
السويداء أو “الجدار الطيب” بين سوريا وإسرائيل
“على دماء” أكثر من ألف ومئتي ضحية درزية، رسِمَت خرائط نفوذ جديدة للمحافظة، وما كان ممنوعًا قبل “أحداث السويداء” أصبح مسموحًا ومتاحًا بعدها.. ووجدت إسرائيل الوقت مناسبًا لتحقيق ما كانت تصبو إليه منذ أكثر من نصف قرن، “جدار طيب” بينها وبين سوريا، أي منطقة منزوعة السلاح، لا عداء بين الأطراف على جانبيها
هناك قاعدة ثابتة في العلاقات بين الدول، خصوصًا تلك التي تكون متخاصمة أو على عداء، تقول هذه القاعدة:
“لا شيء يحصل على البارد”، بل إن هناك “حماوة” بالحديد والنار، وفق ما يقول المثل:”أضرب الحديد وهو حامٍ”.
على هذه القاعدة، حصل ما حصل في محافظة السويداء السورية، “على دماء” أكثر من ألف ومئتي ضحية درزية، رسِمَت خرائط نفوذ جديدة للمحافظة، وما كان ممنوعًا قبل ” أحداث السويداء”، أصبح مسموحًا ومتاحًا بعدها، وتمت ترجمته على طاولة فرنسية مثلثة الأضلاع: أميركية وسورية وإسرائيلية. على الطاولة وُضعت خارطة محافظة السويداء، ومساحتها تقدَر بنحو نصف مساحة لبنان، هدف إسرائيل من هذه الخارطة جعل المحافظة ما يشبه “الجدار الطيِّب” تمامًا كما فعلت في السابق في جنوب لبنان. لكنها هذه المرة تعلَّمت من أخطاء وعيوب الجدار الطيب اللبناني، فعمدت إلى “احتضان” دروز السويداء وحولتهم إلى بيئة حاضنة لها، ولافت جدًا كان رفع العلم الإسرائيلي في السويداء عند بدء الأحداث فيها، وهذا كان مؤشرًا إلى أنّ إسرائيل أصبحت مقبولة في السويداء، لأنها أصبحت ملاذًا يحتمى به.
الدولة العبرية وجدت الوقت مناسبًا لتحقيق ما كانت تصبو إليه منذ أكثر من نصف قرن، “جدار طيب” بينها وبين سوريا، أي منطقة منزوعة السلاح، لا عداء بين الأطراف على جانبيها، وهذا ما ينطبق على السويداء، فهناك أبناء السويداء الذين يقابلهم من الجانب الآخر دروز إسرائيل.
هكذا تمت إعادة رسم الخريطة حيث لوِّنت خطوط بالأحمر كُتِب داخلها : نزع الأسلحة داخلها، عدم السماح لقوات الشرع بالدخول إليها.
من خلال هذه البنود، شعر الجانب الإسرائيلي بأنه حقق ما كان يصبو إليه. والأهم من كل ذلك أن ما حققه الجانب الإسرائيلي تمَّ بضمانة أميركية، وهذا ما يعطيه صفة “الاتفاق الصلب”.
وهذا الاتفاق، صحيح أنه أعطى إسرائيل ما تريده، وخرجت رابحة، لكنه في المقابل أعطى الرئيس الشرع ” أوكسيجينًا” لنظامه، وهذا ما تجلى في إشادة الموفد الأميركي بالنظام، كما تجلى في مؤتمر الاستثمار السعودي- السوري الذي وعد بضخ سبعة مليارات دولار في ” عروق الإقتصاد السوري”.
في المرحلة الأولى منه يتم سحب قوات العشائر المحلية وقوات النظام من القرى الدرزية، على أن تتحقق من هذه الخطوة الفصائل الدرزية.
هكذا يكون قد تحقق “الجدار الطيب” برعاية أميركية، وتكون الجبهة الإسرائيلية – السورية قد أقفلت إلى غير رجعة.