رشوتان في الأفق

الكاتب: انطوان فرح | المصدر: نداء الوطن
29 كانون الأول 2025

أما وقد أقرّت الحكومة مشروع قانون الفجوة المالية بالتصويت، وبعدما أقرّ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، بأن القانون كما ورّدته الحكومة غير مثالي، وفيه نواقص، وبرّر ذلك بالإمكانات المتاحة، صار لزامًا اليوم التركيز على خيارين:

1 – السعي لإسقاط المشروع في مجلس النواب.

2 – العمل على إبراز الثغرات في المشروع، وتسليط الضوء على البدائل المتاحة لكي نسهّل على النواب الجديين الراغبين في إصلاح ما أمكن إصلاحه في المشروع، الولوج مباشرة إلى إقرار ما هو مطلوب.

بين الخيارين، تبدو الأفضلية للخيار الثاني، شرط أن تكون الاحتمالات مفتوحة، وأن يتمّ استبعاد الشعبوية والاستعاضة عنها بالمنطق والمصلحة العامة. والأهم أن يتنبّه الجميع إلى “سلاح” الابتزاز والرشوة. والمقصود هنا الانتخابات النيابية المقرّرة في أيار المقبل. إذ ليس مستبعدًا، أن يلجأ من يريد تمرير القانون بعلّاته إلى استخدام تأجيل الانتخابات النيابية لسنة أو سنتين، كرشوة يمكن تقديمها إلى بعض الأطراف السياسية، مقابل إقرار القانون، كما هو.

في الحسابات الحالية، واستنادًا إلى التصويت الذي تمّ في مجلس الوزراء، فإن القانون لن يمرّ كما ورد من الحكومة، لكن هذه الحسابات قد تتغيّر إذا دخلت رشوة التأجيل في اللعبة البرلمانية. صحيح أن كل القوى السياسية وكل النواب عمومًا، يدّعون رفض التأجيل والإصرار على حصول الانتخابات في موعدها، لكن الصحيح ايضًا أن لا قيمة حقيقية للرفض العلني، وقد اعتدنا أن تكون المواقف العلنية مناقضة للمواقف الضمنية الحقيقية. وبالتالي، لا يمكن الاستكانة إلى المواقف المُعلنة للادعاء أن الجميع يريدون الانتخابات في موعدها.

مقابل هذه الرشوة المحتملة، والتي ينبغي منع حصولها، ينبغي التصدّي ايضًا، وبالقوة نفسها، وربما أكثر، للرشوة التي قد يختار نواب تقديمها إلى الناخبين. هذه الرشوة لا تقل خطورة عن رشوة التأجيل التي قد يحصل عليها النواب. وقد أثبتت التجارب والمواقف، أنه عندما يتعلّق الأمر برشوة الناخبين، يصبح النواب بشكل عام أكثر كرمًا، خصوصًا أنهم يتكارمون من دون أن يضطروا إلى مد أيديهم إلى جيوبهم، كما هي الحال عندما يدفعون الرشاوى مباشرة إلى الناخبين في المواسم الانتخابية.

إذا كان خطر رشوة تأجيل الانتخابات، قد يؤدّي إلى إقرار القانون كما هو تقريبًا، ومن دون معالجة الثغرات القاتلة فيه، والتي ستؤدّي إلى حرمان قسم من المودعين من أموالهم، وإلى تصفية العدد الأكبر من المصارف، فإن رشوة النواب لناخبيهم، ستؤدّي حتمًا إلى إدخال تعديلات إضافية على القانون، وستزيد من خطورته، وتجعله بمثابة قنبلة ستنفجر في وجه اللبنانيين عندما يحين موعد التطبيق. ولن يؤدّي ذلك إلى حرمان المودعين من أموالهم وإلى تدمير القطاع المالي برمته فحسب، بل سيؤدي حتمًا إلى ركود اقتصادي قاتل في السنوات المقبلة. ولن يكون الكلام عن نهوض اقتصادي سريع يلي الحل، سوى وهمٍ جديد يُضاف إلى لائحة الأوهام التي تمتلئ بها مجلدات الوعود منذ الانهيار قبل أكثر من ست سنوات حتى اليوم.

المجلس النيابي والنواب أمام اختبار وطني كبير، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. لنأمل أن يختار النواب “التكريم”، ويتحمّلوا المسؤولية التي أولاها إياهم اللبنانيون.

رشوتان في الأفق

الكاتب: انطوان فرح | المصدر: نداء الوطن
29 كانون الأول 2025

أما وقد أقرّت الحكومة مشروع قانون الفجوة المالية بالتصويت، وبعدما أقرّ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، بأن القانون كما ورّدته الحكومة غير مثالي، وفيه نواقص، وبرّر ذلك بالإمكانات المتاحة، صار لزامًا اليوم التركيز على خيارين:

1 – السعي لإسقاط المشروع في مجلس النواب.

2 – العمل على إبراز الثغرات في المشروع، وتسليط الضوء على البدائل المتاحة لكي نسهّل على النواب الجديين الراغبين في إصلاح ما أمكن إصلاحه في المشروع، الولوج مباشرة إلى إقرار ما هو مطلوب.

بين الخيارين، تبدو الأفضلية للخيار الثاني، شرط أن تكون الاحتمالات مفتوحة، وأن يتمّ استبعاد الشعبوية والاستعاضة عنها بالمنطق والمصلحة العامة. والأهم أن يتنبّه الجميع إلى “سلاح” الابتزاز والرشوة. والمقصود هنا الانتخابات النيابية المقرّرة في أيار المقبل. إذ ليس مستبعدًا، أن يلجأ من يريد تمرير القانون بعلّاته إلى استخدام تأجيل الانتخابات النيابية لسنة أو سنتين، كرشوة يمكن تقديمها إلى بعض الأطراف السياسية، مقابل إقرار القانون، كما هو.

في الحسابات الحالية، واستنادًا إلى التصويت الذي تمّ في مجلس الوزراء، فإن القانون لن يمرّ كما ورد من الحكومة، لكن هذه الحسابات قد تتغيّر إذا دخلت رشوة التأجيل في اللعبة البرلمانية. صحيح أن كل القوى السياسية وكل النواب عمومًا، يدّعون رفض التأجيل والإصرار على حصول الانتخابات في موعدها، لكن الصحيح ايضًا أن لا قيمة حقيقية للرفض العلني، وقد اعتدنا أن تكون المواقف العلنية مناقضة للمواقف الضمنية الحقيقية. وبالتالي، لا يمكن الاستكانة إلى المواقف المُعلنة للادعاء أن الجميع يريدون الانتخابات في موعدها.

مقابل هذه الرشوة المحتملة، والتي ينبغي منع حصولها، ينبغي التصدّي ايضًا، وبالقوة نفسها، وربما أكثر، للرشوة التي قد يختار نواب تقديمها إلى الناخبين. هذه الرشوة لا تقل خطورة عن رشوة التأجيل التي قد يحصل عليها النواب. وقد أثبتت التجارب والمواقف، أنه عندما يتعلّق الأمر برشوة الناخبين، يصبح النواب بشكل عام أكثر كرمًا، خصوصًا أنهم يتكارمون من دون أن يضطروا إلى مد أيديهم إلى جيوبهم، كما هي الحال عندما يدفعون الرشاوى مباشرة إلى الناخبين في المواسم الانتخابية.

إذا كان خطر رشوة تأجيل الانتخابات، قد يؤدّي إلى إقرار القانون كما هو تقريبًا، ومن دون معالجة الثغرات القاتلة فيه، والتي ستؤدّي إلى حرمان قسم من المودعين من أموالهم، وإلى تصفية العدد الأكبر من المصارف، فإن رشوة النواب لناخبيهم، ستؤدّي حتمًا إلى إدخال تعديلات إضافية على القانون، وستزيد من خطورته، وتجعله بمثابة قنبلة ستنفجر في وجه اللبنانيين عندما يحين موعد التطبيق. ولن يؤدّي ذلك إلى حرمان المودعين من أموالهم وإلى تدمير القطاع المالي برمته فحسب، بل سيؤدي حتمًا إلى ركود اقتصادي قاتل في السنوات المقبلة. ولن يكون الكلام عن نهوض اقتصادي سريع يلي الحل، سوى وهمٍ جديد يُضاف إلى لائحة الأوهام التي تمتلئ بها مجلدات الوعود منذ الانهيار قبل أكثر من ست سنوات حتى اليوم.

المجلس النيابي والنواب أمام اختبار وطني كبير، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. لنأمل أن يختار النواب “التكريم”، ويتحمّلوا المسؤولية التي أولاها إياهم اللبنانيون.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار