خاص – كتاب مفتوح الى وزير الداخلية

خاص – كتاب مفتوح الى وزير الداخلية

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: Beirut24
15 تشرين الثاني 2025

في زمن الكتب المفتوحة العقيمة المكتوبة بلغات أجنبية، نتوجه الى معالي وزير الداخلية العميد أحمد الحجار، الذي نكن له كل احترام، بكتاب مفتوح قصير ومقتضب ومكتوب باللغة العربية التي يفهمهما جميع اللبنانيين.

جميل أن نرى في بيروت مؤتمرًا حول السلامة المرورية في لبنان، لكن الأجمل أن نرى تدابير وأفعالًا على الأرض لتأمين سلامة المواطنين على الطرقات.

معالي وزير الداخلية المحترم تحية وبعد،

بينما يغتال العدو الإسرائيلي يوميًا عددًا من خيرة شباب لبنان، تغتال طرقات الموت على الأراضي اللبنانية عددًا مماثلًا، لا لسبب إلا لأنهم قرروا ممارسة أبسط حقوقهم في قيادة سيارة تقضي حاجاتهم في التنقل، أو دراجة نارية بسيطة ترفع عن كاهلهم مصاريف النقل، أو ربما تؤمن لهم مصدر دخل وإن كان بسيطًا يساعدهم على تخطي الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد.

إلا أن الفارق كبير بين من اختار المضي على طريق “الشهادة”، ومن عاجله الموت في غفلة من الزمن ومن مسؤوليات الدولة التي يعيش في كنفها، والتي يفترض فيها أن تحميه وترعاه.

البداية يا معالي الوزير لا بد أن تبدأ دائمًا من البداية، أي من “مغارة علي بابا” في النافعة التي من المفترض أن تتحوّل الى “مغارة الكنز” بالنسبة لمالية الدولة. فالمواطن يا معالي الوزير يسأل: لماذا لا يزال الوضع في هيئة إدارة السير والمركبات على هذه الحال بعد نحو عام من انطلاقة العهد وحكومته الأولى؟ لماذا لا تزال عشرات آلاف السيارات والدراجات من دون تسجيل وتتجوّل بأوراق غير قانونية؟ لماذا لا يزال عشرات آلاف المواطنين يقودون آلياتهم من دون رخص قيادة أو برخص منتهية الصلاحية؟ أليس كل ذلك بسبب تعثّر العمل في هيئة السير التي كان يفترض أن تعمل بثلاث مناوبات على مدار الساعة حتى تنتظم أوراق المتخلّفين، وينتهي المراجع من مافيات المنصة والسماسرة وغيرهم؟

فالمواطن، يا معالي الوزير، لم يشتك من رفع الرسوم في النافعة بصورة غير مقبولة، إنما يشتكي من عدم قدرته على إنجاز معاملته إلا بعد لجوئه الى مافيات السماسرة الذين طالت أياديهم الحجوزات على المنصة.

أما بعد يا معالي الوزير، فقد تحوّلت القيادة في بلدنا الى ما يشبه مشي البهلوان على الحبل في السيرك بفعل كثافة الدراجات النارية في الشوارع، وقيادة معظم سائقيها بطريقة غير قانونية اذا لم تكن جنونية، فيسببون الأذى الجسدي لأنفسهم والأذى المادي والمعنوي للسائقين المحترمين الملتزمين بقانون السير. ولكن، أي نهاية سعيدة لنكبة الموتوسيكلات لا بد أن تمر بمراحل عدة، تبدأ بتخفيض رسوم تسجيل الدراجات النارية، لأنه من غير المنطقي أن تكون قيمة التسجيل موازية أحيانًا لثمن الآلية التي اشتراها صاحبها لحاجته الماسة اليها سواء في العمل أو في التنقّل. بعد ذلك يعطى أصحاب الدراجات النارية مهلة نهائية لتسجيلها تحت طائلة مصادرتها وإتلافها وليس حجزها لتعود وتخرج الى الشارع بسحر ساحر من الباب الخلفي لمرآب الحجز. وفي المرحلة الأخيرة يأتي تشدد شرطة السير في تطبيق القانون بحذافيره على السائقين.

أما السبب الثاني لحوادث الموت، يا معالي الوزير، فهو الإشارات الضوئية على التقاطعات الرئيسية التي ما زالت تشكو من أعطال جزئية أو كلية، وهو أمر يسبب حوادث مميتة في معظم الأحيان. كما أن عدم تقيّد بعض السائقين بهذه الإشارات يؤدي حتمًا الى النتيجة نفسها. لذلك لا بد من إصلاح هذه الإشارات بالسرعة القصوى، ومن ثم تغليظ العقوبة (الغرامة) في هذا المجال الى الحد الأقصى الممكن، حفاظًا على أرواح المواطنين سواء كانوا مسبّبين للحادث أو ضحايا تهوّر الغير.

أما السبب الثالث، والأهم برأيي، لمعظم الحوادث صغيرة كانت أم كبيرة، فهو بالتأكيد استخدام الهاتف الخلوي أثناء القيادة، وهو أمر تؤكده جميع الإحصاءات. فقد بات استخدام الخلوي من قبل السائقين ظاهرة ملازمة للقيادة نفسها، حتى بات من النادر أن ترى سائقًا لا يستخدم هاتفه، تارة بحجة التسلية في زحمة السير، وطورًا بحجة الأعمال، ومرات بحجة الطوارئ وغيرها من الحجج غير المنطقية. لذلك يا معالي الوزير بات لزامًا على القوى الأمنية التطبيق الفوري لقانون السير في هذا المجال، مع العمل على تغليظ الغرامة على المرتكب ضمانًا للسلامة المرورية وحفاظًا على أرواح المواطنين.

كما لا بد من ذكر أحد أهم الأسباب لحوادث الصدم على الطرقات، وهي عدم وجود جسور مشاة كافية على الطرق الرئيسية، مع التأكيد بالقانون على ضرورة استخدام هذه الجسور في أماكن تواجدها، لأن الكثير من هذه الحوادث تحصل تحت هذه الجسور أو على مقربة منها.

طلب أخير يا معالي الوزير، وهو التنسيق مع معالي وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني الذي نحترمهونقدر حماسته واندفاعه للعمل، لكي يعمل على إصلاح الطرق الرئيسية ولو بشكل مؤقت من خلال معالجة الحفر الكبيرة وإقفال أغطية مجاري تصريف المياه وإصلاح الفواصل على الجسور، لأنها كلها عوامل رئيسية للسلامة المرورية كما للمحافظة على المركبات في هذا الوضع الاقتصادي الصعب. لذلك، لا بد من التأكيد على أن هذه الإجراءات البسيطة من حيث التكلفة لا تقل أهمية بالنسبة للمواطن من فتح مطار القليعات وتوسيع أوتوستراد جونية وتفعيل النقل المشترك وفتح طرقات جديدة لتسهيل حركة المرور.

معالي وزير الداخلية. المشكلات معروفة والحلول سهلة. فخذوا القرارات المطلوبة لأن الوضع لم يعد يحتمل.