من اغتصب وقتل ناديا في جبيل بتاريخ 2007/8/27؟

من اغتصب وقتل ناديا في جبيل بتاريخ 2007/8/27؟

الكاتب: العميد م. أنور يحيى | المصدر: النهار
31 تموز 2025

هل تنجح الإدارة الحكومية الجديدة بتنفيذ بيانها الوزاري ولا يبقى غير سلاحها الشرعي المُكلف بتنفيذ القانون وحماية الوطن والمواطن، وينجح القضاء بإصدار الأحكام الجزائية المناسبة بحق المرتكبين دون الرضوخ إلى تدخل النافذين أصحاب التأثير على تعيينهم في مراكزهم العدلية؟

تقيم ناديا (47 سنة) مع والدتها العجوز في منزل متواضع بطريق بزبدين، قضاء جبيل، على مقربة من معمل مفروشات كبير يضم حوالي 200 عامل سوري وعائلاتهم. تُغادر صباحاً إلى عملها في جبيل وتعود حوالي السادسة مساءً، وتسلك طريق مشاة ترابية لتصل منزلها المتواضع والذي يبعد حوالي المئة متر عن الطريق العام.

فقدتها والدتها مساء 27/8/2007 واعتقدت أنها تبيت في منزل صديقتها، لكن صباح اليوم التالي، عثر أحد سكان الجوار على جثتها مصابة بطعنات بسكين عدة وعارية من الثياب، وبدا أثر اغتصابها واضحاً نتيجة روائح وبقايا لإنسان آخر؟

حضر إلى مكان الجثة قائد سرية درك جونيه، العقيد أنطوان بستاني، مع فريق أمني بإمرته مع الطبيب الشرعي وعناصر الأدلة الجنائية والمختبرات المركزية في الشرطة القضائية حيث تمكنوا من أخذ عينات للاستثمار والمقارنة وبدت الجثة مُصابة بطعنات عدة، ما يؤكد وجود عراك بين الجناة والضحية.

مستعيناً ببعض المخبرين والشهود في محيط المنزل المتواضع بين الأشجار، تحقق العقيد أن بعض العمال السوريين المستخدمين في معمل قريب للمفروشات، غالباً ما يترددون إلى منزل ناديا ووالدتها لتمضية الوقت والتسلية سوياً. لم تفصح الوالدة عن أي شكوك بأحد وأكدت أنها وابنتها على أفضل العلاقات مع العمال وعائلاتهم الذين غالباً ما يلوذون بهن للسهر وشرب الشاي؟

استعان العقيد البستاني بدورية من المختبرات الجنائية المركزية في الشرطة القضائية، وبموافقة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، تم أخذ عينات من بعض المشبوهين الخمسة عشر عاملاً سورياً في المعمل، وكلهم أكدوا العلاقة الممتازة مع ناديا وأمها وطالبوا بكشف الجناة لتطمئن عيالهم بعد شيوع خبر اغتصاب ناديا وقتلها في مكان قريب…

تُرك جميع المستجوبين كشهود بجناية مقتل ناديا رهن التحقيق، بانتظار جمع الأدلة ونتائج مقارنة فحوص الحمض النووي (DNA) في مختبرات الشرطة القضائية.

طابقت عناصر الحمض النووي للعامل السوري “حمود”، الذي اعتاد شرب الشاي في منزل الضحية، مع تلك المستخرجة من جسد ناديا حيث تم استجوابه فأنكر بداية لكن بمواجهته بنتائج التحليل والمعالجة، عاد واعترف بقتل ناديا إثر عودتها من حيث تعمل، وسلوكها الطريق الترابية الضيقة بين الأشجار، مساء 27 آب/ أغسطس، حين رفضت الاستجابة لإغرائه بممارسة الجنس معه، فطعنها بسكين استعداداً للجريمة في حال رفض ناديا، وقد مارس الجنس معها أكثر من مرة وهي تحتضر فاقدة الوعي والقدرة على المقاومة ثم نقلها من الطريق الترابية إلى حفرة قريبة وغطاها ببعض الأغصان وعاد إلى عائلته في المعمل بصورة طبيعية.

حضرت القاضية ندى الأسمر، المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان، والعميد وطفة، قائد المنطقة، وذوو الضحية حيث قام الجاني بتمثيل جريمته أمام الصحافة التي أشادت بدور قوى الأمن الداخلي وتعاون عناصر التحقيق مع تقنيات قسم المباحث العلمية في الشرطة القضائية، بكشف أفظع الجرائم، لا سيما أنها استهدفت فتاة فقيرة تعيش بمنطقة غير سكنية مع والدتها العجوز. مثّل الجاني جريمته بحضور كبار المسؤولين والصحافة وأشادوا بمهنية عناصر قوى الأمن الداخلي العالية.

أشاع كشف الجريمة بسرعة الارتياح لدى الرأي العام والثقة بأجهزة الدولة وحدها، لكشف أفظع الجرائم وأكثرها غموضاً، وأشادت الصحافة اللبنانية بذلك واطمأن المجتمع.

نوه المدير العام لقوى الأمن الداخلي بتعاون الشرطة القضائية والدرك بكشف خفايا الجريمة المروعة والتي هزت المجتمع الجبيلي واستهدفت أمن السكان واستقرارهم.

لا بديل من قدرات الأجهزة الأمنية الرسمية بالتصدي للجريمة ونشر السلامة العامة ضمن مهامها كضابطة إدارية تعمل لمنع ارتكاب الجرائم عبر الاستعلام المبكر ونصب الحواجز وتسيير الدوريات ومراقبة المشبوهين، أو كضابطة عدلية تعمل لكشف خفايا الجرائم المرتكبة وتوقيف الفاعلين وسوقهم إلى النيابة العامة وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية.

تعاني قوى الأمن الداخلي نقصاً كبيراً في التطويع والتجهيز رغم وجود أفضل القدرات البشرية والتقنية لديها، ونحن مع بداية عهد واعد وتصميم ثابت يسعى جاهداً لبسط سلطة الدولة والتصدي للسلاح غير الشرعي تنفيذاً لخطاب القسم يوم 9/1/2025، فهل تنجح الإدارة الحكومية الجديدة بتنفيذ بيانها الوزاري ولا يبقى غير سلاحها الشرعي المُكلف بتنفيذ القانون وحماية الوطن والمواطن، وينجح القضاء بإصدار الأحكام الجزائية المناسبة بحق المرتكبين دون الرضوخ إلى تدخل النافذين أصحاب التأثير على تعيينهم في مراكزهم العدلية؟