مشروع قانون الفجوة بتوقيع فرنسي؟

إذا كان مشروع قانون الفجوة المالية أقرّ بسرعة ومن دون إشباعه درسًا رغم معارضة كبيرة له من 9 وزراء ممثلين لكتل نيابية وازنة، بحجّة إرضاء صندوق النقد الدولي، فإن الأخير حسب معلومات “نداء الوطن” لم يضع جدولًا زمنيًا لإقراره. فلماذا تمّ الضغط لإخراج أهم قانون اليوم بهذا الشكل؟
لم يقَر مشروع قانون الفجوة المالية تحت وطأة ضغط صندوق النقد الدولي، رغم إيحاء البعض بذلك. وتشير مصادر لـ “نداء الوطن” إلى أن “صندوق النقد طلب من الحكومة التريّث لأن المقاربة غير مكتملة ولديه ملاحظات عليها ولن يقدّمها قبل بداية السنة بعد عودة موظفيه المختصين من الإجازة”.
طالب الوزراء بالحصول على ملاحظات صندوق النقد كتابة كي لا يقال أي شيء غير دقيق عن لسان صندوق النقد كما جرت العادة، ولم يحصلوا على أي ملاحظات عبر وزير الاقتصاد أو وزير المال.
من أين يأتي هذا الضغط غير المبرّر، لإصدار القانون قبل نهاية السنة مهما تضمن ومن دون خطة واضحة يقرّها مجلس الوزراء وبأكثرية عادية بدلًا من أكثرية الثلثين؟ علمًا أنه قانون أساسي وإذا لم تنطبق عليه المادة 65 من الدستور التي تتطلب أكثرية الثلثين للقوانين الأساسية منها خطط التنمية الشاملة أي ما يؤثر على البنية التحتية أو المالية أو الاقتصادية على المدى البعيد، فهو بالمبدأ يفوق بأهميته الموازنة السنوية ويستأهل النقاش المعمّق من الوزراء، أقله بقدر النقاش الذي تطلبته الموازنة، مع أرقام واضحة ورؤية متكاملة.
لا ضغوطات خارجية
بحسب مصادر مطّلعة، لم يكن هناك ضغط في المرحلة الأخيرة، من أي من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني. فالإدارة الأميركية تركّز الآن على ملف السلاح والوضع مع إسرائيل والاقتصاد النقدي، وكذلك لم يأت أي ضغط على الموضوع من قبل الجهات السعودية والقطرية أو المصرية خلال اللقاءات أو الزيارات في الأشهر الأخيرة مع دبلوماسيين وسياسيين وموفدين إلا ضمن المطالبة بالإصلاحات بشكل عام من دون وضع مهل محددة.
الجهة الوحيدة التي تكلّمت عن مهل زمنية هي فرنسا، من خلال الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على لسان الموفد الفرنسي الموكل بمؤتمر باريس جاك دو لا جوجي، الذي أصرّ أمام من التقاهم على أن يضع حدًا زمنيًا وهو شهر 12 لإصدار قانون الفجوة المالية. وكان شهر 12 هو المحدد لإقامة مؤتمر دعم في “باريس”، الذي ألغي بسبب عدم اهتمام الدول المانحة بتقديم مساعدات مالية قبل حلّ مسألة السلاح .
ويُسجَّل في هذا السياق أنّ فرنسا كانت الدولة الوحيدة التي سارعت رسميًا إلى الترحيب بقرار مجلس الوزراء المتعلّق بقانون الفجوة، وسط أجواء تتحدّث عن ضغوط فرنسية مورست في الأيام الأخيرة لدفع إقرار القانون بسرعة. وإذا كان الهدف من الدعم مساعدة رئيس الحكومة سياسيًا لتحقيق إنجاز، فإن هذا المسار قد يكون أعطى مفعولًا عكسيًا، على غرار ما حصل مع الضغوط التي رافقت مؤتمر «سيدر» في عهد سعد الحريري وانتهت بنتائج سلبية عليه لاحقًا.
لا مبرّر للاستعجال
بذلك لم يعد هناك مبرّر فعلي للاستعجال بالقانون لأسباب خارجية. فهل تمّ استخدام حجة الضغط الفرنسي لتبرير التسرّع في إخراج القانون من مجلس الوزراء في مهلة زمنية وهمية من دون إقرار خطة، فقط لرمي كرة النار في ملعب مجلس النواب وإنقاذ السلطة التنفيذية من كأس النقاش مع المودعين، خصوصًا أن التمريرة حصلت في فترة الأعياد حيث كان تركيز الرأي العام في مكان آخر؟.
تحييد الحكومة
نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسّان حاصباني أجاب “نداء الوطن” على هذا السؤال بالقول: “إن رمي هذه الكرة في ملعب مجلس النواب يحيّد السلطة التنفيذية عن المسؤولية المباشرة ويضعها بيد النواب والقوى السياسية. باستثناء الاشتراكي ووزير المال المحسوب على حركة أمل، لم توافق الكتل النيابية الممثلة في الحكومة على مشروع القانون وهي تحديدًا “الجمهورية القوية”، “التنمية والتحرير”، “الوفاء للمقاومة”، “الكتائب” و “الطاشناق”. وانحصر التأييد بالوزراء المحسوبين على رئيسي الجمهورية والحكومة. هل سينعكس ذلك على مجلس النواب؟ أي أن القانون ينطلق من معارضة 50 نائبًا، ويكفي أن ينضم إلى معارضته 15 نائبا إضافيًا، فيسقط إلا إذا تمّ توزيع أدوار حركة “أمل” في مجلس الوزراء بين الوزير المؤيد ياسين جابر والوزيرة الرافضة تمارا الزين وتمت ترجمته إلى موقف مؤيد في مجلس النواب”.
وهنا يسأل: “هل برمي الطابة في ملعب مجلس النواب تقوم السلطة التنفيذية بخطوة شكليّة أم أن الاعتماد على الضغط الدولي على المجلس والقوى السياسية سيجبر المجلس على الانتحار بإصدار قانون بهذا الشكل؟”.
يشير حاصباني إلى “أن مجلس النواب ليس جهة قادرة على التفاوض مع صندوق النقد وليس ذلك من صلاحياته، والتفاوض محصور بالسلطة التنفيذية، فكيف للمجلس أن يشرع قبل أن تكون الحكومة قد وافقت مع صندوق النقد على الأسس التي يتمّ على أساسها التشريع، وفي غياب خطة متكاملة وافق عليها صندوق النقد.
هذه كانت إشكالية في الحكومتين السابقتين حيث لم تكتمل الخطط ولم تترجم إلى نصوص قانونية قابلة لحل الأزمة، خاصة في ما يتعلق بالمودعين”.
صكّ براءة للسلطة السابقة
ما قامت به الحكومة كما يرى حاصباني، هو “بمثابة إصدار صكّ براءة لارتكابات السلطة السابقة وتحميل كلفة الفساد والهدر للمودعين. وإذا مرّ القانون كما هو في مجلس النواب، يكون المجلس تحت إدارته الحالية مشاركًا. فهل ثمة اتفاق بين الرؤساء الثلاثة لتمرير هذا القانون بالفعل وإقفال مرحلة سابقة تنتقل بها ثروة البلاد من مكان إلى آخر، وعفا الله عما مضى؟”.
مشروع قانون الفجوة بتوقيع فرنسي؟

إذا كان مشروع قانون الفجوة المالية أقرّ بسرعة ومن دون إشباعه درسًا رغم معارضة كبيرة له من 9 وزراء ممثلين لكتل نيابية وازنة، بحجّة إرضاء صندوق النقد الدولي، فإن الأخير حسب معلومات “نداء الوطن” لم يضع جدولًا زمنيًا لإقراره. فلماذا تمّ الضغط لإخراج أهم قانون اليوم بهذا الشكل؟
لم يقَر مشروع قانون الفجوة المالية تحت وطأة ضغط صندوق النقد الدولي، رغم إيحاء البعض بذلك. وتشير مصادر لـ “نداء الوطن” إلى أن “صندوق النقد طلب من الحكومة التريّث لأن المقاربة غير مكتملة ولديه ملاحظات عليها ولن يقدّمها قبل بداية السنة بعد عودة موظفيه المختصين من الإجازة”.
طالب الوزراء بالحصول على ملاحظات صندوق النقد كتابة كي لا يقال أي شيء غير دقيق عن لسان صندوق النقد كما جرت العادة، ولم يحصلوا على أي ملاحظات عبر وزير الاقتصاد أو وزير المال.
من أين يأتي هذا الضغط غير المبرّر، لإصدار القانون قبل نهاية السنة مهما تضمن ومن دون خطة واضحة يقرّها مجلس الوزراء وبأكثرية عادية بدلًا من أكثرية الثلثين؟ علمًا أنه قانون أساسي وإذا لم تنطبق عليه المادة 65 من الدستور التي تتطلب أكثرية الثلثين للقوانين الأساسية منها خطط التنمية الشاملة أي ما يؤثر على البنية التحتية أو المالية أو الاقتصادية على المدى البعيد، فهو بالمبدأ يفوق بأهميته الموازنة السنوية ويستأهل النقاش المعمّق من الوزراء، أقله بقدر النقاش الذي تطلبته الموازنة، مع أرقام واضحة ورؤية متكاملة.
لا ضغوطات خارجية
بحسب مصادر مطّلعة، لم يكن هناك ضغط في المرحلة الأخيرة، من أي من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني. فالإدارة الأميركية تركّز الآن على ملف السلاح والوضع مع إسرائيل والاقتصاد النقدي، وكذلك لم يأت أي ضغط على الموضوع من قبل الجهات السعودية والقطرية أو المصرية خلال اللقاءات أو الزيارات في الأشهر الأخيرة مع دبلوماسيين وسياسيين وموفدين إلا ضمن المطالبة بالإصلاحات بشكل عام من دون وضع مهل محددة.
الجهة الوحيدة التي تكلّمت عن مهل زمنية هي فرنسا، من خلال الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على لسان الموفد الفرنسي الموكل بمؤتمر باريس جاك دو لا جوجي، الذي أصرّ أمام من التقاهم على أن يضع حدًا زمنيًا وهو شهر 12 لإصدار قانون الفجوة المالية. وكان شهر 12 هو المحدد لإقامة مؤتمر دعم في “باريس”، الذي ألغي بسبب عدم اهتمام الدول المانحة بتقديم مساعدات مالية قبل حلّ مسألة السلاح .
ويُسجَّل في هذا السياق أنّ فرنسا كانت الدولة الوحيدة التي سارعت رسميًا إلى الترحيب بقرار مجلس الوزراء المتعلّق بقانون الفجوة، وسط أجواء تتحدّث عن ضغوط فرنسية مورست في الأيام الأخيرة لدفع إقرار القانون بسرعة. وإذا كان الهدف من الدعم مساعدة رئيس الحكومة سياسيًا لتحقيق إنجاز، فإن هذا المسار قد يكون أعطى مفعولًا عكسيًا، على غرار ما حصل مع الضغوط التي رافقت مؤتمر «سيدر» في عهد سعد الحريري وانتهت بنتائج سلبية عليه لاحقًا.
لا مبرّر للاستعجال
بذلك لم يعد هناك مبرّر فعلي للاستعجال بالقانون لأسباب خارجية. فهل تمّ استخدام حجة الضغط الفرنسي لتبرير التسرّع في إخراج القانون من مجلس الوزراء في مهلة زمنية وهمية من دون إقرار خطة، فقط لرمي كرة النار في ملعب مجلس النواب وإنقاذ السلطة التنفيذية من كأس النقاش مع المودعين، خصوصًا أن التمريرة حصلت في فترة الأعياد حيث كان تركيز الرأي العام في مكان آخر؟.
تحييد الحكومة
نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسّان حاصباني أجاب “نداء الوطن” على هذا السؤال بالقول: “إن رمي هذه الكرة في ملعب مجلس النواب يحيّد السلطة التنفيذية عن المسؤولية المباشرة ويضعها بيد النواب والقوى السياسية. باستثناء الاشتراكي ووزير المال المحسوب على حركة أمل، لم توافق الكتل النيابية الممثلة في الحكومة على مشروع القانون وهي تحديدًا “الجمهورية القوية”، “التنمية والتحرير”، “الوفاء للمقاومة”، “الكتائب” و “الطاشناق”. وانحصر التأييد بالوزراء المحسوبين على رئيسي الجمهورية والحكومة. هل سينعكس ذلك على مجلس النواب؟ أي أن القانون ينطلق من معارضة 50 نائبًا، ويكفي أن ينضم إلى معارضته 15 نائبا إضافيًا، فيسقط إلا إذا تمّ توزيع أدوار حركة “أمل” في مجلس الوزراء بين الوزير المؤيد ياسين جابر والوزيرة الرافضة تمارا الزين وتمت ترجمته إلى موقف مؤيد في مجلس النواب”.
وهنا يسأل: “هل برمي الطابة في ملعب مجلس النواب تقوم السلطة التنفيذية بخطوة شكليّة أم أن الاعتماد على الضغط الدولي على المجلس والقوى السياسية سيجبر المجلس على الانتحار بإصدار قانون بهذا الشكل؟”.
يشير حاصباني إلى “أن مجلس النواب ليس جهة قادرة على التفاوض مع صندوق النقد وليس ذلك من صلاحياته، والتفاوض محصور بالسلطة التنفيذية، فكيف للمجلس أن يشرع قبل أن تكون الحكومة قد وافقت مع صندوق النقد على الأسس التي يتمّ على أساسها التشريع، وفي غياب خطة متكاملة وافق عليها صندوق النقد.
هذه كانت إشكالية في الحكومتين السابقتين حيث لم تكتمل الخطط ولم تترجم إلى نصوص قانونية قابلة لحل الأزمة، خاصة في ما يتعلق بالمودعين”.
صكّ براءة للسلطة السابقة
ما قامت به الحكومة كما يرى حاصباني، هو “بمثابة إصدار صكّ براءة لارتكابات السلطة السابقة وتحميل كلفة الفساد والهدر للمودعين. وإذا مرّ القانون كما هو في مجلس النواب، يكون المجلس تحت إدارته الحالية مشاركًا. فهل ثمة اتفاق بين الرؤساء الثلاثة لتمرير هذا القانون بالفعل وإقفال مرحلة سابقة تنتقل بها ثروة البلاد من مكان إلى آخر، وعفا الله عما مضى؟”.















