ماذا يعني فشل قرار حصرية السلاح..

ماذا يعني فشل قرار حصرية السلاح..

الكاتب: صلاح سلام | المصدر: اللواء
3 أيلول 2025
بغض النظر عمَّا ستسفر عنه جلسة مجلس الوزراء بعد غد الجمعة، لم يعد من المقبول الاستمرار في دوامة السجالات والمماطلات، ومحاولات تدوير الزوايا حيال مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. فالوقت يضيق، والمهل تنفد، وكل يوم يمر بلا حسم يُبقي لبنان أسيراً لسلسلة أزمات كارثية: انقسامات داخلية تمزق النسيج الوطني، تعطيل مقصود لعودة الدولة إلى دورها الطبيعي، تأخير متعمَّد لمسار النهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار، وإمعان في حرمان اللبنانيين من المساعدات الدولية، التي باتت مشروطة باستعادة السيادة كاملة غير منقوصة.
إن الاستمرار في إبقاء السلاح خارج سلطة الشرعية لا يخدم سوى العدو الإسرائيلي، الذي يجد في هذا الواقع الذريعة المثالية لمواصلة الغارات اليومية وتبرير الاحتلال للتلال الخمس المتبقية، ناهيك عن الإبقاء على ملف الأسرى اللبنانيين معلقاً كأداة ضغط. وبذلك يصبح الشعب اللبناني رهينة معادلة مختلة: سلاح يعطل الداخل ويستدرج العدوان، في حين تتعطل الدولة ويُحرم البلد من فرص الإنقاذ.
من يتحمل هذه النتائج المدمرة؟ القوى السياسية التي تتلطَّى خلف شعارات فارغة، أم الجهات التي تصرُّ على رهن قرار الحرب والسلم بأجندات إقليمية لا علاقة لها بمصلحة لبنان؟ الحقيقة أن التهرب من مسؤولية حصر السلاح بيد الجيش اللبناني هو تسليم صريح باستمرار الانهيار، وتجاهل فاضح لتضحيات اللبنانيين الذين يدفعون ثمن الانهيار المالي والمعيشي كل يوم.
المعادلة واضحة وبسيطة: لا دولة من دون سيادة، ولا سيادة مع سلاح مزدوج. وأي حديث عن إصلاح أو إعمار أو مساعدات في ظل هذا الواقع يبقى وهماً لا أكثر. فالعواصم المؤثرة والجهات المانحة أعلنتها بلا مواربة: لا أموال ولا دعم قبل أن يستعيد لبنان قراره السيادي، ويضع حداً نهائياً لإزدواجية السلاح .
لقد حان الوقت لاتخاذ قرار وطني جريء يطوي مرحلة الارتهان، ويضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار. فالاستمرار في المراوحة يعني مزيداً من الانهيار، ومزيداً من الارتهان للخارج، ومزيداً من القهر لشعب أنهكته الأزمات. وحده الجيش اللبناني، بصفته المؤسسة الوطنية الجامعة، يجب أن يكون صاحب الحق الحصري في السلاح، وإلا فإن الحديث عن دولة عادلة وقادرة سيبقى مجرد سراب.
إن لبنان أمام مفترق طرق تاريخي: إما خيار الدولة الواحدة الممسكة بقرارها وسلاحها وسيادتها كاملة،  وإما الإنحدار إلى  مستويات جديدة من الإنهيارات والفوضى. والمسؤولية هنا لم تعد تحتمل التردُّد أو المناورة. فالمطلوب اليوم حسم لا رجوع عنه، يضع حداً لحقبة طويلة من ازدواجية السلاح، ويفتح الباب أمام ولادة لبنان جديد، سيد، مستقل، قادر على مواجهة العدو الإسرائيلي من موقع الدولة لا الميليشيا.