
الحزب يلتزم الـ1701 لكنّه لا يُسلّم سلاحه بموجبه؟
يُشكّل موضوع سلاح “حزب الله ” المادة الأكثر إثارة للخلافات الداخلية ومع الخارج، في ظل الضغوط المتنامية لنزعه، مقابل استمرار تمسك الحزب به كآخر وسيلة ضغط يملكها بعد خسارته في حربه الأخيره ضد إسرائيل نخبه القيادية والعسكرية، وجزءا كبيرا من ترسانته.
وعلى الرغم من كل المواقف العاقلة التي أطلقها أمينه العام الشيخ نعيم قاسم منذ أول خطاب له بعد دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ وصولاً إلى آخر خطاب عن تسليم الحزب بمسؤولية الدولة، والتزامه دستور الطائف والعمل السياسي تحت سقفه، لا تزال أي مقاربة لملف السلاح محكومة بالسقوف العالية الرافضة أي مس به أو حديث عنه. وهنا يبرز التناقض واضحاً بين خطاب معتدل (على ندرته)، وآخر متشدد، بما يعكس حال التخبط التي بلغها الحزب، بعدما أدرك بوضوح أن السلاح لم يعد يحظى بأي غطاء داخلي مع سقوط المحور الذي كان يشكل لاعباً أساسياً فيه.
يظهر التناقض بوضوح في خطاب الحزب في مقاربته لقرارين هما الأبرز منذ صعود نجم الحزب في بيئته، عام ٢٠٠٦ بسبب عدوان تموز، ومن ثم بروزه لاعبا إقليميا برعاية واحتضان مباشرين من طهران. أول قرار صدر غداة تلك الحرب عن مجلس الأمن الدولي حمل الرقم ١٧٠١، مستنداً إلى القرارين الأساسيين ١٥٥٩ و١٦٨٠، وشكل المرتكز الأساسي لكل المطالبات الدولية للبنان. أما القرار الثاني فصدر في ٢٧ تشرين الثاني الماضي، وكان القرار الموقع من لبنان وإسرائيل لوقف النار بعد حرب الإسناد لغزة التي دخلها الحزب واضطر إلى الخروج منها بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها من جرائها.
المفارقة أن الحزب التزم القرارين واعترف بهما، لكنه لم ينفذ الشق المتعلق بسلاحه في أي منهما. بالرغم من التزامه اليوم اتفاق وقف النار، وقبوله بتثبيته وعدم الذهاب إلى اتفاق جديد، لم يشكل التزامه هذا عاملاً مساعداً في تخفيف الشروط الأميركية والإسرائيلية الضاغطة في اتجاه تسليم السلاح شرطاً أول قبل أي مفاوضات أو تنازلات إسرائيلية أو حتى التزام تطبيق الاتفاق من الجانب الإسرائيلي.
وعليه، فقد باتت البلاد مشرعة على احتمال العودة إلى الحرب والتصعيد العسكري، مقابل دفع أميركي نحو إعادة تضييق الخناق الاقتصادي والمالي على نحو يعيد لبنان إلى الحصار والعزلة الدوليين، ودائماً تحت عنوان تخلف لبنان عن استغلال النافذة الأميركية المفتوحة، وعدم التشبه بالنموذج السوري الذي فُتحت في وجهه، بالرغم من مواجهات السويداء الأخيرة، كل أبواب النعيم الاميركي والخليجي.
صحيح أن براك لم يستعمل مفردة القرار ١٧٠١، كما درجت عادة كل الموفدين الدوليين، لإدراكه أن المسؤولين اللبنانيين يتلطون وراء التزامهم القرار، ولا ينفذون مندرجاته، وكأنهم بذلك لم يقرأوه، أو في أحسن الأحوال كلٌ يقرأه على طريقته. من هنا، جاء كلام براك ورسائله بالمباشر مصوباً على البند الأهم في الـ١٧٠١ والقرارات السابقة المتعلقة بنزع السلاح غير الشرعي، وجوهره سلاح “حزب الله”!