الجيش في عين العاصفة الإسرائيليّة

الكاتب: ملاك عقيل | المصدر: اساس ميديا
24 كانون الأول 2025

بدأت دوائر رئاسيّة لبنانيّة تتعامل مع احتمال جدّيّ، تراكمت مؤشّراته بشكل واضح في الأسابيع الماضية، لناحية إمكان شنّ إسرائيل ضربة عسكريّة على إيران، استكمالاً لـ”حرب حزيران”، وليس على “الحزب” في الداخل اللبنانيّ. يرتفع مؤشّر القلق مع اللقاء المرتقب، الذي سيجمع الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ميامي في التاسع والعشرين من الجاري.

 

بالتزامن مع عودة التوتّر الإيرانيّ – الإسرائيليّ إلى الواجهة وتدفّق التقارير الأمنيّة عن احتمال توجيه تل أبيب، بغطاء أميركيّ، ضربة عسكريّة لإيران لمنعها من إعادة بناء قدراتها الصاروخيّة والنوويّة، يروّج الجانب الإسرائيلي، بموازاة انتقال لبنان إلى مرحلة سحب السلاح شمال الليطاني، للمنطق نفسه لناحية تركيز تقاريره الأمنيّة والاستخباريّة على مواظبة “الحزب” على إعادة بناء قدراته العسكريّة، بما في ذلك في جنوب الليطاني.

ذهب الإسرائيليّ، أمس، أبعد من ذلك بكثير، عبر تدشين مرحلة استهداف عناصر من الجيش اللبناني، بتهمة التعاون مع “الحزب”، بالتزامن مع الجهد الدوليّ للتحضير لمؤتمر دعم الجيش في شباط المقبل، والانتقال إلى مرحلة سحب السلاح شمال الليطاني.

إسرائيل “مرتاحة”

عمليّاً، ثمّة قناعة لدى بعض أهل السلطة بأنّ “إسرائيل مرتاحة جدّاً في تكتيكها العسكريّ والأمنيّ والتفاوضيّ في لبنان، وهي متحرّرة من أيّ قيود وسقوف، وإن أرادت قلب الطاولة فستفعل ذلك بمواجهة إيران مباشرة”.

عليه، تُبرِز مصادر مطّلعة عدّة عناوين ستحكم معالم الساحة الداخليّة بدءاً من العام المقبل:

– وجود رهان داخليّ لدى البعض على “الاستثمار الفوريّ” في حال تنفيذ إسرائيل تهديداتها ضدّ إيران، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على الدفع باتّجاه تسليم “الحزب” مزيداً من أوراقه، وأولاها التعامل مع الجيش شمال الليطاني بالمعيار نفسه الذي حَكَم مقاربته جنوب الليطاني. لكن تفيد المعطيات حتّى الآن عن تشدّد كبير لدى قيادات “الحزب” في ما يتعلّق بالرفض المطلق لاعتبار شمال الليطاني والبقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت جزءاً من اتّفاق وقف إطلاق النار.

– وفق معطيات “أساس” ستحكم اجتماعات وجدول أعمال لجنة “الميكانيزم” مقاربة مختلفة عن مرحلة مواكبة سحب السلاح جنوب الليطاني. من ضمن مؤشّراتها المستجدّة اقتصار الحضور اللبنانيّ منذ الآن وصاعداً على شخصيّتين فقط هما السفير السابق سيمون كرم، بصفته المدنيّة، وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد نقولا تابت، بصفته العسكريّة، مع العلم أنّ اجتماعات اللجنة سابقاً كانت تضمّ، إلى العميد تابت، رئيس فرع مخابرات الجنوب العميد سهيل حرب (لم تتمّ دعوته إلى اجتماع “الميكانيزم” الأخير)، ورئيس مركز تقديرات الجيش في قيادة “اليونيفيل” المقدّم رجا عامر.

تقول المعلومات إنّ باب التعديل لا يزال مفتوحاً، خصوصاً لجهة ضمّ شخصيّات جديدة غير عسكريّة من لبنان والدول المنخرطة في “الميكانيزم”، خصوصاً فرنسا، بالتزامن مع رفع إسرائيل مستوى مشاركتها إلى نائب رئيس مجلس الأمن القوميّ يوسي درازنين. أمّا أجندتا لبنان وإسرائيل في خطّة التفاوض فمختلفتان جذريّاً.

– حتّى الآن لا تزال آليّة إعلان لبنان جنوب الليطاني خالياً من سلاح “الحزب” قيد الدرس. سيعكس الشكل والمضمون عنوان المرحلة، خصوصاً لجهة مدى وجود “تناغم” رئاسيّ حيال “مشروعيّة” الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة الجيش، بين جنوب الليطاني وشمال نهر الأوّلي، في ظلّ استمرار الاحتلال الإسرائيليّ وتمدّده، ومواظبة العدوّ على تنفيذ الاغتيالات وتفجير المنازل واستهدافها واستهداف الجيش نفسه.

في المقابل، أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل أمس أنّ “الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته، وأنه يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان”.

استياء رئاسيّ من سلام

في هذا الإطار تفيد المعلومات عن برودة رئاسيّة وسياسيّة من التصريحات الإعلاميّة لرئيس الحكومة نوّاف سلام أخيراً، التي لم تكن منسّقة مع الرئاستين الأولى والثانية، لجهة تأكيد جهوزيّة الدولة والجيش للانتقال إلى المرحلة الثانية من تسليم السلاح، على الرغم من أنّ العدوّ الإسرائيليّ لم يُبادل لبنان بأيّ خطوة إطلاقاً أقلّه عبر الانسحاب من موقع واحد من المواقع الحدوديّة الخمسة المحتلّة أو وقف سلسلة اغتيالاته.

– رَفع الدولة اللبنانيّة “جهوزيّتها” للانتقال إلى خطّة سحب السلاح شمال الليطاني ترافق مع تطوّر خطِر لجهة توجيه إسرائيل اتّهامات مباشرة للمؤسّسة العسكريّة بوجود “علاقات تعاون بين الجيش و”الحزب”، مؤكّدة أنّ “جيش الدفاع الإسرائيليّ سيواصل العمل على إزالة أيّ تهديد”، وأنّ الشهيد علي عبدالله من “الحزب”، الذي قضى مع شخصين آخرين في الهجوم الذي نفّذته مسيّرة إسرائيليّة الإثنين في القنيطرة – صيدا، “كان يخدم في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش اللبنانيّ”.

كان لافتاً جدّاً أمس عدم صدور بيان عن قيادة الجيش عن عمليّة الاستهداف، والاكتفاء بإصدار بيان نعي الشهيد “الرقيب الأوّل علي عبدالله  من لواء الدعم – الفوج المضادّ للدروع، جرّاء غارة إسرائيليّة استهدفت سيّارة كان بداخلها على طريق القنيطرة – المعمريّة – صيدا”. ولم يُنشر بيان النعي على صفحة الجيش الرسميّة على منصّة “إكس”.

ماذا بعد “اليونيفيل”؟

– الغموض الذي يلفّ الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة الجيش، غير المحدّدة زمنيّاً بأيّ تاريخ، لا يوازيه غموضاً سوى تداعيات بدء العدّ العكسيّ لانسحاب قوّات “اليونيفيل” من جنوب لبنان مع نهاية العام المقبل. في هذا السياق يؤكّد متابعون أنّ القصر الجمهوريّ تحوّل إلى غرفة عمليّات لحثّ الدول الأعضاء في “اليونيفيل”، ودول أخرى غير منضوية في قوّات الطوارئ الدوليّة، إلى البحث في خيارات وجودها أو بقائها في الجنوب بعد انسحاب “اليونيفيل”.

تؤكّد معطيات “أساس” الذي كان أوّل من كشف في تقرير نُشِر بتاريخ 13 تشرين الأوّل بعنوان “قوّة أوروبيّة ترث “اليونيفيل” في الجنوب”، عن التوجّه إلى الإبقاء على وجود أوروبيّ جنوباً، أنّ الجهد الدبلوماسيّ اللبنانيّ بدأ منذ الآن لتحضير أرضيّة ما بعد “اليونيفيل”، في ظلّ واقع يتجنّب مسؤولون في السلطة التطرّق إليه، وهو أن لا مؤشّرات إطلاقاً إلى أنّ العدوّ الإسرائيليّ سيكون قد نفّذ انسحابه قبل مغادرة “اليونيفيل” نهائيّاً، لا بل إنّ لبنان، وفق معلومات الموفدين الدوليّين، سيتعرّض لمزيد من الضغوط لتسليم “الحزب” سلاحه وترسانته العسكريّة في كلّ لبنان، من دون وجود ضمانات إسرائيليّة للانسحاب أو وقف مسار أيّ عمليّة عسكريّة محتملة.

الجيش في عين العاصفة الإسرائيليّة

الكاتب: ملاك عقيل | المصدر: اساس ميديا
24 كانون الأول 2025

بدأت دوائر رئاسيّة لبنانيّة تتعامل مع احتمال جدّيّ، تراكمت مؤشّراته بشكل واضح في الأسابيع الماضية، لناحية إمكان شنّ إسرائيل ضربة عسكريّة على إيران، استكمالاً لـ”حرب حزيران”، وليس على “الحزب” في الداخل اللبنانيّ. يرتفع مؤشّر القلق مع اللقاء المرتقب، الذي سيجمع الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ميامي في التاسع والعشرين من الجاري.

 

بالتزامن مع عودة التوتّر الإيرانيّ – الإسرائيليّ إلى الواجهة وتدفّق التقارير الأمنيّة عن احتمال توجيه تل أبيب، بغطاء أميركيّ، ضربة عسكريّة لإيران لمنعها من إعادة بناء قدراتها الصاروخيّة والنوويّة، يروّج الجانب الإسرائيلي، بموازاة انتقال لبنان إلى مرحلة سحب السلاح شمال الليطاني، للمنطق نفسه لناحية تركيز تقاريره الأمنيّة والاستخباريّة على مواظبة “الحزب” على إعادة بناء قدراته العسكريّة، بما في ذلك في جنوب الليطاني.

ذهب الإسرائيليّ، أمس، أبعد من ذلك بكثير، عبر تدشين مرحلة استهداف عناصر من الجيش اللبناني، بتهمة التعاون مع “الحزب”، بالتزامن مع الجهد الدوليّ للتحضير لمؤتمر دعم الجيش في شباط المقبل، والانتقال إلى مرحلة سحب السلاح شمال الليطاني.

إسرائيل “مرتاحة”

عمليّاً، ثمّة قناعة لدى بعض أهل السلطة بأنّ “إسرائيل مرتاحة جدّاً في تكتيكها العسكريّ والأمنيّ والتفاوضيّ في لبنان، وهي متحرّرة من أيّ قيود وسقوف، وإن أرادت قلب الطاولة فستفعل ذلك بمواجهة إيران مباشرة”.

عليه، تُبرِز مصادر مطّلعة عدّة عناوين ستحكم معالم الساحة الداخليّة بدءاً من العام المقبل:

– وجود رهان داخليّ لدى البعض على “الاستثمار الفوريّ” في حال تنفيذ إسرائيل تهديداتها ضدّ إيران، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على الدفع باتّجاه تسليم “الحزب” مزيداً من أوراقه، وأولاها التعامل مع الجيش شمال الليطاني بالمعيار نفسه الذي حَكَم مقاربته جنوب الليطاني. لكن تفيد المعطيات حتّى الآن عن تشدّد كبير لدى قيادات “الحزب” في ما يتعلّق بالرفض المطلق لاعتبار شمال الليطاني والبقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت جزءاً من اتّفاق وقف إطلاق النار.

– وفق معطيات “أساس” ستحكم اجتماعات وجدول أعمال لجنة “الميكانيزم” مقاربة مختلفة عن مرحلة مواكبة سحب السلاح جنوب الليطاني. من ضمن مؤشّراتها المستجدّة اقتصار الحضور اللبنانيّ منذ الآن وصاعداً على شخصيّتين فقط هما السفير السابق سيمون كرم، بصفته المدنيّة، وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد نقولا تابت، بصفته العسكريّة، مع العلم أنّ اجتماعات اللجنة سابقاً كانت تضمّ، إلى العميد تابت، رئيس فرع مخابرات الجنوب العميد سهيل حرب (لم تتمّ دعوته إلى اجتماع “الميكانيزم” الأخير)، ورئيس مركز تقديرات الجيش في قيادة “اليونيفيل” المقدّم رجا عامر.

تقول المعلومات إنّ باب التعديل لا يزال مفتوحاً، خصوصاً لجهة ضمّ شخصيّات جديدة غير عسكريّة من لبنان والدول المنخرطة في “الميكانيزم”، خصوصاً فرنسا، بالتزامن مع رفع إسرائيل مستوى مشاركتها إلى نائب رئيس مجلس الأمن القوميّ يوسي درازنين. أمّا أجندتا لبنان وإسرائيل في خطّة التفاوض فمختلفتان جذريّاً.

– حتّى الآن لا تزال آليّة إعلان لبنان جنوب الليطاني خالياً من سلاح “الحزب” قيد الدرس. سيعكس الشكل والمضمون عنوان المرحلة، خصوصاً لجهة مدى وجود “تناغم” رئاسيّ حيال “مشروعيّة” الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة الجيش، بين جنوب الليطاني وشمال نهر الأوّلي، في ظلّ استمرار الاحتلال الإسرائيليّ وتمدّده، ومواظبة العدوّ على تنفيذ الاغتيالات وتفجير المنازل واستهدافها واستهداف الجيش نفسه.

في المقابل، أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل أمس أنّ “الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته، وأنه يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان”.

استياء رئاسيّ من سلام

في هذا الإطار تفيد المعلومات عن برودة رئاسيّة وسياسيّة من التصريحات الإعلاميّة لرئيس الحكومة نوّاف سلام أخيراً، التي لم تكن منسّقة مع الرئاستين الأولى والثانية، لجهة تأكيد جهوزيّة الدولة والجيش للانتقال إلى المرحلة الثانية من تسليم السلاح، على الرغم من أنّ العدوّ الإسرائيليّ لم يُبادل لبنان بأيّ خطوة إطلاقاً أقلّه عبر الانسحاب من موقع واحد من المواقع الحدوديّة الخمسة المحتلّة أو وقف سلسلة اغتيالاته.

– رَفع الدولة اللبنانيّة “جهوزيّتها” للانتقال إلى خطّة سحب السلاح شمال الليطاني ترافق مع تطوّر خطِر لجهة توجيه إسرائيل اتّهامات مباشرة للمؤسّسة العسكريّة بوجود “علاقات تعاون بين الجيش و”الحزب”، مؤكّدة أنّ “جيش الدفاع الإسرائيليّ سيواصل العمل على إزالة أيّ تهديد”، وأنّ الشهيد علي عبدالله من “الحزب”، الذي قضى مع شخصين آخرين في الهجوم الذي نفّذته مسيّرة إسرائيليّة الإثنين في القنيطرة – صيدا، “كان يخدم في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش اللبنانيّ”.

كان لافتاً جدّاً أمس عدم صدور بيان عن قيادة الجيش عن عمليّة الاستهداف، والاكتفاء بإصدار بيان نعي الشهيد “الرقيب الأوّل علي عبدالله  من لواء الدعم – الفوج المضادّ للدروع، جرّاء غارة إسرائيليّة استهدفت سيّارة كان بداخلها على طريق القنيطرة – المعمريّة – صيدا”. ولم يُنشر بيان النعي على صفحة الجيش الرسميّة على منصّة “إكس”.

ماذا بعد “اليونيفيل”؟

– الغموض الذي يلفّ الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة الجيش، غير المحدّدة زمنيّاً بأيّ تاريخ، لا يوازيه غموضاً سوى تداعيات بدء العدّ العكسيّ لانسحاب قوّات “اليونيفيل” من جنوب لبنان مع نهاية العام المقبل. في هذا السياق يؤكّد متابعون أنّ القصر الجمهوريّ تحوّل إلى غرفة عمليّات لحثّ الدول الأعضاء في “اليونيفيل”، ودول أخرى غير منضوية في قوّات الطوارئ الدوليّة، إلى البحث في خيارات وجودها أو بقائها في الجنوب بعد انسحاب “اليونيفيل”.

تؤكّد معطيات “أساس” الذي كان أوّل من كشف في تقرير نُشِر بتاريخ 13 تشرين الأوّل بعنوان “قوّة أوروبيّة ترث “اليونيفيل” في الجنوب”، عن التوجّه إلى الإبقاء على وجود أوروبيّ جنوباً، أنّ الجهد الدبلوماسيّ اللبنانيّ بدأ منذ الآن لتحضير أرضيّة ما بعد “اليونيفيل”، في ظلّ واقع يتجنّب مسؤولون في السلطة التطرّق إليه، وهو أن لا مؤشّرات إطلاقاً إلى أنّ العدوّ الإسرائيليّ سيكون قد نفّذ انسحابه قبل مغادرة “اليونيفيل” نهائيّاً، لا بل إنّ لبنان، وفق معلومات الموفدين الدوليّين، سيتعرّض لمزيد من الضغوط لتسليم “الحزب” سلاحه وترسانته العسكريّة في كلّ لبنان، من دون وجود ضمانات إسرائيليّة للانسحاب أو وقف مسار أيّ عمليّة عسكريّة محتملة.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار