
“الفاتيكان الثاني”… أين يقضي البابا لاوون الرابع عشر عطلته الصيفيّة؟
بعد الزخم الذي تلى انتخابه وسلسلة الاجتماعات العامة والخاصة التي لم تتوقف منذ ذلك الحين، قرر البابا لاوون الرابع عشر أن يأخذ بعض الوقت للراحة واستعادة طاقته. كان اختيار مكان قضاء إجازته قراراً سهلاً.
لقرون عديدة، قضى الباباوات صيفهم في القصر البابوي وحدائق كاستل غاندولفو، وهي بلدة تقع على التلال فوق بحيرة ألبانو. تقع هذه البلدة الصغيرة على بعد حوالي 15 ميلاً جنوب شرق روما، على ارتفاع 1400 قدم فوق مستوى سطح البحر، وتوفر ملاذاً من حرارة الصيف الشديدة في المدينة الخالدة.
هنا سيقضي البابا الأميركي الأول أسبوعين هذا الشهر، بعد وصوله يوم الأحد، قبل أن يعود لأيام عدة خلال عيد الصعود في 15 آب/أغسطس، وهو عيد فيراغوستو الوطني في إيطاليا.
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت الإقامة الصيفية للبابا ملاذاً للاجئين اليهود، ومؤخراً كانت مسرحاً لفيلم ”الباباوان“ من إنتاج “نتفليكس”، الذي يستكشف الرؤى المختلفة لمستقبل الكنيسة بين البابا بنديكت السادس عشر وخليفته البابا فرانسيس.
فناء مليء بسيارات البابا
إنها واحة هادئة توفر إطلالات رائعة على البحيرة الزرقاء العميقة، ويطلق عليها زوار المنطقة المطلة على ألبانو أحياناً اسم ”anticamera del paradiso“ – غرفة انتظار الجنة. بذهابه إلى كاستل غاندولفو، يحيي لاوون تقليد الباباوات الذين يغادرون الفاتيكان لقضاء عطلة صيفية، والذي كان قد أوقفه فرانسيس. لم يقض سلف لاوون أبداً إجازة خارج الفاتيكان، وبدلاً من ذلك اختار الإقامة في مقر إقامته في كازا سانتا مارتا.
حوّل فرانسيس كاستل غاندولفو إلى متحف وفتح حدائقه للجمهور. يبدأ زوار القصر جولتهم بمشاهدة عرض في الفناء للسيارات البابوية القديمة وغيرها من المركبات التي استخدمها الباباوات، بينما يمكنهم داخل القصر إلقاء نظرة على غرفة نوم البابا ومكتبه وكنيسته. كان آخر بابا استخدم القصر هو بنديكت السادس عشر الذي جاء إلى كاستل غاندولفو بعد استقالته في عام 2013، حيث ظهر للمرة الأخيرة أمام الجمهور كبابا من الشرفة.
بينما يعيد لاوون إحياء التقليد، فإنه لا يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. فهو لن يقيم في القصر (الذي تم شراؤه عام 1596 ويتميز بحدائقه ذات الطراز الرينيسانسي)، بل في فيلا باربيريني، التي تطل شرفتها على بحيرة ألبانو. تقع الفيلا في حدائق أنشئت حول أنقاض فيلا الإمبراطور الروماني دوميتيان التي تعود إلى القرن الأول. فيما الفاتيكان قال إن إقامة لاوون في كاستل غاندولفو هي فرصة للراحة، يمكنه الاستفادة من المسبح الذي أنشأه البابا يوحنا بولس الثاني أو الذهاب إلى نادي التنس في كاستل غاندولفو القريب، باعتباره لاعب تنس شغوفاً.
يعتمد سكان البلدة البالغ عددهم 8900 نسمة كثيراً على السياحة، لذا فإن قدوم البابا وإقامته هناك يُنظر إليه على أنه يساعد الاقتصاد المحلي من خلال جذب الزوار. خلال فترة بابوية فرانسيس، شعر بعض السكان بالحرمان من وجود البابا وقالوا إنهم فقدوا الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لوجود البابا.
“الفاتيكان الثاني”
في 13 و20 تموز/يوليو، سيحتفل لاوون الرابع عشر بالقداس في كاتدرائية وكنيسة قريبة، ثم يقود صلاة أنجليوس الأحد من الساحة المركزية في البلدة. وسيفعل الشيء نفسه في 15 آب/أغسطس. توفر لحظات الصلاة العامة في أجواء الساحة الأكثر حميمية فرصة للناس للتقرب من البابا أكثر مما لو كان يقود صلاة أنجليوس من شرفة القصر الرسولي في الفاتيكان.
وصف رئيس بلدية كاستل غاندولفو، ألبرتو دي أنجيليس، إقامة البابا بأنها “علامة مهمة على المودة والامتنان والتقدير” للبلدة وسكانها. وقال لشبكة “سي إن إن” إن المنطقة ستستفيد من السياحة و”جميع الأنشطة التجارية”. تحيط بالساحة الرئيسية المقاهي ومحال بيع التذكارات.
وقال رئيس البلدية: “نأمل ألا يبقى لاوون في ملكيته فقط، بل أن يأتي لزيارة المدينة، ويزور أصحاب المتاجر، ومواطنيه، وأن يأتي لتناول الطعام معنا”.
وأشار دي أنجيليس إلى أن كاستل غاندولفو هي “الفاتيكان الثاني” — بديل من مدينة الفاتيكان — والتي اعتادت على استقبال الناس من جميع أنحاء العالم. ورغم أنه يفضل أن يأتي الباباوات لقضاء عطلاتهم، إلا أنه قال إن قرار فرانسيس بفتح القصر البابوي والحدائق أعطى دفعة للاقتصاد المحلي والسياحة.
تضم ممتلكات الفاتيكان في كاستل غاندولفو 135 فداناً من الأراضي الزراعية والحدائق، كما تضم المرصد الفاتيكاني التاريخي المتخصص في الأبحاث الفلكية. أراد البابا فرانسيس أن تعزز حدائق الفاتيكان الاهتمام بالبيئة من خلال مشروع “بورجو لاوداتو سي” الذي سمي على اسم رسالة البابا الراحل حول حماية الكوكب.
لاوون يبني على هذا الالتزام. في 9 تموز/يوليو، أثناء وجوده في كاستل غاندولفو، سيحتفل بقداس خاص مع موظفي مشروع البيئة “لرعاية الخلق” باستخدام نصوص وصلاة جديدة خاصة أصدرها الفاتيكان في 3 تموز/يوليو لاستخدامها في الكنيسة.