كيف يبرر” الحزب ” إبقاء مقاتليه في جنوب الليطاني؟

كيف يبرر” الحزب ” إبقاء مقاتليه في جنوب الليطاني؟

الكاتب: ابراهيم بيرم | المصدر: النهار
18 أيلول 2025

في مسعى منه لإثبات حضوره واستمراريته أطلق “حزب الله” برنامج أنشطة مركزة وهادفة في الذكرى الأولى لما أطلق عليه هو “البأس الشديد “والتي كان زمن بدئها مع بدء الحرب الإسرائيلية الضارية ومحطتها النوعية الأولى “عملية البيجرز المفخخة” قبل أن تكر السبحة، فتكون “عشرة الآلام” كما يسميها.

وإذا كان هم الحزب أن يقدم أدلة ورسائل تثبت أنه لم يبارح الميدان السياسي وأنه في طريقه للتعافي، فإنه يصر في المقابل على أن يخوض في عمق الجنوب مواجهة يومية شرسة غير متكافئة مع الإسرائيلي، دفع من أجل ديمومتها حتى الآن ووفق تقديراته هو ما لايقل عن 250 قيادياً وكادراً محترفاً نجح الطيران الإسرائيلي في تصفيتهم واغتيالهم منذ سريان اتفاق وقف النار قبل نحو عشرة أشهر.
وإن كانت منطقة جنوب الليطاني هي الميدان الرئيسي لتلك المواجهة، إلا أن الإسرائيلي يصر على تخطي حدود تلك البقعة المشمولة عملياً بمفاعيل القرار 1701، ويمدها إلى مناطق شمالي النهر وأحياناً إلى الضاحية الجنوبية وصولاً إلى البقاع حيث نفذ نحو 18 عملية اغتيال على مراحل.

وحيال تكرارعمليات الاغتيال بالمسيرات وتحولها إلى ظاهرة شبه يومية، فإن السؤال المثار هو ليس كيف تصل إسرائيل إلى “الأهداف الثمينة ” تلك، لكن لماذا لا يعمد الحزب إلى تدابير وإجراءات تؤمن أكبر قدر من الحماية والأمان لهؤلاء الكوادر، إما عبر إبعادهم عن العين الإسرائيلية الراصدة ليل نهار، أو عبر التقليل من تحركاتهم إلى أدنى الحدود أو عبر إجراءات أخرى يفترض أن يلحظها العلم العسكري المتطور ؟
لاشك أن القيادة العسكرية للحزب تعي تماما أن تل أبيب وبعد أن أفقدت الحزب قدراته الردعية، نجحت في ضمان السيطرة الجوية على كل الميدان الجنوبي، بحيث بات هذا الميدان مفتوحاً تماماً أمام مسيراتها التي ترصد أدق تحركات السكان والعابرين في البلدات الاأمامية، وتستهدف أي أعمال من شأنها إعادة إعمار ما تهدم من جرافات وبوكلينات وشاحنات، فضلاً عن البيوت الجاهزة، إضافة إلى إعدام الأنشطة الاقتصادية.

كما أن إسرائيل تريد من كل فعلها هذا، أمراً آخر أكثر أهمية بالنسبة لها، وهو أن يبقى الميدان الجنوبي خالياً تماماً من أي وجود عسكري مباشر للحزب وأي استعدادات تشي باحتمالات أن الحزب في طور إعادة ترميم قواه العسكرية في تلك المنطقة. وبمعنى آخر تفعل إسرائيل فعلاً استباقياً للحيلولة دون أن يكرر الحزب تجربته في مرحلة ما بعد حرب تموز عام 2006 والتي أباحت له العودة إلى المناطق الأمامية والتمركز فيها.
المعلوم أن التحدي الأكبر الذي كان الحزب يواجهه إبان حرب الإسناد وما تلاها من حرب الـ66 يوماً هو كيفية الاحتفاظ بمواقعه ونقاط تمركزه و”رؤوس الجسور” في منطقة جنوب الليطاني في حال فرضت إسرائيل شروطها” ولاسيما بعد ظهور نتائج هجمتها الضارية على الحزب خلال حرب الـ66 يوماً.

ولقد كان الرد التقليدي للحزب على هذا السؤال المحوري الذي كان يأتيه من البيئة ومن الخارج على حد سواء أن “عناصرنا ليسوا مستوردين بل هم من أبناء القرى الجنوبية نفسها وتعليماتنا إليهم عودوا إلى قراكم واصمدوا فيها ومارسوا دورة حياتكم اليومية على نحو يشعر العدو وكل من يعنيه الأمر بأن الحزب موجود حيث يتعين أن يكون متواجداً، ويكون هذا الأداء بمثابة عنصر تحد للإسرائيلي وإثبات له على إخفاق أهداف مخططه الرامية إلى اقتلاع الحزب من جذوره وعنصر تطمين لبيئة الحزب نفسها، فضلاً عن أن هذا التواجد هو جزء ضروري من استعدادات العودة إلى الوضع الذي سبق حرب الإسناد وما تلاها..
وعليه يعتبر الحزب أن القرار الواجب تنفيذه الآن هو “أن تبقى المقاومة في أرضها مهما كانت التضحيات والأثمان، لأن المهم هو أن يستشعر الإسرائيلي أنه لم ينجح باجتثاث المقاومة”.