ثلاث معارك ومصير الانتخابات مجهول

ما هو مصير قانون الانتخابات على بُعد أربعة أشهر ونصف فقط من الموعد المفترَض لإجراء الانتخابات النيابيّة؟ هل تقود خطوة رئيس الجمهوريّة جوزف عون بتوقيع مرسوم فتح عقد استثنائيّ لمجلس النوّاب إلى فتح ثغرة تتسلّل من خلالها التعديلات المطلوبة على القانون الحاليّ لجعل الانتخابات ممكنة في موعدها بأيّار، أو لتأخيرها تقنيّاً حتّى تمّوز المقبل؟
باستثناء التركيز السياسيّ على ما ستنتجه جلسة مجلس الوزراء، الأولى بعد انقضاء الأعياد، لجهة آليّة مواكبة الحكومة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة حصر السلاح شمال الليطاني، والاطّلاع على تقرير الجيش في شأن “وضع” جنوب الليطاني بعد انتهاء مدّة سحب السلاح منه، واستعدادات الجيش للعمل في نطاق شمال الليطاني، سيشهد مجلس النوّاب في الأشهر المقبلة ثلاث معارك أساسيّة تُعتبر جميعها داهمة والمجتمع الدولي معنيّ بها بشكل مباشر لحسم مسألة “حسن سلوك” السلطة السياسيّة حيال عناوينها الإصلاحيّة.
في 23 الجاري وقّع الرئيس عون، للمرّة الثانية منذ انتخابه رئيساً، مرسوم دعوة مجلس النوّاب الى عقد استثنائيّ من تاريخ 2/1/2026 إلى 1/3/2026.
حدّد المرسوم برنامج أعمال هذا العقد بمشروع موازنة عام 2026، ومشاريع القوانين المُحالة إلى مجلس النوّاب والتي ستُحال إليه، وسائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرّر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
موازنة إصلاح أو “محاسبجيّ”؟
تكتسب “معركة” موازنة 2026 أهميّة استثنائيّة لجهة قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزامها تقديم موازنة “إصلاح وإنقاذ” تكون طريقاً للتعافي الماليّ والإداريّ والاقتصاديّ والإصلاح الضريبيّ، وجزءاً من الإصلاحات البنيويّة، وليست ورقة “محاسبجيّ” تكون استنساخاً “مُحدّثاً” لموازنات الحكومات السابقة.
لا يوازي الموازنةَ أهميّةً سوى معركة إقرار مشروع قانون الفجوة الماليّة، بعد التصويت عليه في الحكومة يوم الجمعة. أقرّ رئيس الحكومة بأنّ الكرة الآن في ملعب مجلس النوّاب، واصفاً المشروع بأنّه “غير مثاليّ، وفيه نواقص، لكنّه يفتح باب التفاهم مع صندوق النقد الدوليّ والدول المانحة”.
هذا مع العلم أنّ العقد الاستثنائيّ الأوّل الذي دعا إليه عون في حزيران الفائت تضمّن في بنوده “مشاريع القوانين الطارئة والمستعجَلة والضروريّة المتعلّقة بالأوضاع المعيشيّة الملحّة، والإصلاحات اللازمة، لا سيما مشروع القانون المتعلّق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها”. بالفعل أقرّ مجلس النوّاب مشروع قانون إصلاح المصارف في 31 تمّوز الماضي، الذي أعقب إقرار قانون رفع سرّيّة المصارف، وهما ركيزتان أساسيّتان في خطّة الإصلاح الماليّ والاقتصاديّ.
تجهد الحكومة، بكلّ تناقضاتها التي تُرجمت أخيراً في الانقسام الذي شهده مجلس الوزراء في شأن التصويت على مشروع قانون الفجوة الماليّة، في تقديم مزيد من الأدلّة للمجتمع الدوليّ وصندوق النقد الدوليّ على جدّيّتها في ركوب قطار الإصلاح.
بازار نيابيّ من “الفجوة الماليّة”
سيُحال مشروع الحكومة عن الانتظام الماليّ إلى لجنة المال والموازنة، قبل إحالته إلى الهيئة العامّة لمجلس النوّاب، وهناك سيبدأ بازار نيابيّ مفتوح في شأن حقوق المودعين لن يكون بالإمكان فصله عن الانتخابات النيابيّة المقبلة، خصوصاً إذا صَدَقت الحكومة في إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها.
لن تكون كافيةً مدّة الشهرين في العقد الاستثنائيّ، برأي مصادر نيابيّة، “لإعادة النقاش في المشروع على طاولة لجنة المال، ثمّ إحالة المشروع إلى الهيئة العامّة لبتّه. لم تنتهِ لجنة المال بعدُ من مناقشة كلّ بنود الموازنة، وبعد إنهاء موازنات الرئاسات والإدارات والأجهزة الرسميّة، بما فيها القضائيّة والرقابيّة، تنصرف اللجنة إلى النقاش في رواتب القطاع العامّ، وتحديداً التعويضات التي لا تدخل في أساس الراتب، وهو أمرٌ أساسيّ أيضاً للأسلاك العسكريّة والأمنيّة، مع توجّه مبدئيّ، غير مضمون كما في كلّ الموازنات السابقة، لإعادة التوازن بين المعاش التقاعديّ وتعويض الصرف من الخدمة. وبالتالي الموازنة تحتاج إلى المزيد من الوقت في لجنة المال”.
برّي على قراره
في مطلق الأحوال، سيكون وهج قانون الانتخاب حاضراً بقوّة فوق قبّة البرلمان في ظلّ ثلاثة معطيات أساسيّة:
– إصرار رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على عدم إدراج مشروع قانون الحكومة لتعليق العمل بالدائرة الـ6 “بصورة استثنائيّة” وإتاحة الفرصة للمغتربين، كما تعديل عام 2022، للتصويت للنوّاب الـ 128 من الخارج، ولا يزال حاليّاً على طاولة لجنة الشؤون الخارجيّة ولجنة الداخليّة والدفاع. ولن يُدرج الرئيس برّي اقتراح قانون بالمضمون نفسه كان تقدّم به عدّة نوّاب على الهيئة العامّة.
– عدم تجاوب رئيس الجمهوريّة مع النداء المتكرّر لرئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع لدعوة مجلس النوّاب إلى الانعقاد، دستوريّاً خلال ثلاثة أيّام، لمناقشة حصراً التعديلات على قانون الانتخاب.
– إصرار ثلاثيّ من رؤساء الجمهوريّة ومجلس النوّاب والحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها، لكن من دون أن تقدّم جلسة الهيئة العامّة التي انعقدت في 17 كانون الأوّل الجاري جسر عبور إلى هذه الانتخابات، وانحصرت أهمّيتها باستكمال البحث في جدول أعمال الجلسات التي قاطعها حزبا القوّات والكتائب ونوّاب آخرون، وهو ما أوحى باستعادة برّي لدفّة قيادة جلسات مجلس النوّاب، بعدما نجح خصومه في تطيير النصاب أكثر من مرّة، بسبب عدم إدراج التعديلات على قانون الانتخاب على الهيئة العامّة.
تؤكّد المصادر النيابيّة لـ”أساس” أنّ “في العقد الاستثنائيّ التشريع “ماشي”، بمعزل عن حصول اتّفاق على قانون الانتخاب أو عدمه. بهذا المعنى، سيتيح العقد الاستثنائيّ التشريع إذا حصلت التسوية على قانون الانتخاب، وبالتالي لا يُقدّم ولا يؤخّر في ظروف الاتّفاق السياسيّة”.
أكثر من ذلك، تطرح المصادر “احتمال أن ينتهي العقد الاستثنائيّ، ويبدأ العقد العاديّ في 15 آذار من دون أن يكون هناك اتّفاق على القانون”، مشيرة إلى أنّ ذلك “لن يطيح بالانتخابات بل يمكن، على الرغم من تآكل المهل، إجراء الاستحقاق مع تعديلات تنتهي بتصويت المغتربين في لبنان، أي لا مقاعد اغتراب، ولا تصويت من الخارج”.
يُذكر أنّ وزارة الخارجيّة أرسلت قوائم المسجّلين في السفارات في الخارج إلى وزارة الداخليّة التي يُفترض، وفق القانون، أن تُصدِر الأرقام النهائيّة للمسجّلين نهاية كانون الثاني المقبل. وعلى وزارة الداخليّة دعوة الهيئات الناخبة قبل النصف الأوّل من شباط.
ثلاث معارك ومصير الانتخابات مجهول

ما هو مصير قانون الانتخابات على بُعد أربعة أشهر ونصف فقط من الموعد المفترَض لإجراء الانتخابات النيابيّة؟ هل تقود خطوة رئيس الجمهوريّة جوزف عون بتوقيع مرسوم فتح عقد استثنائيّ لمجلس النوّاب إلى فتح ثغرة تتسلّل من خلالها التعديلات المطلوبة على القانون الحاليّ لجعل الانتخابات ممكنة في موعدها بأيّار، أو لتأخيرها تقنيّاً حتّى تمّوز المقبل؟
باستثناء التركيز السياسيّ على ما ستنتجه جلسة مجلس الوزراء، الأولى بعد انقضاء الأعياد، لجهة آليّة مواكبة الحكومة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة حصر السلاح شمال الليطاني، والاطّلاع على تقرير الجيش في شأن “وضع” جنوب الليطاني بعد انتهاء مدّة سحب السلاح منه، واستعدادات الجيش للعمل في نطاق شمال الليطاني، سيشهد مجلس النوّاب في الأشهر المقبلة ثلاث معارك أساسيّة تُعتبر جميعها داهمة والمجتمع الدولي معنيّ بها بشكل مباشر لحسم مسألة “حسن سلوك” السلطة السياسيّة حيال عناوينها الإصلاحيّة.
في 23 الجاري وقّع الرئيس عون، للمرّة الثانية منذ انتخابه رئيساً، مرسوم دعوة مجلس النوّاب الى عقد استثنائيّ من تاريخ 2/1/2026 إلى 1/3/2026.
حدّد المرسوم برنامج أعمال هذا العقد بمشروع موازنة عام 2026، ومشاريع القوانين المُحالة إلى مجلس النوّاب والتي ستُحال إليه، وسائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرّر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
موازنة إصلاح أو “محاسبجيّ”؟
تكتسب “معركة” موازنة 2026 أهميّة استثنائيّة لجهة قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزامها تقديم موازنة “إصلاح وإنقاذ” تكون طريقاً للتعافي الماليّ والإداريّ والاقتصاديّ والإصلاح الضريبيّ، وجزءاً من الإصلاحات البنيويّة، وليست ورقة “محاسبجيّ” تكون استنساخاً “مُحدّثاً” لموازنات الحكومات السابقة.
لا يوازي الموازنةَ أهميّةً سوى معركة إقرار مشروع قانون الفجوة الماليّة، بعد التصويت عليه في الحكومة يوم الجمعة. أقرّ رئيس الحكومة بأنّ الكرة الآن في ملعب مجلس النوّاب، واصفاً المشروع بأنّه “غير مثاليّ، وفيه نواقص، لكنّه يفتح باب التفاهم مع صندوق النقد الدوليّ والدول المانحة”.
هذا مع العلم أنّ العقد الاستثنائيّ الأوّل الذي دعا إليه عون في حزيران الفائت تضمّن في بنوده “مشاريع القوانين الطارئة والمستعجَلة والضروريّة المتعلّقة بالأوضاع المعيشيّة الملحّة، والإصلاحات اللازمة، لا سيما مشروع القانون المتعلّق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها”. بالفعل أقرّ مجلس النوّاب مشروع قانون إصلاح المصارف في 31 تمّوز الماضي، الذي أعقب إقرار قانون رفع سرّيّة المصارف، وهما ركيزتان أساسيّتان في خطّة الإصلاح الماليّ والاقتصاديّ.
تجهد الحكومة، بكلّ تناقضاتها التي تُرجمت أخيراً في الانقسام الذي شهده مجلس الوزراء في شأن التصويت على مشروع قانون الفجوة الماليّة، في تقديم مزيد من الأدلّة للمجتمع الدوليّ وصندوق النقد الدوليّ على جدّيّتها في ركوب قطار الإصلاح.
بازار نيابيّ من “الفجوة الماليّة”
سيُحال مشروع الحكومة عن الانتظام الماليّ إلى لجنة المال والموازنة، قبل إحالته إلى الهيئة العامّة لمجلس النوّاب، وهناك سيبدأ بازار نيابيّ مفتوح في شأن حقوق المودعين لن يكون بالإمكان فصله عن الانتخابات النيابيّة المقبلة، خصوصاً إذا صَدَقت الحكومة في إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها.
لن تكون كافيةً مدّة الشهرين في العقد الاستثنائيّ، برأي مصادر نيابيّة، “لإعادة النقاش في المشروع على طاولة لجنة المال، ثمّ إحالة المشروع إلى الهيئة العامّة لبتّه. لم تنتهِ لجنة المال بعدُ من مناقشة كلّ بنود الموازنة، وبعد إنهاء موازنات الرئاسات والإدارات والأجهزة الرسميّة، بما فيها القضائيّة والرقابيّة، تنصرف اللجنة إلى النقاش في رواتب القطاع العامّ، وتحديداً التعويضات التي لا تدخل في أساس الراتب، وهو أمرٌ أساسيّ أيضاً للأسلاك العسكريّة والأمنيّة، مع توجّه مبدئيّ، غير مضمون كما في كلّ الموازنات السابقة، لإعادة التوازن بين المعاش التقاعديّ وتعويض الصرف من الخدمة. وبالتالي الموازنة تحتاج إلى المزيد من الوقت في لجنة المال”.
برّي على قراره
في مطلق الأحوال، سيكون وهج قانون الانتخاب حاضراً بقوّة فوق قبّة البرلمان في ظلّ ثلاثة معطيات أساسيّة:
– إصرار رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على عدم إدراج مشروع قانون الحكومة لتعليق العمل بالدائرة الـ6 “بصورة استثنائيّة” وإتاحة الفرصة للمغتربين، كما تعديل عام 2022، للتصويت للنوّاب الـ 128 من الخارج، ولا يزال حاليّاً على طاولة لجنة الشؤون الخارجيّة ولجنة الداخليّة والدفاع. ولن يُدرج الرئيس برّي اقتراح قانون بالمضمون نفسه كان تقدّم به عدّة نوّاب على الهيئة العامّة.
– عدم تجاوب رئيس الجمهوريّة مع النداء المتكرّر لرئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع لدعوة مجلس النوّاب إلى الانعقاد، دستوريّاً خلال ثلاثة أيّام، لمناقشة حصراً التعديلات على قانون الانتخاب.
– إصرار ثلاثيّ من رؤساء الجمهوريّة ومجلس النوّاب والحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها، لكن من دون أن تقدّم جلسة الهيئة العامّة التي انعقدت في 17 كانون الأوّل الجاري جسر عبور إلى هذه الانتخابات، وانحصرت أهمّيتها باستكمال البحث في جدول أعمال الجلسات التي قاطعها حزبا القوّات والكتائب ونوّاب آخرون، وهو ما أوحى باستعادة برّي لدفّة قيادة جلسات مجلس النوّاب، بعدما نجح خصومه في تطيير النصاب أكثر من مرّة، بسبب عدم إدراج التعديلات على قانون الانتخاب على الهيئة العامّة.
تؤكّد المصادر النيابيّة لـ”أساس” أنّ “في العقد الاستثنائيّ التشريع “ماشي”، بمعزل عن حصول اتّفاق على قانون الانتخاب أو عدمه. بهذا المعنى، سيتيح العقد الاستثنائيّ التشريع إذا حصلت التسوية على قانون الانتخاب، وبالتالي لا يُقدّم ولا يؤخّر في ظروف الاتّفاق السياسيّة”.
أكثر من ذلك، تطرح المصادر “احتمال أن ينتهي العقد الاستثنائيّ، ويبدأ العقد العاديّ في 15 آذار من دون أن يكون هناك اتّفاق على القانون”، مشيرة إلى أنّ ذلك “لن يطيح بالانتخابات بل يمكن، على الرغم من تآكل المهل، إجراء الاستحقاق مع تعديلات تنتهي بتصويت المغتربين في لبنان، أي لا مقاعد اغتراب، ولا تصويت من الخارج”.
يُذكر أنّ وزارة الخارجيّة أرسلت قوائم المسجّلين في السفارات في الخارج إلى وزارة الداخليّة التي يُفترض، وفق القانون، أن تُصدِر الأرقام النهائيّة للمسجّلين نهاية كانون الثاني المقبل. وعلى وزارة الداخليّة دعوة الهيئات الناخبة قبل النصف الأوّل من شباط.











