هل يخفض قاسم منسوب التصعيد في ذكرى نصر الله؟

هل يخفض قاسم منسوب التصعيد في ذكرى نصر الله؟

الكاتب: محمد شقير | المصدر: الشرق الاوسط
15 أيلول 2025

يقف «حزب الله» اللبناني على بعد أقل من أسبوعين من إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال إسرائيل أمينه العام السابق حسن نصر الله، وتترقب بيئته ما سيقوله خلفه الشيخ نعيم قاسم في هذه المناسبة، وهل سيكرر مواقفه النارية التي أوردها في خطابه الأربعاء الماضي، أم إنه سيبادر إلى خفض منسوب التصعيد السياسي في ضوء عدم انقطاع التواصل مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي أخذ على عاتقه، كما يقول مصدر بارز في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، أن يضع تصوراً أولياً لرؤيته لاستراتيجية أمن وطني للبنان التزاماً منه بما تعهّد به بهذا الخصوص في خطاب القسم، والبيان الوزاري للحكومة.

وكشف المصدر عن أن عون قطع شوطاً على طريق بلورته رؤيته هذه، وقال إن حصرية السلاح بيد الدولة تطبّق بالتوافق على استراتيجية أمن وطني للبنان التي ستكون أساساً للتشاور مع القوى السياسية، إنما بعد انتهائه من وضع تصوره في هذا الخصوص.

زيارة إلى عون

ولفت إلى أن التواصل بين عون وقيادة «حزب الله» لم ينقطع من خلال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد المكلف ملف العلاقة. وأكد أن المستشار الرئاسي، العميد المتقاعد آندريه رحال، هو من يتولى الاتصال به، وأحياناً بالفريق السياسي المساعد لرعد شخصياً. وقال إن لقاءً عُقد الخميس الماضي ضم رحّال وأعضاء هذا الفريق.

ولم يستبعد المصدر احتمال إجراء رعد زيارة إلى عون، إنما بعد عودته من نيويورك التي سيتوجّه إليها في 21 سبتمبر (أيلول) الحالي على رأس الوفد اللبناني للمشاركة في انعقاد الدورة العادية للأمم المتحدة، مؤكداً أن «الثنائي» يلتزم «حصرية السلاح» شرط أن تأتي في سياق استراتيجية أمن وطني للبنان، نافياً العودة عنها التزاماً منه بالبيان الوزاري الذي شارك على أساسه في الحكومة وأيد خطاب القسم.

ورأى أن قاسم «لم يكن مضطراً في خطابه الأخير إلى رفع السقوف ومخاطبة اللبنانيين بنبرة عالية، وكان يُستحسن تقديم موقفه بهدوء، وهو أراد توجيه رسالة إلى خصومه»، في إشارة إلى حزب «القوات اللبنانية» الذي «يتعامل معه على أنه انتهى، ولم يعد أمامه سوى الاعتراف بأن لبنان يدخل في مرحلة جديدة بعد أن مُني (الحزب) بضربة إسرائيلية قاسية؛ جراء إسناده غزة الذي أوقعه في سوء تقدير لرد فعلها».

شد عصب

وأكد المصدر أنه «لا خيار أمام قاسم سوى شد عصب بيئته مع اقتراب حلول الذكرى الأولى لاستشهاد نصر الله؛ لتمرير رسالة بأن (الحزب) أعاد ترتيب بيته الداخلي واستعاد قدراته العسكرية، وهو يخطو الآن خطوات متأنية لعله يملأ الفراغ الذي خلّفه اغتياله، موحياً بأنه بدأ يتجاوز المرحلة الانتقالية من دون أن يعيد النظر في التزامه وقف النار، محملاً الحكومة مسؤولية التصدي للاعتداءات الإسرائيلية».

ولفت إلى أن الكلمة في الميدان تبقى لـ«المجلس الجهادي» في «الحزب» الذي «يعود له تحديد التوجهات ذات الطابع العسكري». وقال إن تهديده بوقف التعاون مع الجيش في جنوب الليطاني لم يكن في محله؛ «لأنه لا مصلحة له في أن يستحضر موقفاً هو في غنى عنه، ولا يلقى التجاوب من المزاج الشيعي العام قبل الآخرين، إضافة إلى أنه يوفر الذرائع لإسرائيل لمواصلة اعتداءاتها بحجة أنه لا يزال يتمتع بحضور عسكري في هذه المنطقة بخلاف ما يدّعيه أركان الدولة وقيادتَا الجيش والـ(يونيفيل)».

وأكد أن «الحزب» سرعان ما سحب تهديده بعدم التعاون، وأن «التلويح به أدى أغراضه بالضغط على الحكومة للتريث بعدم تحديد جدول زمني للانتهاء من تطبيق (حصرية السلاح)».

خصوم «الحزب»

وفي المقابل، فإن إصرار قاسم على رفع السقوف السياسية يبقى في إطاره الإعلامي، كما يقول خصومه لـ«الشرق الأوسط»، و«لن تكون له من مفاعيل عسكرية على الأرض بعد أن تعذّر عليه بإسناده غزة استعادة توازن الردع الذي كان يتحكم في إدارته للمواجهة العسكرية مع إسرائيل، ويسترد في الوقت نفسه قواعد الاشتباك في ضوء احتلال إسرائيل عدداً من البلدات الأمامية واحتفاظها بأكثر من 8 تلالٍ فيها، وبالتالي قد يكون مضطراً لاستخدام النبرة العالية في إطلالاته السياسية لطمأنة بيئته بأنه أخذ يستعيد قدراته العسكرية من دون أن يستخدمها في رده على الاعتداءات بذريعة وقوفه خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي لإنهاء الاحتلال للجنوب».

شراء الوقت

ورأت مصادر مقربة من خصوم «الحزب» أن قاسم بحاجة الآن إلى «شراء الوقت لسببين: الأول يكمن في منح الفرصة المواتية لإلحاق سلاحه باستراتيجية أمن وطني للبنان. والثاني تمديد الفرصة لإيران لعلها تتمكن من تحسين شروطها وهي تتفاوض بعيداً عن الأضواء مع الولايات المتحدة الأميركية». وقالت إن «(الحزب) يراهن على تسويقه التوصل لهذه الاستراتيجية لدى بيئته للإيحاء لها بأن تمسكه بسلاحه كان وراء التسليم بها، وأنه لم يستجب للضغوط التي مورست عليه لتسليمه طوعاً بلا أي شروط».

وقالت إن «الحزب» يواصل حملته على رئيس الحكومة نواف سلام، وإن «اتهامه بتنفيذ أوامر أميركية وإسرائيلية ليس في محله، وإلا فهل من مبرر لعدم سحب وزيريه من الحكومة؟». ورأت أن «تمسك قاسم بسلاحه ما هو إلا إشارة إلى دعوته ضمناً إلى إشراك إيران في المفاوضات بشأن حصرية السلاح، وهذا ما يرفضه سلام شخصياً بوصفه شأناً داخلياً لا علاقة للخارج به».

وعدّت المصادر نفسها أن عدم تحديد جدول زمني للانتهاء من تطبيق «حصرية السلاح» يعني أن هناك فترة سماح تتيح للدولة استكمال استيعابها السلاح ومنع استخدامه أو حمله ونقله، وتفتح الباب أمام تكثيف الاتصالات للضغط على الولايات المتحدة لإلزام إسرائيل توفير الضمانات للانسحاب من الجنوب بالتزامن مع تحضير الأجواء لعقد المؤتمر الدولي لدعم الجيش، وأكدت أنه «لا عودة للوراء، ولا خيار أمام (الحزب) سوى التعاون طوال الفترة الزمنية التي حددتها قيادة الجيش لاستيعاب السلاح، وهذا يعني من وجهة نظرنا أنه لا خيار أمامنا سوى الاستجابة للرغبة اللبنانية الجامعة المؤيدة لجمع السلاح والضغوط الدولية في هذا المجال». وسألت: «هل آن الأوان لـ(الحزب) ليراجع حساباته ويدقق في خياراته، أم إنه سيبقى في حال إنكار لما ألحقه بالبلد من أكلاف بشرية ومادية جراء تفرُّده بقرار الحرب والسلم بإسناده غزة؟ وهل إسناده لها ميثاقي بخلاف ادعائه أن ما تقرر في جلستَي مجلس الوزراء في 5 و7 آب (أغسطس) الماضي يفتقد إلى الميثاقية التي تذرّع بها (الثنائي الشيعي)، فسحب وزراءه منهما؟».