
نصار يشرح تعميمه لكُتاب العدل: هدفنا حماية لبنان من العقوبات
على خلفيّة التعميم 1355، عقد وزير العدل اللّبنانيّ عادل نصّار اجتماعًا مع مجلس كتّاب العدل، اليوم الإثنين، 6 تشرين الأول، لمناقشة التعميم ووضع الملاحظات عليه بعد اعتباره أنّ بعض بنوده غير قابلةٍ للتطبيق وغير واضحة، وبعدما أثار جدلًا قانونيًّا واسعًا خلال الأيام الماضية.
وبيد أنّ هذا التعميم المؤلّف من تسعة بنودٍ استند إلى نظام كتّاب العدل، ورسوم كتابة العدل وفق القانون رقم 337/1994، وإلى القانون رقم 44/2015 المتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأوكل التعميم إلى كتّاب العدل مهمّاتٍ جديدة، منها: “التحقّق من أنّ كلّ أطراف الوكالة غير مدرجين على لوائح العقوبات الوطنيّة والدوليّة، والامتناع عن تنظيم المعاملات في حال حصول العكس، وإعلام وزارة العدل وهيئة التحقيق الخاصّة بالأمر”.
إيضاح بنود التعميم
بحسب معلومات “المدن”، شرح نصّار تعميمه وآليّة تطبيقه. وشارك في الاجتماع رئيس مجلس كتّاب العدل ناجي الخازن، والأعضاء نسرين أيّوب، وأسامة غطيمي، ومها أبو نجم، ورندا عبّود، وسوزان منصور. وتشير المعلومات إلى أنّ بنود هذا التعميم لم تكن واضحةً أمام كتّاب العدل، وعلى هذا الأساس جرى إيضاحها.
وأشارت مصادر وزير العدل لـ”المدن” إلى أنّ التعميم يتعلّق بالمعاملات ذات الطابع المالي، وهدفه إبعاد لبنان عن اللائحة السوداء، ومنع عمليّات تبييض الأموال. وأنّ مهمّة كاتب العدل هي منع كلّ من أدرج اسمه على لائحة العقوبات من إجراء المعاملات ذات الطابع المالي، أي بيعٍ وشراء الأراضي وغيرها، والتدقيق في مصدر هذه الأموال. وذكرت أنّ كتّاب العدل بإمكانهم تنفيذ ما طُلب منهم، لأنّ الأسماء المدرجة على لوائح العقوبات معروفةٌ وستكون متوافرةً على رابطٍ إلكتروني يسهل عملهم، مؤكّدةً أنّ الهدف الأساسيّ من هذا التعميم هو مكافحة تبييض الأموال، ولا يتعلّق بأيّ هدفٍ سياسيّ، إذ لا يتّصل بقطع الطريق أمام أيّ مرشّحٍ للانتخابات، ويمكن لأيّ شخصٍ الترشّح، كما أنّ لوائح العقوبات تشمل أسماءً أخرى غير عناصر “حزب الله”. لذلك لا تراجع عن هذا التعميم.
وبحسب معلومات “المدن”، فإنّ وزير العدل سيعرض شرحًا تقنيًا حول هذا التعميم خلال الأيّام المقبلة لتأكيد أنّه لا يحمل أيّ تداعياتٍ سياسيّة.
في السياق، وصفت مصادر “المدن” اجتماع نصار مع مجلس كتاب العدل بالـ”ايجابيّ”، ووضعت الأمور في موقعها الصحيح. وأضافت أن التعميم لم يكن واضحًا في بادئ الأمر ويحتاج إلى شرح أكثر لذلك طاولته العديد من الانتقادات، لكن في هذا اللقاء شُرح لهم آلية تطبيقه وأهدافه الأساسية فاتضحت لهم الصورة.
اتّساع الجدل والانتقادات
الضجّة لم تقتصر على الأوساط القانونيّة والقضائيّة، بل امتدّت إلى الأوساط السياسيّة والرأي العام عموماً، على خلفية اعتبار ما جرى استهدافاً مباشراً لـ”حزب الله” وتضييقاً للخناق على مؤسّساته، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيليّة الأخيرة التي أنهكتْه، فيما شبّهت بعض الانتقادات التعميم بتحويل كتّاب العدل إلى “هيئاتٍ رقابيّة”.
في المقابل، أوضح المحامي والاستاذ الجامعي جاد طعمة لـ”المدن” أنّ التعميم يتضمّن تنظيمًا مرتبطًا بمهنة كاتب العدل، وهذه المهنة منظّمةٌ بقانون، أي إنّ كلّ موجبٍ يفرض على كاتب العدل ينبغي أن يكون ضمن تعديلٍ تشريعيّ، لاسيّما أنّ وزارة العدل، بالنسبة إلى كتّاب العدل، تملك سلطة الإشراف والوصاية، فيما كتّاب العدل ليسوا موظّفين تابعين للوزارة.
وأضاف: هذا التعميم يطرح تساؤلاتٌ عمليّة، منها: كيف سيتسنّى لكاتب العدل أن يدقّق في الأسماء المدرجة على لوائح العقوبات، وهل تحاسب أيّ جهةٍ أو شخصٌ لمجرّد ورود الاسم على لوائح خارجيّة؟ إذ إنّ منع أيّ إنسانٍ من التصرّف داخل لبنان لا بدّ أن يستند إلى عقوبةٍ يقرّرها القضاء اللبنانيّ، لا إلى مجرّد إدراج اسمه على لوائح عقوباتٍ غالبًا ما تكون ذات خلفيّةٍ سياسيّة، فمن هي الجهة التي تدقّق في صحّة تلك العقوبات؟
ويشدّد على أنّ إصدار التعميم جائزٌ في حدّ ذاته، لكن يجب ألّا يتجاوز حدّ السلطة، لأنّ مضمونه قد يمسّ أهلية بعض المواطنين، ويخالف مبدأ المساواة بين اللبنانيّين، وينتقص من الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة. ولبنان صادق على العهد الدوليّ للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وعليه، يرى معترضون أنّ التعميم يأتي ظاهره لمكافحة تبييض الأموال، وباطنه للتضييق على جهاتٍ سياسيّةٍ لبنانيّة نتيجة ضغوطٍ دوليّةٍ تسعى إلى محاصرتها. كما أنّ التعميم أدخل أنظمةً وشروطًا جديدةً تخضع لها مهنة كاتب العدل، وهي مهنةٌ منظّمةٌ بقانون، ولا يجوز فرض شروطٍ وتنظيماتٍ إضافيّةٍ إلّا عبر تعديلٍ تشريعيّ يمرّ بمجلس النوّاب.
يشير قانونيّون إلى أنّ التعميم ممكنٌ أن يُطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة. وفي الانتظار، تتواصل النقاشات بين وزارة العدل ومجلس كتّاب العدل لاستكمال التوضيحات التنفيذيّة، وسط تباينٍ بين روايات داعمي التعميم ومعارضيه حول الأهداف والآثار المترتّبة عليه.