى تطمينات متبادلة، سواء من خلال اللقاءات السورية اللبنانية، أو من خلال محاولات تعمل عليها جهات إقليمية عديدة أبرزها تركيا لطمأنة حزب الله من عدم إقدام سوريا على أي تحرك ضده، مقابل التزامه باستقرار سوريا وعدم تحريك أي مجموعات ضدها سواء من داخل لبنان أو في الساحل السوري.
توجيهات من الداخل الروسي
في ظل هذه الوقائع، برزت حادثة اختطاف وتصفية أحد الضباط السابقين المحسوبين على نظام الأسد ومن القوات التابعة لسهيل الحسن. هي حادثة بغض النظر عن تفاصيلها لكنها تفتح الباب أمام مسار أمني خطر يركز الأنظار أكثر على البعد الأمني لهؤلاء الضباط في لبنان، علماً أن سوريا تشكك دوماً بوجود ضباط تابعين للأسد في روسيا يتواصلون مع ضباط سوريين في لبنان ويعطونهم التوجيهات، حتى أنهم يوفرون لهم دعماً مالياً، تحضيراً لأي تحرك قد يشهده الساحل السوري، ومن بين هؤلاء الضباط غياث دلة، الذي يتردد أنه كان في لبنان قبل فترة وغادره، وهو كان أحد الضالعين في أحداث الساحل التي حصلت في شهر آذار الفائت.
تسريبات إسرائيلية وأميركية
كل ذلك لا ينفصل، عن محاولة جهات عديدة التدخل بسوريا، إما لحفظ النفوذ وتوسيعه، وإما لتغيير الوقائع، في السياق، لا يمكن إغفال التسريبات التي تصدر في الصحافة العالمية، سواء عبر رويترز قبل فترة عن وضع الساحل السوري وتجهيز رجل الأعمال رامي مخلوف لمجموعات فيه للتحرك وإخراجه من تحت سيطرة دمشق، أو التسريب الأخير في الواشنطن بوست حول الدور الإسرائيلي في السويداء، وبينهما التحركات المرتبطة بقوات سوريا الديمقراطية. كل هذه التحركات هدفها إضعاف سوريا، لمنعها من أي استقرار سياسي أو اجتماعي، أو للوصول إلى تغيير الوضعية السياسية بالكامل، أو تغيير بنية الدولة السورية، فيما ستسعى دمشق إلى الاستفادة من هذه التسريبات كما من أحداث مختلفة تشهدها الساحة السورية للحصول على دعم عربي ودولي يمكنها من استعادة السيطرة على كل أراضيها.
دمشق قلقة ومستاءة: ضباط الأسد في لبنان وروسيا يدبّرون مؤامرة

على خطوط متعرجة، تسير العلاقات السورية اللبنانية. يغلبها الكثير من الريبة، الشك، والحسابات المضمرة. لا توحي الأجواء بانتهاز الجانبين الفرصة التاريخية المتاحة لإقامة علاقات جدية وجيدة. ينظر لبنان إلى سوريا بقلق. بينما هي تنظر إليه كمساحة تتقاطع فيها حسابات غالبية معارضي دمشق في هذه المرحلة. هناك محاولات وضغوط عربية ودولية مكثفة لأجل ترتيب العلاقات ونقلها إلى مستوىً جديد مبني على المؤسسات وعلى إنتاج الثقة، لكنها تبدو متعثرة، وسط محاولات أخرى لإبقاء حالة الشرخ أو التشكيك أو الخوف المتبادل. على الرغم من ذلك كله، تتواصل الاتصالات والزيارات بين البلدين من قبل المسؤولين لكن من دون تحقيق نتائج فعلية.
دمشق تطالب لبنان بالتعاون
بمعزل عن التفاصيل التقنية أو الإجرائية للاتفاقات التي يمكن للبلدين إبرامها، فإن المشكلات العالقة بينهما كبيرة جداً، إن كان في ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، أو في ملف الضباط السوريين المحسوبين على نظام بشار الأسد، وتبدي السلطة الجديدة في دمشق الخوف منهم ومن أي تحركات قد يقدمون عليها. في المقابل، فإن لبنان يطالب دمشق بالكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين والتعاون في سبيل كشف مصير الكثير من المتهمين بارتكاب جرائم في لبنان، سبق للمسؤولين السوريين الجدد أن أبلغوا المسؤولين اللبنانيين بعدم توفر معلومات لديهم عن هؤلاء المتهمين، لأن الداتا الكاملة بحوزة ضباط نظام الأسد الذين غادروا سوريا يوم سقوط النظام.
آلاف الضباط
آلية التفاوض اللبناني مع سوريا، تعتبرها دمشق محاولة لتعقيد مسار تطوير العلاقة، وهي تربط تطوير هذه العلاقات بتحقيق انفراج في ملف الموقوفين، وهذا ما سيفتح الباب أمام تطوير العلاقات الديبلوماسية والبحث في مشاريع استثمارية واقتصادية مشتركة. تلك الآلية اللبنانية، دفعت سوريا إلى تمرير رسائل عديدة تشير إلى اعتراضها على إقامة آلاف الضباط السوريين المحسوبين على نظام الأسد وأبرزهم من قوات النخبة في الفرقة الرابعة، على الأراضي اللبنانية، وبعضهم يقيمون ضمن مجمعات أو مخيمات، وسط اتهامات سورية بأنهم تلقوا تدريبات عسكرية وبالإمكان تحركهم في أي لحظة ضد السلطة السورية الجديدة.
لقاءات المعارضين في بيروت
يبقى الخوف السوري قائماً، من تحول لبنان إلى ساحة هدفها ضرب سوريا أو المساهمة في إضعاف “مركزية” السلطة في دمشق، في ظل تنامي المطالبات لدى مجموعات سورية بتوسيع اللامركزية المالية والإدارية، أو باعتماد “الفيدرالية” أو الأقاليم الذاتية. وما تراقبه دمشق، هو معلومات كثيرة تحدثت عن لقاءات وتحركات أجريت في لبنان بين قوات سوريا الديمقراطية، وضباط من النظام السابق وهم من منطقة الساحل السوري، إضافة إلى شخصيات درزية معارضة لأحمد الشرع ومؤيدة لمبدأ “إقامة منطقة حكم ذاتي في السويداء”. كما أن هذه المجموعات عقدت لقاءات مع جهات ديبلوماسية غربية وأوروبية بالتحديد.
لوائح بالأسماء
في سياق هذه العلاقة المعقدة، والخوف المتبادل، برزت زيارات مسؤولين أمنيين سوريين إلى بيروت، عملوا على تسليم المسؤولين اللبنانيين لوائح بأسماء الضباط المحسوبين على الأسد والذين يقيمون في لبنان، وتتضمن اللوائح تحذيراً من إمكانية استخدام هؤلاء الضباط الأراضي اللبنانية لتشكيل أي خطر يهدد استقرار سوريا أو التحضير لأي تحركات قد تتزامن مع تحركات في الداخل السوري، وقد تكون تحركات متزامنة بين الساحل، شمال شرق سوريا والسويداء لأجل إضعاف سلطة دمشق وإبعاد سيطرتها على هذه المساحات الواسعة، أو الوصول إلى درجة إسقاط أحمد الشرع.
تسليمهم أو ترحيلهم
عملياً، تطالب دمشق بضرورة ضبط “وجود” الضباط السوريين المحسوبين على الأسد في لبنان وضبط حركتهم بشكل كامل، ولكن لاحقاً فقد تتجه إلى مطالبة السلطات اللبنانية بتسليمهم إليها، علماً أن ذلك سيواجه بصعوبة كبيرة لأنه أولاً يحتاج إلى قرار سياسي كبير من غير المعروف إمكانية توفره، وثانياً يحتاج إلى التعامل بحزم على المستوى الأمني والعسكري وهذا يمكنه أن يدخل لبنان بمشكلة كبرى. وبحال لم يتمكن لبنان من تسليم هؤلاء أو أبرز الضباط ولا سيما الذين لعبوا في السابق دوراً أساسياً خلال الأحداث في سوريا ومن الممكن أن يكون لديهم تأثير على تنظيم المجموعات حالياً، فإن دمشق ستطالب بترحيلهم من لبنان وهو أمر سيكون صعباً على الدولة اللبنانية، عندها ستدخل العلاقات اللبنانية السورية في منحىً خطير يزيد المخاوف والالتباس.
الطمأنة التركية
هذه الوقائع تدفع سوريا إلى الخوف من أي تطور قد يطرأ عليها انطلاقاً من الحدود اللبنانية، وهي ستبحث عن كل الظروف الممكنة لإزالة هذا الخطر. ولكن على خط مواز، تنشط جهات عديدة في سبيل منع حصول أي توتر وإزالة كل المخاطر، والوصول إلى تطمينات متبادلة، سواء من خلال اللقاءات السورية اللبنانية، أو من خلال محاولات تعمل عليها جهات إقليمية عديدة أبرزها تركيا لطمأنة حزب الله من عدم إقدام سوريا على أي تحرك ضده، مقابل التزامه باستقرار سوريا وعدم تحريك أي مجموعات ضدها سواء من داخل لبنان أو في الساحل السوري.
توجيهات من الداخل الروسي
في ظل هذه الوقائع، برزت حادثة اختطاف وتصفية أحد الضباط السابقين المحسوبين على نظام الأسد ومن القوات التابعة لسهيل الحسن. هي حادثة بغض النظر عن تفاصيلها لكنها تفتح الباب أمام مسار أمني خطر يركز الأنظار أكثر على البعد الأمني لهؤلاء الضباط في لبنان، علماً أن سوريا تشكك دوماً بوجود ضباط تابعين للأسد في روسيا يتواصلون مع ضباط سوريين في لبنان ويعطونهم التوجيهات، حتى أنهم يوفرون لهم دعماً مالياً، تحضيراً لأي تحرك قد يشهده الساحل السوري، ومن بين هؤلاء الضباط غياث دلة، الذي يتردد أنه كان في لبنان قبل فترة وغادره، وهو كان أحد الضالعين في أحداث الساحل التي حصلت في شهر آذار الفائت.
تسريبات إسرائيلية وأميركية
كل ذلك لا ينفصل، عن محاولة جهات عديدة التدخل بسوريا، إما لحفظ النفوذ وتوسيعه، وإما لتغيير الوقائع، في السياق، لا يمكن إغفال التسريبات التي تصدر في الصحافة العالمية، سواء عبر رويترز قبل فترة عن وضع الساحل السوري وتجهيز رجل الأعمال رامي مخلوف لمجموعات فيه للتحرك وإخراجه من تحت سيطرة دمشق، أو التسريب الأخير في الواشنطن بوست حول الدور الإسرائيلي في السويداء، وبينهما التحركات المرتبطة بقوات سوريا الديمقراطية. كل هذه التحركات هدفها إضعاف سوريا، لمنعها من أي استقرار سياسي أو اجتماعي، أو للوصول إلى تغيير الوضعية السياسية بالكامل، أو تغيير بنية الدولة السورية، فيما ستسعى دمشق إلى الاستفادة من هذه التسريبات كما من أحداث مختلفة تشهدها الساحة السورية للحصول على دعم عربي ودولي يمكنها من استعادة السيطرة على كل أراضيها.













