
“بيروت 1”: توقعات عالية وسط مخاوف اقتصادية؟
قبل أن يتوجه وزير الاقتصاد عامر البساط إلى واشنطن للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي، أطلق من قصر بعبدا “مؤتمر بيروت 1” الاستثماري الرامي إلى تحفيز فرص الاستثمار، برعاية رئيس الجمهورية.
ينطلق البساط في توقعاته المتفائلة لنجاح هذا المؤتمر المزمع عقده مبدئياً في 18 تشرين الثاني المقبل و19 منه، من أن لبنان مقبل على مرحلة من الانتعاش، معززة بمؤشرات اقتصادية جيدة، أبلغها إلى رئيس الجمهورية وكشف عنها الأخير في لقائه أول من أمس وفد جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، عندما كشف أن التوقعات للنمو تصل إلى 5 في المئة والتدفقات المالية ستبلغ 20 مليار دولار. ويعوّل البساط على القطاع الخاص لتمويل تنظيم المؤتمر الموجه أساساً إلى هذا القطاع، كما إلى الاغتراب اللبناني والمستثمرين العرب والأجانب. ويستهدف المؤتمر استقطاب الاستثمارات الخارجية والمقدرة بما يراوح بين 7 و8 مليارات دولار للاستثمار في قطاعات البنى التحتية والخدماتية والقطاعات الإنتاجية والتكنولوجيا. وهذا يعني أنه ليس البديل من مؤتمر الدعم الدولي لإعادة الإعمار الذي تسعى باريس إلى عقده، بل سيكون باكورة له، كما لمؤتمر دعم الجيش، وخصوصاً أنه لا تزال دون مؤتمري الدعم الدوليين معوقات تتصل بالشروط السياسية الموضوعة على لبنان والمتعلقة بتنفيذ قرار حصر السلاح في يد الدولة، والتي يتوقع أن تشتد في المرحلة المقبلة بعدما أقفل ملف غزة وانتقل الاهتمام الدولي إلى الملف اللبناني.
بالرغم من المناخ الإيجابي المشجع لانعقاد المؤتمر على قاعدة أنه سيكون مؤتمراً صنع في لبنان ومن أجله، لا تزال دونه معوقات تتصل أيضاً بالشروط السياسية الدولية التي تربط أيّ استثمار خارجي بتنفيذ لبنان قرار حصر السلاح.
صحيح أن فكرة عقد مؤتمر في بيروت تحت اسم “بيروت 1” ليست جديدة، إذ كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قد أطلقت مؤتمراً مماثلاً عام 2005، لكن الظروف في تلك المرحلة حالت دون انعقاده.
لا تزال حظوظ انعقاد المؤتمر الذي سيكون برعاية رئيس الجمهورية في موعده غير مؤكدة حتى الآن، في انتظار عودة البساط من واشنطن لعقد اجتماع الثلثاء المقبل مع الهيئات الاقتصادية وتثبيت الموعد، بعدما تردد أنه قد يتأجل حتى نهاية تشرين الثاني. وبالرغم من ترحيب الهيئات الاقتصادية بالاقتراح الذي يتبناه رئيس الجمهورية ويرعاه، تبدي أوساط بعض التحفظ بسبب التوقعات العالية لوزير الاقتصاد، ولاسيما أن مؤتمرا كهذا يستدعي عوامل كثيرة لنجاحه، أولها الإعداد والتنظيم الجيدان اللذان يجري العمل عليهما بقوة، وإنما هما رهينة ضيق الوقت الكفيل بتوافرهما، وتبذل وزارة الاقتصاد مع الهيئات الاقتصادية المعنية عملياً بالتمويل، جهودا حثيثة من أجل إنجاز التحضيرات المطلوبة في الوقت المحدد للمؤتمر.
أما العامل الثاني فيكمن في خشية الوسط الاقتصادي من تكبير حجم التوقعات في ظل الكلام على استثمارات تفوق الـ7 إلى 8 مليارات دولار، خصوصاً أن التعويل سيكون على انخراط الاغتراب اللبناني في المشاريع المزمع طرحها للاستثمار، والتي يجري حالياً إعداد لوائح بها لتسويقها خلال المؤتمر.
ومع إعلان الرئيس أن لبنان سيدخل في مسار التسوية والتفاوض والحوار، فإن أوساطاً اقتصادية ترى أن اقتراح عقد مؤتمر في بيروت يعكس التزاماً لبنانياً لإطلاق مسار الانعاش الاقتصادي والاستثماري المواكب لأي تسوية سياسية تنهي الصراع في البلاد.