الراعي في عظة الميلاد: لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها بل بالقرارات الحكيمة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الميلاد في الصرح البطريركي في بكركي، بحضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وعقيلته السيدة نعمت عون وفاعليات.
وقال الراعي في عظته التي حملت عنوان: “أبشّركم بفرح عظيم”: “يشرّفني أن أرحّب بكم، وبعقيلتكم السيدة اللبنانية الأولى، للاحتفال معاً، ومع هذا الجمهور من أصحاب المعالي والسعادة وسائر المقامات والمؤمنين بعيد ميلاد كلمة الله التي صارت بشراً يسوع المسيح فادي الإنسان ومخلّص العالم. بحضوركم، فخامة الرئيس، يكتمل العيد، لأنه يكتمل حين يلتقي الإيمان بالمسؤولية، والرجاء بالالتزام، والكنيسة بالوطن. نعايدكم من القلب، ونتمنّى لكم عيدًا مليئًا بالحكمة والسلام، وأن يكون هذا الميلاد خير وبركة لمسيرتكم في خدمة لبنان، لينعم بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. كما نعايد جميع الحاضرين معنا، ونوجه معايدة محبة لكل من يتابعنا ويشاركنا هذا الاحتفال عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، من قرب او من بعد، سائلين الرب ان يفيض على الجميع نعمة الميلاد وفرحه وسلامه، فتسود المحبة ورغد العيش معا”.
وتابع: “عندما صدر أمر من الامبراطور الروماني أغسطوس قيصر بإحصاء سكان المسكونة كلها، ولدت العذراء مريم ابنها الإلهي يسوع المسيح، وسُجّل في سجل البشر على خانة يوسف ومريم. لم يأتِ المسيح كفكرة سماوية عابرة بل كإنسان حقيقي له أم وأب شرعي واسم، وله مكان. هذا هو عمق التجسد: الإله صار واحداً منّا ليخلّصنا من الداخل. ليتورجيًا، لا تحتفل الكنيسة اليوم بذكرى ماضية، بل بسرّ حاضر ومتجدّد. «اليوم وُلد لكم مخلّص». هذا الـ«اليوم» هو زمن الله المفتوح، الذي يدخل فيه إلى حياتنا باستمرار. الليتورجيا تجعلنا شهودًا على الميلاد، لا متفرّجين عليه، وتدعونا أن نكون رعاة هذا الزمن، نسهر ونصغي وننطلق. الرعاة كانوا أول من سمع الخبر، لأنهم كانوا في حالة السهر، في الإصغاء، في الاستعداد. هكذا تدعونا الكنيسة اليوم أن نستقبل يسوع بقلوب يقظة، لا مغلقة، وبحياة منفتحة على حضوره. في الميلاد نحتفل بميلاد راعينا، الذي جاء ليحملنا على كتفيه، لا ليديننا بل ليخلّصنا. الليتورجيا تعلّمنا أن الله يولد حيث يوجد تواضع، وحيث تُفتح المغارة الداخلية. فميلاد المسيح ليس حدثًا خارجيًا فقط، بل دعوة لأن يولد في حياتنا، في عائلاتنا، وفي قلب عالم متعب ينتظر خلاصه. من بشرى الميلاد، نتوجّه اليوم إلى واقع وطننا لبنان. «وُلد لكم مخلّص» هذه ليست عبارة روحية فقط، بل نداء حياة لشعب تعب من الأزمات، وينتظر فجرًا جديدًا. بميلاد يسوع نطمئن، بميلاده نرتفع فوق الخوف، وبميلاده نؤمن أن الظلمة ليست قدرًا. ميلاد يسوع هو يوم السلام، لأن الطفل المولود هو «أمير السلام». هو يوم المحبة، لأن الله اختار أن يحبّ حتى النهاية. هو يوم المصالحة، لأن السماء تصالحت مع الأرض. وهو يوم البداية، لأن الله لا يغلق باب الرجاء أبدًا”.
وقال: “عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروبًا، كفى انقسامات، كفى خوفًا على المستقبل. هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام. في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان: أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن. فلبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، وبالقرارات الحكيمة، وبالإرادة الصادقة في خدمة الخير العام. ميلاد يسوع يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معًا، لا العيش ضدّ بعضنا البعض، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط”.
وختم الراعي: “فليكن عيد الميلاد هذا العام عيد التزام وطني جديد، عيد سلام يُزرع في القلوب قبل أن يُعلن في الخطابات، عيد محبّة تتحوّل إلى أفعال، وعيد رجاء يُترجم ببناء الإنسان وحماية الوطن. وبميلاد المسيح، نصلّي أن يولد لبنان من جديد، أكثر عدالة، أكثر وحدة، وأكثر وفاء لرسالته في هذا الشرق والعالم، فنرفع المجد والشكر للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
الراعي في عظة الميلاد: لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها بل بالقرارات الحكيمة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الميلاد في الصرح البطريركي في بكركي، بحضور رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وعقيلته السيدة نعمت عون وفاعليات.
وقال الراعي في عظته التي حملت عنوان: “أبشّركم بفرح عظيم”: “يشرّفني أن أرحّب بكم، وبعقيلتكم السيدة اللبنانية الأولى، للاحتفال معاً، ومع هذا الجمهور من أصحاب المعالي والسعادة وسائر المقامات والمؤمنين بعيد ميلاد كلمة الله التي صارت بشراً يسوع المسيح فادي الإنسان ومخلّص العالم. بحضوركم، فخامة الرئيس، يكتمل العيد، لأنه يكتمل حين يلتقي الإيمان بالمسؤولية، والرجاء بالالتزام، والكنيسة بالوطن. نعايدكم من القلب، ونتمنّى لكم عيدًا مليئًا بالحكمة والسلام، وأن يكون هذا الميلاد خير وبركة لمسيرتكم في خدمة لبنان، لينعم بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. كما نعايد جميع الحاضرين معنا، ونوجه معايدة محبة لكل من يتابعنا ويشاركنا هذا الاحتفال عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، من قرب او من بعد، سائلين الرب ان يفيض على الجميع نعمة الميلاد وفرحه وسلامه، فتسود المحبة ورغد العيش معا”.
وتابع: “عندما صدر أمر من الامبراطور الروماني أغسطوس قيصر بإحصاء سكان المسكونة كلها، ولدت العذراء مريم ابنها الإلهي يسوع المسيح، وسُجّل في سجل البشر على خانة يوسف ومريم. لم يأتِ المسيح كفكرة سماوية عابرة بل كإنسان حقيقي له أم وأب شرعي واسم، وله مكان. هذا هو عمق التجسد: الإله صار واحداً منّا ليخلّصنا من الداخل. ليتورجيًا، لا تحتفل الكنيسة اليوم بذكرى ماضية، بل بسرّ حاضر ومتجدّد. «اليوم وُلد لكم مخلّص». هذا الـ«اليوم» هو زمن الله المفتوح، الذي يدخل فيه إلى حياتنا باستمرار. الليتورجيا تجعلنا شهودًا على الميلاد، لا متفرّجين عليه، وتدعونا أن نكون رعاة هذا الزمن، نسهر ونصغي وننطلق. الرعاة كانوا أول من سمع الخبر، لأنهم كانوا في حالة السهر، في الإصغاء، في الاستعداد. هكذا تدعونا الكنيسة اليوم أن نستقبل يسوع بقلوب يقظة، لا مغلقة، وبحياة منفتحة على حضوره. في الميلاد نحتفل بميلاد راعينا، الذي جاء ليحملنا على كتفيه، لا ليديننا بل ليخلّصنا. الليتورجيا تعلّمنا أن الله يولد حيث يوجد تواضع، وحيث تُفتح المغارة الداخلية. فميلاد المسيح ليس حدثًا خارجيًا فقط، بل دعوة لأن يولد في حياتنا، في عائلاتنا، وفي قلب عالم متعب ينتظر خلاصه. من بشرى الميلاد، نتوجّه اليوم إلى واقع وطننا لبنان. «وُلد لكم مخلّص» هذه ليست عبارة روحية فقط، بل نداء حياة لشعب تعب من الأزمات، وينتظر فجرًا جديدًا. بميلاد يسوع نطمئن، بميلاده نرتفع فوق الخوف، وبميلاده نؤمن أن الظلمة ليست قدرًا. ميلاد يسوع هو يوم السلام، لأن الطفل المولود هو «أمير السلام». هو يوم المحبة، لأن الله اختار أن يحبّ حتى النهاية. هو يوم المصالحة، لأن السماء تصالحت مع الأرض. وهو يوم البداية، لأن الله لا يغلق باب الرجاء أبدًا”.
وقال: “عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروبًا، كفى انقسامات، كفى خوفًا على المستقبل. هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام. في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان: أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن. فلبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، وبالقرارات الحكيمة، وبالإرادة الصادقة في خدمة الخير العام. ميلاد يسوع يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معًا، لا العيش ضدّ بعضنا البعض، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط”.
وختم الراعي: “فليكن عيد الميلاد هذا العام عيد التزام وطني جديد، عيد سلام يُزرع في القلوب قبل أن يُعلن في الخطابات، عيد محبّة تتحوّل إلى أفعال، وعيد رجاء يُترجم ببناء الإنسان وحماية الوطن. وبميلاد المسيح، نصلّي أن يولد لبنان من جديد، أكثر عدالة، أكثر وحدة، وأكثر وفاء لرسالته في هذا الشرق والعالم، فنرفع المجد والشكر للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.









