كلّ ما فعل توم براك أنه دق ناقوس الخطر…

كلّ ما فعل توم براك أنه دق ناقوس الخطر…

الكاتب: علي حمادة | المصدر: النهار
15 تموز 2025

لم تكن تصريحات المبعوث الأميركي توم براك التي أشعلت البلاد طولاً وعرضاً حول احتمال أن يصير لبنان جزءاً من بلاد الشام، أكثرمن جرس إنذار كان يحتاج إليه المستوى السياسي اللبناني المسؤول عن إدارة شؤون الدولة. إنه جرس إنذار واضح بمراميه: أن يسارع لبنان إلى التقاط الفرصة التاريخية التي تقدَّم إليه بالتوازي مع سوريا كما أوضح توم براك، لكي يتمكن من الصعود على متن القطار الإقليمي الذي يتقدّم بسرعة كبيرة يوماً بعد يوم. بالتباطؤ في معالجة موضوع السلاح في البلاد أمر غير مقبول لا لبنانياً ولا إقليمياً ولا دولياً. والتسويف الذي تمارسه القيادات اللبنانية في موضوع سلاح “حزب الله” يكشف عن عجز في التصدي للتحدي الأخير الذي يواجهه لبنان. إنه تحدٍّ يمنع قيام مشروع الدولة ولا يمكن التساهل في أمر مقاربة الدولة للقضية، ولا سيما أننا نلحظ أن تمنّع الحزب المذكور عن تسليم سلاحه، وصولاً إلى قيام بعض قياداته بتهديد اللبنانيين بـ”نزع أرواحكم” إن هم أصرّوا على نزع سلاح “حزب الله” من شأنه أن يعرقل انطلاقة العهد، ويحوّل الحكومة إلى “بطة عرجاء” بحيث إنها ستكون في مكان ما أشبه بحكومة تصريف أعمال من الآن حتى يحين موعد الانتخابات النيابية المقبلة في شهر أيار ٢٠٢٦.

منذ اليوم الأول لانتخاب الرئيس جوزف عون وتشكيل الحكومة برئاسة الرئيس نواف سلام قلنا إنه إن لم تتم معالجة مسألة سلاح “حزب الله” وبالطبع كل الميليشيات المسلحة الأخرى، لبنانية كانت أو أجنبية، فسوف يفشل المشروع الإصلاحي الذي تعهّد به الرئيسان عون وسلام. وسيبقى الحديث عن الإصلاح مجرد نقاش نظري أكاديمي لا يمكن ترجمته على أرض الواقع. حتى إننا وجّهنا كلامنا إلى من يحملون لافتة الإصلاح أو التغيير قائلين لهم إنهم يرتكبون خطأً إن لم يضعوا مسألة السلاح غير الشرعي بنداً أول في جدول أعمال أيّ مشروع إصلاحي. فلا إصلاح مع ميليشيا مدجّجة بالسلاح، وصاحبة سوابق في قتل قادة كبار واجتياح مناطق آمنة، واحتلالها من الناحية العملية مثل العاصمة بيروت التي احتلت في أيار ٢٠٠٨، ولا يزال الحزب المذكور يسيطر على مجمل أحيائها عبر جحافل من المقاتلين وكمّيات كبيرة من السلاح الموزع بين المدنيين في أحياء المدينة. ومن يزعم أن الشرعية اللبنانية تمسك بأمن العاصمة وهي صاحبة القرار والسلطة الفعلية يجانب الحقيقة، فالسلاح مخبّأ في الأحياء، وفي مداخل المباني ومستودعاتها وبعض شققها. أما المقاتلون غير المسلحين فيرابطون عند المفارق، ومداخل الأحياء، والشوارع الرئيسية، وهم موزعون وفق مخطط عسكري-أمني هدفه الاستعداد الدائم لبسط السيطرة على العاصمة، أقله في شقها الغربي حيث الأغلبية الإسلامية.
لن نتحدث عن السيطرة على طرق المواصلات الرئيسية في البلاد: بيروت-صيدا، وبيروت البقاع، والمعابر نحو سوريا من البقاع الغربي إلى حدود محافظة عكار. وهل لنا أن نذكر بالسيطرة على المرتفعات في السلسلة الغربية لجبال لبنان؟
إن القول بأن الدولة ومؤسساتها تمسك بالأمن في لبنان وهم كبير. فمتى يدرك الحكام أنهم يعيشون في كوكب آخر؟