“الحزب” يواصل تمرّده ويشيطن قرار الدولة: “فتح” تفتتح تسليم السلاح

“الحزب” يواصل تمرّده ويشيطن قرار الدولة: “فتح” تفتتح تسليم السلاح

المصدر: نداء الوطن
22 آب 2025

في مشهدٍ أعاد إلى الواجهة جوهر “اتفاق الطائف” و”روح الدستور” الذي شدّد على أنّ لا سلاح إلا بيد الشرعية، انطلقت أمس مسيرة تكريس هيبة وحضور الدولة اللبنانية بقواها الشرعية تطبيقًا لقرار حصر السلاح غير الشرعي الذي اتخذته الحكومة في جلستي 5 و 7 آب.

أولى مراحل تطبيق قرار حصرية السلاح وتحديدًا السلاح الفلسطيني الواردة ضمن الأهداف الـ 11 التي وافقت عليها الحكومة من اتفاق وقف الأعمال العدائية، حطت في مخيم “برج البراجنة”، الذي دخله الجيش اللبناني عصر أمس.

فقد أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، عن اتفاق دولة فلسطين مع الدولة اللبنانية على البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية للجيش اللبناني كعهدة لديه. أضاف إن الجهات الفلسطينية المختصة قامت أمس بتسليم الدفعة الأولى من السلاح الموجود في مخيمي برج البراجنة والبص للجيش اللبناني، على أن تستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعًا.

وتشير مصادر خاصة لـ “نداء الوطن”، إلى أن السلاح الذي تم تسليمه إلى الجيش في المخيم، هو الذي تم العثور عليه وأخذه من مستودع المفصول من الأمن الوطني الفلسطيني شادي الفار وهو عبارة عن دوشكات ثقيلة وصواريخ من عيار 107 وصواريخ شامل ومدافع B10 عدد 3 بالإضافة إلى كمية ذخائر كبيرة. ونفت المصادر تسليم أسلحة من فصائل منظمة “التحرير” الفلسطينية.

وفي هذا السياق، لفت مسؤول أمني فلسطيني كبير لـ “نداء الوطن”، إلى أن السلاح يتعلق فقط بقوات الأمن الوطني – الذراع العسكري لحركة “فتح” دون بقية الفصائل الفلسطينية، على أن يتبع ذلك تسليم السلاح من مخيم البص في منطقة صور كمرحلة أولى، تليها المرحلة الثانية في مخيم البداوي في الشمال ومخيم الرشيدية في الجنوب، لتتوج في المرحلة الثالثة والأخيرة بمخيمي عين الحلوة والمية ومية في منطقة صيدا، والبرج الشمالي في منطقة صور.

في المقابل أعلنت الفصائل الفلسطينية في لبنان في بيان، أن ما يجري داخل مخيم “برج البراجنة” هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة “فتح”، ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بمسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات. وأكدت أن سلاحها لم ولن يكون إلا سلاحًا مرتبطًا بحق العودة وبالقضية الفلسطينية العادلة، وهو باقٍ ما بقي الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين.

القمة اللبنانية – الفلسطينية

وبحسب بيان صدر عن رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية، بدأت المرحلة الأولى من مسار تسليم الأسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية، انطلاقًا من مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح وتُوضَع في عهدة الجيش اللبناني. وستشكّل عملية التسليم هذه الخطوة الأولى، على أن تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات.

عملية التسليم هذه التي تأتي تنفيذًا لمقررات القمة اللبنانية – الفلسطينية بين الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وتنفيذًا لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني برئاسة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وبمشاركة ممثلين عن السلطات اللبنانية والفلسطينية، يُنتظر أن تُستكمل في باقي المخيمات، نظرًا لما تحمله من دلالات سياسية وأمنية كبرى، وتكشف عن جدّية الدولة في إعادة فرض هيبتها على أراضيها بعد عقود من التسيّب والفوضى التي كرّسها السلاح المتفلّت.

ترحيب

عملية تسليم السلاح الفلسطيني، لاقت ترحبيًا محليًا وخارجيًا. فرئيس الحكومة نواف سلام رحب بانطلاق بالعملية على أن تستكمل بتسليم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة من مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات”.

المبعوث الأميركي توم براك هنأ في منشور عبر “إكس” الحكومة اللبنانية و”فتح” على اتفاقهما بشأن نزع السلاح الطوعي في مخيمات بيروت، وقال “إنه إنجاز عظيم نتيجة للعمل الجريء الذي قامت به الحكومة اللبنانية مؤخرًا”. أضاف “خطوة تاريخية نحو الوحدة والاستقرار، تُظهر الالتزام الحقيقي بالسلام والتعاون”.

تمرد “الحزب”

وفيما تمضي الدولة قدمًا بتنفيذ قرارها التاريخي بحصر السلاح، عادت كتلة “الوفاء للمقاومة” لتجدد توزيع نغمتها المنتهية الصلاحية، بدعوتها الحكومة إلى التراجع عن القرار الخطيئة، متهمة السلطة اللبنانية بأنها تتلاعب بمضمون وثيقة الوفاق الوطني لتحويل المشكلة مع الإسرائيلي إلى أزمةٍ لبنانيّة داخليّة يختصرها قرار غير وطني.

وفي السياق، حضر ملف تسليم السلاح أيضًا في خلال جولة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي على المسؤولين اللبنانيين ناقلاً دعم “الجامعة” لقرارات الدولة حصر السلاح بيدها وبسط سيادتها على كامل أراضيها.

من جانبه، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لزكي، الذي زار عين التينة والسراي والخارجية، أن قرار حصرية السلاح، أُبلغ إلى جميع الدول الشقيقة والصديقة والأمم المتحدة، ولبنان ملتزم تطبيقه وتم إبلاغ جميع المعنيين لا سيما الولايات المتحدة الأميركية أن المطلوب الآن التزام إسرائيل من جهتها بالانسحاب من المناطق التي تحتلها وإعادة الأسرى وتطبيق القرار 1701.

ضغط أميركي

وفي انتظار عودة المبعوث الأميركي توم براك حاملًا في جعبته الرد الإسرائيلي، كشف موقع “أكسيوس” أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلبت من إسرائيل تقليص العمليات العسكرية غير العاجلة في لبنان لدعم عملية نزع السلاح. ولفتت مصادر لـ “أكسيوس” إلى أن الخطة الأميركية تتضمن إنشاء “منطقة اقتصادية باسم ترامب” في أجزاء من جنوب لبنان المحاذية للحدود مع إسرائيل وقد وافقت السعودية وقطر مسبقًا على الاستثمار في إعادة إعمار هذه المناطق بعد اكتمال الانسحاب الإسرائيليّ.

وفيما يصار إلى إذابة الجليد القائم في العلاقة بين بعبدا – عين التينة، وبعبدا – حارة حريك، لفتت معلومات mtv إلى أن لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع مستشار رئيس الجمهورية أندريه رحال لم يحمل جديدًا بل أبقى على التواصل فقط، في وقتٍ تقول مصادر عين التينة إنّ قرار الحكومة بشأن السلاح أثّر سلبًا على العلاقة بين الرئاسات الثلاث. تضيف المعلومات أن الرئيس بري ينتظر ردّ الجانب الإسرائيلي بعد أن قال له المبعوث الأميركي توم برّاك إنّه سيحاول العودة بوقف لإطلاق النار أو انسحاب، لكنّ مصادر عين التينة ترى في التصعيد الإسرائيلي ليل الأربعاء جوابًا سلبيًّا.

وعلى خط التحركات الداخلية، زار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد للتشاور معه ومحاولة التفكير بالحلول وتسهيل عملية إعادة بناء الدولة. وشدد الجميل على أن تكون الطائفة الشيعية شريكة ببناء لبنان الجديد.

في الواقع، لقد بات القاصي والداني يعلم أن إصرار “الحزب” على التمسك بالسلاح هو انقلاب أسود على الطائف والدستور وخيانة عظمى بحق قيام الدولة ومؤسساتها. وفي هذا السياق تقول مصادر مواكبة، “إنّ تسليم السلاح الفلسطيني يشكّل بلا شك خطوة جريئة، لكنه سيبقى ناقصًا إذا لم يُستكمل بمقاربة شاملة تُفضي إلى معالجة سلاح “حزب الله”. وحده هذا الإنجاز يسمح للبنان بالعبور من دولة معطّلة إلى دولة فاعلة، ومن وطن معلّق بين الولاءات إلى وطن محصّن بجيشه ومؤسساته. فلا قيام لدولة في ظل ازدواجية القوة، ولا سيادة فعلية بوجود سلاح يتجاوز الجيش ويتحكم بالقرار الوطني. وتختم المصادر، إنّ استمرار “الحزب” في التمسك بسلاحه يضعه في مواجهة صريحة مع الدستور، و”اتفاق الطائف”، ومع الإجماع الوطني والدولي على ضرورة بسط سلطة الدولة. لقد أثبتت التجارب أنّ قوة لبنان تكمن في مؤسساته الشرعية، لا في الميليشيات ولا في السلاح الموازي.

المحكمة العسكرية تتحرك

وفيما يواصل “الحزب” تزخيم حربه الإعلامية والإلكترونية الفاضحة والمعيبة بحق الرئيس سلام والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وعقب تعليق لافتات في البقاع الشمالي تخوّن الرئيس سلام وتتهمه بالعمالة، قرر مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار فتح تحقيق بشأنها. وسطر الحجار استنابات إلى الأجهزة الأمنية كافة، طالبًا تحديد هويات الأشخاص الذين قاموا بهذا الفعل وتوقيفهم وسوقهم إلى القضاء العسكري للمباشرة بملاحقتهم.

في مقابل ملف تسليم السلاح، يستحوذ ملف التجديد لقوات “اليونيفيل” العاملة في جنوبي على اهتمام دولي، حيث تتواصل الاجتماعات والاتصالات داخل مجلس الأمن. وقد بات معروفًا، أن التجديد لـ “اليونيفيل” سيكون مشروطًا بعدم التمديد لها في العام 2026.

توازيًا، وفي مؤشر إيجابي على انفتاح وتدعيم علاقات ندية بين لبنان وسوريا، ستزور لجنة أمنية سياسية قضائية سورية لبنان أواخر الجاري، لتكون أول زيارة رسمية سورية إلى لبنان منذ العام 2011.