
أيّ 13 تشرين سيتذكّر “التيّار”؟!
هناك من قال قديمًا: “إن لم تخجل، فافعل ما شئت. تطبيقًا لهذه المقولة، سيحتفي التيّار الوطني الحر بذكرى 13 تشرين، وسيلقي جبران باسيل كلمةً في المناسبة”.
سيحتفي التيّار الوطني الحر، السبت 11 تشرين الأول الجاري، بذكرى “13 تشرين”، بقدّاسٍ يسعى لأن يحشد فيه حضورًا ضخمًا، سياسيًا وشعبيًا، في إطار الاستفادة من مناسبةٍ وجدانيّةٍ حزينةٍ لغاياتٍ انتخابيّة.
ولكن، بعيدًا عمّا سيُحكى في هذه المناسبة، وما سيرد في كلمة رئيس “التيّار” النائب جبران باسيل، يجدر بنا أن نطرح سؤالًا عمّا بقي من هذه الذكرى في مسيرة “التيّار”، منذ عودة العماد ميشال عون إلى لبنان في العام 2005.
قبل أن نصل إلى العام 2005، وما بعده، لا بدّ من العودة إلى الأرشيف المصوّر حيث نعثر على فيديوهات يقول فيها عون، من قصر بعبدا، إنّه سيكون آخر المغادرين للقصر إن هاجمه الجيش السوري. وللتذكير، فرّ عون إلى السفارة الفرنسيّة، تاركًا جنوده وأفراد عائلته وراءه.
أمّا في مرحلة ما بعد العودة، فشهدنا انقلابًا كاملًا على الشعارات السابقة، وتحديدًا على ذكرى 13 تشرين. تحالف عون، ومعه باسيل، مع حزب الله بعد أن تحدّث بنفسه مرارًا عن مخاطر الحزب الذي يتبع ولاية الفقيه. وأرسى علاقةً ممتازةً مع سوريا الأسد، وزارها مرارًا والتقى، بحضور باسيل وضحكته العريضة التي يحتفظ بها “غوغل”، بشار الأسد، ولم يسألاه لا عن ضحايا 13 تشرين ولا عن المفقودين في ذلك النهار.
وجاء من يخترع لعون وباسيل “خبريّة” براد السوريّة والمسيحيّة المشرقيّة، وأصبح يقوم بزيارات “حجّ” إلى سوريا، فيستغلّ الدين من أجل السياسة والمصالح الشخصيّة، وخصوصًا الرئاسيّة.
هكذا أصبحت سوريا صديقة، وبشارها حبيبًا. وأصبح حزب الله حليفًا، وتوضع صورة أمينه العام في منازل “عونيّين” إلى جانب صورة “الجنرال” ومار شربل، في تشويهٍ للمسيحيّة وتعاليمها وقيمها وجذورها. هذه كلّها شوّهها عون، ومعه باسيل، من أجل بلوغ الرئاسة والإمساك بمفاصل السلطة عبر تعييناتٍ لم تأتِ إلّا بالمحاسيب.
حتى المصالحة مع القوات اللبنانيّة، لم يقاربْها الرجلان إلّا من باب المصلحة الرئاسيّة، وحين تحقّقت انقلبا على الاتفاق وعادا إلى “تعيير” “القوات” بالممارسات الميليشياويّة منذ زمن الحرب، بينما يغفلان عن ممارسات الجيش السوري وارتكابات حزب الله، بل أصبح وفيق صفا زائرًا دائمًا في منزل باسيل في البيّاضة، يتآمران معًا، و”يركّبان” المؤامرات…
في هذه المحطات كلّها، وغيرها ممّا يضيق المجال لذكره، لم يتذكّر عون وباسيل شهداء 13 تشرين يومًا. يتذكّرونهم اليوم لأنّ الانتخابات النيابيّة قريبة، وهناك حاجة للظهور بمظهر التيّار القوي عبر حشدٍ شعبيّ، بينما الحقيقة أنّ ممارساتهما، منذ العام 2005، جعلت “التيّار” يتراجع من 28 نائبًا حينها إلى 13 حاليًا، ومن “تسونامي” انتخابي مسيحي إلى استعطاء حزب الله لإيصال بعض النوّاب بأصواتٍ شيعيّة.
هناك من قال قديمًا: “إن لم تخجل، فافعل ما شئت. تطبيقًا لهذه المقولة، سيحتفي التيّار الوطني الحر بذكرى 13 تشرين، وسيلقي جبران باسيل كلمةً في المناسبة”.