الجدول الزمني

الجدول الزمني

الكاتب: اسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن
18 تموز 2025

ليس المطلب الأميركي بأن تضع الدولة اللبنانية جدولًا زمنيًا لسحب السلاح مجرّد تفصيل في طيّات المبادرة الدبلوماسية الأخيرة. بل هو صلب الاتفاق الأميركي، وجوهر التصور الدولي لمرحلة مقبلة، لا تحتمل التأجيل ولا التلاعب ولا حتى اجتهادات الداخل اللبناني المعتادة في تدوير الزوايا. إنها لحظة الحقيقة، والجدول الزمني هو معيار الالتزام أو سقوط الدولة في عيون من يريد إنقاذها.

فالجدول المطلوب لا يُقصد به فقط إطارًا شكليًا لترتيب الانسحاب التدريجي، بل يندرج ضمن خطة ثلاثية المراحل تربط نزع السلاح بمرحلتين إضافيتين: انسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية وعملية تبادل الأسرى. أي أن الأميركيين، ومن خلفهم الأوروبيون، يقدّمون تسوية مدروسة، لا تقبل أنصاف الحلول ولا المراوغة اللبنانية المعتادة. وعلى ضوء هذه المعادلة، يصبح أي تأخير أو محاولة للتهرب بمثابة انتحار مؤجّل يرتكبه النظام السياسي بحق ما تبقى من الدولة.

وفي الكواليس، بدأت ملامح استياء أميركي من الأداء اللبناني تتضح تباعًا. إذ تعتبر الإدارة الأميركية أن الدولة تمارس لعبة “شراء الوقت”، وتنتظر الانتخابات النيابية المقبلة على أمل تغيّر المشهد السياسي أو تبدّل أولويات الخارج. لكن هذه الرهانات مكشوفة، وقد لا تمنح بيروت ما اعتادت عليه من فسحات رمادية.

إلى ذلك، تمضي واشنطن بخطوات عملية في موازاة الضغط السياسي. فالكونغرس يناقش قوانين مثل “البيجر آكت” الذي يهدف إلى وقف أو تقليص المساعدات المقدمة للجيش اللبناني، في رسالة واضحة مفادها أن دعم المؤسسات ليس مطلقًا ولا مجّانيًا. كما يُطرح ملف تقليص تمويل قوات “اليونيفل” في لبنان، وربما في أماكن أخرى، في سياق مراجعة شاملة للدور الأميركي في مناطق النزاع التي لا تظهر التزامًا واضحًا بالإصلاح أو السيادة.

المهلة تضيق، والخيارات تتناقص، والأسئلة تتكاثر: هل تملك الدولة القرار؟ هل بمقدورها تحمّل كلفة الاصطدام بمن يهيمن على قرارها؟ وهل ستتحمّل مسؤولية تاريخية أم تكرر خطاياها المزمنة؟

الجواب بات على مقربة من ساعة الحسم… والوقت لا يرحم.