الفاتيكان تلقّى تجاوباً أميركيّاً يُعفي لبنان من الحرب؟

هل يستند الرئيس اللبنانيّ العماد جوزف عون إلى معطيات صلبة دفعته إلى القول إنّ “شبح الحرب ابتعد”؟ على طريقته فسّر الخشية من تجدّد الحرب بقوله إنّ “في التفاوض، كلّ واحد يرفع سقفه”. بالمقابل هناك آمال أن يؤدّي مناخ أميركيّ جديد إلى خطوة مقابلة من إسرائيل بانسحاب “ولو من تلّة واحدة” في الجنوب ليتخلّى “الحزب” عن ذريعة عدم التزام إسرائيل وقف الأعمال العدائيّة فلا يقبل تالياً نزع سلاحه شمال الليطاني.
لا يتضمّن كبحُ جماح الحرب وقف الضربات الإسرائيليّة ضدّ “الحزب” وتحرّكات عناصره الميدانيّة، وسبق أن أبلغت تل أبيب الجانب الأميركيّ بأنّ التفاوض في لجنة “الميكانيزم” مسار منفصل عن مسار ضرباتها العسكريّة لـ”الحزب”.
لم يكن كلام عون وحده الذي أشار إلى تجاوز خطر الحرب. من الإشارات المهمّة إلى أنّ واشنطن باتت تعتمد نهجاً معاكساً لتهديدات إسرائيل وتفرض عليها الأخذ بنصيحة “خفض التصعيد في لبنان”، تصريحاتٌ أدلى بها السفير الأميركيّ في إسرائيل مايك هاغابي.
هاغابي المتطرّف: لنعطِ فرصة للبنان
أفصح الدبلوماسي، الذي يُعتبر من الفريق المحيط بالرئيس دونالد ترامب والمتطرّف في تعاطفه مع إسرائيل، عن مناخ الإدارة الجديد. قال في منتدى سياسيّ في تل أبيب حين سُئل عن لبنان ونزع السلاح: “يجب على القوّات المسلّحة اللبنانيّة أن تكون أكثر قوّة. صحيح أنّ وتيرة ذلك أبطأ ممّا نتمنّاه، لكنّ علينا أن نمنحها فرصة. علينا التحلّي بالصبر. علينا أن نُدرك أنّ على الحكومة اللبنانيّة أن تخطو خطواتها الأولى قبل أن تركض”.
كشف هاغابي علناً عن المناخ الأميركيّ الجديد الذي تؤكّد مصادر لبنانيّة رفيعة لـ”أساس” أنّ عوامل عدّة ساهمت في خلقه وتجلّى في تسريبات إعلاميّة. بدأ المسؤولون اللبنانيّون يلمسون هذا المناخ في محطّتين مهمّتين:
تعيين كرم وتفهّم أورتاغوس
– رئاسة الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس الاجتماع الأوّل للجنة “الميكانيزم” عقب تكليف السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبنانيّ إلى لجنة “الميكانيزم” في 3 كانون الأوّل. في حينها تعاطت واشنطن مع هذه الخطوة على أنّها تستأهل “تفهّم” الموقف اللبنانيّ، خلافاً لاستعجال خطوات نزع السلاح واتّهام السلطة والجيش بالتباطؤ والخضوع لتشدّد “الحزب” في رفضه ذلك. قبل ملاحظة هذا “التفهّم”، كانت واشنطن تأخذ بالحملة الإسرائيليّة عن إعادة “الحزب” وإيران تأهيل بنيته العسكريّة لتبرير نيّة قادتها العسكريّين والسياسيّين الانتقال من الضربات الانتقائيّة إلى حرب واسعة على الأراضي اللبنانيّة كافّة.
– الأجواء التي سادت الاجتماعَين الأخيرَين لـ”الميكانيزم”. مع شحّ المعلومات عن ماهيّة المطالب الإسرائيليّة والموقف الأميركيّ فيهما، تؤكّد مصادر لبنانيّة رسميّة لـ”أساس” أنّ نسبة عالية من الإيجابيّة سادتهما، في انتظار الجولة الثالثة المقرّرة في 7 كانون الثاني.
دبلوماسيّة البابا الصّامتة… واجتماع باريس
لكنّ أوساطاً متعدّدة مطّلعة على أسباب تفاؤل الرئيس أوضحت لـ”أساس” أنّ اتّصالات تراكميّة شكّلت خلفيّة ثقته بابتعاد شبح الحرب، منها:
1- الاتّصالات التي أعلن البابا ليون الرابع عشر قبل وبعد زيارته لبنان في 30 تشرين الأوّل الماضي أنّه أجراها ويجريها. في اليوم الأخير لزيارته لبنان، في 2 كانون الأوّل قال: “لتتوقّف الهجمات والأعمال العدائيّة. ولا يظنّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّح يجلب أيّة فائدة. فالأسلحة تقتل، وأمّا التفاوض والوساطة والحوار فتبني”. ثمّ دعوته على متن الطائرة في طريق العودة “الحزب” إلى التخلّي عن السلاح.
أعقب الزيارة تحرّكُ الدبلوماسيّة الصامتة للفاتيكان مع إدارة ترامب لتجنيب البلد الحرب. تذكّر الأوساط التي اطّلعت على حصيلة تلك الاتّصالات بأنّ نائب الرئيس الأميركيّ جي دي فانس كاثوليكيّ.
2-التقارير المفصّلة التي قدّمتها قيادة الجيش إلى “الميكانيزم” عمّا حقّقه في نزع السلاح، والتي دحضت الترويج الإسرائيليّ لـ”عجزه” عن القيام بالمهمّة، على الرغم من تواضع إمكاناته. أقنعت التقارير الجانبين الأميركيّ والفرنسيّ وقوّات الأمم المتّحدة (اليونيفيل). تكرّر الانطباع نفسه عمّا أنجزه الجيش في العرض الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل لاجتماع باريس الرباعيّ الذي شاركت فيه المملكة العربيّة السعوديّة وأميركا وفرنسا في 18 الجاري. نصحت الدول الثلاث الجيش بنشر وقائع ما أنجزه. وهو الاجتماع الذي مهّد لعقد مؤتمر دوليّ في شباط المقبل لدعم الجيش بالإمكانات ليواصل سحب السلاح.
قناعة مجلس الأمن ودور مصر
3-زيارة وفد الدول الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن لبيروت ثمّ الجنوب كانت حاسمة في تشكيل قناعة ممثّلي هذه الدول بقيام السلطات اللبنانيّة بدورها وبإقبالها على تطبيق خطّة حصريّة السلاح جنوب الليطاني وشماله بجدّيّة.
4- قيام مظلّة من الرعاية والحماية للبنان عبر الزيارات المتعاقبة لكلّ من المسؤولين المصريّين والأوروبيّين لبيروت. أهمّها زيارة مدير الاستخبارات اللواء حسن الشاطر، ثمّ وزير الخارجيّة بدر عبدالعاطي، وأخيراً رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. باتت القاهرة، مع دول عربيّة أخرى، علاوة على نقلها معطيات عن التهديد الإسرائيليّ، قادرة على إسماع كلمتها لإدارة ترامب منذ انخراط الأخير معها بقوّة لتنفيذ خطّته للسلام في غزّة في قمّة شرم الشيخ المفصليّة.
هل يكفي كلّ ذلك للتفاؤل بتراجع المخاوف من الحرب؟
يبدو أنّ المفتاح يكمن في تكرار عون ورئيسَي البرلمان نبيه برّي والحكومة نوّاف سلام للجانب الأميركيّ وجوب أن يحصل لبنان على انسحاب ما ولو من تلّة واحدة من الحدود الجنوبيّة مقابل جدّيّة خطواته. الغرض هو تمكين “الحزب” من أن يظهر لجمهوره أنّ تشدّده حقّق نتائج تبرّر تجاوبه في سحب السلاح شمال الليطاني. في بعض الأوساط الرسميّة تلميحات إلى أنّ “الحزب” ليس عصيّاً على تلقّف خطوة كهذه، خلافاً لاعتقاد خصومه.
يبدو أنّ هذا هو المقصود من حديث الرئيس عون عن استكمال سحب السلاح “حسب الظروف”… فلننتظر اجتماع ترامب مع نتنياهو بعد يومين.
الفاتيكان تلقّى تجاوباً أميركيّاً يُعفي لبنان من الحرب؟

هل يستند الرئيس اللبنانيّ العماد جوزف عون إلى معطيات صلبة دفعته إلى القول إنّ “شبح الحرب ابتعد”؟ على طريقته فسّر الخشية من تجدّد الحرب بقوله إنّ “في التفاوض، كلّ واحد يرفع سقفه”. بالمقابل هناك آمال أن يؤدّي مناخ أميركيّ جديد إلى خطوة مقابلة من إسرائيل بانسحاب “ولو من تلّة واحدة” في الجنوب ليتخلّى “الحزب” عن ذريعة عدم التزام إسرائيل وقف الأعمال العدائيّة فلا يقبل تالياً نزع سلاحه شمال الليطاني.
لا يتضمّن كبحُ جماح الحرب وقف الضربات الإسرائيليّة ضدّ “الحزب” وتحرّكات عناصره الميدانيّة، وسبق أن أبلغت تل أبيب الجانب الأميركيّ بأنّ التفاوض في لجنة “الميكانيزم” مسار منفصل عن مسار ضرباتها العسكريّة لـ”الحزب”.
لم يكن كلام عون وحده الذي أشار إلى تجاوز خطر الحرب. من الإشارات المهمّة إلى أنّ واشنطن باتت تعتمد نهجاً معاكساً لتهديدات إسرائيل وتفرض عليها الأخذ بنصيحة “خفض التصعيد في لبنان”، تصريحاتٌ أدلى بها السفير الأميركيّ في إسرائيل مايك هاغابي.
هاغابي المتطرّف: لنعطِ فرصة للبنان
أفصح الدبلوماسي، الذي يُعتبر من الفريق المحيط بالرئيس دونالد ترامب والمتطرّف في تعاطفه مع إسرائيل، عن مناخ الإدارة الجديد. قال في منتدى سياسيّ في تل أبيب حين سُئل عن لبنان ونزع السلاح: “يجب على القوّات المسلّحة اللبنانيّة أن تكون أكثر قوّة. صحيح أنّ وتيرة ذلك أبطأ ممّا نتمنّاه، لكنّ علينا أن نمنحها فرصة. علينا التحلّي بالصبر. علينا أن نُدرك أنّ على الحكومة اللبنانيّة أن تخطو خطواتها الأولى قبل أن تركض”.
كشف هاغابي علناً عن المناخ الأميركيّ الجديد الذي تؤكّد مصادر لبنانيّة رفيعة لـ”أساس” أنّ عوامل عدّة ساهمت في خلقه وتجلّى في تسريبات إعلاميّة. بدأ المسؤولون اللبنانيّون يلمسون هذا المناخ في محطّتين مهمّتين:
تعيين كرم وتفهّم أورتاغوس
– رئاسة الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس الاجتماع الأوّل للجنة “الميكانيزم” عقب تكليف السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبنانيّ إلى لجنة “الميكانيزم” في 3 كانون الأوّل. في حينها تعاطت واشنطن مع هذه الخطوة على أنّها تستأهل “تفهّم” الموقف اللبنانيّ، خلافاً لاستعجال خطوات نزع السلاح واتّهام السلطة والجيش بالتباطؤ والخضوع لتشدّد “الحزب” في رفضه ذلك. قبل ملاحظة هذا “التفهّم”، كانت واشنطن تأخذ بالحملة الإسرائيليّة عن إعادة “الحزب” وإيران تأهيل بنيته العسكريّة لتبرير نيّة قادتها العسكريّين والسياسيّين الانتقال من الضربات الانتقائيّة إلى حرب واسعة على الأراضي اللبنانيّة كافّة.
– الأجواء التي سادت الاجتماعَين الأخيرَين لـ”الميكانيزم”. مع شحّ المعلومات عن ماهيّة المطالب الإسرائيليّة والموقف الأميركيّ فيهما، تؤكّد مصادر لبنانيّة رسميّة لـ”أساس” أنّ نسبة عالية من الإيجابيّة سادتهما، في انتظار الجولة الثالثة المقرّرة في 7 كانون الثاني.
دبلوماسيّة البابا الصّامتة… واجتماع باريس
لكنّ أوساطاً متعدّدة مطّلعة على أسباب تفاؤل الرئيس أوضحت لـ”أساس” أنّ اتّصالات تراكميّة شكّلت خلفيّة ثقته بابتعاد شبح الحرب، منها:
1- الاتّصالات التي أعلن البابا ليون الرابع عشر قبل وبعد زيارته لبنان في 30 تشرين الأوّل الماضي أنّه أجراها ويجريها. في اليوم الأخير لزيارته لبنان، في 2 كانون الأوّل قال: “لتتوقّف الهجمات والأعمال العدائيّة. ولا يظنّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّح يجلب أيّة فائدة. فالأسلحة تقتل، وأمّا التفاوض والوساطة والحوار فتبني”. ثمّ دعوته على متن الطائرة في طريق العودة “الحزب” إلى التخلّي عن السلاح.
أعقب الزيارة تحرّكُ الدبلوماسيّة الصامتة للفاتيكان مع إدارة ترامب لتجنيب البلد الحرب. تذكّر الأوساط التي اطّلعت على حصيلة تلك الاتّصالات بأنّ نائب الرئيس الأميركيّ جي دي فانس كاثوليكيّ.
2-التقارير المفصّلة التي قدّمتها قيادة الجيش إلى “الميكانيزم” عمّا حقّقه في نزع السلاح، والتي دحضت الترويج الإسرائيليّ لـ”عجزه” عن القيام بالمهمّة، على الرغم من تواضع إمكاناته. أقنعت التقارير الجانبين الأميركيّ والفرنسيّ وقوّات الأمم المتّحدة (اليونيفيل). تكرّر الانطباع نفسه عمّا أنجزه الجيش في العرض الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل لاجتماع باريس الرباعيّ الذي شاركت فيه المملكة العربيّة السعوديّة وأميركا وفرنسا في 18 الجاري. نصحت الدول الثلاث الجيش بنشر وقائع ما أنجزه. وهو الاجتماع الذي مهّد لعقد مؤتمر دوليّ في شباط المقبل لدعم الجيش بالإمكانات ليواصل سحب السلاح.
قناعة مجلس الأمن ودور مصر
3-زيارة وفد الدول الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن لبيروت ثمّ الجنوب كانت حاسمة في تشكيل قناعة ممثّلي هذه الدول بقيام السلطات اللبنانيّة بدورها وبإقبالها على تطبيق خطّة حصريّة السلاح جنوب الليطاني وشماله بجدّيّة.
4- قيام مظلّة من الرعاية والحماية للبنان عبر الزيارات المتعاقبة لكلّ من المسؤولين المصريّين والأوروبيّين لبيروت. أهمّها زيارة مدير الاستخبارات اللواء حسن الشاطر، ثمّ وزير الخارجيّة بدر عبدالعاطي، وأخيراً رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. باتت القاهرة، مع دول عربيّة أخرى، علاوة على نقلها معطيات عن التهديد الإسرائيليّ، قادرة على إسماع كلمتها لإدارة ترامب منذ انخراط الأخير معها بقوّة لتنفيذ خطّته للسلام في غزّة في قمّة شرم الشيخ المفصليّة.
هل يكفي كلّ ذلك للتفاؤل بتراجع المخاوف من الحرب؟
يبدو أنّ المفتاح يكمن في تكرار عون ورئيسَي البرلمان نبيه برّي والحكومة نوّاف سلام للجانب الأميركيّ وجوب أن يحصل لبنان على انسحاب ما ولو من تلّة واحدة من الحدود الجنوبيّة مقابل جدّيّة خطواته. الغرض هو تمكين “الحزب” من أن يظهر لجمهوره أنّ تشدّده حقّق نتائج تبرّر تجاوبه في سحب السلاح شمال الليطاني. في بعض الأوساط الرسميّة تلميحات إلى أنّ “الحزب” ليس عصيّاً على تلقّف خطوة كهذه، خلافاً لاعتقاد خصومه.
يبدو أنّ هذا هو المقصود من حديث الرئيس عون عن استكمال سحب السلاح “حسب الظروف”… فلننتظر اجتماع ترامب مع نتنياهو بعد يومين.










