بكركي… من إضاءة أنوار الرئاسة إلى نور زيارة البابا

لا يمكن تقييم نشاط بكركي على أساس أنها مؤسسة دينية. الدور يتخطّى الصفة، البطريركية المارونية تعتبر حامية الكيان والعين الساهرة عليه، وكل خطواتها مرتبطة بالعمل على صون البلد لا الطائفة فقط.
غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا قبل يوم من انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول 2022. وعلى مدى الأشهر كان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يعمل على انتخاب رئيس للجمهورية، يتواصل مع الفاتيكان وفرنسا والسعودية وأميركا والدول الصديقة، ويحاول على الخط المسيحي والوطني لتتكامل العوامل الداخلية والخارجية، لكن رغبة النواب المقاطعين كانت أقوى من صراخ بكركي والداخل وبقي الوضع على حاله.
كان مطلع عام 2025 ينذر باقتراب الحلول بعد مغامرة حرب الإسناد، جلسة لمجلس النواب حُدّدت في 9 كانون الثاني وضغط دولي مرافق بعد هزيمة “حزب الله” العسكرية وتوقيع اتفاق 27 تشرين الثاني، الجلسة وصلت إلى خواتيمها السعيدة وانتهت بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا من الدورة الثانية. فرحت بكركي مع كل اللبنانيين بعودة رأس الدولة المسيحي والوطني وعادت المؤسسات إلى العمل وتألفت حكومة جديدة.
ابتعد البطريرك الماروني بعض الشيء عن صلب المشهد وظلّ يتابع من بعيد، وكانت عظاته لا تخلو من انتقاد أداء بعض المسؤولين خصوصًا أن الآمال التي كانت معلّقة على انطلاقة المرحلة الجديدة بدأت تتلاشى، والنضال من أجل الدولة وحلم قيامها يتراجع.
وما بين انتخاب الرئيس وزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر، كانت بكركي حاضرة في كل مناسبة. زيارة تاريخية للبابا في أول ولايته الحبريّة، وظفر البطريرك الراعي باستقبال باباوين: الأول، البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر عام 2012. والثاني، لاوون.
وأتى لقاء الشبيبة المسيحية في بكركي مع البابا ليؤكّد أن لبنان لا يزال ينبض بشبابه، وأن العصب المسيحي لا يزال موجودًا وبكركي في صلب المشهد.
أتى البابا لاوون طارحًا شعار السلام، وكأنه يتبنى مطلب البطريرك باعتماد الحياد سبيلًا لإنقاذ لبنان، فلا سلام بلا حياد ولا قيامة لهذا الوطن من دون تكريس السلام والحياد.
كان البطريرك الراعي طوال العام المنصرم يتخذ مواقف متشدّدة، وكان يتقدّم على المسؤولين في طلب تنفيذ الدولة التزاماتها واستعادة السلطة شرعيتها وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الشرعية، ولم يخفت صوته رغم الحملات التي قام بها “الثنائي الشيعي” والتي اتهمته بالخيانة والصهيونية.
لم تهز تلك الحملات بكركي والبطريرك وبقيت صوت الضمير والمتحدثة بلغة استعادة الدولة، وفرز “الثنائي” المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ليقرأ بيانات الردّ على بطريرك الموارنة، متناسين أن المسيحيين حضنوا الشيعة المهجرين وفتحوا منازلهم أثناء توريط لبنان بحرب الإسناد.
تتساقط آخر أوراق عام 2025 ويدخل لبنان سنة جديدة من تاريخه، ومعه تنظم بكركي أولوياتها. فالبطريركية تهتم بالشأن التعليمي والصحي والاجتماعي والسياسي الوطني، والتحديات كبيرة، أهمها تثبيت الحضور المسيحي وإنقاذ المؤسسات التي كانت السبب في نهضة لبنان. ومن الناحية الأكبر، تقف البطريركية أمام تحدّي تجديد نفسها لمواكبة تطورات العصر. لبنان مقبل على مرحلة جديدة ولا يمكن لبكركي التي أنشأت الكيان اللبناني الوقوف كمشاهد، بل يجب أن تكون في عمق الحدث ولو كانت هناك مؤسسات دستورية.
يقف لبنان أمام محطّة مفصلية، فعام 2026 ربما يكون عام حلّ مشاكل البلد، ويأتي الصراع اللبناني – الإسرائيلي في صلب الاهتمامات، فإما أن يبقى لبنان أرض صراعات الآخرين أو يتحوّل إلى بلد فعلي بمؤسسات قوية. وهنا يأتي دور بكركي في الدفع نحو الحياد وتطبيق الدستور ورفض سياسة التذاكي والاحتواء على حساب قيام الدولة وعودة البلد إلى سابق ازدهاره كما بنته “المارونية السياسية”.
بكركي… من إضاءة أنوار الرئاسة إلى نور زيارة البابا

لا يمكن تقييم نشاط بكركي على أساس أنها مؤسسة دينية. الدور يتخطّى الصفة، البطريركية المارونية تعتبر حامية الكيان والعين الساهرة عليه، وكل خطواتها مرتبطة بالعمل على صون البلد لا الطائفة فقط.
غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا قبل يوم من انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول 2022. وعلى مدى الأشهر كان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يعمل على انتخاب رئيس للجمهورية، يتواصل مع الفاتيكان وفرنسا والسعودية وأميركا والدول الصديقة، ويحاول على الخط المسيحي والوطني لتتكامل العوامل الداخلية والخارجية، لكن رغبة النواب المقاطعين كانت أقوى من صراخ بكركي والداخل وبقي الوضع على حاله.
كان مطلع عام 2025 ينذر باقتراب الحلول بعد مغامرة حرب الإسناد، جلسة لمجلس النواب حُدّدت في 9 كانون الثاني وضغط دولي مرافق بعد هزيمة “حزب الله” العسكرية وتوقيع اتفاق 27 تشرين الثاني، الجلسة وصلت إلى خواتيمها السعيدة وانتهت بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا من الدورة الثانية. فرحت بكركي مع كل اللبنانيين بعودة رأس الدولة المسيحي والوطني وعادت المؤسسات إلى العمل وتألفت حكومة جديدة.
ابتعد البطريرك الماروني بعض الشيء عن صلب المشهد وظلّ يتابع من بعيد، وكانت عظاته لا تخلو من انتقاد أداء بعض المسؤولين خصوصًا أن الآمال التي كانت معلّقة على انطلاقة المرحلة الجديدة بدأت تتلاشى، والنضال من أجل الدولة وحلم قيامها يتراجع.
وما بين انتخاب الرئيس وزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر، كانت بكركي حاضرة في كل مناسبة. زيارة تاريخية للبابا في أول ولايته الحبريّة، وظفر البطريرك الراعي باستقبال باباوين: الأول، البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر عام 2012. والثاني، لاوون.
وأتى لقاء الشبيبة المسيحية في بكركي مع البابا ليؤكّد أن لبنان لا يزال ينبض بشبابه، وأن العصب المسيحي لا يزال موجودًا وبكركي في صلب المشهد.
أتى البابا لاوون طارحًا شعار السلام، وكأنه يتبنى مطلب البطريرك باعتماد الحياد سبيلًا لإنقاذ لبنان، فلا سلام بلا حياد ولا قيامة لهذا الوطن من دون تكريس السلام والحياد.
كان البطريرك الراعي طوال العام المنصرم يتخذ مواقف متشدّدة، وكان يتقدّم على المسؤولين في طلب تنفيذ الدولة التزاماتها واستعادة السلطة شرعيتها وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الشرعية، ولم يخفت صوته رغم الحملات التي قام بها “الثنائي الشيعي” والتي اتهمته بالخيانة والصهيونية.
لم تهز تلك الحملات بكركي والبطريرك وبقيت صوت الضمير والمتحدثة بلغة استعادة الدولة، وفرز “الثنائي” المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ليقرأ بيانات الردّ على بطريرك الموارنة، متناسين أن المسيحيين حضنوا الشيعة المهجرين وفتحوا منازلهم أثناء توريط لبنان بحرب الإسناد.
تتساقط آخر أوراق عام 2025 ويدخل لبنان سنة جديدة من تاريخه، ومعه تنظم بكركي أولوياتها. فالبطريركية تهتم بالشأن التعليمي والصحي والاجتماعي والسياسي الوطني، والتحديات كبيرة، أهمها تثبيت الحضور المسيحي وإنقاذ المؤسسات التي كانت السبب في نهضة لبنان. ومن الناحية الأكبر، تقف البطريركية أمام تحدّي تجديد نفسها لمواكبة تطورات العصر. لبنان مقبل على مرحلة جديدة ولا يمكن لبكركي التي أنشأت الكيان اللبناني الوقوف كمشاهد، بل يجب أن تكون في عمق الحدث ولو كانت هناك مؤسسات دستورية.
يقف لبنان أمام محطّة مفصلية، فعام 2026 ربما يكون عام حلّ مشاكل البلد، ويأتي الصراع اللبناني – الإسرائيلي في صلب الاهتمامات، فإما أن يبقى لبنان أرض صراعات الآخرين أو يتحوّل إلى بلد فعلي بمؤسسات قوية. وهنا يأتي دور بكركي في الدفع نحو الحياد وتطبيق الدستور ورفض سياسة التذاكي والاحتواء على حساب قيام الدولة وعودة البلد إلى سابق ازدهاره كما بنته “المارونية السياسية”.













