
مَن مع جوزاف عون؟ ولماذا؟ ومَن ضد جوزاف عون؟ ولماذا؟
في البلد رأيان: رأي مؤيد لنهج رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في مقاربته الملفات، ويدافع عنه، ورأي معارِض لهذا النهج ويُمعِن في انتقاده.
أيُّ الرأيَيْن أقرب إلى الواقع؟
بدايةً، المقاربة لا تشمل المؤيدين “كيفما كان”، ولا المعارِضين على طريقة “عنزة ولو طارت”، بل تحاول أن تقترب من الموضوعية، فتأخذ من المؤيدين ما يعبترونه منطقيًا ، ومن المعارِضين ما يعتبرونه منطقيًا.
العماد جوزاف عون ورِث “تَركَة” أربعة عهود، إثنان منها ممدَّد لهما، بأمرٍ من حافظ الأسد، وثالث انتُخِب بموجب تسوية الدوحة، ورابع بقرارٍ من السيد حسن نصرالله، كمكافأة على اتفاق ما رمخايل، وتسوية مع الرئيس سعد الحريري أنضجتها “ليالي باريس الخريفية” بين جبران باسيل ونادر الحريري، واتفاق معراب الذي انقلب أحد طرفيه عليه.
العهود الأربعة “ساهمت”، بشكلٍ أو بآخر في تغطية بناء ترسانة “حزب الله”، في عهد الرئيس الياس الهراوي، كان قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود أقوى من الرئيس ومن رئيس الحكومة رفيق الحريري، إلى درجة أنه تمرَّد على قرار لمجلس الوزراء بإرسال الجيش إلى الجنوب، كافأه الرئيس الأسد على تمرده فاحتفظ به في قيادة الجيش إلى حين انتهاء الولاية الممددة للرئيس الهراوي و”انتُخِب” رئيسًا للجمهورية. وسُمِّي العهد آنذاك بأنه “الرئيس المقاوِم لعهد المقاومة”.
تسلَّم الرئيس ميشال سليمان هذا الواقع، وأنهى عهده بإعلان بعبدا الذي سبَّب له غضبَ “حزب الله” عليه.
جاء عهد العماد ميشال عون فتنفس “حزب الله” الصعداء،
شريكه في تفاهم مار مخايل أصبح في قصر بعبدا.
على مدى أربعة عهود، قرابة خمسة وثلاثين عامًا، كانت “دولة حزب الله” تنمو وتترسَّخ وفق معادلة أصبحت من “المقدسات”، جاء عهد الرئيس جوزاف عون، فطُلِب منه أن يفكك في مئة يوم ما بُني في اثنين وأربعين عامًا! وما لم يفعَل تُطلَق عليه صفة “المتخاذِل”.
في المقابِل، ينطلق أصحاب الرأي المعارِض والمنتقِد لانطلاق عهد الرئيس عون، من سردية أن العهد “يدوِّر الزوايا” ويقدِّم التروي على الحزم، ما يؤدي إلى إضاعة الوقت والفرص، ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن العهد لم يقتنص الفرص الأميركية، من مورغان أورتاغوس إلى توم برَّاك، وأن من شأن هذا البطء أن يسمح لـ “حزب الله” بالتقاط أنفاسه.
بين الرأييْن والمنطقيْن، ثمة مَن يقارن بين “بطء” عون و”سرعة” الشرع، ربما فات المقارنين أن يضعوا في حسابات مقارناتهم بين ما تشهده سوريا وما يشهده لبنان، في سوريا يصح المثل القائل: “المياه تكذِّب الغطاس”، الوضع السوري يشهد منذ وصول الرئيس أحمد الشرع تطورات دراماتيكية تأخذ احيانًا الطابع الدموي، من أحداث الساحل مع العلويين إلى أحداث الجنوب السوري مع الدروز.
مَن مع جوزاف عون؟ ومَن ضده؟ سيبقى النقاش مفتوحًا، وما سيعزز أحد المنطقيْن ما سيتحقق أو ما لا يتحقق، لا في الأمن فقط بل خصوصًا في القضاء والإصلاح، وهذا ما لم يتحقق في العهود السابقة، فهل يقتنص العهد هذه الفرصة ليتقدَّم منطق المؤيدين على منطق المعارِضين؟