«الحزب» يخضع لـ«مراجعة استراتيجية» ويرسل إشارات متضاربة حول سلاحه

«الحزب» يخضع لـ«مراجعة استراتيجية» ويرسل إشارات متضاربة حول سلاحه

المصدر: الشرق الاوسط
5 تموز 2025

يربط «حزب الله» النقاشات المتصلة بتسليم سلاحه، ببدء الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من النقاط المحتلة داخل الأراضي اللبنانية، «والتزامه كامل الشروط المنصوص عليها في إعلان وقف إطلاق النار»، وسط «مراجعة استراتيجية كبرى» تتضمن «بحث تقليص دوره كجماعة مسلحة دون تسليم سلاحه بالكامل»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن 3 مصادر.

مواقف متضاربة

يرسل «حزب الله» إشارات متضاربة حيال موقفه من الورقة الأميركية التي حملها الموفد الأميركي توماس براك إلى بيروت قبل أسبوعين، ومن المتوقع أن يحصل على إجابات عليها مطلع الأسبوع المقبل، خلال زيارته إلى بيروت، حيث سيناقش مع رؤساء الجمهورية جوزيف عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة نواف سلام، في ملف المطالب الأميركية بسحب سلاح «حزب الله»، وتنفيذ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.

وبينما يؤكد مسؤولو الحزب، وآخرهم النائب حسين الحاج حسن، أن «المقاومة، رغم كل هذه الضغوط، تواجه بثبات ووعي، وتملك خيارات واضحة، وتعمل بأعصاب هادئة»، وضعت كتلة «الوفاء للمقاومة»، وهي كتلة الحزب في البرلمان، أولوية انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة، قبل البحث في ملف السلاح.

وأكدت الكتلة في بيان لها، حرصها على «وجوب تظهير موقف لبنان الدولة والشعب قوياً وسيادياً واضحاً، خصوصاً أنّه التزم بشكلٍ كامل بإعلان وقف الحرب فيما ضرب العدو الصهيوني، ولا يزال هذا الإعلان عرض الحائط».

وقالت الكتلة بعد جلستها الدورية برئاسة النائب محمد رعد: «ليكن واضحاً أيضاً أنّ لبنان متمسك بمطالبه وحقوقه الوطنيّة الكبرى والسيادية وملتزم بها رغم كل الضغوط والتواطؤ والدعم الفاضح من بعض الدول الكبرى لمصلحة العدو الصهيوني، بدل قيامها بمساعدة لبنان وإلزام العدو بتنفيذ ما يُلزمه الاتفاق بتنفيذه دون تباطؤ أو تحايل أو تذرع واهٍ ومفضوح».

وشددت على «ضرورة أن تكون كل المقاربات ضمن الإطار السيادي الوطني لمناقشة استراتيجية الأمن الوطني، والإجراءات والمسارات التي تتصل بالأمن والاستقرار والتعافي وحفظ السيادة وبسط سلطة الدولة»، ورأت أنّ «المقدمات الطبيعية والبديهية لذلك كله يتمثل بانسحاب العدو من مناطقنا المحتلة والتزامه كامل الشروط المنصوص عليها في إعلان وقف إطلاق النار».

 

أسلحة بينها صواريخ مضادة للدروع عائدة لـ«حزب الله» ضبطتها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في نوفمبر الماضي (أ.ب)
أسلحة بينها صواريخ مضادة للدروع عائدة لـ«حزب الله» ضبطتها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في نوفمبر الماضي (أ.ب)

 

وفي السياق نفسه، رأى عضو الكتلة النائب حسين جشي أن «الدولة اللبنانية حين تراهن على العلاقات الدولية والدبلوماسية لتحرير الأرض، دون امتلاك عناصر القوة الداخلية، فهي تراهن على الوهم»، وقال: «مرّت 7 أشهر على وقف إطلاق النار، وكل تلك الرهانات لم تحقّق أي تقدم، لذلك، فإن التمسك بالمقاومة هو الخيار الوحيد الذي أثبت فاعليته، وهو خيار وطني وإنساني وأخلاقي لحماية الوطن والدفاع عن الكرامة».

مراجعة استراتيجية

في هذا الوقت، بدأ الحزب «مراجعة استراتيجية كبرى بعد الحرب المدمرة مع إسرائيل تتضمن بحث تقليص دوره كجماعة مسلحة دون تسليم سلاحه بالكامل»، حسبما قالت 3 مصادر مطلعة. وقال مصدر أمني في المنطقة ومسؤول لبناني رفيع المستوى لـ«رويترز» إن «هناك أيضاً شكوكاً بشأن حجم الدعم الذي يمكن أن تقدمه طهران التي تخرج الآن من حرب ضروس مع إسرائيل». وذكر مسؤول كبير آخر مطلع على المداولات الداخلية لـ«حزب الله»، أن الجماعة تجري مناقشات سرية عن خطواتها التالية. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن لجاناً صغيرة تجتمع شخصياً أو عن بعد لمناقشة مسائل، مثل هيكل الجماعة القيادي ودورها السياسي وعملها الاجتماعي والتنموي وأسلحتها. وذكر المسؤول ومصدران آخران مطلعان على المناقشات أن «حزب الله» خلص إلى أن ترسانة الأسلحة التي جمعها لردع إسرائيل ومنعها من مهاجمة لبنان أصبحت عبئاً. وقال المسؤول: «كان لدى (حزب الله) فائض قوة، كل تلك القوة تحولت إلى نقطة نقمة»، موضحاً أن «حزب الله» «ليس انتحارياً».

تسليم أسلحة ثقيلة

بعد تفكيك الجزء الأكبر من ترسانة «حزب الله» في جنوب الليطاني، قالت المصادر إن «حزب الله» يدرس الآن تسليم بعض الأسلحة التي يمتلكها في مناطق أخرى من البلاد، لا سيما الصواريخ والطائرات المسيرة التي تعد أكبر تهديد لإسرائيل، بشرط انسحابها من الجنوب ووقف هجماتها، لكن المصادر قالت إن الجماعة لن تسلم ترسانتها بالكامل. وقال «حزب الله» إنه يعتزم على سبيل المثال الاحتفاظ بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات بوصفها وسيلة لصد أي هجمات في المستقبل.

«هوية» «حزب الله»

ونقلت الوكالة عن مسؤول أوروبي مطلع على تقييمات مخابراتية أن الجماعة تجري الكثير من النقاشات بشأن مستقبلها، لكن من دون نتائج واضحة. ووصف المسؤول وضع «حزب الله» كجماعة مسلحة بأنه جزء من هويتها، قائلاً إنه سيكون من الصعب عليها أن تصبح حزباً سياسياً بحتاً. وأفاد نحو اثني عشر مصدراً مطّلعاً على نهج تفكير «حزب الله» بأن الجماعة تريد الاحتفاظ ببعض الأسلحة ليس فقط تحسباً لتهديدات من إسرائيل في المستقبل، لكن أيضاً لقلقها من أن يستغل مسلحون سُنة في سوريا المجاورة التراخي الأمني ​​لمهاجمة شرق لبنان، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية.