
هل التقى الشّيباني كفاح ملحم وكمال الحسن؟
ما حقيقة لقاء وزير الخارجيّة السّوريّ أسعد الشّيباني مسؤولين من النّظام المخلوع في العاصمة الرّوسيّة موسكو؟ ومن يقف خلفَ هذه الشّائعات؟ وما هي أهدافها؟
لم يكَد يُغادر أسعد الشّيباني روسيا في طريق عودتِهِ إلى سوريا، حتّى خرجَت أنباءٌ عن لقاءات جمعته بمسؤولين من نظام بشّار الأسد على هامش الزّيارة. فيما يُؤكّدُ مسؤول سابق في النّظام المخلوع لـ”أساس” حصول اللقاء، ينفي مصدرٌ مُرافق للشّيباني حصول أيّ لقاءٍ مع أركان النّظام المخلوع بشكلٍ تامّ.
ماذا في الرّوايتَين؟
في رواية النّظام المخلوع أنّ الوزير أسعد الشّيبانيّ التقى كُلّاً من مستشار الأمن الوطنيّ في عهد بشّار الأسد اللواء كفاح ملحم ورئيس جهاز الاستخبارات العسكريّة اللواء كمال الحسن. تزعُم هذه الرّواية أنّ اللقاءَ لم يكن مباشراً، فقد كان ملحم وكمال الحسن في غرفةٍ منفصلة عن تلك التي يوجد فيها الشّيبانيّ. وقد تولّى الجانب الرّوسيّ نقل الرّسائل بين الجانبيْن. الهدفُ من اللقاء، بحسب المصدر، هو الآتي:
1- إعادة دمج بعض ضبّاط وعناصر النّظام السّابق في الجيش الجديد. الهدفُ من هذا الدّمج هو حماية القواعد الرّوسيّة من قبل وحدات يُشرفُ عليها ضبّاط الأسد.
2- بحثُ مسائل أمنيّة، خصوصاً ما يتعلّق بالكفّ عن مُلاحقة بعض الضّبّاط، الذين يوجد قسمٌ منهم في جبال منطقة السّاحل السّوريّ ولبنان وروسيا.
في المُقابل، تنفي أوساط وزارة الخارجيّة السّوريّة لـ”أساس” حصول أيّ لقاءٍ أو تواصلٍ مع مسؤولي النّظام السّابق، أكان قبل أو أثناء أو بعد زيارة الوزير الشّيبانيّ لروسيا. لكنّ المصدرَ لم ينفِ وجود مُحاولات من بعض الوجوه البارزة أثناء حكم بشّار الأسد للتّواصل مع الإدارة الجديدة.
رامي مخلوف يُطلّ برأسه..
واحدٌ من الذين يحاولون التّواصل مع القيادة السّوريّة رجل الأعمال السّوريّ رامي مخلوف، الذي يحاول عبر قنواتٍ عراقيّة أن يُقدّمَ نفسه للإدارة الجديدة مِفتاحَ حلّ سياسيّ في منطقة السّاحل السّوري.
الرّسائل التي وصلَت من رامي مخلوف إلى دمشق تعرضُ أن يعملَ هو على تنفيس الاحتقان في أوساط أبناء الطّائفة العلويّة في السّاحل، مُقابل عودته إلى دمشق وعملهِ تحت مظلّة الحكم الجديد.
ذكّرَ ابن خال بشّار الأسد في الرّسائل التي أوفدها إلى دمشق أنّه الوحيد القادر على طمأنة العلويّين وحثِّهم على تركِ السّلاح والاندماج في الدّولة السّوريّة الجديدة. يستندُ مخلوف في ذلكَ إلى عدّة عوامل:
1- يعتبرُ نفسه غير مشارك بشكلٍ مباشرٍ في الحربِ السّوريّة، وذلكَ بسبب إقصاء بشّار الأسد وزوجته أسماء لرامي مخلوف عن الواجهة السّياسيّة والاقتصاديّة لسوريا منذ عام 2016، ووصلَ الأمر إلى حدّ وضعه في الإقامة الجبريّة ومصادرة أملاكه وأمواله ونقلها إلى أسماء الأخرس وشركائها.
2- يؤكّد أنّ رمزيّة عائلة مخلوف تتقدّم تاريخيّاً لدى العلويّين على رمزيّة آل الأسد الذين لم يخرجوا يوماً إلى الأضواء إلّا بعدَ مشاركة الرّئيس السّوريّ الأسبق حافظ الأسد في الانقلابِ الذي قامَ به حزبُ البعث بقيادة صلاح جديد.
3- الأسد الأب لم يستطِع تجاوز عائلة مخلوف لدى الأوساط العلويّة، وهذا ما دفعهُ أيضاً للاستفادة من مصاهرته للعائلة عبر زواجهِ من عمّة رامي، أنيسة مخلوف.
لا يُبدي الحكم الجديد في سوريا حماسةً لعرضِ رامي مخلوف حتّى هذه اللحظة. لكنّ الأخير لا يتوقّف عن تقديم العرض تلوَ الآخر للعودةِ إلى سوريا.
ماذا عن موقف روسيا؟
لا تختلفُ الرّواية الرّوسيّة عن رواية وزارة الخارجيّة، التي نفَت حصول اللقاء بين الشّيباني وأركان النّظام المخلوع. إذ يُؤكّد مصدر روسيّ مسؤول لـ”أساس” أنّ الشّيباني لم يلتقِ أيّ شخصيّة سوريّة من النظام السابق في موسكو، سوى لقاءاته العامّة مع الجالية السوريّة.
يعتبر الكرملين أنّ المُهمّ اليوم في سوريا هو تثبيت الاستقرار، ومساعدة الحكومة الجديدة على ذلك. وقد طلبَ الشّيباني ومعهُ وزير الدّفاع مرهف أبو قصرة دعماً روسيّاً سياسيّاً لوحدةِ الأراضي السّوريّة عبر المُؤسّسات الأمميّة والدّوليّة. ويؤكّد المصدر أنّ أحداً من الوزيرَيْن السّوريَّيْن لم يأتِ على ذكرِ أيّ طلبٍ للقاء بشّار الأسد أو أيّ أحدٍ من أركانِ نظامه.
لم يكن وصول وزير الدّفاع السّوريّ إلى موسكو على الإطلاق لتنسيق أمور ضبّاط جيش نظام البعث كما حاول بعضُ المُقرّبين من بشّار الأسد القول. إذ إنّ أبو قصرة ناقشَ مع الجانب الرّوسيّ المسائل التّقنيّة المُتعلّقة بوجود القواعد الرّوسيّة في طرطوس واللاذقيّة وجبلة، وبحثَ أفق التعاون الأمنيّ بين موسكو ودمشق ومكافحة الإرهاب.
هل يطلّ بشّار قريباً؟
اللّافتُ أنّه أثناء زيارة الشّيباني لموسكو، خرجَت أنباء عن نيّة الرّئيس السّوري المخلوع بشّار الأسد إجراءَ حوارٍ مُصوّر مع فضائيّة عربية للحديث عن مستقبله السّياسيّ. لكنّ أوساط موسكو تؤكّد أنّ إشاعة هذه الأنباء كانت بهدف التّشويش على زيارة الشّيباني لروسيا، حيث التقى بنظيره الرّوسيّ سيرغي لافروف وبعدَه بالرّئيس فلاديمير بوتين.
تؤكّد الأوساط أنّ موسكو كانت قد منعت خلال الأسابيع الماضية بشّار الأسد من الإطلالة عبر الإعلام، وهذا الأمر واحد من شروط إقامته في روسيا. بكلامٍ آخر، أيّ حوارٍ أو نشاطٍ إعلاميّ قد يجريه بشّار الأسد أو يُبَثّ لن يكونَ إلّا بموافقة الكرملين على زمان وتوقيت وحتّى محتوى الحوار.