منها “درع الساحل”.. هل تتلقي ميليشيات سورية دعماً من إيران؟

الكاتب: عمر علاء الدين | المصدر: المدن
31 كانون الأول 2025

في الأوقات التي تشهد فيها سوريا اضطرابات، تتوجه أصابع اللوم إلى إيران، على اعتبار أنها أحد أبرز الخاسرين من سقوط نظام الأسد، حليفها الأبرز، وخصوصاً لفقدانها طريق الإمداد إلى حليفها اللبناني “حزب الله”.

 ما يعطي المصداقية لهذا التصور هو أن التشكيلات والميليشيات التي شكلها فلول النظام السابق تتخذ ذات اللغة وذات النهج الذي لطالما اتبعته كل الميليشيات التابعة لطهران في المنطقة، ما تعكس مؤشرات على تلقيها دعماً إيرانياً، رغم أنه ليس مؤكداً بعد.

ومن بين تلك التشكيلات كانت “سرايا الجواد” و”درع الساحل” التي تسلل بعض أفرادها إلى مظاهرات خرج فيها أشخاص من الطائفة العلوية في مناطق الساحل السوري، يطالبون بـ”الفيدرالية وحق تقرير المصير” هذا الأسبوع. 

طوفان الكرامة

وجاءت الاحتجاجات تحت اسم “طوفان الكرامة” استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس بـ”المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، السبت الماضي. 

شهدت هذه المظاهرات أعمال عنف ضد قوى الأمن الداخلي قام بها عدد من “فلول” النظام في اللاذقية وريف طرطوس، وفق ما قالت وزارة الداخلية السورية، وأدت إلى مقتل عنصر وأصابت آخرين. 

وقال مدير الأمن الداخلي في اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، إنه جرى رصد تواجد عناصر ملثمة ومسلحة تتبع لما يسمى “سرايا درع الساحل” و”سرايا الجواد” الإرهابيتين خلال المظاهرات في اللاذقية. 

واتهم الأحمد تلك الميليشيات بـ”القيام بعمليات تصفية ميدانية وتفجير عبوات ناسفة”، الداخلية نفسها كانت قد أعلنت تنفيذ عمليات ضد ميليشيا “سرايا الجواد” التي ترتبط بالمدعو سهيل الحسن (قائد اللواء 25 في جيش نظام الأسد). 

تحالف عقدي.. بلا أدلة 

ورجحت مصادر أمنية، تحدثت للـ”المدن” إمكانية أن تكون تلك الميليشيات مرتبطة بإيران أو تنسق مع جهات إيرانية أو متعاونة مع إيران، لكن المصادر لم توضح طبيعة هذا التنسيق أو شكله. 

بالذهاب إلى تلك الميليشيات ومنها “درع الساحل” و”سرايا الجواد” فهي تضاف إلى مجموعة من الميليشيات الأخرى التي ظهرت عقب سقوط نظام الأسد، وهي: 

لواء درع الساحل: بقيادة مقداد فتيحة، ويركز نشاطه على المنطقة الساحلية. وقد واجه هذا التحالف بعض الصعوبات لاحقاً، رغم وجود مؤشرات مبكرة على انضمام أعضاء من لواء درع الساحل إلى جماعة “أولى البأس”.

أشباح روح المقاومة: بقيادة الدكتور عبد الحميد الشاملي، وتنشط في شرق سوريا، إلا أن هذا التحالف لا يزال غير مؤكد.

سرايا العرين: وحدة شبه عسكرية يقودها العقيد هاشم أبو شعيب، وتتركز عملياتها في جنوب سوريا. ووفقاً لبيان جماعة “أولى البأس” الصادر في 8 من تموز/يوليو، تولّى أبو شعيب منصب رئيس قسم التعبئة والتنظيم.

المقاومة الشعبية السورية: مجموعة تظهر معاداة إسرائيل، وتكن العداء للحكومة السورية، وتتبنى شعارات النظام السابق، ويظهرون تأييداً مباشراً لرئيس النظام المخلوع بشار الأسد.

 

في شباط/فبراير 2025 دخلت هذه الجماعات في تحالف مع ما يسمى “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس) التي تشكلت في 9 من كانون الثاني/يناير 2025 بهدف محاربة إسرائيل. 

ويقول الباحث في المركز السوري لدراسات الأمن والدفاع (مسداد) في حديث لـ”المدن” إن هذه الميليشيات الناشئة في الساحل السوري مثل “لواء درع الساحل” و”سرايا الجواد” تمثل امتداداً  لفلول النظام الذين ارتبطوا عقائدياً بالمحور الإيراني لأكثر من عقد، وهو ما يفسر تبنيهم لشعارات مشابهة لـ”حزب الله” وخطاب “المقاومة ضد إسرائيل”.

السيد، يرى أن هذا “الارتباط العقائدي” لم ينقطع، بل استمر عبر شخصيات عسكرية كانت مرتبطة سابقاً بطهران، ما يجعل هذه الفصائل جزءاً من محاولة إحياء النفوذ الإيراني في المنطقة.

ورغم ذلك، فإن نشاط هذه المجموعات لا يزال “محدوداً ولا يرقى إلى مستوى الفوضى المنظمة”، بسبب الوجود الإسرائيلي والأميركي الذي يقوم بمراقبة وضبط أي توسع لمجموعات مرتبطة بإيران في الساحة السورية، على حد تعبير الباحث.  

لكن السيد يرى أن هناك مؤشرات على وجود دعم لاستمرار هذه الظواهر بهدف “إثارة الفوضى”، حيث تحاول فلول قوات النظام، من شخصيات عسكرية ومستفيدين سابقين من أذرع النظام، إعادة تنظيم أنفسهم في الساحل وهذه المحاولات تهدف برأيه “إلى جر المنطقة نحو حالة من عدم الاستقرار لاستعادة بعض النفوذ الذي فقدوه بعد سقوط نظام الأسد”.

على العكس من ذلك، استبعد الباحث في الحركات الجهادية حسام جزماتي، في حديث للـ”المدن” أن يكون لهذه الميليشيات ارتباط بإيران، ورغم أن أسماءها أو بعض مظاهرها الرمزية تأخذ من التراث العلوي ـ الشيعي لكنها لا تعني ارتباطا بالضرورة. 

وقال جزماتي، إنه لا أدلة على ارتباطها بإيران، مشيراً إلى أن بعض المنتسبين لهذه المجموعات والذين تم إلقاء القبض عليه لم يكن مسلحاً، ما  يدل على عدم وجود دعم من دولة أو ما شابه ذلك.   

هذه الميليشيات بحسب الباحث السوري معتز السيد، تتطلب تعزيز حضور الدولة في الساحل، ودعم المجتمع المحلي في رفض هذه المشاريع، وفضح الطابع الطائفي والإيديولوجي لهذه الفصائل، وقطع قنوات التمويل الخارجي، مشيراً إلى ضرورة بناء شبكات مدنية وأمنية قادرة على تحصين المنطقة من محاولات إعادة إنتاج الفوضى. 

مهمة “مقاومة إسرائيل والحكومة”

عدة جهات أعلنت عن نفسها كمجموعات “مقاومة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تزامناً مع التوغلات الإسرائيلية بعد سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024.

ظهر ما سمي بجبهة المقاومة الإسلامية في سوريا  (أولي البأس) التي ادعت وجود مقاتلين في سوريا يتبعون لها ويقاومون الوجود الإسرائيلي. 

 تتضمن منشورات وبيانات “أولي البأس” و”المقاومة الشعبية السورية”، و”سرايا العرين” تهجمات على ما تسميه “المشروع الصهيوني والأميركي والتركي”، فضلاً عن تهجمها على الحكومة الحالية، واتهامها بالتنسيق مع إسرائيل.

وتشير بعض منشوراتها إلى تبعية لفلول النظام السابق عبر اعتمادها العلم السوري القديم ذي اللون الأحمر، واعتبار النظام السابق حاضنة “محور المقاومة”.

كما أن هذه الجماعة، حظيت بـ “ترويج مبكّر” عبر شخصيات محسوبة على محور إيران، مثل العراقي عباس العرداوي، وشخصيات إيرانية بارزة، منها العميد بالحرس الثوري بهروز إصبتي، الذي أكد أن طهران تعمل مع عناصر سورية لتأسيس مثل هذه الفصائل، ما يُعزّز فرضية الرعاية الإيرانية.

وبحسب تقرير لمعهد “واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“، يبدو أن جماعة “أولى البأس” تتقاطع أيديولوجياً وتنظيمياً مع “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني”. ويجري تضخيم رسائلها عبر قنوات “تلغرام” الناطقة بالفارسية التابعة للحرس الثوري، مثل “فرقة السايبر” التابعة لـ”لحرس الثوري” الايرانى، كما أن شعارها يتشابه بوضوح مع شعارات الميليشيات المرتبطة بـ”الحرس الثوري”، مثل “حزب الله” اللبناني وحركة “النجباء” العراقية.

منها “درع الساحل”.. هل تتلقي ميليشيات سورية دعماً من إيران؟

الكاتب: عمر علاء الدين | المصدر: المدن
31 كانون الأول 2025

في الأوقات التي تشهد فيها سوريا اضطرابات، تتوجه أصابع اللوم إلى إيران، على اعتبار أنها أحد أبرز الخاسرين من سقوط نظام الأسد، حليفها الأبرز، وخصوصاً لفقدانها طريق الإمداد إلى حليفها اللبناني “حزب الله”.

 ما يعطي المصداقية لهذا التصور هو أن التشكيلات والميليشيات التي شكلها فلول النظام السابق تتخذ ذات اللغة وذات النهج الذي لطالما اتبعته كل الميليشيات التابعة لطهران في المنطقة، ما تعكس مؤشرات على تلقيها دعماً إيرانياً، رغم أنه ليس مؤكداً بعد.

ومن بين تلك التشكيلات كانت “سرايا الجواد” و”درع الساحل” التي تسلل بعض أفرادها إلى مظاهرات خرج فيها أشخاص من الطائفة العلوية في مناطق الساحل السوري، يطالبون بـ”الفيدرالية وحق تقرير المصير” هذا الأسبوع. 

طوفان الكرامة

وجاءت الاحتجاجات تحت اسم “طوفان الكرامة” استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس بـ”المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، السبت الماضي. 

شهدت هذه المظاهرات أعمال عنف ضد قوى الأمن الداخلي قام بها عدد من “فلول” النظام في اللاذقية وريف طرطوس، وفق ما قالت وزارة الداخلية السورية، وأدت إلى مقتل عنصر وأصابت آخرين. 

وقال مدير الأمن الداخلي في اللاذقية، العميد عبد العزيز الأحمد، إنه جرى رصد تواجد عناصر ملثمة ومسلحة تتبع لما يسمى “سرايا درع الساحل” و”سرايا الجواد” الإرهابيتين خلال المظاهرات في اللاذقية. 

واتهم الأحمد تلك الميليشيات بـ”القيام بعمليات تصفية ميدانية وتفجير عبوات ناسفة”، الداخلية نفسها كانت قد أعلنت تنفيذ عمليات ضد ميليشيا “سرايا الجواد” التي ترتبط بالمدعو سهيل الحسن (قائد اللواء 25 في جيش نظام الأسد). 

تحالف عقدي.. بلا أدلة 

ورجحت مصادر أمنية، تحدثت للـ”المدن” إمكانية أن تكون تلك الميليشيات مرتبطة بإيران أو تنسق مع جهات إيرانية أو متعاونة مع إيران، لكن المصادر لم توضح طبيعة هذا التنسيق أو شكله. 

بالذهاب إلى تلك الميليشيات ومنها “درع الساحل” و”سرايا الجواد” فهي تضاف إلى مجموعة من الميليشيات الأخرى التي ظهرت عقب سقوط نظام الأسد، وهي: 

لواء درع الساحل: بقيادة مقداد فتيحة، ويركز نشاطه على المنطقة الساحلية. وقد واجه هذا التحالف بعض الصعوبات لاحقاً، رغم وجود مؤشرات مبكرة على انضمام أعضاء من لواء درع الساحل إلى جماعة “أولى البأس”.

أشباح روح المقاومة: بقيادة الدكتور عبد الحميد الشاملي، وتنشط في شرق سوريا، إلا أن هذا التحالف لا يزال غير مؤكد.

سرايا العرين: وحدة شبه عسكرية يقودها العقيد هاشم أبو شعيب، وتتركز عملياتها في جنوب سوريا. ووفقاً لبيان جماعة “أولى البأس” الصادر في 8 من تموز/يوليو، تولّى أبو شعيب منصب رئيس قسم التعبئة والتنظيم.

المقاومة الشعبية السورية: مجموعة تظهر معاداة إسرائيل، وتكن العداء للحكومة السورية، وتتبنى شعارات النظام السابق، ويظهرون تأييداً مباشراً لرئيس النظام المخلوع بشار الأسد.

 

في شباط/فبراير 2025 دخلت هذه الجماعات في تحالف مع ما يسمى “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس) التي تشكلت في 9 من كانون الثاني/يناير 2025 بهدف محاربة إسرائيل. 

ويقول الباحث في المركز السوري لدراسات الأمن والدفاع (مسداد) في حديث لـ”المدن” إن هذه الميليشيات الناشئة في الساحل السوري مثل “لواء درع الساحل” و”سرايا الجواد” تمثل امتداداً  لفلول النظام الذين ارتبطوا عقائدياً بالمحور الإيراني لأكثر من عقد، وهو ما يفسر تبنيهم لشعارات مشابهة لـ”حزب الله” وخطاب “المقاومة ضد إسرائيل”.

السيد، يرى أن هذا “الارتباط العقائدي” لم ينقطع، بل استمر عبر شخصيات عسكرية كانت مرتبطة سابقاً بطهران، ما يجعل هذه الفصائل جزءاً من محاولة إحياء النفوذ الإيراني في المنطقة.

ورغم ذلك، فإن نشاط هذه المجموعات لا يزال “محدوداً ولا يرقى إلى مستوى الفوضى المنظمة”، بسبب الوجود الإسرائيلي والأميركي الذي يقوم بمراقبة وضبط أي توسع لمجموعات مرتبطة بإيران في الساحة السورية، على حد تعبير الباحث.  

لكن السيد يرى أن هناك مؤشرات على وجود دعم لاستمرار هذه الظواهر بهدف “إثارة الفوضى”، حيث تحاول فلول قوات النظام، من شخصيات عسكرية ومستفيدين سابقين من أذرع النظام، إعادة تنظيم أنفسهم في الساحل وهذه المحاولات تهدف برأيه “إلى جر المنطقة نحو حالة من عدم الاستقرار لاستعادة بعض النفوذ الذي فقدوه بعد سقوط نظام الأسد”.

على العكس من ذلك، استبعد الباحث في الحركات الجهادية حسام جزماتي، في حديث للـ”المدن” أن يكون لهذه الميليشيات ارتباط بإيران، ورغم أن أسماءها أو بعض مظاهرها الرمزية تأخذ من التراث العلوي ـ الشيعي لكنها لا تعني ارتباطا بالضرورة. 

وقال جزماتي، إنه لا أدلة على ارتباطها بإيران، مشيراً إلى أن بعض المنتسبين لهذه المجموعات والذين تم إلقاء القبض عليه لم يكن مسلحاً، ما  يدل على عدم وجود دعم من دولة أو ما شابه ذلك.   

هذه الميليشيات بحسب الباحث السوري معتز السيد، تتطلب تعزيز حضور الدولة في الساحل، ودعم المجتمع المحلي في رفض هذه المشاريع، وفضح الطابع الطائفي والإيديولوجي لهذه الفصائل، وقطع قنوات التمويل الخارجي، مشيراً إلى ضرورة بناء شبكات مدنية وأمنية قادرة على تحصين المنطقة من محاولات إعادة إنتاج الفوضى. 

مهمة “مقاومة إسرائيل والحكومة”

عدة جهات أعلنت عن نفسها كمجموعات “مقاومة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تزامناً مع التوغلات الإسرائيلية بعد سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024.

ظهر ما سمي بجبهة المقاومة الإسلامية في سوريا  (أولي البأس) التي ادعت وجود مقاتلين في سوريا يتبعون لها ويقاومون الوجود الإسرائيلي. 

 تتضمن منشورات وبيانات “أولي البأس” و”المقاومة الشعبية السورية”، و”سرايا العرين” تهجمات على ما تسميه “المشروع الصهيوني والأميركي والتركي”، فضلاً عن تهجمها على الحكومة الحالية، واتهامها بالتنسيق مع إسرائيل.

وتشير بعض منشوراتها إلى تبعية لفلول النظام السابق عبر اعتمادها العلم السوري القديم ذي اللون الأحمر، واعتبار النظام السابق حاضنة “محور المقاومة”.

كما أن هذه الجماعة، حظيت بـ “ترويج مبكّر” عبر شخصيات محسوبة على محور إيران، مثل العراقي عباس العرداوي، وشخصيات إيرانية بارزة، منها العميد بالحرس الثوري بهروز إصبتي، الذي أكد أن طهران تعمل مع عناصر سورية لتأسيس مثل هذه الفصائل، ما يُعزّز فرضية الرعاية الإيرانية.

وبحسب تقرير لمعهد “واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“، يبدو أن جماعة “أولى البأس” تتقاطع أيديولوجياً وتنظيمياً مع “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني”. ويجري تضخيم رسائلها عبر قنوات “تلغرام” الناطقة بالفارسية التابعة للحرس الثوري، مثل “فرقة السايبر” التابعة لـ”لحرس الثوري” الايرانى، كما أن شعارها يتشابه بوضوح مع شعارات الميليشيات المرتبطة بـ”الحرس الثوري”، مثل “حزب الله” اللبناني وحركة “النجباء” العراقية.

مزيد من الأخبار

مزيد من الأخبار