لبنان نحو الأسوأ

لبنان نحو الأسوأ

الكاتب: اسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن
25 تموز 2025

تتّجه الأنظار إلى بيروت بقلق متزايد، بعد فشل مهمة الموفد الأميركي توم برّاك، الذي بدت زيارته الأخيرة بمثابة محاولة لإنعاش وساطة متداعية. الولايات المتحدة، التي كانت ترعى الاستقرار الهشّ في لبنان، تستعدّ على ما يبدو لسحب يدها من الملف اللبناني، تاركة لبنان يواجه مصيره في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وجهًا لوجه، من دون مظلة أو وسيط.

في المقابل، لا يزال “حزب اللّه” متمسّكًا بسلاحه، رافضًا أيّ نقاش حول أي تسوية جدية. “الحزب”، بعناده، لا يستنزف العهد والحكومة فحسب، بل يستهلك ما تبقّى من الدولة ومؤسّساتها. هو يراهن على الوقت، وكأنّ الوقت حليف دائم له، وكأنّ الشعار الجديد للمرحلة هو: “فالج لا تعالج”.

ما بعد فشل مهمات برّاك لا يبشّر بالخير، بل يفتح الباب أمام احتمالين لا ثالث لهما، وكلاهما يحمل في طيّاته المزيد من الانحدار.

الاحتمال الأول: أن يبقى الوضع على ما هو عليه، أي استمرار الاغتيالات والتصفيات والغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع والضاحية. إسرائيل قد توسّع سيطرتها من النقاط الخمس التي احتلّتها مؤخرًا إلى حزام أمني جديد، يعيد عقارب الساعة إلى ما قبل العام 2000.

الاحتمال الثاني: الانتقال إلى مرحلة تصعيد واسعة، عبر تكثيف الضربات الجوية الإسرائيلية، بحيث تطول معظم المناطق التي تحتوي مواقع وتحصينات ومخازن أسلحة لـ “حزب اللّه”. التصعيد سيكون ممنهجًا، وقد يُدخل لبنان في مرحلة تدمير ممنهج لكل ما تبقّى من قدرة على الصمود.

في كلا الاحتمالين، لبنان هو من يدفع الثمن، شعبًا واقتصادًا وبنى تحتية. في كلا الاحتمالين، يبدو أنّ لبنان وُضع في غرفة العناية الفائقة، من دون خطة علاج واضحة، ومن دون جرأة داخلية على اتخاذ قرار إنقاذ حقيقي.

الدولة اللبنانية اليوم تتحمّل مسؤولية كبيرة. فقد انكفأت إلى خانة الانتظار، مكتفية بالمراقبة، ومرتهنة لحسابات إقليمية لم تعد تملك فيها أي موقع تأثير. لم تجرؤ على اتخاذ أي قرار، ولو بالحد الأدنى، لإعلان سيادتها أو تشكيل جبهة داخلية لحماية اللبنانيين. وهنا مكمن الكارثة: أن نكون في قلب الجحيم، ولا نملك حتى قرار الصراخ.