
العشائر اللبنانية بين “النفير” ورفض الفتنة… هل تمتد نار السويداء إلى لبنان؟
تتزايد المخاوف في لبنان من تداعيات الاشتباكات المحتدمة في محافظة السويداء السورية بين العشائر العربية والطائفة الدرزية، خصوصاً في المناطق المختلطة التي تشهد تشابكاً في الروابط العائلية والاجتماعية بين دروز لبنان وسوريا، والعشائر المنتشرة على طرفي الحدود.
وفي تطوّر لافت يعكس تشابك الساحات، شيّعت بلدة وادي خالد العكارية الشاب مصطفى مليحان (25 عاماً)، الذي قضى أثناء مشاركته في القتال في السويداء إلى جانب مقاتلين من “البدو”. ويأتي ذلك وسط إعلان عشائر عربية في لبنان “النفير العام” دعماً لمن وصفوهم بـ”أهلهم من البدو” في مواجهة مجموعات مسلحة درزية.
وكانت عشيرة النعيم في لبنان، ممثلة بعائلات آل علي، آل عمر، وآل سيف، قد أعلنت في وقت سابق تضامنها الكامل مع العشائر العربية في سوريا، مؤكدة في بيان “الالتزام بالواجب الديني والإنساني تجاه أبناء العشائر الذين يتعرضون للظلم والقتل ومصادرة الكرامة والهوية”، بحسب تعبيرها.
وفي موقف لافت، أكّد الشيخ أحمد الشيخ، أمين سر مجلس العشائر العربية في لبنان لـ”النهار” أنّ العشائر العربية على امتداد الوطن العربي “جاهزة لتلبية نداء الكرامة متى دعت الحاجة”. وقال: “في لبنان، العشائر كلها جسد واحد، ونحن في وادي خالد نُشكّل وحدة موحّدة، كما أن جميع العشائر تقف اليوم على كلمة واحدة. قد تختلف بعض الآراء، لكن عندما يتعلّق الأمر بالكرامة، فالصوت واحد من مروحين إلى الكنيزة، ومن الكرنتينا إلى الحروك”.
ولفت إلى أن “عشيرة النعيم تُعدّ ثاني أكبر عشائر الوطن العربي بعد عشيرة بو شعبان، وتأتي الموالي في المرتبة الثالثة”.
وبرأيه، “للأسف، لا يوجد في لبنان انتماء وطني جامع، بل ولاءات لسفارات، في حين يبقى الجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة التي تحاول جمع الناس تحت راية الوطن والانتماء الحقيقي إليه”.
وفي حديث خاص لـ”النهار”، عبّر الشيخ أبو ديب كمال ضاهر، أحد أبرز زعماء العشائر العربية في لبنان وشيخ عشيرة الزريقات الممتدة بين لبنان وسوريا والأردن، عن قلقه من محاولات زج لبنان في أتون الصراع السوري، مؤكداً التزام العشائر اللبنانية بالدولة والعمل على وأد الفتنة.
وقال: “أنا كـ”أبو ديب”، نعم، خائف. الردة العشائرية قد تكون قوية، لكننا نعمل على احتواء أيّ رد فعل غير محسوب. هناك من يحاول استغلال بعض الشباب ذوي النفوس الضعيفة وتحريضهم، لكننا لهم بالمرصاد، وأغلب شباب العشائر يتحلون بالوعي”.
وكشف عن اتصالات أجراها بعد انتشار فيديوات لأشخاص في السويداء يزعمون انتماءهم لعشائر وادي خالد اللبنانية، قائلاً: “تواصلت مع وجهاء وادي خالد، ونفوا تماماً أي تحرك لأبنائهم. هؤلاء سوريون عاشوا في وادي خالد، ويحاولون استخدام الاسم لإثارة البلبلة”.
وشدد على أن العشائر اللبنانية ترفض الانخراط في الصراع: “أولويتنا هي الحفاظ على السلم الأهلي. لا نريد أن نجزّ أنفسنا في ما يحصل في السويداء”.
وأضاف: “إذا كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أوقف الحرب، فنحن، كعشيرة الزريقات الممتدة بين لبنان ودرعا وسوريا والأردن، مستعدون للدخول في الصلح. نريد أن نطوي صفحة الاقتتال ونُعيد بناء بيوت العرب”.
أما عن بعض الأصوات التي تعلن الجهوزية للقتال في سوريا، فأوضح ضاهر: “هناك أفراد لا يمثلون العشائر يطلقون تصريحات نارية. الموقف الرسمي للعشائر هو الالتزام بالقانون اللبناني، ورفض أي مغامرة تهدد استقرار الوطن”.