
“لا إعفاء لأي حزب”… من يملك تفسير حصرية السلاح في “الطائف”؟
من يملك تفسير اتفاق الطائف لجهة حصرية السلاح؟ وماذا يمكن أن تكشف مناقشات مؤتمر الطائف عن هذا البند بالتحديد؟
قلائل ربما يملكون تلك الأوراق أو تفاصيل المناقشات، لكنّ المؤكد أن تفسير حصرية السلاح لا يشمل أي استثناء أو إعفاء لأي حزب أو فئة.
هذه المعادلة يؤكدها من عايش تلك الحقبة، وساهم في صياغة “وثيقة الوفاق الوطني”. إنه النائب والوزير السابق إدمون رزق، الآتي من خبرة دستورية – سياسية، وهو من أشد الحرصاء على “وثيقة الوفاق”، إذ إنه شارك في لجنة صياغة الوثيقة، وتولى لاحقا وزارة العدل التي أكبّت على وضع نصوص التعديلات الدستورية التي أقرت في الطائف.
يخبر رزق “النهار” المداولات التي خيضت حينها، فيقول إن “حصرية السلاح وتفسيرها في الطائف أكثر من واضحة. الهدف الأساسي من الطائف أو ما عرف بوثيقة الوفاق الوطني كان وقف الاقتتال والعدوان وإعادة تركيز الدولة التعددية الموحدة. هي الصيغة التي تجتمع حولها الفئات اللبنانية المتعددة ضمن وحدة وطنية ودولة قوية. انطلاقا من هذا الهدف، وضعت الأسس برعاية عربية ودولية وبإجماع لبناني. وتم وضع وثيقة الوفاق الوطني على هذه الركائز”.
يتدارك: “بعد المؤتمر عدنا بهذه الوثيقة، وأقررنا التعديلات الدستورية وشكلت الحكومة”.
وعن بند حصرية السلاح، وكيف ناقشه المتحاورون خلال المؤتمر، وهل صحيح أن اتفاق الطائف لم يقر هذه الحصرية؟
يعاكس رزق تماما هذا الرأي ويجزم: “إطلاقا لا. حين ناقشنا الوثيقة، لم يكن هناك تأكيد فقط لحصرية السلاح ووحدة الدولة فحسب، إنما حصرية الدولة وشرعيتها في المؤسسات، بحيث لا تكون هناك استثناءات أو إعفاءات لأي فئة. أردنا الخروج من الاقتتال، فتسلّم الأسلحة إلى الدولة. لم نبحث في أي إعفاءات لأي طائفة أو حزب. كان ثمة تأكيد مطلق للوحدة الوطنية، وفكرة الدولة القوية بمؤسساتها وسلاحها الواحد. ليس هناك من خرق لوحدة الدولة وسلطتها على كامل الأراضي. الطائف أقر وحدة الشعب ضمن دولة واحدة وجيش واحد، ولا تجاوز فيه لأي نص أو قانون. الأهم أن لا مجال للاجتهاد في معرض النص، والأمر لا يحتاج إصلا إلى تفسير”.
معادلة غير مطروحة
هكذا، لا يمكن تبرير أي موقف يدّعي أن ما جرى على صعيد حصرية السلاح يتناقض واتفاق الطائف ونص الدستور اللبناني.
في هذا الاتجاه يروي النائب السابق طلال المرعبي لـ”النهار” أنه “حين ناقشنا في الطائف مبدأ حصرية السلاح، تطرقنا إلى ضرورة أن تصبح كل الميليشيات في كنف الدولة. يومها، كان المقصود الأحزاب المسلحة، كالحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية” وحركة “أمل”. كان إرساء فكرة الدولة هو الأساس للخروج من الاقتتال”.
أذا، ما يحكى اليوم عن أن حصرية السلاح مخالفة لاتفاق الطائف هو كلام خاطئ؟ يرى المرعبي أن “البحث يومها لم يختص بسلاح ما يعرف اليوم بالمقاومة. المعادلة لم تكن مطروحة هكذا”.
لاحقا، فرض تحرير الجنوب نفسه. إنما في سياق مداولات الطائف، لم يطرح الأمر من هذا الباب. كانت حصرية السلاح في الطائف هي المرتكز للولوج إلى كنف الدولة بعد الحرب الدامية، وعلى هذا الأساس سلّمت الميليشيات سلاحها.
ولكن هل يمكن اعتبار “حزب الله” مستثنى منها؟
“بالطبع لا”. لا تفسير لحصرية السلاح في الطائف إلا من باب أولوية الدولة ووجود سلطة مركزية، وهذا الأمر يشمل كل مكونات المجتمع اللبناني وأحزابه. يقول المرعبي: “ليس صحيحا أن “حزب الله” غير معني، ولا يمكن إعطاء حصرية السلاح تفسيرا في غير محله. الطائف أكثر من واضح”.