الموساد يحقق اختراقًا “غير مسبوق” في قلب أجهزة المخابرات الإيرانية

الموساد يحقق اختراقًا “غير مسبوق” في قلب أجهزة المخابرات الإيرانية

15 حزيران 2025

أكد محللون أن الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يقتصر على العملية العسكرية فقط، بل استند أيضاً إلى عمل دقيق لجهاز الاستخبارات الخارجية “الموساد” الذي حقق اختراقات داخل إيران على مدى سنوات.

وبغض النظر عما إذا كانت عملية “الأسد الصاعد” ستقضي على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، فإن المحللين يرون أنها تُعد من أبرز الإنجازات التي حققها عملاء الاستخبارات الإسرائيليون.

ولاحظ داني سيترينوفيتش من معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي أن “ذلك يُظهر تفوق إسرائيل العملياتي والاستخباراتي على إيران”.

وكانت إيران قد تعرضت لنكسة كبرى في يوليو (تموز) الماضي باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، ورأى سيترينوفيتش أن إيران لم تتمكن حتى الآن من سد الثغرات في نظامها الأمني.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية بأن الموساد هرب مسبقاً إلى إيران طائرات دون طيار، كانت إلى جانب الصواريخ والطائرات الحربية من ضمن الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجوم 13 حزيران.

وأوضح الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد أن “المئات من عملاء الموساد، سواء داخل إيران أو في المقر الرئيسي للجهاز في إسرائيل، شاركوا في العملية، ومن ضمنهم وحدة خاصة من العملاء الإيرانيين الذين يعملون لحساب الموساد”.

وأضاف أن وحدات كوماندوس نصبت في وسط إيران “أنظمة حربية قابلة للتوجيه قرب منصات إطلاق صواريخ أرض-جو إيرانية”، كما نشر الموساد سراً أنظمة حربية وتقنيات متطورة مخبأة في مركبات، دمرت دفاعات إيران الجوية وفتحت الطريق للطائرات المقاتلة والصواريخ الإسرائيلية، فضلاً عن ضرب منصات يمكن أن تستخدمها طهران للرد على العملية.

وقدّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن إعداد الخطة استغرق بين 8 أشهر وعامين، في تذكير بالهجوم الأوكراني الأخير على روسيا بطائرات دون طيار، لكن العملية الإسرائيلية تعتمد على اختراقات تعود إلى فترة أطول بكثير.

وأكد الخبير الجيوسياسي الإسرائيلي مايكل هوروفيتز أن إسرائيل تتابع البرنامج النووي الإيراني منذ أكثر من 15 عاماً، ورأى أن ضربات الجمعة تُشكّل “تتويجاً لجهود متواصلة على مدى سنوات لجمع المعلومات الاستخبارية واختراق إيران”.

وقد أسفرت الضربات الأولى عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، بينهم رئيس الأركان، وقائد الحرس الثوري، وضباط كبار في قيادة القوة الجوفضائية للحرس، إضافة إلى 9 علماء نوويين.

ولاحظ مصدر أمني أوروبي أن “العملية اتسمت بدرجة مذهلة من الدقة والإتقان”، رغم وقوع خسائر جانبية.

وكان الموساد قد أثار دهشة العالم في سبتمبر (أيلول) الماضي بتفجير أجهزة اتصال مفخخة كانت بحوزة عناصر في حزب الله، مما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة الآلاف، بينهم مدنيون، ما أثار موجة إدانات لإسرائيل.

وأبدى الرجل الثالث سابقاً في جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، آلان شووي، اعتقاده بأن إسرائيل تمتلك “ستة منظومات قادرة على التحرك في أي وقت” داخل إيران، مرجحاً أن الموساد قادر على “تحريك عدد كبير من العملاء”، وأضاف أن “مكافحة التجسس الإيرانية تركز بشكل أساسي على التهديدات الداخلية”.

وكان لهذا الاختراق الإسرائيلي وقع كارثي في إيران، حيث عبّر كبار المسؤولين الإيرانيين علناً عن انزعاجهم منه، ولم تعوّضه حتى الآن عمليات الإعدام المنتظمة لمدانين بالعمالة لإسرائيل.

أما دور الإدارة الأمريكية، الحليف الوثيق لإسرائيل، فيظل غامضاً إلى حد كبير، لكنه يبدو حقيقياً، سواء كان عن قصد أو بغير قصد. ووُصفت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً بأنها متوترة، خاصة بعد بعض المفاجآت التي أقدم عليها ترامب، منها توقيع اتفاق مع الحوثيين في اليمن، وإجراء محادثات مباشرة مع حركة حماس، وزيارة الخليج دون المرور بإسرائيل، ورفع العقوبات عن سوريا.

وفي اليوم السابق للعملية الإسرائيلية، دعا ترامب حليفه نتنياهو إلى تجنب ضرب إيران، معتبراً أن الاتفاق النووي “وشيك” وأنه لا يريد أن يراه “ينهار”.

وتُبرز الضربة الإسرائيلية أهمية الدور المحوري للعمل الاستخباري والعمليات السرية في الحرب الحديثة.

وشدد بنجامين جينسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن على أن صعق العدو وشلّ حركته يتطلب “الجمع بين استخدام القوة الجوية، واللجوء إلى العمليات الخاصة، لإحداث تأثيرات متزامنة في عمق ساحة المعركة”.