لجنة للتهرّب من مطالب القطاع العام: الشارع يلتهب بعد الأعياد

باتت مطالب موظّفي القطاع العام، الموزّعين بين مدنيين وعسكريين، في الخدمة ومتقاعدين، محفوظة عن ظهر قلب. والمطالب تنام في أدراج الكثير من الوزرات، على رأسها وزارة المالية. ومع ذلك، ما زال أصحاب القرار يتساءلون عن المطالب، ويقترحون تشكيل لجان لمتابعة القضيّة. وآخر اللجان، اقترحها رئيس الجمهورية، إثر استقباله وفداً من موظّفي القطاع العام. إلاّ أنّ الموظّفين يعرفون جيّداً أنّ “اللجان مقبرة المطالب”. وعليه، يتحضّر الموظّفون لتحرّكات ضخمة بعد فترة الأعياد، ليتحوَّل شهر كانون الثاني المقبل إلى “شهر غضب لتحرير الرواتب”. وعلى أهميتها، إلاّ أنّ المطالب لا تقف عند الرواتب. فهل تسقط ضمانة رئاسة الجمهورية؟.
لجنة جديدة
منذ أسبوعين بدأ موظّفو القطاع العام إضرابهم تحت شعار أساسي، هو تحسين رواتبهم وضمّ المساعدات الاجتماعية وسائر التقديمات إلى صلبها، لتصحِّح بذلك الرواتب التقاعدية، عوضَ تذويبها بالمسار الحالي الذي يُبقي الرواتب على قيمتها المحتسبة على دولار 1500 ليرة، من دون إضافة المساعدات الاجتماعية والتقديمات إليها.
الموظّفون علّقوا إضرابهم لتمرير فترة الأعياد بهدوء، ليعودوا بعدها إلى إضراباتهم ورفع قضيّتهم التي أقفلَ وزير المالية ياسين جابر بابها بإعلانه للموظفين “عدم وجود المال الكافي لتحسين الرواتب”، وفق ما أكّده عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، المهندس إبراهيم نحّال، في حديث إلى”المدن“.
الحكم السلبي الذي أطلقه جابر، سلكَ طريقه نحو الاستئناف أمام رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي بادر إلى تأليف لجنة ستكون تحت رعايته مباشرة، لمواكبة مسألة الرواتب والتعويضات في القطاع العام. وتتألف اللجنة من كل القطاعات. والمبادرة التي أطلقها الرئيس أمس الثلاثاء، هدفت أيضاً إلى دفع الموظّفين للعدول عن فكرة الإضراب الذي “يشلّ الدولة ويحرمها من المداخيل، وبالتالي لا يساهم في حل مشكلة رفع الرواتب”، وفق عون.
الموظّفون رحّبوا باللجنة التي سيتمثّل داخلها “رابطة موظفي الإدارة العامة وتجمّع الروابط الذي يضمّ العسكريين والمدنيين المتقاعدين، بالإضافة إلى روابط التعليم. وستضع اللجنة كافة المطالب على بساط البحث”، على حدّ تعبير نحّال الذي ذكّر بأنّ موظفي الرابطة رفعوا مطالب العسكريين المتقاعدين بإعادة رواتبهم إلى ما كانت عليه قبل العام 2019، أي قبل أن تتبخّر بمعدّل 60 ضعفاً. على أنّ إعادة الرواتب لن تكون دفعة واحدة، بسبب الوضع المالي للدولة. وبذلك، يطالب الموظّفون بـ”دفع 50 بالمئة من قيمة الرواتب استناداً إلى ما كانت عليه حتى العام 2019، وتقسيط الباقي بمعدّل 10 بالمئة كل 6 أشهر”.
اللجنة التي بادر الرئيس إلى تشكيلها، تلقّفتها الرابطة بـ”إيجابية”، خصوصاً أنّ الرئيس “آتٍ من رحم القطاع العام”. واللجنة التي ستضمّ وزير المالية “ستخرج بخلاصات تسلّمها للرئيس مباشرة”. لكن هذه الإيجابية لا تعني بالنسبة لنحّال الركون إلى التعقيدات التي ترتبط عادةً باللجان، وبالتالي، فإنّ “مسألة اللجنة جيّدة بالشكل، لكننا لن ننتظر الوعود التي بتنا نحفظها، فالعبرة بالتنفيذ”.
الشارع قريب
اللجنة المستحدثة قد تجد عقبات أمامها، لا سيّما أنّ المطالب لا تنحصر بالرواتب، بل تطال “مصير القطاع العام ومصير النظام التقاعدي، لأنّ الأصل هو الحفاظ على القطاع العام وعدم خصخصته وبيعه، بالإضافة إلى وقف نظام التعاقد”. كما تشمل المطالب، بحسب نحّال، “حقوق المتعاقدين والأجراء والمياومين في القطاع العام”. وشمولية المطالب، تعني أنّ الرفض قريب. وعليه، سيكون الشارع قريباً أيضاً، وسينزل الموظّفون إلى الشارع، “وسيكون شهر كانون الثاني مليئاً بالتحرّكات والإضرابات، بالرغم من أنّنا لا نفضّل هذا الخيار. علماً أنّ كلفة كلّ يوم إضراب على الدولة، أكبر بكثير ممّا تدفعه لنا”.
في المقابل، يجد العسكريون المتقاعدون أنفسهم أقرب بكثير إلى الشارع، إذ لا يعوّلون على اللجنة الجديدة. فيقول أمين سر الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى عماد عواضة، إنّ “هذه اللجنة هي مجرّد شعارات، وأتت بفعل الخوف من التحرّكات المنتظرة بعد عطلة رأس السنة”. وأضاف في حديث إلى”المدن”، أنّ “هذه اللجنة ليست مستجدّة، فكان هناك طرح لتشكيل لجنة منذ نحو 5 أشهر، تضمّ العسكريين المتقاعدين إلى جانب وزير الدفاع ووزير الداخلية، في حين تشكِّل الإدارات العامة لجنتهم الخاصة، لكنّنا لم نجد سوى الوعود التي أرجئت إلى ما بعد رأس السنة”. وانطلاقاً من هذا الوعد، سينتظر الموظّفون والمتقاعدون حتى بداية العام المقبل، وإلاّ، ستستمرّ الاعتصامات”.
تجربة الموظفين والمتقاعدين مع أصحاب القرار في الدولة، غير مشجّعة. ولذلك، يجدون أنّ الشارع أقرب إليهم من أروقة المماطلة والتسويف. إلاّ أنّ وعود رئيس الجمهورية، استدعت بعضَ الهدوء والانتظار، على أمل أن لا تُركَنَ إلى جانب نظيراتها من الوعود السابقة.
لجنة للتهرّب من مطالب القطاع العام: الشارع يلتهب بعد الأعياد

باتت مطالب موظّفي القطاع العام، الموزّعين بين مدنيين وعسكريين، في الخدمة ومتقاعدين، محفوظة عن ظهر قلب. والمطالب تنام في أدراج الكثير من الوزرات، على رأسها وزارة المالية. ومع ذلك، ما زال أصحاب القرار يتساءلون عن المطالب، ويقترحون تشكيل لجان لمتابعة القضيّة. وآخر اللجان، اقترحها رئيس الجمهورية، إثر استقباله وفداً من موظّفي القطاع العام. إلاّ أنّ الموظّفين يعرفون جيّداً أنّ “اللجان مقبرة المطالب”. وعليه، يتحضّر الموظّفون لتحرّكات ضخمة بعد فترة الأعياد، ليتحوَّل شهر كانون الثاني المقبل إلى “شهر غضب لتحرير الرواتب”. وعلى أهميتها، إلاّ أنّ المطالب لا تقف عند الرواتب. فهل تسقط ضمانة رئاسة الجمهورية؟.
لجنة جديدة
منذ أسبوعين بدأ موظّفو القطاع العام إضرابهم تحت شعار أساسي، هو تحسين رواتبهم وضمّ المساعدات الاجتماعية وسائر التقديمات إلى صلبها، لتصحِّح بذلك الرواتب التقاعدية، عوضَ تذويبها بالمسار الحالي الذي يُبقي الرواتب على قيمتها المحتسبة على دولار 1500 ليرة، من دون إضافة المساعدات الاجتماعية والتقديمات إليها.
الموظّفون علّقوا إضرابهم لتمرير فترة الأعياد بهدوء، ليعودوا بعدها إلى إضراباتهم ورفع قضيّتهم التي أقفلَ وزير المالية ياسين جابر بابها بإعلانه للموظفين “عدم وجود المال الكافي لتحسين الرواتب”، وفق ما أكّده عضو الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، المهندس إبراهيم نحّال، في حديث إلى”المدن“.
الحكم السلبي الذي أطلقه جابر، سلكَ طريقه نحو الاستئناف أمام رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي بادر إلى تأليف لجنة ستكون تحت رعايته مباشرة، لمواكبة مسألة الرواتب والتعويضات في القطاع العام. وتتألف اللجنة من كل القطاعات. والمبادرة التي أطلقها الرئيس أمس الثلاثاء، هدفت أيضاً إلى دفع الموظّفين للعدول عن فكرة الإضراب الذي “يشلّ الدولة ويحرمها من المداخيل، وبالتالي لا يساهم في حل مشكلة رفع الرواتب”، وفق عون.
الموظّفون رحّبوا باللجنة التي سيتمثّل داخلها “رابطة موظفي الإدارة العامة وتجمّع الروابط الذي يضمّ العسكريين والمدنيين المتقاعدين، بالإضافة إلى روابط التعليم. وستضع اللجنة كافة المطالب على بساط البحث”، على حدّ تعبير نحّال الذي ذكّر بأنّ موظفي الرابطة رفعوا مطالب العسكريين المتقاعدين بإعادة رواتبهم إلى ما كانت عليه قبل العام 2019، أي قبل أن تتبخّر بمعدّل 60 ضعفاً. على أنّ إعادة الرواتب لن تكون دفعة واحدة، بسبب الوضع المالي للدولة. وبذلك، يطالب الموظّفون بـ”دفع 50 بالمئة من قيمة الرواتب استناداً إلى ما كانت عليه حتى العام 2019، وتقسيط الباقي بمعدّل 10 بالمئة كل 6 أشهر”.
اللجنة التي بادر الرئيس إلى تشكيلها، تلقّفتها الرابطة بـ”إيجابية”، خصوصاً أنّ الرئيس “آتٍ من رحم القطاع العام”. واللجنة التي ستضمّ وزير المالية “ستخرج بخلاصات تسلّمها للرئيس مباشرة”. لكن هذه الإيجابية لا تعني بالنسبة لنحّال الركون إلى التعقيدات التي ترتبط عادةً باللجان، وبالتالي، فإنّ “مسألة اللجنة جيّدة بالشكل، لكننا لن ننتظر الوعود التي بتنا نحفظها، فالعبرة بالتنفيذ”.
الشارع قريب
اللجنة المستحدثة قد تجد عقبات أمامها، لا سيّما أنّ المطالب لا تنحصر بالرواتب، بل تطال “مصير القطاع العام ومصير النظام التقاعدي، لأنّ الأصل هو الحفاظ على القطاع العام وعدم خصخصته وبيعه، بالإضافة إلى وقف نظام التعاقد”. كما تشمل المطالب، بحسب نحّال، “حقوق المتعاقدين والأجراء والمياومين في القطاع العام”. وشمولية المطالب، تعني أنّ الرفض قريب. وعليه، سيكون الشارع قريباً أيضاً، وسينزل الموظّفون إلى الشارع، “وسيكون شهر كانون الثاني مليئاً بالتحرّكات والإضرابات، بالرغم من أنّنا لا نفضّل هذا الخيار. علماً أنّ كلفة كلّ يوم إضراب على الدولة، أكبر بكثير ممّا تدفعه لنا”.
في المقابل، يجد العسكريون المتقاعدون أنفسهم أقرب بكثير إلى الشارع، إذ لا يعوّلون على اللجنة الجديدة. فيقول أمين سر الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى عماد عواضة، إنّ “هذه اللجنة هي مجرّد شعارات، وأتت بفعل الخوف من التحرّكات المنتظرة بعد عطلة رأس السنة”. وأضاف في حديث إلى”المدن”، أنّ “هذه اللجنة ليست مستجدّة، فكان هناك طرح لتشكيل لجنة منذ نحو 5 أشهر، تضمّ العسكريين المتقاعدين إلى جانب وزير الدفاع ووزير الداخلية، في حين تشكِّل الإدارات العامة لجنتهم الخاصة، لكنّنا لم نجد سوى الوعود التي أرجئت إلى ما بعد رأس السنة”. وانطلاقاً من هذا الوعد، سينتظر الموظّفون والمتقاعدون حتى بداية العام المقبل، وإلاّ، ستستمرّ الاعتصامات”.
تجربة الموظفين والمتقاعدين مع أصحاب القرار في الدولة، غير مشجّعة. ولذلك، يجدون أنّ الشارع أقرب إليهم من أروقة المماطلة والتسويف. إلاّ أنّ وعود رئيس الجمهورية، استدعت بعضَ الهدوء والانتظار، على أمل أن لا تُركَنَ إلى جانب نظيراتها من الوعود السابقة.

















