صفقة جديدة في الكهرباء بغطاء حزبي: الإصلاح عقيم

صفقة جديدة في الكهرباء بغطاء حزبي: الإصلاح عقيم

الكاتب: خضر حسان | المصدر: المدن
18 تموز 2025

باستثناء مشروع تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لا يزال القطاع خارج دائرة الإصلاح. بل على العكس تماماً، تستمرّ السلطة السياسية بمنطق التحاصص في تلزيم الأشغال، وعلى حساب المال العام والخاص ورواتب ومستحقّات الموظفين والمياومين.

وفي جديد الصفقات المتعلّقة بالكهرباء، تسعى السلطة إلى “ترقية” إحدى الشركات التي تقدّم خدمة تأمين يد عاملة لمؤسسة كهرباء لبنان، لتصبح بمصاف شركات مقدّمي الخدمات. لكن على أرض الواقع، المهام أبعد بكثير، إذ تطال “كل ما يدرّ مالاً، حتّى من دون تنفيذ المشاريع فعلياً”.

 

تلزيم مخالف

مشروع الشركات مقدّمي الخدمات الذي ابتُدِع لتلزيم الأعمال التي تقوم بها مؤسسة كهرباء لبنان، من صيانة وتشغيل وفوترة وجباية، إلى شركات خاصة بهدف تفعيل العمل وتنشيطه وتحسين الخدمات والجباية، خلص إلى نتيجة معاكسة تماماً، إذ تراجعت الخدمة والجباية وأهدِرَت الأموال.

وعوضَ وقف النزيف في القطاع، تسعى السلطة إلى تلزيم الأعمال لشركة تعود لـ”غ. مراد” في منطقة البقاع، من خارج مظلة قانون الشراء العام، وبعيداً من أي مؤهّلات فنية وتقنية ومالية، وإنما مجرّد “اقتطاع لجزء من عمل شركة KVA وهي إحدى شركات مقدمي الخدمات التي تنفّذ أعمال الخدمات في بيروت والبقاع”، وفق ما تقوله مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، التي تشير في حديث لـ”المدن”، إلى أنّ الصفقة الجديدة تقوم على “تلزيم شركة مراد الأعمال في البقاع، لتصبح بمصاف شركات مقدمي الخدمات، بدل أن تكون شركة فرعية تتعهّد الأشغال من الشركة الأم، وهي في هذه الحالة شركة KVA، إذ يقوم مراد حالياً بتأمين يد عاملة للمعامل وأخرى للإدارة”، وذلك بقرار يُتَّخَذ بمجلس الوزراء في جلسته التي عقدت اليوم. لكن علمت “المدن” أنّ بند الموافقة على التلزيم سُحِبَ من التداول في الجلسة.

علماً أنّ هذا التلزيم ليس فريداً من نوعه، إذ حصل قبلاً مع شركة أخرى في منطقة الجنوب، وعبر قرار من مجلس الوزراء خلافاً للقانون ومن دون إجراء مناقصة شفّافة مفتوحة تشارك بها شركات أخرى.

وتلفت المصادر النظر إلى أنّ “مراد يشيع مفاخراً بأنّه يتمتّع بغطاء من حزب الله، وبدعم من أحد القضاة المتقاعدين حديثاً، وهذا الغطاء يستعمله للضغط على شركة KVA لتلزيمه الكثير من المهام والأشغال من خارج المهام الموكلة إليه قانوناً. وما قرار ختم الشركة بالشمع الأحمر في وقت سابق، إلاّ للضغط عليها للتنازل عن أشغال لصالح مراد. كما أنّ قوّة الغطاء سمحت له بالحصول على أموال من KVA لتنفيذ أشغال، ولم ينفّذها. ناهيك بضغوطات يمارسها على المياومين العاملين في شركته، وصولاً إلى الحسم من رواتبهم ومستحقاتهم بحجة تغطية بعض الخسائر المالية”.

وتجدر الإشارة إلى أنّ مشكلة شركة مراد مع عمّالها تفاقمت إلى حدّ إصدار العمّال بياناً في نيسان 2023، أكّدوا فيه “عدم وجود تأمين صحي لحوادث العمل في المعامل والمحطات. وعدم دفع الرواتب كما ينص عقد العمل عبر الحساب في البنوك والمماطلة بدفعها للعمال منقوصة عبر مؤسسة تحويل الأموال Wish Money. فضلاً عن عدم تأمين وسائل الوقاية والحماية في المعامل من الغازات السامة”.

 

الإصلاح عقيم
التجاوزات التي تقوم بها هذه الشركة وغيرها من الشركات سواء مقدّمي الخدمات أو متعهّدي الأشغال منها، صفة ملازمة لمشروع تقديم الخدمات الذي لا يزال يحظى بدعم سياسي رغم التوصيات بإنهائه والتوقّف عن التمديد للشركات، منذ العام 2016 ، ورغم صدور تقرير للتفتيش المركزي، يؤكّد وجود الخلل في هذا المشروع.

والسلطة السياسية تصرّ على إبقاء المشروع، بل تمدّه بالأموال بشتّى الطرق، منها إقرار سلف خزينة تتضمّن مبالغ مالية تذهب للشركات تحت غطاء مصاريف لقطاعات النقل والتوزيع.

هذا الإصرار، إذا ما رُبِطَ بتأخير تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع، وبتحسين خدمات الجباية والنقل والتوزيع ووقف التعديات على الشبكة، وإلزام شركات مقدّمي الخدمات على تحويل أموال الجباية بشكل مباشر إلى حساب مصرف لبنان وعدم تأخيرها وإبقائها في حسابات الشركات في المصارف، للاستفادة منها… وغير ذلك من التجاوزات، يعني بأنّ إصلاح القطاع عقيم، ويؤخّر بالتالي الاستفادة من القروض والمنح الدولية لتطوير القطاع.

والأسوأ من ذلك، أنّه بدل إصلاح واقع مؤسسة كهرباء لبنان، بدءاً من إكمال التعيينات، خصوصاً في مجلس إدارة الشركة، وإجراء تدقيق مالي، تكشف المصادر عن “معلومات تشاع في المؤسسة عن احتمال نقل المدير العام للمؤسسة كمال حايك إلى منصب إداري في وزارة المالية، قبيل تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع واستلامها صلاحيات واسعة تقلّص نفوذ المدير العام للمؤسسة ووزير الطاقة، على عكس ما كان معمولاً به في السنوات السابقة”.