معهد “ألما”: تفكيك الحزب يجب أن يطال نشاطه المالي

نشر مركز “ألما” للدراسات والتعليم في إسرائيل ورقة تناولت المنظومة الماليّة التي يستفيد منها حزب الله للتعافي، وخصوصاً تلك المرتبطة بمؤسّسة القرض الحسن. المركز المتخصّص بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي، ولا سيما ما يتعلّق بحزب الله والجبهة الشماليّة وإيران، خلص إلى ضرورة الالتفات لأهداف تفكيك البنية التحتيّة الماليّة للحزب، مع طرح شكوك في قدرة الدولة اللبنانيّة على تنفيذ هذا الهدف حالياً.
أهميّة “القرض الحسن” للحزب
الورقة الإسرائيليّة تناولت الموضوع من زاوية الدور الذي تلعبه مؤسّسة القرض الحسن حالياً. فعمليّة تعافي حزب الله لا تعتمد حالياً على قدراته العسكريّة؛ بل إلى حدٍ كبير على بنيته التحتيّة الاقتصاديّة والماليّة. وفي صلب هذا النظام تأتي مؤسّسة القرض الحسن، التي تُعدّ ركيزة أساسية للنشاط الاقتصادي للحزب، ولعلاقته بقاعدته الشعبية الشيعية في لبنان. ووفق الورقة، يُقدّر عدد المستفيدين من خدمات المؤسسة بنحو 300 ألف عميل، فيما يُقدَّر حجم نشاطها بأكثر من 3 مليارات دولار، وهي أرقام تبرز أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله.
الورقة ذكّرت بزيارة وفد زيارة وزارة الخزانة الأميركيّة إلى لبنان، حيث تم توجيه مطالب حازمة إلى الحكومة اللبنانيّة تقضي بإقفال مؤسّسة القرض الحسن. وخلال تلك الزيارة، حثّ الأميركيون حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، على البدء باتخاذ خطوات أولية لتنفيذ هذا الإجراء، بما في ذلك وضع جدول زمني للتنفيذ التدريجي. وفي ضوء هذه المطالب، تواصل سعيد مع قوى الأمن الداخلي، طالباً منها البدء بالدخول إلى فروع المؤسّسة والعمل على إقفالها تدريجياً. لكن في الوقت نفسه، أوضح المسؤولون في الحكومة اللبنانيّة بأن الحاكم لا يملك الصلاحيّة للتحرّك بشكلٍ منفرد، كون القرض الحسن مسجّلاً كجمعيّة، وليس كمصرف مرخّص.
وكشفت الورقة أنّ بدائل إضافيّة باتت قيد الدرس في لبنان، ومن بينها تقليص قدرة القرض الحسن على ممارسة أنشطة مصرفية بشكل كبير، وذلك عبر فرض رقابة صارمة، وإخضاعه لمتابعة دائمة، وفرض قيود على استخدام الذهب كآلية للإقراض أو كضمان. وبحسب الورقة، تعكس هذه الخطوات محاولة للاستجابة للمطالب الأميركية، من دون الانجرار إلى مواجهة سياسية واجتماعية واسعة.
ردّة فعل الحزب
وتابعت الورقة مشيرةً إلى لقاء عُقد بين سعيد والنائب المحسوب على الحزب علي فيّاض، حيث حذّر فيّاض من خطوات تؤدّي -حسب تعبيره- إلى الإضرار بالملكيّة الخاصّة. واعتبر فياض أن استبعاد مؤسسات حزب الله من النظام المصرفي الرسمي هو ما دفع الحزب وأنصاره إلى التوجّه نحو اقتصاد قائم على النقد.
ونقلت الورقة رد فعل الحزب، الذي جاء سريعاً. حيث صدر بيان رسمي، اعتبر فيه الحزب أن ما يجري يشكّل محاولة أميركية لـ”خنق” بيئته الاقتصادية والاجتماعية. وفي الوقت الراهن، تجري داخل الحزب نقاشات داخلية لتحضير الردود على المستويين السياسي والقانوني، وقد جرى تشكيل لجنة خاصة لدراسة حلول وبدائل محتملة لمؤسسة “القرض الحسن”. وبحسب الورقة، يُعدّ مصير مئات آلالاف المستفيدين من خدمات المؤسسة في حال إقفالها تحديًا مركزيًا، إذ إن إقفال المؤسّسة سيُلحق ضربة قاسية بالجهاز الاقتصادي لحزب الله في لبنان.
ونقلت الورقة عن تقارير إعلاميّة دراسة الحزب لبدائل، تتمثّل في إنشاء جمعيّة جديدة تحمل إسم “جود”، وذلك للعمل وفق نموذج يقوم على بيع وشراء الذهب، أو بيع الذهب بقروض يجري سدادها على أقساط. وبحسب التقارير، لن تقوم الجمعيّة بتحويل أموال نقديّة، ولن تمارس أنشطة مصرفيّة تقليديّة، وهذا ما يعفيها من رقابة المصرف المركزي. وبذلك، ستعكس هذه الخطوة توجّه الحزب المحتمل للعمل ضمن مساحات تنظيميّة “رماديّة”، حسب توصيف الورقة.
وردًا على تقارير بثّتها قناة “الحدث”، بشأن احتمال تغيير اسم المؤسسة للتحايل على العقوبات، أصدرت مؤسسة القرض الحسن بيانًا رسميًا أكدت فيه أنها تواصل العمل باسمها الحالي، ومن خلال جميع فروعها في مختلف أنحاء لبنان. ونقلت الورقة مضمون البيان، الذي ركّز على عمل المؤسّسة في إدارة قروض اجتماعية قائمة على التكافل بين المانحين والمقترضين، لتلبية حاجات اجتماعية. كما أكّد بيان المؤسّسة أنّ عمليات بيع وشراء الذهب لا تنفذها المؤسسة نفسها، بل تتم عبر شركات تجارية مرخّصة.
شكوك في قدرة الدولة اللبنانيّة
وهكذا، وجدت الورقة في هذه التطوّرات دليلاً على أن مسار تفكيك حزب الله أو إضعافه لا يمكن أن يقتصر على البعد العسكري وحده، بل يتطلّب ضغوطًا سياسية ودولية شاملة تستهدف أيضًا البعد المدني–الاقتصادي للتنظيم. إذ يتيح النظام المالي لحزب الله عملية تعافيه، كما يسمح بترسيخ قاعدته الاجتماعية. ولذلك، وعلى غرار مسألة السلاح، لن يتخلّى الحزب عن نظامه المالي بسهولة، وسيواصل البحث عن آليات بديلة للحفاظ عليه.
وفي ضوء العوائق القانونية والإدارية، ومعارضة حزب الله، وارتفاع مستوى “الحساسية الشعبية”، تجد الورقة أنّ احتمالات نجاح الحكومة اللبنانية في إقفال مؤسسة القرض الحسن ستبقى محدودة. وحتى في حال تنفيذ خطوة من هذا النوع، فستكون مجرّد إجراء “ذو طابع رمزي إلى حدٍ كبير”، بحسب الورقة.
وعليه، تخلص الورقة إلى ضرورة الطلب من لبنان إنشاء آليات رقابة وإنفاذ فعّالة ومستدامة، وهذا ما سيشكّل تحدياً كبيراً لدولة يرزح نظامها الاقتصادي تحت أزمة عميقة. ومع ذلك، ترى الورقة أنّ هذه الخطوة تبقى ضرورية ضمن إصلاحات هيكلية وتنظيمية، تهدف إلى إخراج حزب الله من الحيّز الاقتصادي والسياسي.
وفي النتيجة، يطرح مركز “ألما” الإسرائيلي سؤالاً كبيراً: هل تستطيع الدولة اللبنانية تنفيذ إجراءات حقيقية وفعّالة ومستدامة ضد مؤسسة “القرض الحسن”؟ ويجيب المركز، من المرجّح أن تواجه الدولة مشكلة في القدرة، تمامًا كما تواجه مشكلة في القدرة على اتخاذ خطوات حقيقية وجدية لنزع سلاح حزب الله. وهنا، ذكّر المركز بأن حزب الله أوضح أساساً أنّ أي مساس بمؤسّسة القرض الحسن يُعد خطاً أحمر من وجهة نظره.
معهد “ألما”: تفكيك الحزب يجب أن يطال نشاطه المالي

نشر مركز “ألما” للدراسات والتعليم في إسرائيل ورقة تناولت المنظومة الماليّة التي يستفيد منها حزب الله للتعافي، وخصوصاً تلك المرتبطة بمؤسّسة القرض الحسن. المركز المتخصّص بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي، ولا سيما ما يتعلّق بحزب الله والجبهة الشماليّة وإيران، خلص إلى ضرورة الالتفات لأهداف تفكيك البنية التحتيّة الماليّة للحزب، مع طرح شكوك في قدرة الدولة اللبنانيّة على تنفيذ هذا الهدف حالياً.
أهميّة “القرض الحسن” للحزب
الورقة الإسرائيليّة تناولت الموضوع من زاوية الدور الذي تلعبه مؤسّسة القرض الحسن حالياً. فعمليّة تعافي حزب الله لا تعتمد حالياً على قدراته العسكريّة؛ بل إلى حدٍ كبير على بنيته التحتيّة الاقتصاديّة والماليّة. وفي صلب هذا النظام تأتي مؤسّسة القرض الحسن، التي تُعدّ ركيزة أساسية للنشاط الاقتصادي للحزب، ولعلاقته بقاعدته الشعبية الشيعية في لبنان. ووفق الورقة، يُقدّر عدد المستفيدين من خدمات المؤسسة بنحو 300 ألف عميل، فيما يُقدَّر حجم نشاطها بأكثر من 3 مليارات دولار، وهي أرقام تبرز أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله.
الورقة ذكّرت بزيارة وفد زيارة وزارة الخزانة الأميركيّة إلى لبنان، حيث تم توجيه مطالب حازمة إلى الحكومة اللبنانيّة تقضي بإقفال مؤسّسة القرض الحسن. وخلال تلك الزيارة، حثّ الأميركيون حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، على البدء باتخاذ خطوات أولية لتنفيذ هذا الإجراء، بما في ذلك وضع جدول زمني للتنفيذ التدريجي. وفي ضوء هذه المطالب، تواصل سعيد مع قوى الأمن الداخلي، طالباً منها البدء بالدخول إلى فروع المؤسّسة والعمل على إقفالها تدريجياً. لكن في الوقت نفسه، أوضح المسؤولون في الحكومة اللبنانيّة بأن الحاكم لا يملك الصلاحيّة للتحرّك بشكلٍ منفرد، كون القرض الحسن مسجّلاً كجمعيّة، وليس كمصرف مرخّص.
وكشفت الورقة أنّ بدائل إضافيّة باتت قيد الدرس في لبنان، ومن بينها تقليص قدرة القرض الحسن على ممارسة أنشطة مصرفية بشكل كبير، وذلك عبر فرض رقابة صارمة، وإخضاعه لمتابعة دائمة، وفرض قيود على استخدام الذهب كآلية للإقراض أو كضمان. وبحسب الورقة، تعكس هذه الخطوات محاولة للاستجابة للمطالب الأميركية، من دون الانجرار إلى مواجهة سياسية واجتماعية واسعة.
ردّة فعل الحزب
وتابعت الورقة مشيرةً إلى لقاء عُقد بين سعيد والنائب المحسوب على الحزب علي فيّاض، حيث حذّر فيّاض من خطوات تؤدّي -حسب تعبيره- إلى الإضرار بالملكيّة الخاصّة. واعتبر فياض أن استبعاد مؤسسات حزب الله من النظام المصرفي الرسمي هو ما دفع الحزب وأنصاره إلى التوجّه نحو اقتصاد قائم على النقد.
ونقلت الورقة رد فعل الحزب، الذي جاء سريعاً. حيث صدر بيان رسمي، اعتبر فيه الحزب أن ما يجري يشكّل محاولة أميركية لـ”خنق” بيئته الاقتصادية والاجتماعية. وفي الوقت الراهن، تجري داخل الحزب نقاشات داخلية لتحضير الردود على المستويين السياسي والقانوني، وقد جرى تشكيل لجنة خاصة لدراسة حلول وبدائل محتملة لمؤسسة “القرض الحسن”. وبحسب الورقة، يُعدّ مصير مئات آلالاف المستفيدين من خدمات المؤسسة في حال إقفالها تحديًا مركزيًا، إذ إن إقفال المؤسّسة سيُلحق ضربة قاسية بالجهاز الاقتصادي لحزب الله في لبنان.
ونقلت الورقة عن تقارير إعلاميّة دراسة الحزب لبدائل، تتمثّل في إنشاء جمعيّة جديدة تحمل إسم “جود”، وذلك للعمل وفق نموذج يقوم على بيع وشراء الذهب، أو بيع الذهب بقروض يجري سدادها على أقساط. وبحسب التقارير، لن تقوم الجمعيّة بتحويل أموال نقديّة، ولن تمارس أنشطة مصرفيّة تقليديّة، وهذا ما يعفيها من رقابة المصرف المركزي. وبذلك، ستعكس هذه الخطوة توجّه الحزب المحتمل للعمل ضمن مساحات تنظيميّة “رماديّة”، حسب توصيف الورقة.
وردًا على تقارير بثّتها قناة “الحدث”، بشأن احتمال تغيير اسم المؤسسة للتحايل على العقوبات، أصدرت مؤسسة القرض الحسن بيانًا رسميًا أكدت فيه أنها تواصل العمل باسمها الحالي، ومن خلال جميع فروعها في مختلف أنحاء لبنان. ونقلت الورقة مضمون البيان، الذي ركّز على عمل المؤسّسة في إدارة قروض اجتماعية قائمة على التكافل بين المانحين والمقترضين، لتلبية حاجات اجتماعية. كما أكّد بيان المؤسّسة أنّ عمليات بيع وشراء الذهب لا تنفذها المؤسسة نفسها، بل تتم عبر شركات تجارية مرخّصة.
شكوك في قدرة الدولة اللبنانيّة
وهكذا، وجدت الورقة في هذه التطوّرات دليلاً على أن مسار تفكيك حزب الله أو إضعافه لا يمكن أن يقتصر على البعد العسكري وحده، بل يتطلّب ضغوطًا سياسية ودولية شاملة تستهدف أيضًا البعد المدني–الاقتصادي للتنظيم. إذ يتيح النظام المالي لحزب الله عملية تعافيه، كما يسمح بترسيخ قاعدته الاجتماعية. ولذلك، وعلى غرار مسألة السلاح، لن يتخلّى الحزب عن نظامه المالي بسهولة، وسيواصل البحث عن آليات بديلة للحفاظ عليه.
وفي ضوء العوائق القانونية والإدارية، ومعارضة حزب الله، وارتفاع مستوى “الحساسية الشعبية”، تجد الورقة أنّ احتمالات نجاح الحكومة اللبنانية في إقفال مؤسسة القرض الحسن ستبقى محدودة. وحتى في حال تنفيذ خطوة من هذا النوع، فستكون مجرّد إجراء “ذو طابع رمزي إلى حدٍ كبير”، بحسب الورقة.
وعليه، تخلص الورقة إلى ضرورة الطلب من لبنان إنشاء آليات رقابة وإنفاذ فعّالة ومستدامة، وهذا ما سيشكّل تحدياً كبيراً لدولة يرزح نظامها الاقتصادي تحت أزمة عميقة. ومع ذلك، ترى الورقة أنّ هذه الخطوة تبقى ضرورية ضمن إصلاحات هيكلية وتنظيمية، تهدف إلى إخراج حزب الله من الحيّز الاقتصادي والسياسي.
وفي النتيجة، يطرح مركز “ألما” الإسرائيلي سؤالاً كبيراً: هل تستطيع الدولة اللبنانية تنفيذ إجراءات حقيقية وفعّالة ومستدامة ضد مؤسسة “القرض الحسن”؟ ويجيب المركز، من المرجّح أن تواجه الدولة مشكلة في القدرة، تمامًا كما تواجه مشكلة في القدرة على اتخاذ خطوات حقيقية وجدية لنزع سلاح حزب الله. وهنا، ذكّر المركز بأن حزب الله أوضح أساساً أنّ أي مساس بمؤسّسة القرض الحسن يُعد خطاً أحمر من وجهة نظره.











