حرب الضرائب تستعر جنوبًا والناس بدأوا يعترضون

حرب الضرائب تستعر جنوبًا والناس بدأوا يعترضون

الكاتب: رمال جوني | المصدر: نداء الوطن
17 آب 2025

وكأنّ حرارة آب اللاهبة لا تكفي، حتى جاءت الضرائب المرتفعة لتزيد أوجاع الناس في النبطية وجوارها. فالحديث الوحيد في القرى اليوم هو الضرائب التي أثقلت كاهل الفقراء، بدءًا بالقيمة التأجيرية التي تجاوزت 150 دولارًا، إلى فواتير المياه المزدوجة: واحدة للدولة وأخرى لأصحاب الصهاريج، تتخطى كل منها 200 دولار شهريًا، بالإضافة إلى فاتورتي الكهرباء المقطوعة.

كلّ ذلك يُضاف إلى ارتفاع جنوني بأسعار السلع والمواد الغذائية، بذريعة “الزيادة لموظفي القطاع العام”، بينما يعيش المواطن أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، تحوّلت فيها حياته إلى سلسلة لا تنتهي من الضرائب، حتى العلاج بات “لمن استطاع إليه سبيلًا”.

ارتفاع الضغط المعيشي دفع كثيرين للجوء إلى العيادات النقالة المجانية، طلبًا للدواء والرعاية.

وفي القرى الحدودية، الوجع مضاعف. فالنازحون بسبب الحرب، وجدوا أنفسهم تحت وطأة الضرائب أيضًا، ومنها القيمة التأجيرية. يقول محمد حاوي: “كأنهم نسوا أننا خسرنا كلّ شيء… لم يبقَ لنا سوى رحمة اللّه”.

في فرنها الصغير، الذي أنشأته داخل غرفة من منزلها، تكدّ أم علي منذ سنوات لتأمين لقمة العيش، وتتنقّل بين الخبز والزراعة، لأنّ مصدر رزق واحدًا لم يعد كافيًا في ظلّ الظروف المعيشية القاسية. رغم ذلك، لا تفارق الابتسامة وجهها، وتقول: “هي معركة وصمود، بس الناس ساكتين، والسلطة عم تكمّل بسياسة الضرائب الجائرة”.

تشكو أم علي من الضرائب الجديدة، خصوصًا تلك المتعلّقة بالقيمة التأجيرية التي فرضتها بعض البلديات، وتصفها بـ “الظالمة”، إذ تبدأ من 150 دولارًا وتصل في بعض الحالات إلى 1000 دولار.

تقول: “إيد واحدة ما بتصفق… لازم الناس ينتفضوا ضد سياسة التجويع”.

رانية، التي تعمل براتب 300 دولار، عبّرت بغضب: “انتخبنا بلدية لتساعدنا، مش تفرض ضرائب خيالية ما بترحم وضعنا. نحنا بعدنا بالحرب”.

تضيف: “إذا حكينا، بيمنّنونا بتخفيضها لـ 10 ملايين! طيب منين؟ الـ 300 دولار ما بيكفوا يومين”.

الناس عاجزون عن الدفع، والغضب يتصاعد، لكن الصوت ما زال خافتًا… والضرائب تزداد.

الشكوى الأبرز اليوم هي من رسوم القيمة التأجيرية التي فرضتها بلديات 2025، أرقام صادمة لم تُراعِ واقع الناس، كما تقول رانية: “كيف بدي إدفع؟ وكيف بدي عيش؟ هيدا إذلال”.

أكثر المتضرّرين من ضرائب موازنة 2025 هم الفقراء والمياومون، ممن لا يتجاوز أجرهم اليومي مليونًا و 300 ألف ليرة، بالكاد يعادل سعر كيلو لحم. هؤلاء العمال، الذين لم يعرفوا الاستقرار يومًا، يعيشون على هامش الاهتمام، رغم أنهم يقومون بأعمال أساسية كرفع النفايات وتنظيف الطرقات، إلّا أن البلديات تعاملهم كـ “عمال غب الطلب”.

يوسف، أحدهم، يعمل في رفع النفايات صباحًا وفي الزراعة بعد الظهر، يقول بحسرة: “الدولة قوية بس على الفقير، راتبي 30 مليون بالشهر وما بكفي. نشتغل لنصرف على دولة ما بتلاحق إلّا الفقير”.

النبطية التي لطالما عُرفت بارتفاع أسعارها، باتت اليوم تُوصف بـ “طوكيو” لبنان، نظرًا لتضخّم أسعارها، رغم جولات المراقبة التي لم تُخفّف من جشع السوق.

في المحصّلة، الضرائب يدفعها الفقراء ويستفيد منها الأغنياء. فهل تُشعل هذه السياسات تحرّكًا شعبيًا ضد السلطة، أم تمرّ كغيرها؟