إيران تأمر و”الحزب” ينفذ: لبنان رهينة النفوذ الإقليمي

إيران تأمر و”الحزب” ينفذ: لبنان رهينة النفوذ الإقليمي

الكاتب: طارق أبو زينب | المصدر: نداء الوطن
23 آب 2025

لبنان اليوم تحت قبضة النفوذ الإقليمي، حيث أصبح “حزب الله” أداة ضغط لإيران، بعيدًا من مصالح الدولة والمواطنين. لم يعد الأمن الوطني قضية داخلية فحسب، بل ورقة تفاوض تُلعب على طاولات القوى الكبرى، مهددة استقرار الدولة ومستقبل أجيالها. كل يوم يمر يعمّق الهوة بين السيادة المفقودة وأمل اللبنانيين في وطن مستقل وآمن، ويؤكد أن أي تردد في تسليم السلاح غير الشرعي قد يكلف لبنان أكثر مما يحتمل .

تصعيد “حزب الله” واستغلال الأزمات

يشهد لبنان تصعيدًا خطيرًا يقوده “حزب الله” بكل أذرعه، مستغلاً الأزمات المتفاقمة لتقويض الدولة وزرع الرعب بين المواطنين. لم يعد “الحزب” مجرد لاعب داخلي، بل أداة دقيقة لتنفيذ تعليمات إيران، التي تهدف لإشعال الفتنة المذهبية وإضعاف أي سلطة وطنية تحاول حماية الاستقرار. الهجمات المنظمة على رئيس الحكومة نواف سلام، وتصعيد الخطاب العدائي تجاه المملكة العربية السعودية وقيادتها، إلى جانب الحملات ضد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ليست مجرد صخب إعلامي، بل هي جزء من خطة استراتيجية لفرض واقع جديد يكرّس النفوذ الإيراني ويحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات خارجية، وفق مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن “.

بلغت الحملة ذروتها في خطاب الأمين العام نعيم قاسم، الذي استحضر رمزية “كربلاء” لتبرير الدفاع عن سلاح غير شرعي، واضعًا لبنان على حافة صراع دموي شامل، في مشهد يهدد الأمن والسلم الأهلي ويضع الدولة في مأزق غير مسبوق. هذا التصعيد يعكس استراتيجيات متقدمة للتأثير على الرأي العام اللبناني وإرغام الدولة على التراجع أمام قوة مسلحة خارجة عن القانون .

مخاطر الانهيار والعزلة الدولية

حذّر مصدر دبلوماسي أميركي عبر “نداء الوطن” من أن لبنان يقف على حافة أزمات خطيرة. المرحلة الراهنة محفوفة بالانقسام الداخلي والانهيار الاقتصادي والاجتماعي إذا استمر تعطيل مسار نزع السلاح. استمرار العزلة الدولية وتوقف المساعدات يهددان فرص إعادة الإعمار، وفي أسوأ السيناريوات، لا يُستبعد اندلاع مواجهة عسكرية مع إسرائيل إذا لم تُسلَّم أسلحة الميليشيات إلى الدولة اللبنانية .

المعادلة اللبنانية اليوم تقوم على تحدٍ مزدوج: استعادة السيادة وإعادة بناء الدولة ضمن إطار ديمقراطي يحمي حقوق جميع المواطنين، مقابل ضغوط المحور الإقليمي الساعي لترسيخ نفوذه، ما يتطلب تحركات حاسمة من الحكومة لدعم الاستقرار الداخلي.

الحرب النفسية واستهداف المجتمع

يشكّل “الحزب” حربًا نفسية متواصلة، مقدمًا سلاحه كخط أحمر لا يمكن المساس به، ومخوّنًا اللبنانيين المطالبين بتسليمه. الهدف بث الخوف والرهبة بين المواطنين وممارسة ضغط مستمر على صانعي القرار. تمتد هذه الحرب من مؤسسات الدولة إلى الشارع، عبر تنظيم احتجاجات ومسيرات بالدراجات النارية لتوجيه الغضب نحو الحكومة وتعزيز الانطباع بأن الاستقرار لا يتحقق إلا بوجود سلاح “الحزب المدعوم من إيران.تشمل هذه الحملات الإعلامية تهديدات متكررة لإشاعة الانقسامات الطائفية، وتعمل على تقييد حرية التعبير وإضعاف مؤسسات الدولة المدنية .

لبنان بين السلاح والتصعيد

كشفت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن” أن قيادات “حزب الله” واصلت عقد اجتماعات مكثفة عقب زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت، بحضور أحزاب وحلفاء ضمن محور المقاومة، بما في ذلك فصائل فلسطينية مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. وأكد “الحزب” لهذه الفصائل عدم تسليم سلاحه، التزامًا بالتوجيهات الإيرانية ورفضًا لأي خضوع لسلطة الدولة اللبنانية .

وتناولت الاجتماعات سيناريوات تصعيد متنوعة، تشمل الضغط المباشر على الحكومة اللبنانية، وتنظيم تحركات شعبية مدروسة، إلى جانب حملات إعلامية مكثفة تهدف إلى تصوير الحكومة كسلطة عاجزة. في ظل هذا الواقع، يجد اللبنانيون أنفسهم أمام خيارَين صعبين: الخضوع لهيمنة “الحزب” أو مواجهة المجهول، ما يزيد صعوبة تأمين مستقبل وطني مستقر ويضع لبنان على مفترق طرق حاسم بين الاستقلال والهيمنة الخارجية .

مرحلة حاسمة أمام لبنان

تؤكد الناشطة السياسية والمحامية ريتا بولس لـ”نداء الوطن” أن لبنان أمام اختبار وجودي: إما أن يصبح دولة حرة تحمي سيادتها وتحقق نجاح عهد فخامة رئيس الجمهورية جوزاف عون من خلال الالتزام بخطاب القسم والقرارات الدولية، وإما  يستسلم لهيمنة القوى المسلحة التي تربط مستقبله بأجندات خارجية. المرحلة المقبلة تتطلب دعمًا شعبيًا للحكومة في صياغة أولوياتها بعيدًا من الانقسامات الطائفية ومواجهة الحرب النفسية التي تمارسها الميليشيات المسلحة، لضمان استقرار البلاد وأمن مواطنيها.

التحديات والفرص أمام الدولة

لبنان عند مفترق طرق حاسم، يواجه تحديات جسيمة تشمل الانقسام الداخلي، الهيمنة المسلحة، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة. ومع ذلك، تبقى الفرصة قائمة لإعادة بناء الدولة واستعادة سيادتها. إذا نجحت الحكومة اللبنانية في مواجهة الهيمنة المسلحة وفرض معادلات سياسية جديدة، يمكن للدولة استعادة موقعها الطبيعي في المحيط العربي وإعادة ثقة المواطنين بمستقبل البلاد، فتتحول المرحلة الحالية من أزمة مهددة إلى فرصة لإصلاح شامل وبناء دولة قوية ومستقلة، قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق استقرار دائم لمواطنيها.