في يومِها العالمي: صرخةٌ صامتة تطرقُ كلّ بيت

يُصادف 10 تشرين الأول من كلّ عام “اليوم العالمي للصحة النفسيّة”، ليُذكّرنا بأنّ الاعتناء بالعقل لا يقلّ أهميّة عن الاهتمام بالجسد وألا صحّة جيّدة من دون صحّة نفسيّة سليمة. وفي عالمٍ يركضُ بلا توقّف، تُصبح لحظة الصّمت شجاعة، وطلب المُساعدة قوّة. اليوم، فرصة للتوقّف ولو قليلاً، للنّظر إلى الداخل ومواجهة كلّ ما نُخفيه خلف الابتسامات العابرة.
يحمل اليوم العالمي للصحة النفسية لعام 2025 شعاراً يُركّز على الحاجة المُلحّة لدعم الصحة النفسية والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأشخاص المتضرّرين من حالات الطوارئ الإنسانيّة. ووفق ما نشرت منظمة الصحة العالميّة، تُسبّب الأزمات كالكوارث الطبيعيّة والنزاعات وحالات الطوارئ الصحية العامة، ضائقة نفسيّة حيث يُعاني 1 من كلّ 5 أفراد من حالةٍ صحيّة نفسيّة. وتلفت المنظمة إلى أنّ دعم الصحة النفسيّة للأفراد خلال هذه الأزمات ليس مُهمًّا فحسب، بل يُنقذ الأرواح ويمنح الناس القوة على التأقلم ومساحة للتعافي وإعادة البناء، ليس فقط كأفراد بل كمجتمعات أيضاً.
وتُشير الاختصاصيّة في علم النفس والمعالجة النفسيّة شارلوت الخليل في هذا الإطار، إلى أنّ “حالات الطوارئ الإنسانيّة ليست عبارة عن حروب وكوارث طبيعيّة فقط بل هي أيضاً أزمات اقتصاديّة وسياسيّة وبيئيّة وإنسانيّة مجتمعيّة تطال كلّ منزل وكلّ إنسان ولا أحد بمنأى عنها”.
وتُضيف الخليل في حديثٍ لموقع mtv: “في السنوات الأخيرة وبغض النظر عن التراكمات القديمة، عاش الكبار والصغار في لبنان ضغوطاً مُتراكمة أثّرت على مشاعرهم وعلاقاتهم وأفكارهم وبالتالي على صحّتهم النفسيّة، ونذكر هنا القلق والخسارات والخوف من المُستقبل بالإضافة إلى التّعب اليومي من التحديات التي يعيشها اللبناني في غياب عناصر الأمان الاجتماعي (الضمان الفعلي، الخدمات الصحيّة الأساسيّة التي تؤمّن نوعاً من الاستقرار) كلّ هذه النقاط مفقودة في حياتنا كلبنانيين”.
الواقع صعبٌ للغاية، ومواجهته تكون من خلال تسليط الضّوء على أهميّة التدخّلات النفسيّة في كلّ المؤسسات لتعزيز مهارات التكيّف والوعي حول مواضيع الصحة النفسية عند الأطفال والمراهقين والبالغين، مع ضمان المُتابعة الحثيثة في المدارس والجامعات وبيئة العمل، لنصل إلى التوعية المجتمعيّة، وفق ما ترى الخليل. وتُتابع: “لدينا حاجة ماسّة إلى تعزيز إمكان الوصول للخدمات النفسيّة خصوصاً في المناطق النائية، بالإضافة إلى توفيرها من خلال تغطيتها الصحية مع العلم أنّ هذه الخدمات لا تُغطّيها شركات التأمين”.
وللإضاءة أكثر على خطورة الوضع في لبنان، تكشف الخليل عن دراسة أعلنت عنها وزارة التربية، تُظهر أرقاماً مُخيفة بالنّسبة للمشاكل النفسيّة عند الأطفال والمراهقين من كلّ النواحي (الإكتئاب، القلق، التعرّض للتنمّر، الأمراض النفسيّة المتعلّقة بالأكل وقلّة الحركة). وهذه الدراسة وغيرها من الأرقام التي تنتشر أخيراً، تُشير إلى ارتفاعٍ ملحوظ بنسبة الأشخاص الذين يُعانون من اضطراباتٍ أو أمراض نفسيّة، الأمر الذي يجعلنا ندقّ ناقوس الخطر. وتلفت الخليل إلى أنّ “الواقع بحاجة إلى تدخّل أساسي ويؤكّد أنّ الرعاية النفسيّة ليست ترفاً ولا رفاهية أو خيار ثانوي، بل ضرورة وحاجة لحماية المجتمع ككل”.
أمّا عن الخطوات العمليّة المتوفّرة بين أيدينا والتي يُمكن أن تُحدث فرقاً، فتُشدّد الخليل على أهميّة التطبيقات التي خلقها البرنامج الوطني للصحة النفسي ومنها تطبيق “خطوة خطوة” الذي استطاع أن يصل إلى كلّ منزل وكلّ هاتف وهو مجاني، لافتةً إلى أنّه “رغم النّقص في خدمات الصحة النفسيّة وعدم توفّرها للجميع، يُمكن أن نبدأ باستخدام هذه التطبيقات واللجوء إلى خطّ الحياة في حال احتاج الفرد إلى توجيه أو مُساعدة”.
الصحة النفسيّة مسؤوليّة مشتركة وأساسيّة لنتمكّن من حماية الوطن ككلّ وليس الأفراد فقط. فالاستثمار في الصحة النفسيّة هو استثمار في استقرار البلد، إذ لا يُمكن بناء وطنٍ سليم إن أبناؤه ينهارون بصمت.
في يومِها العالمي: صرخةٌ صامتة تطرقُ كلّ بيت

يُصادف 10 تشرين الأول من كلّ عام “اليوم العالمي للصحة النفسيّة”، ليُذكّرنا بأنّ الاعتناء بالعقل لا يقلّ أهميّة عن الاهتمام بالجسد وألا صحّة جيّدة من دون صحّة نفسيّة سليمة. وفي عالمٍ يركضُ بلا توقّف، تُصبح لحظة الصّمت شجاعة، وطلب المُساعدة قوّة. اليوم، فرصة للتوقّف ولو قليلاً، للنّظر إلى الداخل ومواجهة كلّ ما نُخفيه خلف الابتسامات العابرة.
يحمل اليوم العالمي للصحة النفسية لعام 2025 شعاراً يُركّز على الحاجة المُلحّة لدعم الصحة النفسية والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأشخاص المتضرّرين من حالات الطوارئ الإنسانيّة. ووفق ما نشرت منظمة الصحة العالميّة، تُسبّب الأزمات كالكوارث الطبيعيّة والنزاعات وحالات الطوارئ الصحية العامة، ضائقة نفسيّة حيث يُعاني 1 من كلّ 5 أفراد من حالةٍ صحيّة نفسيّة. وتلفت المنظمة إلى أنّ دعم الصحة النفسيّة للأفراد خلال هذه الأزمات ليس مُهمًّا فحسب، بل يُنقذ الأرواح ويمنح الناس القوة على التأقلم ومساحة للتعافي وإعادة البناء، ليس فقط كأفراد بل كمجتمعات أيضاً.
وتُشير الاختصاصيّة في علم النفس والمعالجة النفسيّة شارلوت الخليل في هذا الإطار، إلى أنّ “حالات الطوارئ الإنسانيّة ليست عبارة عن حروب وكوارث طبيعيّة فقط بل هي أيضاً أزمات اقتصاديّة وسياسيّة وبيئيّة وإنسانيّة مجتمعيّة تطال كلّ منزل وكلّ إنسان ولا أحد بمنأى عنها”.
وتُضيف الخليل في حديثٍ لموقع mtv: “في السنوات الأخيرة وبغض النظر عن التراكمات القديمة، عاش الكبار والصغار في لبنان ضغوطاً مُتراكمة أثّرت على مشاعرهم وعلاقاتهم وأفكارهم وبالتالي على صحّتهم النفسيّة، ونذكر هنا القلق والخسارات والخوف من المُستقبل بالإضافة إلى التّعب اليومي من التحديات التي يعيشها اللبناني في غياب عناصر الأمان الاجتماعي (الضمان الفعلي، الخدمات الصحيّة الأساسيّة التي تؤمّن نوعاً من الاستقرار) كلّ هذه النقاط مفقودة في حياتنا كلبنانيين”.
الواقع صعبٌ للغاية، ومواجهته تكون من خلال تسليط الضّوء على أهميّة التدخّلات النفسيّة في كلّ المؤسسات لتعزيز مهارات التكيّف والوعي حول مواضيع الصحة النفسية عند الأطفال والمراهقين والبالغين، مع ضمان المُتابعة الحثيثة في المدارس والجامعات وبيئة العمل، لنصل إلى التوعية المجتمعيّة، وفق ما ترى الخليل. وتُتابع: “لدينا حاجة ماسّة إلى تعزيز إمكان الوصول للخدمات النفسيّة خصوصاً في المناطق النائية، بالإضافة إلى توفيرها من خلال تغطيتها الصحية مع العلم أنّ هذه الخدمات لا تُغطّيها شركات التأمين”.
وللإضاءة أكثر على خطورة الوضع في لبنان، تكشف الخليل عن دراسة أعلنت عنها وزارة التربية، تُظهر أرقاماً مُخيفة بالنّسبة للمشاكل النفسيّة عند الأطفال والمراهقين من كلّ النواحي (الإكتئاب، القلق، التعرّض للتنمّر، الأمراض النفسيّة المتعلّقة بالأكل وقلّة الحركة). وهذه الدراسة وغيرها من الأرقام التي تنتشر أخيراً، تُشير إلى ارتفاعٍ ملحوظ بنسبة الأشخاص الذين يُعانون من اضطراباتٍ أو أمراض نفسيّة، الأمر الذي يجعلنا ندقّ ناقوس الخطر. وتلفت الخليل إلى أنّ “الواقع بحاجة إلى تدخّل أساسي ويؤكّد أنّ الرعاية النفسيّة ليست ترفاً ولا رفاهية أو خيار ثانوي، بل ضرورة وحاجة لحماية المجتمع ككل”.
أمّا عن الخطوات العمليّة المتوفّرة بين أيدينا والتي يُمكن أن تُحدث فرقاً، فتُشدّد الخليل على أهميّة التطبيقات التي خلقها البرنامج الوطني للصحة النفسي ومنها تطبيق “خطوة خطوة” الذي استطاع أن يصل إلى كلّ منزل وكلّ هاتف وهو مجاني، لافتةً إلى أنّه “رغم النّقص في خدمات الصحة النفسيّة وعدم توفّرها للجميع، يُمكن أن نبدأ باستخدام هذه التطبيقات واللجوء إلى خطّ الحياة في حال احتاج الفرد إلى توجيه أو مُساعدة”.
الصحة النفسيّة مسؤوليّة مشتركة وأساسيّة لنتمكّن من حماية الوطن ككلّ وليس الأفراد فقط. فالاستثمار في الصحة النفسيّة هو استثمار في استقرار البلد، إذ لا يُمكن بناء وطنٍ سليم إن أبناؤه ينهارون بصمت.










