
بري الباحث عن مخرج لتفادي الأسوأ: الجيش يخطط ويستمهل للتنفيذ
في انتظار عودة الموفد الأميركي توم براك من تل أبيب حاملاً الرد الإسرائيلي على ورقته، بعدما حصد موافقة الحكومة اللبنانية عليها، تبدأ مرحلة الاستحقاقات الكبيرة المرتقبة مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وأولها بدأت تضيق مهلته التي تنتهي نهاية الشهر الجاري، وتشكل أول محطة مفصلية على طريق تنفيذ قرار حصر السلاح في يد الدولة، تطبيقاً للخطة التنفيذية المتوقع أن يرفعها الجيش إلى مجلس الوزراء.
تشكل الأيام القليلة الفاصلة، وهي دون الأسبوعين، مهلة يستغلها رئيس المجلس نبيه بري لتكثيف حركته ومشاوراته الرامية إلى ما كان سبق أن دعا إليه، أي تصحيح القرار الحكومي. وهو لهذه الغاية ينظر إلى الخطة المرتقبة عن الجيش باعتبارها فرصة أو مخرجاً لتأجيل بت الموضوع، حتى نزع فتيل أي انفجار محتمل على خلفية صراع قد يضع الجيش في مواجهة “حزب الله”، المعني الأول بموضوع السلاح.
وعليه، فإن المساعي الجارية للبحث عن مخارج تقي المواجهة، تدفع بكرة النار إلى مرمى المؤسسة العسكرية التي ستكون المسؤولة والمولجة ليس فقط عن وضع خطة تنفيذية، وإنما مباشرة تنفيذها!
من هنا، يتوزع المخرج على محورين، الأول يتزامن مع التزام الجيش وضع الخطة تنفيذاً لقرار السلطة السياسية، وإنما مع عائق واحد يبرر عدم الشروع في التنفيذ ضمن المهل الموضوعة، ويعود إلى عجز المؤسسة بعتادها وعديدها عن إنجاز المهمة في الأشهر القليلة الفاصلة عن نهاية السنة، وهي الفترة التي أمهلها مجلس الوزراء للجيش للقيام بمهمته. والسبب أن الجيش لا يتمتع بالمقومات الكافية للقيام يهذه المهمات، ويحتاج إلى مزيد من الوقت لتأكيد جهوزيته.
أما المحور الآخر فيتمثل في الرهان على أن خطة الجيش ستعتمد مبدأ خطوة مقابل خطوة، كما ورد في الورقة الأميركية، ما يعني عملياً أن لبنان لن يبدأ أي إجراءات تنفيذية قبل أن يتبلغ موافقة إسرائيل على الورقة، وتبدأ بتقديم خطوة مقابل خطوة الرامية إلى حصر السلاح، علماً أن لبنان يراهن أيضاً على أن أي تخلف إسرائيلي في هذا المجال سيؤدي إلى حل الحكومة من التزامها، ما يعيد الأوضاع إلى المربع الأول، ويفتح البلاد على كل الاحتمالات.
والحال أن تخلف إسرائيل عن الالتزام سيكشف أهدافها التوسعية في لبنان وأطماعها، بالرغم من إعلانها عشية وصول براك إلى تل ابيب عدم تمسكها بالأراضي اللبنانية التي تحتلها.
وفي انتظار ما سيحمله براك من تل أبيب، وفي رصد لتطور مسار الأمور، يبدو جلياً أن السياسة المعتمدة على الساحة المحلية من أجل تطبيق قرار نزع السلاح من دون استفزاز “حزب الله” وبيئته الحاضنة، تقضي بالسير بالقرارات بالتدرج. وهي سياسة نجحت حتى الآن في تجاوز الألغام من دون انفجار أي منها، منذ توقيع اتفاق وقف النار وموافقة الحزب على مندرجاته، بالرغم من وتيرة التهديدات والمواقف العالية النبرة، مروراً بانتشار الجيش في جنوب الليطاني، وصولاً إلى عدم تفجير ورقة براك في مجلس الوزراء، بل إقرارها مع انسحاب الوزراء الشيعة من دون تسجيل اعتراضهم. وبين كل هذه المحطات، لا يمكن التغاضي عن محطتين مفصليتين غير مسبوقتين منذ بداية أزمة السلاح في لبنان، أولاهما تجلت في الجلسة العامة لمجلس النواب التي خصصت لمناقشة سياسات الحكومة وركزت في شكل أساسي على طرح ملف سلاح الحزب، أما الثانية والأبرز فتمثلت في جلسة مجلس الوزراء التي أقرت حصرية السلاح ووضع مهلاً زمنية محددة لذلك!