ساعات “تقريرية” اليوم والحزب “يحاصر” السلطة… واعتراض “قواتي” حاد على عودة بدعة الترويكا

ساعات “تقريرية” اليوم والحزب “يحاصر” السلطة… واعتراض “قواتي” حاد على عودة بدعة الترويكا

المصدر: النهار
7 تموز 2025

في هذا المناخ اتّسمت مواقف اطلقها رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بدلالات بارزة، لجهة تشديده المتكرر على حصر السلاح بيد الدولة

وسط كتمان مبالغ فيه حيال حدث يشغل اللبنانيين ويشكل مفترقاً مفصلياً يتوقف عليه مصير لبنان في المرحلة المقبلة، يفترض أن تسلّم السلطة اللبنانية ممثلة بالرؤساء الثلاثة جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام اليوم، رداً رسمياً توافق عليه الرؤساء وأنجزته لجنة من مستشاريهم بعدما عقدت سلسلة طويلة وكثيفة من الاجتماعات، إلى السفير توم براك موفد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى لبنان.

وبات في حكم المؤكد أن الردّ اللبناني سيتضمّن نهجاً إيجابياً في الإجابة على التساؤلات والاتجاهات التي طرحها الموفد الأميركي في ورقته التي طلب الردّ اللبناني عليها، ولكن من دون الجزم إطلاقاً بما إذا كان مضمون الموقف الرسمي سيكون مقنعاً وكافياً للجانب الأميركي وعبره الجانب الدولي عموماً ومن ضمنه خصوصاً الجانب الإسرائيلي، بأن لبنان ماضٍ فعلاً وقادر واقعياً ولديه القرار الحاسم النهائي نحو نزع سلاح “حزب الله”. ذلك أن الأيام والساعات الأخيرة عززت وفاقمت على نحو واسع للغاية الشكوك والمخاوف في أن تكون السلطة اللبنانية حوصرت في مأزق خطير من خلال تصعيد رفض “حزب الله” لتسليم سلاحه ورفع وتيرة تحديه للاستحقاق الذي تواجهه السلطة اللبنانية، عبر زجّها في مواجهة بالغة التعقيد والخطورة في الساعات المقبلة مع ممثل الإدارة الأميركية ومن خلاله مع إسرائيل التي تتحفّز تلقائياً لجعل مسرح عملياتها في لبنان مفتوحاً على الغارب بلا أي لجم أو روادع.

ونجمت زيادة الشكوك والمخاوف عن تحويل المواقف في مناسبة إحياء ذكرى عاشوراء أمس، إلى ما يشبه فتاوى سياسية ودينية تحرّم التخلي عن سلاح “حزب الله” على لسان قيادة “الحزب” والمؤسسة الدينية الشيعية ممثلة بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. هذا التصعيد أثار أكثر فأكثر الغبار حول ما ستحمله الساعات المقبلة، وهل تمكّن الرؤساء الثلاثة من إنجاز ردّ يضمنون فيه إقناع المفاوض الأميركي بوضع ثقله وتقديم ضمانات يطالبه بها لبنان للضغط على إسرائيل، فيما الحزب يسارع إلى اجهاض تعهدات السلطة بنزع سلاحه؟ كما أن ما أثار المخاوف هو تجدّد التهديدات الإسرائيلية لقيادة الحزب عقب المواقف التي أطلقت في عاشوراء.

 

من مسيرة

من مسيرة

 

ولعل التطور الداخلي المفاجئ الذي واكب العدّ العكسي للرد اللبناني، صدر عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي اتخذ موقفاً حاداً، فسأل في بيان أصدره مساء أمس:  “أولاً، هل عدنا إلى بدعة نظام الأسد في الترويكا اختصاراً للمؤسسات اللبنانية كلها، هذه البدعة التي خربّت لبنان؟
ثانياً، من يقوم بالتفاوض في الوقت الحاضر؟ هل الدولة اللبنانية أصبحت بانتظار ما سيقوله “حزب الله”، أم أن العكس كان يجب أن يحدث، بمعنى أن يكون “حزب الله” بانتظار قرار الحكومة اللبنانية؟
ثالثاً، إن من يعمل على إضاعة هذه الفرصة سيتحمّل مسؤولية كبيرة أمام اللبنانيين جميعاً وأمام التاريخ.
لذلك، على الحكومة اللبنانية أن تجتمع من دون إبطاء، وأن تحضِّر رداً وطنياً لبنانياً على المقترح الأميركي بما يؤمِّن فعليا، وليس خطابياً، الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ووقف اعتداءاتها، كما يؤمِّن قيام دولة فعلية تسهر هي على مصالح اللبنانيين ومستقبل أولادهم.
كفى تلاعباً بمصير لبنان واللبنانيين تعزيزاً لموقع إيران في المفاوضات الدولية المقبلة.

وكان الأمين العام لـ”حزب  الله” الشيخ نعيم قاسم، اعتبرفي كلمته التي ألقاها عبر الشاشة أمام حشود في الضاحية الجنوبية “أن لبنان سيظل في صراع مستمر دفاعًا عن سيادته وأرضه ضد العدو الإسرائيلي”، مشددًا على “أن هذا الدفاع واجب وأن التحرير سيستمر ولو طال الزمن”، ومؤكداً “أن حزب الله لن يكون جزءًا من أي شرعنة للاحتلال أو التطبيع المذل”. وقال إن “تهديد إسرائيل باتفاق جديد لا يعني أن “حزب الله” سيقبل بالاستسلام، فالعدوان يجب أن يتوقف، ويجب أن يتم تطبيق الاتفاقات الموقعة بشكل كامل، حتى يتمكن لبنان من التحرك نحو مرحلة بناء الاستقرار في المنطقة”. وأشار إلى أن “التهديدات لن تجعلنا نستسلم ولا تطلبوا منا ترك السلاح بل على من يضيق علينا أن ينضم إلى منظومة الدفاع برعاية الدولة”. كما شدّد على أن “المقاومة هي جزء من الحل، ولن نقبل بأن تظل إسرائيل تشكل تهديدًا أمنيًا للبنان والمنطقة”. وأعلن “استعداد الحزب للتفاعل مع أي خطوات تهدف إلى تحقيق الاستقرار الوطني، شريطة أن تقوم إسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاقات أولًا. وعندما يطبّق العدو بنود الاتفاقات، نحن جاهزون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية بما يخدم الأمن الوطني اللبناني، ولضمان أن يكون لدينا القوة والمرونة للتوافق على أفضل السبل لحماية لبنان”.

وجاء موقف نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب في عاشوراء ليغطي تماماً موقف الحزب، فشنّ حملة عنيفة على رافضي سلاح الحزب في الداخل، وانتقد “الضغوط السياسية والإعلامية التي تُشنُّ على المقاومة بهدف نزع سلاحها، كما يُصرّ هؤلاء على التعبير المملوء بالتشفي والكراهية لا يُحقّق مصلحة لبنانية، وإنما مصلحة فقط إسرائيلية، فلماذا تصرّون على مجاراة عدو لبنان ومعاداة أبناء وطنكم إن كنتم تؤمنون بهذا اللبنان الذي نشترك فيه جميعاً؟ أقول: صحّحوا خطابكم لأن الإصرار عليه يُعطي فهماً آخر ينسجم مع الدعوة إلى التقسيم وإنكم من جنس آخر لا ينتمي إليه بقية اللبنانيين في مظهر بغيض من العنصرية لا نُحبّ لأحدٍ أن يتصف بها لأنها خلاصة العنصر الصهيوني البغيض ،وهو ما يجب أن يخاف منه اللبنانيون لا من سلاح المقاومة”.

وفي هذا المناخ اتّسمت مواقف اطلقها رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بدلالات بارزة، لجهة تشديده المتكرر على حصر السلاح بيد الدولة. وقام سلام أمس بجولة في البقاع الغربي وراشيا والبقاع الأوسط، تخللتها سلسلة لقاءات سياسية ودينية وتنموية، شدّد خلالها على أن الإنماء المتوازن شرط أساسي للاستقرار، وأن استعادة الدولة تبدأ بتطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف، لا سيما اللامركزية الموسّعة وحصر السلاح بيد الدولة. وكرّر أنه: “لا يمكن أن تقوم دولة من دون حصر السلاح بيدها”. وقال: “لا استقرار في البلاد من دون انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان ووقف أعمالها العدوانية، كما أن لا استقرار من دون شعور كل المواطنين بالأمن والأمان أينما كانوا في ربوع الوطن، ما يتطلب بدوره حصر السلاح بيد الدولة وحدها. ولكن هذا نصف الحقيقة فقط لأن ثبات الاستقرار في البلاد إنما يتطلب أيضاً شبكات أمان اجتماعي حقيقية تحفظ كرامة المواطنين”.

 

السيارة التي استهدفتها مسيّرة إسرائيلية السبت في الجنوب وأدت إلى سقوط ضحية وعدد من الجرحى.

السيارة التي استهدفتها مسيّرة إسرائيلية السبت في الجنوب وأدت إلى سقوط ضحية وعدد من الجرحى.

 

أما في تفاعلات المشهد اللبناني من الناحية الإسرائيلية، فهدّد أمس وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، مذكراً بمصير الأمين العام الاسبق السيد حسن نصرالله. وقال كاتس بعد تصريحات قاسم أمس: “كلام زعيم حزب الله يدلّ على أنه لم يتّعظ من نصرالله ولا من خليفته”.